توفيق البصري المخرج الذي تحمل أعباء المسرح الشعبي/ مجيد عبد الواحد النجار

بعد ما انتقل إلى بيت الأستاذ مجيد آغا حسن مع مجموعة من الشباب ممن لا تتجاوز أعمارهم الخامسة عشرة وبدعوة من الآغا ليُعيد أعماله التي قدّمها في (الخرابة) بالإضافة إلى إعداد مسرحية (الأخوين البخيلين) مع أحد زملائه. كان أول عمل يقوم بإخراجه توفيق البصري لجمهور الطلبة مسرحية (الأقدار) عندما كان طالبا في الصف الخامس الإعدادي([1]) .
وفي عام 1947 قدم مسرحية ( قاتل أخيه ) وبعدها في عام 1949 (مسرحية الأقدار)([2]) ، أما في عام 1950 فقد حدث تحول مهم في مسيرة الحركة المسرحية في البصرة حين تبنى نادي الاتحاد الرياضي فكرة النشاط المسرحي وأفرد له مكانا خاصا في النادي وتولى الإشراف عليه توفيق البصري الذي أسرع في تقديم مسرحية ( الأقدار ) لسليم بطّي، حيث عُرضت على مسرح ثانوية العشار (التربية) وأدى أهم أدوارها كل من : احمد الرديني، سامي توما، ماركريت نعيم، سوزان، زكي الساعدي، عبد النبي جعفر، لويس توماس، قصي البصري …..
وكان نادي الإتحاد يُقيم حفلا كل أسبوع يتضمن بعض العروض المسرحية القصيرة، وفي نهاية الشهر يُقيم حفلا كبيرا يتضمن عروضا طويلة.
وكان أول عمل يقوم به توفيق البصري بعد  بداياته البسيطة هو مسرحية ( تؤمر بيك )([3]) تأليف يوسف العاني. وقد لاقت المسرحية إقبالا شديدا جعلت من هيئة النادي تُفكر بعرضها ثانية.
وفي العام نفسه أي عام 1952 قدم مسرحية ( المنتفخون في البيت )([4])  وهي من تأليفه وإخراجه.
العمل الثالث الذي قدمه البصري هو من تأليف العاني أيضا وهو مسرحية (رأس الشليلة)([5])والمسرحية….التي تتعرض للفساد الإداري …..وسيطرة الرشوة والمحسوبية على العلاقات الإنسانية. وبسبب تقديم هذه المسرحية بدأت شرطة الأمن تُزيد من مراقبتها له.
وعلى أثر ذلك أقدمنا- يقول توفيق البصري- على تقديم مسرحية ريفية من تأليف عبد الحسن تعبان وقد شاركه في تأليفها عودة محسن ، والمسرحية بسيطة وبلا عقدة وغرضها ترفيهي بحت إلا أن الجمهور بدأ ينفض يده عنها، وبعد ها قدمنا مسرحية (تباريح بائسة)[6] وتتحدث هذه المسرحية عن مساوئ الحروب ومضارها…..
وفي عام 1953 قدم مسرحية (يريد يعيش)([7]) من تأليف إبراهيم الهنداوي وهي مسرحية شعبية تكشف عن حالة البؤس الذي تعيشه العائلة العراقية…
ثم اقتُبست من تمثيلية إذاعية للأستاذ صادق راجي مسرحية (الكأس الملعونة)([8]) ، وفي نفس العام قدم البصري مسرحية (من الباب للكوسر فرج)من تأليف زكي الساعدي وموضوعها سذاجة الفلاح الذي يُعلّق مسألة الجوع والفقر على الأمل ، وفي نفس العام قدم مسرحية ( ماكو شغل)([9])تأليف يوسف العاني مواصلا نهج الفرقة – فرقة نادي الاتحاد الرياضي – في نهج النقد والمعارضة للأوضاع القائمة.
وعلى أثر ذلك استدعته مديرية الأمن العامة في البصرة لإجراء التحقيق معه لكن تدخل رئيس النادي الأستاذ عبد الأمير حسون أنقذه وأنقذ الفرقة، بعدما وافقت متصرفية اللواء بشخص رئيسها على الاستمرار بالعمل مع بعض التخفيف.
وفي يوم الجمعة 7 كانون الثاني 1955 قدمت الفرقة التمثيلية لنادي الاتحاد الرياضي مسرحيتين هما (المنتفخون في البيت) تأليف توفيق البصري و (مدرسة في الريف) تأليف عبد الحسن تعبان والمسرحيتان من إخراج توفيق البصري.
وفي مساء الجمعة 11 شباط 1955 قدمت الفرقة التمثيلية لنادي الاتحاد الرياضي مسرحية العاني (تؤمر بيك) وفاصلا ملهاويا بعنوان (العيادة) تأليف عبد الحسن تعبان والمسرحيتان من إخراج توفيق البصري.
وفي بداية شهر كانون الأول 1955 قدمت الفرقة التمثيلية لنادي الاتحاد الرياضي مسرحية (رأس الشليلة) إخراج توفيق البصري…..
وفي بداية نيسان 1956 قدم توفيق البصري عبر فرقته التمثيلية لنادي الاتحاد الرياضي مسرحيتين هما (تباريح بائس) تأليف بروميثيوس و (ماكو شغل) تأليف يوسف العاني وشهاب القصاب ، وفي الوقت نفسه قدم  البصري لمدرسة الفيحاء الأهلية مسرحية (رسول الأكواخ)([10])  ترجمة حنا رسام… بعدها قدم البصري ثلاث مسرحيات ملهاوية كانت (ثلثين الولد على خالة) من تأليفه ، و (الزوج السابع) من تأليف أمين يوسف غراب وإعداد البصري، و (عمارة المعلم غندور)([11])وهي مُقتبسة من مسرحية لتوفيق الحكيم بعنوان (عمارة المعلم كندوز).
وفي يوم الخميس 1 تشرين الثاني 1956 قدمت الفرقة التمثيلية لنادي الاتحاد الرياضي مسرحيتا (هناك) و (يريد يعيش) وهما من إخراج توفيق البصري.
وفي عام 1957 قدم البصري اربع مسرحيات جميعها تنهج الاسلوب الملهاوي الهادف وهذه المسرحيات هيه (وصخ دنيا)تأليف جاسم المطير و(المايعرفتدابيرة , القبول , هاي انت الردته ) وثلالثة من تأليف البصري .
وعند انتقال توفيق إلى دائرته الأصلية ( مصلحة الموانئ العراقية) قدم عدة عروض مسرحية([12]) ، كما قدم أعمالا ليوسف العاني وكتاب آخرون ما بين الأعوام (1958- 1959- 1960) وحاول من خلال نشاطه هذا أن يُريّي كادرا فنيا في البصرة من خلال أعماله كمخرج وممثل وكاتب ، وبهذا يُعتبر البصري قدم جهدا فنيا استطاع من خلاله تحقيق تطورا أكثر عندما ارتحل إلى بغداد ليُساهم في أعمال الفرقة الشعبية([13]). .
تميّز نشاط توفيق البصري وحتى مطلع الستينات باستقطاب الجمهور والممثلات مُخترقا الأداء وفق أسلوب (قناع الجنس)([14]) في مراحل سابقة..
وله الريادة أيضا في ظاهرة (الأسر المسرحية) كما أسرته وأسرة عزيز الكعبي ومحمد الجزائري وجبار صبري العطية وآخرون ممن أمدوا المسرح بكوادر فنية لحد يومنا هذا.
كان هدف البصري خلق مسرح شعبي قريب إلى الناس وبالتالي السعي إلى إيجاد علاقة مباشرة باللجوء إلى وسيط سريع التوصل ومفهوم. وكان لابد لجمهور الفنانين البصريين من أن يأخذوا من كل ما تنتجه العاصمة وخاصة جهودها المسرحية المتمثلة بمسرح العاني.
لقد كان توفيق البصري شابا طموحا يحاول أن يطبع الحركة الفنية بطابع جديد وعلمي ، وذلك من خلال عطاءه الذي لم يتوقف رغم الكثير من العقبات التي وقفت في طريق مسيرته الفنية ، كما كان يتمتع البصري بثقافة فنية وعلمية ، وكان على دراية كاملة بما يقوم به اثناء قيادة للمجموعة التي معه في العمل الفني ، فكان هو القائد لتلك المجموعة وهو المسير لجميع أعمالهم ،ومن الأمور التي تميز بها البصري كان يطلب من الممثلين معايشة الشخصيات في الواقع ، وهذا ما حصل في مسرحية (المدمن) حيث طلب من الممثلين مراقبة ومعايشة (السكارة) الذين كانوا يترددون على احد المقاهي في البصرة ، من اجل الوصول للحالة النفسية والجسدية لكل شخصية ، وهذا الموقف يذكرنا بالمخرج العالمي (تشايكن) الذي يعتقد ان الممثل كي يؤدي أداء جيدا عليه ان يعرف كل أنواع الناس والمواقف .
 
الإحــالات:
[1]) ينظر : ياسين النصير ، أوراق غير منشورة ، مجلة المسرح والسينما ، (بغداد) العدد 7و8، 15آذار 1993.
[2]) راجع : عبد الفتاح عبد الأمير مرتضى ، واقع الحركة المسرحية في البصرة، رسالة ماجستير غير منشورة ، إشراف: أستاذ فن ، أسعد عبد الرزاق جعفر ، (جامعة بغداد : كلية الفنون الجميلة , قسم الفنون المسرحية , 1989 ) .
[3] ) مسرحية (تؤمر بيك) تمثيل:توفيق البصري ، محمد الشافي ، محمد سعيد الصكار ، كاظم البكري ، طالب شهاب.
[4]) مسرحية ( المنتفخون في البيت) تمثيل: جليل البصري ، جليل شهاب ، عبد الحسن تعبان ن محمد محفوظ ، كاظم البكري.
[5] )مسرحية (راس الشليلة) تمثيل :توفيق البصري ، عبد الخالق حمد ، كاظم البكري
[6]) مسرحية (تباريح بائسة ) تمثيل : عبد الله ساسون ، كاظم البكري ، توفيق البصري وآخرون).
[7]) مسرحية (يريد يعيش ) تمثيل :زكي الساعدي ، توفيق البصري ، عودة محسن وآخرون
[8]) مسرحية ( الكاس الملعونة) تمثيل :توفيق البصري ، عودة محسن ، جليلشهاب وآخرون
[9]) مسرحية (ماكو شغل) تمثيل :توفيق البصري ، محمد سعيد الصكار ، الدكتور فليح حسن وآخرون).
[10]) مسرحية (رسول الاكواخ) تمثيل :محمد سعيد الصكار ، عودة علي …. وآخرون ، رسم صورة الستارة للسيد المسيح كل من : مظفر النواب ، و أرداشكاكافيا .
[11]) مسرحية ( عمارة المعلم غندورة) تمثيل:محمد سعيد الصكار ، توفيق البصري ، أحمد زينل ، كاظم البكري … وآخرون ، وعندما مثلتها عضوات النادي جسدت شخصياتها: ناطقة مبارك ، ليلى الرشيد ، فتوح المبارك ، سعدية الفرحان).
[12]) راجع : عبد الفتاح عبد الأمير مرتضى ، واقع الحركة المسرحية في البصرة، المصدر السابق .
[13]) راجع : عوني كرومي ، عوني كرومي :أوراق غير منشورة ، المصدر السابق .
[14]) قناع الجنس :وهو أداء ممثلين للأدوار النسائية وهو أداء معقد يتطلب مواجهات سايكولوجية وحركات مظهرية ومستلزمات الظاهرية(محمد عبد الزهرة الزبيدي ،((الناقد حميد عبد المجيد مال الله تاريخا آفلا من البصرة)) ، جريدة الزمان الدولية ،(لندن ) , العدد 3946 , 19/3/2008) .
 

توفيق البصري

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت