لحظة حب.. اللعب على الحواس الخمس/ نسرين نور
اعترف أني ذهبت لهذا العرض وليس لدي الكثير من التوقعات .. فبدأ من العنوان مرورا بالصور الدعائية لم يزدني الأمر إلا تشككا بأن العرض ينتمي لزمن قديم لم تعد مفرداته موجوده أو مقبوله في زمننا المادي وكانت المفاجأة ..
لو كنت مكان المخرج الكبير الأستاذ ياسر صادق لما تحمست كثيرا بالعمل على ورق ينتمي للمسرح الشعري (بالعامية) خاصة أن في مشاهد كثيرة كان استخدام الشعر يستدعي للذهن أثار الافتعال فإن كان الكلام نثرا لكان أفضل ولا أدري لما الإصرار على استخدام الشعر كلغة وحيدة للنص ولم يكن هناك تعدد بمستويات اللغة بين الشعر والنثر الأكثر رحابة حين لا يجدي الشعر نفعا للتعبير عن الموقف وكذا حين يفتعل إفتعالا ..
القصة هي قصة حب مرت أمامنا بالمراحل المعروفة لقصص الحب جميعا، إعجاب، تقارب خوف يؤدي للابتعاد مؤقتا، سوء تفاهم ومحاولات كل طرف لفرض السيطرة، عذاب الابتعاد وأعراض الانسحاب التي تظهر على كلا الطرفين، ثم الاجتماع مجددا بعد وعي كلا منهما الدرس واثبتت فترة الابتعاد أن لا غني لإي منهما عن الآخر فيجتمعان مجددا بعد أن تنازل كلام منهما عن جزء مما يرى أنه حق ويختتم العرض بجملة
الرجل : أنا جايلك ومش فارقة معايا كثر
أكون عبدك أو السيد
أنا جايلك
المرأة : وأنا ملكك ومش فارقة
أكون ملكة
أكون جارية مادمت معك في مملكتك
ما هيش فارقة
درس في الإخراج
يقول المخرج في كلمته_ على النشرة الدعائية المطبوعة للعرض_ منذ أن بدأت في هذا العرض تحضرني مقولة الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي: “أدين بدين الحب أينما توجهت ركائبه ، فالحب ديني وإيماني”
ومن هنا كان منطلق عمل منه على جميع عناصر العمل المسرحي واهتم كثيرا بالتفاصيل
لعب المخرج ياسر صادق على الحواس الخمس للمتفرج من سمع ولمس وشم وبصر وتذوق ايضا .. قبل دخولك للعرض تسأل عن شريكك أو الحبيب _في سابقة هي الأولى _ ثم يتفضل الشاب بإعطائك ورقة جيدة الصنع بها بيتين من أشعار العرض وفيها يمكنك لصق صورة لك وأخرى للشريك ومنذ دخولك لمكان العرض حيث السينوغرافيا الخادمة للمشهد العام باستخدام كل أجزاء المسرح الذي ينتمي لكونه قاعة أو مسرح غرفة (قاعة صلاح جاهين) أكثر من انتمائة للمسارح الكبيرة الضخمة لكن السينوغراف أبدع في استغلال المساحة مما أعطى إحساس باتساع المكان، كما أن الأجناب التي استغلت بشكل جيد جدا كمكان للعازفين وصممت لتحاكي البنوار في الأوبرا والمسارح الكبيرة وكذا وجود نافورة للمياه تعمل بشكل حقيقي مصدرة خريرا محببا للنفس ووضعت في مكان الصدارة أسفل منتصف المسرح، كذلك الإضاءة الموحية بالدفء والحميمية ..
كذلك هناك طوال الوقت روائح ذكية تفوح في المكان بين الحين والحين مما يزيد الإحساس بالراحه والدعه، ووجود العزف الحي للفلوت والكونترباص والذي لا يخفى المغزى من استخدامهما كمعبرين عن رجل وامرأة وإثنان من العازفين صغار السن المهره .
الموسيقى والأغاني والألحان ثم زمن العرض نفسه خمسة وخمسون دقيقة بالكمال والتمام يعكس احترافية المخرج وإحساسه العالي بالإيقاع ، فأقل من ذلك جرعة غير مشبعة وأزيد من ذلك يؤدي حتما للمل .
في النهاية لقد كان العرض كله درسا في الإخراج لمن يريد التعلم وكيف يتعامل المخرج مع روح النص ويتماهى معها ويهتم اهتماما بالغا بالتفاصيل .
لحظة حب :
إنتاج: البيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية
تأليف : محمد الصواف إخراج : ياسر صادق
تمثيل : بهاء ثروت لمياء كرم
ديكور : حمدي عطية إضاءة : أبو بكر الشريف
** نسرين نور/ الكاتبة المسرحية والمخرجة