التراث ـــ بنية درامية قراءة في كتاب:"البنية الدرامية للمسرحية التراثية في العراق" / قراءة: د.شاكر عبد العظيم جعفر
ثمة اشتراطات أرسطية انطلقت من (فن الشعر) كتاب أرسطو الأهم في سعيه لتوصيف وقراءة المنجز المسرحي الإغريقي بوعي نقدي يحاول أقلمة المتنافر في احضان النص الادبي / المسرحي وتلك الاشتراطات كما هو معروف هيمنت وتمترست في المؤسسة الفنية وخارجها بحيث شكلت سلطتها التي تمرحلت عبر العصور كينونتها المعمارية داخل فسحات النص المسرحي، فبعض النصوص التي تكتب اليوم لم تخرج عن البنية الدرامية الإغريقية، فضلا عن البنية الملحمية التي سادت واستمرت هي الأخرى فكان نتاج نصي مسرحي عربي قائم على ذلك، وكذلك البناء العرضي، لذلك نجد ان المسرح العربي حتى وقت قريب، يتأرجح بين الأرسطية والبرشتية.
وفي كاتب الدكتور هيثم حمزة الحمداني (البنية الدرامية للمسرحية التراثية في العراق ) الصادر عن دار الفنون والآداب في البصرة (2019) ، نجد ان العنونة هذه تتموقع بين تلك الثنائية والتي من خلالها استطاع ان يمر ( الحمداني ) عبرها الى التشكيل التراثي بكل إشكاله وانواعه، انطلاقا من (الخرافة، الأسطورة، الملحمة، ثم البطولات الشعبية، متجها بعد ذلك الى مظاهر الدراما في بنية الحكايات الشعبية وكتب التراث والمقامات العربية، حتى الملامح الدرامية في السيرة الشعبية، والقصاصين، او المحاكين) وبعدها ينتقل الى التطور التاريخي للبنية الدرامية للمسرحية التراثية، وهنا يكون المعترك الفكري عبر مجموعة من الصفات التي يدرس فيها الكاتب آليات مسرحة التراث، منذ بدايات المسرح العربي حتى اليوم، ليعتمد مجموعة من الكتاب والمشتغلين في الحقل المسرحي العربي، (النقاش، القباني، صنوع) وهم الرعيل الاول انتقالا الى مرحلة تجويد الصنعة، ليكون اسم احمد شوقي، باكثير، الشواف، توفيق الحكيم، ويوسف ادريس، ثم عبد الرحمن الشرقاوي والفريد فرج، يتلوهم ونوس والصديقي وقاسم محمد وعادل كاظم)، ولا يغيب عن البال ما آلت اليه مسرحة التراث ومن ثم فاعلية التأصيل في المسرح العربي وما ذهب اليه المأصلون العرب، في محاولة منهم لايجاد روح عربي من التراثتشكل هوية خالصة للمسرح العربي، وبرغم كل ذلك يسعى الدكتور (هيثم الحمداني ) الى ان يحدد لنا أساسات البنيات المختلفة / المؤتلفة، في بوتقة الكتابة النصية ذات الموضوعة التراثية او التي تتخذ من التراث اساس بنيوي وهي محددات أرسطية / برختية شكلت متون النص المسرحي التراثي في العراق وكينونته، عبر التوجه الكلي لتحليل مجموعة نصوص هي. ا
لسؤال / محي الدين زنكنة
الحصار / عادل كاظم
الحر الرياحي
بكونها نصوص ذوات بنى اتكأت على التراث او الموضوعة التراثية بكليتها وهو اختيار ناصع الانسجام مع عنوان ومتن البحث.
وفي قراءتي لكتاب الدكتور الحمداني أجد انه امتلك تميزا خالصا (أكاديميا) بعدم عودته الى الإغريق وملاحقة العنوان ملاحقة نسقية تمتاز بها الدراسات الأكاديمية وكما اعتدناه في البحوث الكثيرة جدا والتي تحتويها رفوف مكتباتنا الاكاديمية، بحيث تخلص من اسر الاكاديمية التي لا تستمر الا بمرجعيات غربية تاريخية حاضنة، وبذلك فقد اصبحت هذه البحالة هوية لمعضم البحوث، الا ان الدكتور ( هيثم الحمداني ) قد عول على عدم المرور بتحقيبات وتمرحلات تطور البنية الدرامية من الإغريق حتى هدف البحث والتي باتت مقروءة وبالية، وبذلك فقد بدأ وانتهى بحثه بواسطة الخلاص من أية أبوة غربية على الأقل في مداراة وسلوكياته، فانطلق من النسق العربي التراثي الساحر والمتميز بقيمه الجمالية والانثربولوجية ليؤسس لمتن كتابه.