المسرح البصري في خمسة عقود (الحلقة الرابعة)/ مجيد عبد الواحد النجار

4- عقد الخمسينات
في نهاية أربعينات القرن الماضي ومطلع العقد الجديد نشط صالح رشدي والشيخ محمد أمين عالي باشا أعيان العباسي ، وتلاهم الفنان الرائد المسرحي توفيق البصري… ([1]).
وهنا بدأت الحركة المسرحية تأخذ طريقها إلى الناس بعدما خرجت من إطار المدرسة.. والأطر السابقة ليلتقوا بجمهور أكثر عددا وثقافة.
وكان أول عمل يُقدّم لنادي الاتحاد الرياضي هو مسرحية (تؤمر بيك) تأليف يوسف العاني وإخراج توفيق البصري . وقد لاقت المسرحية إقبالا شديدا جعل هيأة النادي تفكّر بعرضها ثانية.
وفي 2 كانون الثاني عام 1950 قدمت جمعية أخوان التمثيل والسينما في بغداد عند زيارتها للبصرة مسرحيتان هما ( الدكتور المُزيّف ومصرع الفقير) وقد عرضا خصيصا للنساء. وفي هذا العام تولى توفيق البصري قيادة فرقة نادي الاتحاد الرياضي([2]).
اما في عام 1950 كانت التجربة الأولى للفنان عبد الحميد الرديني في الكتابة حيث قام بتأليف مسرحية (جعفر البرمكي) والتي قدمها على مسرح التربية ، تلتها مسرحية (حمدان وفاشية الأسبان) او ( الاستعباد) تأليف (يوسف وهبي) وقد قامت بالدور النسائي (رسمية محمود)([3]) .
بتأريخ 22-24 / شباط 1951 قدمت مدرسة الزبير الابتدائية مسرحية (دنانير الظلام) في بناية مكتبة الزبير الأهلية .
وفي شهر آيار من العام نفسه قدمت مدرسة النجاة الأهلية في الزبير مسرحية ( القادسية) في بناية المدرسة نفسها وبإشراف جمعية النجاة الأهلية …
بعدها قدمت يومي الخميس والجمعة المصادفين 13-14 كانون الأول 1951 جماعة أنصار المسرح الحديث مسرحية ( دموع البائسة) …
وفي عام 1952 قدّم المخرج توفيق البصري (المنتفخون في البيت) وكانت من تأليفه… وبعدها قدم مسرحية (رأس الشليلة) تأليف يوسف العاني.
ومن اخراج توفيق البصري عام 1953 قُدمت مسرحية (يريد يعيش) تأليف إبراهيم الهنداوي ، وفي نفس العام قُدمت مسرحية (من الباب للكوسر فرج).. ومسرحية (ماكو شغل).. ومن ثم مسرحية (ثورة العشرين) عام 1958([4]) .
كما عُرضت في عام 1953 مسرحية (زنوبيا ملكة تدمر) على قاعة النشاطات الطلابية للإعدادية المركزية*، وفي عام 1954 عُرضت مسرحية (كليوباترا).
اما في 15 كانون الأول 1955 أقامت مديرية معارف البصرة حفلا… قدمت فيه مدرسة التميمية للبنات تمثيلية (الوفاء)… وقدمت مدرسة حليمة السعدية (النهر المقدس).
ويُذكر أن الفنان… توفيق البصري قد تسلّم عام 1955- 1956 مسئولية فرقة نادي الاتحاد الرياضي ومن ثم كان مخرجا باهرا لها([5]).وكان من اهم المرافقين له بالأعمال المسرحية طيلة فترة الخمسينات الفنان الرائد المسرحي عزيز الكعبي ، وبعض من الناشطين المسرحيين البصريين.([6]).
وفي عام 1958 تم إعادة عرض مسرحية ( أهل الكهف) في دولة الكويت ، بعدها عُرضت وللمرة الثانية على مسرح قاعة التربية بنفس العام ([7]) .
كما قدم الشباب في الزبير عدة مسرحيات اجتماعية وكوميدية قصيرة في عام 1959 ، وكانت تُعرض على مسرح في الهواء الطلق في ساحة متوسطة الزبير الكبير ، حيث بُني المسرح من المناضد الخشبية المؤقتة وكان للطالب جودي أدواره المميّزة ومنها (أم علاكة) وهي مسرحية ساخرة عن الإقطاع و(حلم يتحقق) و (أبطال الجزائر) وهي من تأليف وإخراج – حسن العنزي – …. ، واشترك فيها جاسم راضي وعبد الحسن رمضان وعبد الرضا صكبان وعبد الكريم تيسير ([8]) .
أما الفترة المحصورة بين عامي (1950 – 1958) فقد قدم الرديني عددا من المسرحيات الإسلامية لجمعية المكتبة العامة…. بالبصرة والمسرحيات هي ( الهجرة وعامان في شُعب وغزوة بدر).
كما شهد عقد الخمسينات عودت فرقة يوسف وهبي لزيارة البصرة وفي جعبتها الكثير من الأعمال المسرحية التي قدمتها على مسرح سينما الحمراء الصيفي القديم ([9]) .
ويُمكن أن نؤكد أن هذه الفترة كانت المهد لكل أنواع الفنون والآداب، ففي مجال المسرح ظهرت بوادر التأليف المحلي لدى بعض الممثلين بوجه خاص ، مستلهمين أحداث تأريخهـــــم الطويل وحاضرهم المُعاش ، ومزجهم بين عظمة تأريخهم وبين واقعهم القاسي المرير ، ومن هؤلاء نذكر: ( توفيق البصري ، عبد الحسن تعبان ، عبد الوهاب محمد ناجي ، جبار داود العطية ، جبار صبري العطية ، زكي الساعدي ، عزيز الكعبي ، محمد الجزائري ، حامد السعودي  و عبد المسيح بلايا ، وآخرون)… وكان اغلب المؤلفون بل كلهم كانوا يشتركون في تمثيل مسرحياتهم ، بالإضافة للذين ظهروا في نهاية الخمسينات – وبشكل خاص في المسرح المدرسي – وجُلّهم من المعلمين والمدرسين وأبرزهم ( عبد الرزاق الشاهين ، عبد الإله عبد القادر ، سميع رشود البادي وأحمد الخطيب)([10])
كما لم يكن العرض المسرحي في الخمسينات إلا بمثابة فرجة متنوعة الأشكال ، فقد كان المسرح جزء من فاعلية اجتماعية سياسية أُريد من خلالها أن يتعرف المشاهدين على رأي فنان التزم بقضايا الشعب  .
ويذكر ان من رواد هذا العقد ( عبد الوهاب محمد ناجي ، أحمد الرديني ، جاسم حمزة ، علي العيسى ، توفيق البصري ، سميع رشود ، محسن البصري ، محمود عبد الوهاب وعبد الغفور النعمة ).
ومن الفتيات اللاتي كسرن الحاجز النفسي والاجتماعي وتجاوزن التردد والخوف وصعدن خشبة المسرح ( سميرة الجزائري ، سليمة خضير وسميرة الكعبي).
كما وشهدت الحركة المسرحية في محافظة البصرة في هذا العقد عروضا مسرحية قدمتها المدارس والأندية والجمعيات وبعض الفرق المسرحية التي تشكّلت في حينها وانفرط تشكيلها بعد عمل أو عملين ،كما امتاز هذا العقد بخروج المسرح من المدارس والبيوتات والجمعيات الى المسارح العامة ، كما وتميزت الخمسينات بوجود عروض خاصة (نسوية) ، وشهد استمرار تمدد المسرح للأقضية التابعة لمحافظة البصرة ، حيث شاركت مدارس قضاء الزبير في العديد من العروض المسرحية ، داخل مدارسهم.
 
الإحــالات:
[1]) ينظر:محمد عبد الزهرة الزبيدي ،((الناقد حميد عبد المجيد مال الله تاريخا آفلا من البصرة)) ، جريدة الزمان الدولية ،(لندن ) , العدد 3946 , 19/3/2008 .
[2]) ينظر: عبد الفتاح عبد الأمير مرتضى، واقع الحركة المسرحية في البصرة، رسالة ماجستير غير منشورة ، إشراف: أستاذ فن ، أسعد عبد الرزاق جعفر ، (جامعة بغداد : كلية الفنون الجميلة , قسم الفنون المسرحية , 1989 )
[3]) ينظر:بنيان صالح: ((رواد المسرح في البصرة))، مجلة المسرح ، نشرة فصلية يُصدرها المركز العراقي ، (البصرة )، العدد 1، كانون الثاني /1992، ص بلا.
[4]) يُنظر : ياسين النصير ، ((أسئلة الحداثة في المسرح)) ، مجلة المسرح ، الطبعة الأولى ، (السليمانية) ، العدد 10 ، 2008.
*قاعة النشاط الطلابي للإعدادية المركزية : هذه القاعة أصبحت فيما بعد قاعة الاتحاد الوطني ، ثم قاعة النشاط المدرسي ، وبعدها أصبحت قاعة التربية ، وظلّت تحمل هذا الاسم إلى أواخر الثمانينات حتى أصبحت متحفا حربيا ثم أصبحت الآن قاعة عتبة بن غزوان ، وقد شهدت هذه القاعة عشرات العروض المسرحية المهمة (الباحث).
[5]) ينظر : جميل سامي حول , ((مسرح الخمسينات : مسرح الجماهير… مسرح الحقيقة)) ، جريدة المرفأ ، (البصرة) العدد 83، السبت ، 16/حزيران/ 1979
[6]) ينظر: جاسم العايف , (لم اعثر على العنوان ) ، جريدة المنارة ، (البصرة)، العدد 30، 25- 26/تموز/ 2006 .
[7]) انظر: بنيان صالح: ((رواد المسرح في البصرة))، مجلة المسرح ، نشرة فصلية يُصدرها المركز العراقي ، (البصرة )، العدد 1، كانون الثاني /1992، ص بلا.
[8]) ينظر: حسن العنزي , (( من ذاكرة المسرح البصري )) ، جريدة المنارة ، (البصرة) ، العدد 403 ، 1-2/ آب / 2007.
[9]) يُنظر : عبد الإله عبد القادر، (( لقاء مع الفنان عزيز الكعبي )) , جريدة المرفأ  , (البصرة), العدد 36 , 27 اب 1977.
[10]) ينظر: عبد الفتاح عبد الأمير مرتضى، المصدر السابق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت