نص مسرحي: "الهروب إلى الوهم" / تأليف: حسين العراقي

مسرحيه من فصل واحد

الشخصيات:
ـ حارس البوابة
ـ الشاب الأول
ـ الشاب الثاني
ـ الرجل
ـ الحبيبة
ـ الأم
ـ المجموعة
الزمان …. زمن الإرهاب
المكان … هنا .. وهناك ..حيث يقتل الأبرياء
(مجموعة أشخاص يرتدون الملابس البيضاء بخطوط سوداء واضعين أقنعه بأشكال ممسوخة على رؤوسهم من الخلف يقفون وقفه منتظمة وسط عمق المسرح تحت بقع ضوئية حمراء امتزجت مع إشكالهم دون حراك وكأنهم تماثيل من الشمع خلفهم شبكة عنكبوت كبيره جدا جميع افراد المجموعة مرتبطين بخيوط بتلك الشبكة وقد فصلتهم عن مقدمة المسرح عارضه كأنها عارضه حدودية علق وسطها يافطة صغيره كتب عليها ( أدخل )
أشارة ضوء احمر تضاء وتنطفئ ثم تشتعل الاضاءه بالونها الأحمر يبدأ يخرج حارس البوابة ذات الشكل القبيح واحدب الظهر يتحسس العارضة الموجودة في مقدمة المسرح حاملا بيده مصباحا يتفقد به وجوه المجموعة الممسوخة الواقفة جماد دون حراك وبعدها يعود إلى مقدمة يمين المسرح وهو يضحك بدون أن يخرج صوت ويخرج دمية كبيره ويبدأ بتحريك إطرافها.. كلما يحرك طرف منها تتحرك المجموعه حيث نلاحظ هو يتحكم بهم من خلال تحريكه للدمية حتى يحرك جميع إطرافهم ..
(يرفع يده إلى أعلى تتغير الإضاءة إلى لون الأزرق وتبدأ الشخصيات بتغير حركتها بـ لوحه تعبيريه راقصه رقصات منتظمة وأداء سلومشن ) (تخفت الإضاءة تدريجيا في وسط عمق المسرح)
(تضاء الإضاءة في مقدمة المسرح).
وقف (شاب1) يحمل على كتفه حقيبة سفر يحاول اجتياز العارضة يهم إلى الدخول ثم يعود مترددا ثم يتجه نحوها أكثر من مره وحارس البوابة يراقبه كأنه فريسة تقع بشباكه.. ثم يعود (الشاب1) مترددا أكثر من مره ثم يتجه نحوها.. يرفع العارضة ويدخل (ترتفع ضحكات حارس البوابة) وتبدأ الإضاءة تدريجيا بلونها الأحمر الدموي تغطي المكان تلتف المجموعه حول الشاب مع الموسيقى يشكلون دائرة تنظم إلى الداخل وتبدأ المجموعه بحركات تدلل على انسلاخ الشخصية مع ضحكات حارس البوابة وهي ترتفع يظهر الشاب وقد أصبح واحد منهم وهو يرتدي نفس ملابسهم ووضع قناعا مسخ خلف رأسه..( تبدأ المجموعه بحركات إيقاعيه راقصه تدلل على النصر)
تقف هذه الشخصيات بحركة إيمائه من حارس البوابة… وتعود مثل التماثيل كل واحد في مكانه .. تخفت الإضاءة تدريجيا في عمق المسرح… وتضاء بقعت ضوء لونها وردي يرمز إلى الحلم على مقدمه وسط المسرح حيث يجلس (شاب2) وقد توسد حقيبته قرب العارضة .. (موسيقى تدلل على انه يحلم في منامه ) وتضاء بقعه أخرى على رجل يقف على مقربه منه .

الرجل : تهرب ؟
الشاب 1: ( يجلس ) الهرب والبقاء كلاهما سيء .
الرجل : لكن الهروب يقتل كل بوادر النجاة والأمل
الشاب 1 : والبقاء كذلك سيهشم أخر أطياف الحلم.. سنظل منطفئين حتى نمضي
الرجل : الليل هناك شيطان أخرس ..يتحفز
الشاب 1 : وهنا رأيت الفجر ولم أرى ضوءه
الرجل : أنك سجين وهم
الشاب 1 : كنت سأنزف من جرح الكآبة
الرجل : أليأس حليف الحزن ويولد الكأبة
الشاب 1: لان السعادة أصبحت سراب
الرجل : الحزن كالسرطان ينهش في الجسم والروح
الشاب 1 : والفرح أصبح حلما عابر
الرجل : وأحلامك
الشاب 1: أنهار الحلم الوحيد.. ومزق حدود الطمأنينة
الرجل : كنت تسهر الليل لتتحدث عنها..وتحلم بالسعادة
الشاب 1 : ذاكرتي باتت جوفاء لا تحتمل الحلم
(تطفأ بقعة الضوء ويختفي الرجل)
الشاب 1 : (يصرخ ) ذاكرتي جوفاء.. ذاكرتي جوفاء
(تضاء بقعت الضوء مره أخرى على فتاة تقف بنفس المكان)
الفتاة : تغادر
الشاب 1 : (متفاجأ) ما الذي جاء بك ؟
الفتاة : تغادر وتترك زمن مجنون يذبح البسمة على الشفاه.. تتركني في جدول حزنا دفاق . زمن يصب على شطأن فؤادي خوفا
الشاب 1 : ( بهستريا ) لن يأتي الفرح ضمن صباحات متفتحة…الطريق طويل .والخطى متلاصقة .لاتخالطها سوى صوت اللهاث والألم..ويظللها الإخفاق والمهانة.
الفتاة : وتعلن عنا في مزادا بخس .وتودع روحك في كف الشيطان . بدل أن تغسل غبار البارود عن وجوه الأطفال (تبكي ) ماذا أقول لزرع الله في أحشائي أن أصبح يافعا وسال عنك ؟
الشاب 1 : سوف يكون طفل هادئ تعلمه الحاجة أن ينظر ولا يتكلم
الفتاة : تريد الخوض في غمار تجربه مرعبه أسمها الموت
الشاب 1: (منزعج) كفاك ثرثرة لا تجدي . عام يمضي أثر عام والجرح يثور عنفا ..
الفتاة : ومن يداوي جرحنا النازف ؟ أحمرت شفاه الأرض بدمائه
الشاب 1 : (بغضب) ليس مسؤولا أن أحمل أحزان وطن (يتأمل) كم حلمت بأوطان أخرى .لم أدرك كل الأحلام زائفة (يدور حولها) آه كم سرت فوق طريق ناعم يحترق من تحتي .
الفتاة : تحلم بأوطان ونحن جسد داخل وطن ووطن داخل جسد.
الشاب 1 : جسدا يرفضه الوطن..أصبحنا عبء عليه.
الفتاة : (تضحك بألم) ومتى أصبحت الشعوب عبء على أوطانها؟
الشاب 1: ( متغاضيا) الزمن يهرب من أيدينا
الفتاة : ( تمسكه بشده ) بل أنت خارج حدود الزمن …أخاف عليك الندم
الشاب 1 : (ينتفض من بين يديها ) يجب أن لا نعرف الندم
الفتاة : أليس الندم تطهير ؟
الشاب 1 : أوليس التطهير ندما”؟
الفتاة : تريد الحياة بلا تطهير؟
الشاب 1 : الآخرون للحياة والحياة للآخرين
الفتاة : ( مستغربه) وهل تحس نفسك تؤدي واجبك اتجاه الآخرين .
الشاب 1 : ليس ألان. بل عندما نلحق الزمن الهارب من هذا الخليط .المتشابك بين ركام الروح المحطمة والجسد العاجز . عندها سوف أرقص محلقا.
الفتاة : ما زلنا نمد لك قلبا ينبض بالحنو عليك.بدل من أن ترقص على أجساد الأبرياء .
الشاب 1 : دعيني أهرول نحو ضفاف الأرض . عسى إن الحق ركبهم .
الفتاة : (وهي تبكي) لأول مره أحس أني لا أنتمي إليك أنت غريب عني .
الشاب 1 : كلنا غرباء في وطنا غريب .
الفتاة : من يمتد عمره إلى ألاف السنين ليس غريبا”.
الشاب 1 : رقابكم مشدودة إلى الوراء. العالم في توهج وأنتم تنظرون الى الخلف ..
الفتاة : أنت تهرب في خيالك نحو جنة وهم
الشاب 1: بل إلى فضاء لا ينتهي إلى الأبد .. حيث الأولياء والأوصياء
الفتاة : (تضحك باستهزاء) أي أولياء وأوصياء تنتظر ممن ذبح البسمة في وجوه الأطفال..ممن يحاول أن يركل الجرح الدامي ويحاول أن يعمق فجوة الفراق من يسلب الفقراء رغيف الخبز .. أي فكر امجنون تحاول أن تتبنى .. من أنت بحق السماء.. بدأت أجهل كل شيء فيك (بذهول ) حتى أنفاسك لهاثك أشم به رائحة الموت (تصمت تستذكر ) أنت من علمتني أن تنازل الشخص عن حريته هو تنازل عن صفته كإنسان والآن أنت تحاول أن تذبح كل الحريات.(تنظر إليه وتبكي) ما زلت… (تبكي ) مازلت التمس فيك إنسأن.
الشاب 1 : (بغضب ) لم أكن يوما غير إنسان. بل أنتم من لا ينظر إلى الأشياء على حقيقتها.
الفتاة : بل أنت من يحاول أن ينزع ثوب الإنسانية (تقترب منه) نعم أنت من يحاول أن يخفي وجهه خلف قناع مسخ…
الشاب 1 : ( يهرب بوجهه عنها ) بل ثوب الحقيقة
الفتاة : الحقيقة هنا بوجوه الأطفال عند الصباحات في دعاء الأمهات.. في فضاءات صوت الجوامع وأجراس الكنائس .. نعم في صوت داخل حسن عندما يقول يمه يايمه.وحسين نعمه بيا حريمه .وأعزاز ياس خضر نعم هنا الحقيقة مطر ، مطر ، بدر شاكر السياب .. ومع تمثال الرصافي .. ومشاكسات اكزارحنتوش . وحرية جواد سليم. هذا هو وجه الحقيقة أي حقيقة زائفة تبحث عنها أنت .
الشاب 1: هذه أوهام سمجة.
الفتاة : بل حقيقة صادقه .
الشاب: بل أوهام أوهام أوهام .. ( يعود إلى مكانه في بداية المشهد يتوسد حقيبته وينام تخفت الإضاءة تدريجيا وتختفي الفتاة)
(إضاءة حمراء على عمق وسط المسرح تظهر المجموعة وهم يؤدي رقصات على شكل تدريبات عسكريه تصاحبهم الموسيقى .. تطفأ الإضاءة تدريجيا..)
(بقعة ضوء على مقدمة وسط المسرح تسلط على الشاب وهو يتوسد حجر امرأة كبيره ترتدي على رأسها وشاح أبيض وملابسها بيضاء جلست قربه ويديها تمسد شعره)
الشاب : هل تحبينني حقا؟
المرأة : لا اعلم.. أن كنت أحبك منذ ولدتك أم قبل أن ألدك.. وكيف لا أحبك وأنت ما جنيته من هذه الدنيا .
الشاب 2 : أمي ضميني إلى صدرك.. دعيني أشم رائحتك أني أفتقد إلى حنانك ورقتك.
المرأة : من أجلك جئت.. كي لا تتقاذف في كل الجهات
الشاب 2: أريد أن أراك وأختبئ في صدرك
المرأة : لم يعد قلبي يتسع..
الشاب 2 : (ينهض متفاجئاً) وهل هناك غيري في قلبك
المرأة : لا يتسع قلبي لأفعالك
الشاب 2 : أمي أي أفعال تجعل قلبك لا يتسع لي .
المرأة : (مقاطعه له) عندما تجعل الموت يحلق على شرفات المنازل .. و تصبح أسير ألظلام القاتل وتعيش حياة الخفافيش وتجعل من البسمة دمعا”
الشاب 2: أمي جئتِ من رقادك الأبدي كي تذبحي لهفتي لحنانك
المرأة : بل أمنع لهفتك للدم
الشاب 2: العالم خرافي مجنون يا أمي
المرأة : تجعلون من الجرح وباء وتزيدون من مسافات الفرقة أتساعا”وتنسجون شرنقة الإحزان .
الشاب 2 : أمي .
المرأة : لقد مزقت كل شيء .. حتى حبك لي تمزق .. لم أعد أتصورك في صدر الدنيا دوما”.
الشاب 2: أمي .
المرأة : لم تكن على عهدي بك .. أي حادث ماج بك.
الشاب 2: أمي طرقت كل الأبواب مغلقه .
المرأة : لم تطرق إلى ما ترغب من الأبواب برؤيتكم المغلقة .
الشاب 2: يملأ الخوف طريقي .
المرأة : أبحث عن نفسك.. وخط لها مسالك النجاة والمحبة.
الشاب 2: لم أرى حل بهذه الأرض . كل الأشياء بدعه . تدمر كل ما بداخلي أي أرواحا” شقيه بدواخلكم كيف تحدقون بشمس الحقيقة فلا تروها ؟ كيف؟
المرأة : أقسم أني أرضعتك در طاهر. وحملتك في رحم طاهر.
الشاب 2: أمي أمي أمي
(تطفأ الإضاءة تدريجيا وتختفي المرأة وتعاد الإضاءة بعد فتره قصيرة جدا” على الشاب وهو نائم متوسدا” حقيبته ويردد)
الشاب 2: أمي أمي (ينهض من نومه بفزع) أمي. أمي. أمي ما كان لك أن تفهمي شيئا .. أمي انه العالم المجنون الكل مجانين في زمن خرافي وأنا أهرول كي الحق الزمن الهارب من أيدينا . نعم الزمن الهارب من أيدينا (يبكي ويركع إلى الأرض) الزمن الهارب من أيدينا
(تضاء الإضاءة الحمراء في وسط عمق المسرح بالونها الأحمر وجميع الشخصيات متجمدة على شكل تماثيل على عدة أوضاع)
الشاب 2:  (يقف يحمل حقيبته ويتجه صوب العارضة)
صوت الرجل : تهرب ؟
صوت الفتاة : أنت تهرب في خيالك نحو جنت وهم
صوت المرأة : لا يتسع قلبي لأفعالك.
الشاب 2: (يقف ثم يهم نحو العارضة).
صوت الرجل : الهروب يقتل كل بوادر النجاة.
صوت الفتاة : بل أنت خارج حدود الزمن. أخاف عليك الندم..
صوت المرأة : بل أمنع لهفتك للدم.
( يقف امام العارضة يحاول ان يعود لكنه يرفعها ويدخل وتبدأ معه عملية المسخ مثل ما حصل للشاب الاول وبعد لحظات يظهر مثلهم مرتديا نفس ملابسهم ويضع قناع خلف رأسه وبدأ يفعل مثل ما يفعلون )
تعود الإضاءة في مقدمة المسرح يدخل الشاب الثالث وهو يحمل حقيبة السفر يسير ببطي ينظر باتجاه العالم الاخر يقف امام العارضة اكثر من مره ويعود الى الخلف صمت وترقب من حارس البوابة بانتظار صيد جديد .وكلما ابتعد الشاب كل ما تلوى الم حارس البوابة .   
ثم يسرع نحو العارضة . وحارس البوابة يراقبه بلهفه ينتظر دخوله .هدوء مطبق يقف أمام العارضه ينظر إلى الخلف. ثم يرفع العارضة ويهم بالدخول وفجأة ينزلها ويعود باتجاه الجمهور .. صوت صرخة حارس البوابة واطفاء الإضاءة على عمق المسرح (العالم الاخر ).

                              ستــــــــــــــــــارة

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت