المسرح البصري في خمسة عقود (الحلقة الأخيرة)/ مجيد عبد الواحد النجار

6: عقد السبعينات
تعد عقد السبعينات مرحلة نهضوية عالميا وعربيا بلغت فيها الحركة المسرحية الذروة في كثرة العروض وسِعة التلقّي ، وتألّق الهواة. ودخول وجبة جديدة من خريجي معهد الفنون الجميلة في بغداد فقد وصل اول خريج للبصرة عام 1970 ( نصير عودة وألتحق به بعد ذلك زملائه فلاح هاشم ، و طارق عبد الكاظم العذاري ، و ممتاز سعيد ، وعبد الستار عبد ثابت عام 1978) ، وقد دخلوا الساحة الفنية حال وصولهم مدينة البصرة لينافسوا زملائهم بما لديهم من طاقات فنية وابداعية.
ومن نتائج السبعينات أيضا، ظاهرة محاورة الجمهور للعروض المسرحية، والاحتفال بيوم المسرح العالمي وندوات خاصة بالمسرح، وغطاء نقدي متواصل، وظهور المسرح الغنائي أو فن الأوبريت بأسس جمالية جذابة … وزيارات ميدانية للمدينة مثل فرقة المسرح الفني الحديث التي قدمت مسرحية (الشريعة) للرائد يوسف العاني و (البرجوازيان) لـ (مكسيم غوركي) إخراج الفنان قاسم محمد ، و (ثورة الزنج) لـ (معين بسيسو) إخراج الفنان سامي عبد الحميد([1]).
وقدم في الفترة من 27 – 31/ آذار / 1972 وعلى مسرح قاعة التربية بالعشار سبعة عروض مسرحية ، أقامتها جامعة البصرة بالتعاون مع مديرية تربية البصرة ونادي الفنون في مهرجان يوم المسرح العالمي([2]).
وفي عام 1973 تشكّلت نقابة الفنانين في البصرة ، وكذلك أسست مديرية دور الثقافة الجماهيرية فرع بالبصرة منتدى الغد للطليعة وتشكلت فيه فرقة مسرحية تحمل أسم المنتدى – منتدى الغد([3]).
وللفترة من 27 – 31 /آذار 1973 وبرعاية محافظ البصرة الأستاذ مدلول ناجي المحنة أُقيم مهرجان يوم المسرح العالمي وعلى مسرح قاعة التربية بالعشار(قاعة عتبة بن غزوان حاليا)، وقد شهد المهرجان ستة عروض مسرحية .
وفي عام 1974 فتح الفنان القدير فوزي الجنابي أستاذ الماكياج في العراق دورات لفن الماكياج لإعداد متخصصون بفن الماكياج في محافظة البصرة بعد أن كان الماكياج بسيطا ويعتمد على أقلام حمرة وأقلام حاجب وصوف غنم وأستون وعلك البستج([4]).
وبتاريخ 30 / آذار/ 1975 وبرعاية محافظ البصرة الأستاذ عامر الخشالي وتحت شعار ( من أجل مسرح يخدم الثورة والجماهير) أقامت نقابة الفنانين فرع البصرة مهرجان يوم المسرح العالمي وعلى مسرح الأستوديو الانتقالي لتلفزيون البصرة (( بهو الإدارة المحلية)) وقُدمت في الحفل ثمان أعمال مسرحية، علما أن العروض التي قُدمت في عام 1974 بلغت سبعة عشر عرضا مسرحيا توزعت بين قاعة بهو الإدارة المحلية ومسرح نادي الفنون ومسرح نقابة الموانئ العراقية.
وفي عام 1976 تشكّلت فرقة البصرة للتمثيل التابعة للفرقة القومية الأم في –  بغداد –  وتفرّغ كادرها للعمل المسرحي ، من دوائرهم  التي كانوا يعملون بها.
وقد صدر الامر الإداري بتعين (محمد سعيد الربيعي، جاسم محمد يوسف، رازقية هاشم عبود…. وآخرين)، بموجب كتاب وزارة الإعلام / المؤسسة العامة للسينما والمسرح / مديرية الإدارة والذاتية بكتابها 3891 في 28 / 4 /1977 واستنادا إلى موافقة وزارة الإعلام بكتابها المرقم 17071 في 23 / /4/ 1977 .
كما شهدت مدينة البصرة فتح مؤسسات تعليمية لاستقطاب الموهوبين مسرحيا مثل معهد الفنون الجميلة الذي تأسس خلال العام الدراسي (1977- 1978 ).
وفي السبعينات ، لم يقتصر النشاط المسرحي على مركز المحافظة فقط ، بل امتد إلى الأقضية والنواحي مثل (قضاء القرنة ، والفاو ، وأبو الخصيب ) فقد شهد قضاء القرنة عروضا مسرحية منها ( ما وراء الأفق ، القربان ، أفول القمر ، التاجر) وقُدمت بكوادر من أبناء القضاء.
واهتمت الحركة المسرحية في المحافظة لوضع تقليد الانفتاح على الجمهور بعد العرض مباشرة لغرض مناقشة الكاتب والممثل والمخرج.
كما ظهر التنظيم النقابي فانضوى المسرحيون تحت تنظيمهم النقابي أسوة بإخوانهم الموسيقيين والتشكيليين والإذاعيين والتلفزيونيين .
وفي عام 1978 ظهر الاحتراف لأول مرة ونشط المسرح الفلاحي والمسرح العمالي بعدد من العروض المسرحية([5]).
ومن 10 – 12 /1/ 1978 تم عقد المؤتمر الأول لنقابة الفنانين في القطر العراقي في البصرة  .
لقد اتسعت دائرة النشاط المسرحي في المحافظة ووجد المسرحيون مجالات أوسع لنشاطهم المسرحي ، وقد أزداد عدد المشتغلين في المسرح والمعنيين به حيث كان معهد الفنون الجميلة وأكاديمية الفنون الجميلة في بغداد يضخان الخريجين من المسرحيين إلى الساحة المسرحية .
وقد أولت المؤسسات الفنية والجماهيرية والاتحادات والنقابات والجمعيات اهتماما متميّزا بالمسارح إذ لعبت دور الثقافة الجماهيرية دورا بارزا في احتضان الطاقات الشابة وسخّرت إمكانياتهم في مواسم مسرحية نشطة وفاعلة، وقد تشكّلت عدد من التجمعات الفنية المسرحية.
وقد ظهرت التجربة الرائدة في المسرح الغنائي في بداية السبعينات – فكانت الأوبريتات الثلاثة ( بيادر خير، والمطرقة ، و نيران السلف) بداية لهذا الفن المسرحي الغنائي ، الذي خطط له ونفذه الرائد المسرحي قصي البصري بعد ان شكل فريق عمل مع زملاء له في الساحة الفنية ، ومنهم الشاعر الكبير علي العضب والملحن طالب غالي ، ثم توالت المسرحيات الغنائية وكان ميدانها المهرجانات القطرية  .
وبهذا يعد عقد السبعينات العقد الذهبي للمسرح البصري ، لما حدث فيه من انقلاب على كل ما موجود من فن ومن ثقافة آنذاك ، حيث طانت النشاطات تتوالى على المسارح المنتشرة في المحافظة ، وكذلك كان سيل الكتب التي ملئت المكتبات ، وظهر كتاب بما يسمى كتاب(الجيب)، حيث كان المثقف في هذا العقد لا يجد صعوبة في إيجاد أي مصدر يحتاجه، ان كان مسرحا او شعرا او سردا ، وكان البعض من المثقفين قد كونوا تجمعات لمناقشة ما يقرؤونه من الكتب .انها فترة ذهبية بحق نتمى من الأجيال القادمة تكرارها.
 
الإحـــالات:
[1]) محمد عبد الزهرة الزبيدي ،((الناقد حميد عبد المجيد مال الله تاريخا آفلا من البصرة)) ، جريدة الزمان الدولية ،(لندن ) , العدد 3946 , 19/3/2008 .
[2]) راجع: محمد وهيب ، حياتي في الفن ، الطبعة الثانية ، (دمشق: دار الينابيع ، ب – ت).
[3]) إنظر : عبد البطاط ، ((مع فرقة المسرح الجماهيري الطاقة المسرحية الشابة))، مجلة الراصد ، (البصرة) ، العدد316 ، 7/3/1976.
[4]) محمد وهيب ، المصدر السابق.
[5]) راجع: محمد وهيب ، حياتي في الفن ، الطبعة الثانية ، (دمشق: دار الينابيع ، ب – ت).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت