الفرق والنوادي والجمعيات المسرحية في محافظة البصرة / مجيد عبد الواحد النجار
عندما يسترجع المرء صور المسرح في ذلك الحين يجد أمامه قائمة طويلة تصل الى ما يقارب (70) فرقة مسرحية، والتي كانت بعضها تعمل بإسناد كامل من المؤسسات الثقافية والتربوية والاتحادات والمنظمات المهنية، والبعض الاخر تعتمد على كادرها في تمويل اعمالهم.
فهنالك فرقة (المسرح الجامعي، نقابة عمال الموانئ، نقابة المعلمين لمديرية التربية، مديرية الشباب، ودور الثقافة الجماهيرية ، والاتحاد الوطني بالإضافة إلى الفرق المسرحية والمجاميع التي كانت تحمل أسماء عديدة مثل جماعة المسرح المعاصر وفرقة 14 تموز ، وجماعة المسرح الكوميدي ، وفرقة نادي الفنون([1]).
وكانت النوادي الرياضية والمدارس هي المكان الفعلي لمثل هذه العروض الفنية، وكان من الواجب أن يتضمن العرض المسرحي جزءا من فعالية النادي الرياضي أو المدرسة.
فقد كان العرض يتضمن فترات استراحة يقدم فيها الرياضيون تمارين رياضية ، وهو ما كان يفعله نادي الاتحاد الرياضي في البصرة ، حيث أنه إلى جوار ما كان يقدمه توفيق البصري من أعمال يوسف العاني يقدم رياضيو النادي عرضا لجمال الأجسام([2]).
كما وتشكلت فرق مسرحية لـ ( مديرية التربية ، نادي الميناء ، نادي الاتحاد ، نادي الثغر ، نادي السكك ، شركة النفط ، نقابة المعلمين ، اتحاد نقابات العمال ، نقابة الزراعيين ، فرقة عمال البناء ، فرقة النشاط المدرسي ، فرقة مديرية دور الثقافة الجماهيرية، فرقة مسرح التلفزيون ، الفرقة لقومية للتمثيل ) ومن الفرق الأهلية فرقة ( الفيحاء للمسرح ، فرقة المسرح الفني الحديث – فرع البصرة ، فرقة اتحاد الفنانين ، فرقة مسرح اليوم ، فرقة المسرح الشعبي ، فرقة نادي الجنوب الرياضي ، جماعة الفيحاء للمسرح ، مسرح اليوم ، جماعة الجنوب للمسرح ، جماعة المسرح الأهلي ، جماعة المسرح الجمهوري ، رواد المسرح ، جمعية الرحمة الكلدانية ، جماعة البصرة للتمثيل ، فرقة الاتحاد الوطني لطلبة العراق ، فرقة جماعة البصرة للفن الحديث ، فرقة اتحاد الفنانين ، فرقة نقابة الفنانين ، فرقة المسرح الجماهيري ، المسرح الريفي ، فرقة أصدقاء المسرح) . اما الفترة التي سبقت تشكيل هذه الفرق وهي الفترة من عام 1929 الى 1935 ، فقد تشكلت الفرق التالية : فرقة خريجات الاليانس ، جمعية الشبان المسلمين ، نادي المعلمين ، جمعية ما وراء البحار ، جمعية مكبس التمور ، نادي موظفي الكمرك ، جمعية الهداية الإسلامية ، النادي الرياضي ، نادي الاخوة ، النادي الخصيبي ، نادي شبان البصرة ، التآلف الأخوة (الرجاء العالي)، فرقة الشباب التمثيلية ن وفرقة هواة الفن([3]).
كما ساهمت بعض المدارس الإعدادية بتشكيل فرق للطالبات مثل ( ثانوية العشار للبنات ، وثانوية العروبة ، والمعقل ، والزهراء ، والجمهورية).
وحفلت تلك الفترة بتقديم عروض عديدة تنافست فيها الفرق حتى أقامت عددا من المهرجانات المسرحية السنوية لأعمالها ، وخلال تلك الفترة برزت أسماء الفنانين ( عبد المنعم شاكر ، محمد وهيب ، عبد الأمير السماوي ، المرحوم جبار داود العطية ، والمرحوم جبار صبري العطية ، قصي البصري ، عزيز الكعبي).
أما في مجال التمثيل فقد عرفت البصرة أسماء عديدة منها ( أسعد عبد الحسين ، فيصل حسن ، حسين زيدان ، محمد سعيد الربيعي ، طالب جبار ، مانع السعودي ، علي الأطرش ، خليفة السعد ، جابر ميرزه ، عادل الجبوري ، البرون ، عزيز الكعبي ، سميرة الكعبي ، ونصير عودة ، والممثل الكوميدي عباس الخالدي ، ………).
كما ظهرت نخبة من المؤلفين المحليين وقدمت مسرحية ذات مستوى متقدم من بينهم ( علي الأطرش ، شاكر العطار، عبد الصاحب إبراهيم ، سيد حسين الهاشمي ، عبد الأمير السماوي ، جبار صبري العطية ، وبنيان صالح )([4]) .
ويذكر ان اول فرقة مسرحية تشكلت في سنة 1925 فرقة تمثيلية من المعلمين والطلاب من ذوي المواهب المتطورة … في البصرة في (مدرسة السيمر) ومنهم (الاستاد عبد الحليم محمود من خارج المدرسة ، ورشاد المفتي من مدرسة السيف ، وعبد السلام العرة البصري معلم ، وعبد الرحمن الحصبي ، والاستاد شفيق . ومن الطلاب عبد الامير منصور العمار ، ومحمد سعيد واصف ، وعبد الله حسن ، وعلي مهاجر ، ومحمد شاكر الربيعي ، وعبد الوهاب احمد ، وزكي سعيد) .
وقاموا بتمثيل رواية عبد الكريم الربيعي ( الخطابي المغربي ) ورواية ( القائد الجسور الجزائري) ورواية (عمر المختار)، وبسبب القيود الاجتماعية على المرآة ، وعدم السماح لها بمشاركة زملائها في العروض المسرحية ، كان يقوم مقامها في التمثيل (علي السلمان).
ولم يكن للفرق المسرحية خياراً في تقديم عروضها ؛ بسبب قلة المسارح ، حيث كان في البصرة مسرحان ، واحد في فندق ( خرموش ) الواقع على ساحل نهر العشار في محلة السبخة الكبرى ، والثاني في ( نادي الاليانس )، واكثر الإعمال التمثيلية تقام في صالات السينما أو في المدارس نفسها حتى الثلاثينات . وتشكلت بعد ذلك فرقة ثانية للتمثيل في (نادي الاليانس ) ويقودها عبد الحليم محمود وسليم دانيال ورشاد المفتي وغيرهم … ومثلوا روايات ( اليهودي التائه و الفرقة الضالة والفتاة الحائرة ) .
ثم تشكلت فرقة ثالثة … تسمى ( فرقة البصرة ) بتشكيل مختلط من جميع اعضاء الفرق محمد شاكر الربيعي احد أعضاء الفرقة التي قدمت رواية ( الحاموس الفرنسي في المغرب ) ورواية ( البطل الغريب ) .
بعدها تشكلت فرقة رابعة (نسوية) سنه 1929 في متوسطة السيف للبنات تعتمد في تدريبها على بعض الفنانين المعروفين في البصرة ، وكان الفنان محمد شاكر الربيعي احد المدربين فيها ، وكان انتاجهم التمثيلي رواية ( بلقيس ملكة سبأ و النبي سليمان الحكيم ) وقد صمم الربيعي ازياء التمثيل والتوج لهن ، ثم أنتجنت رواية ( الصراف الماهر ) ثم رواية ( جانداراك ) البطلة الفرنسية ومن هذه المدرسة خرجن عدد من الفتيات …. الماهرات في الخطابة والتمثيل في البصرة ، ومنهن (مديحة… ونجمة … و اليزة … ، وكميلة …، وروزة … ، وزهرة … التي كانت ملكة جمال البصرة) ، كما ان نجمه وكميلة كن خطيبات البصرة([5]).
وكانت فرقة (الشباب) التمثيلية قد تأسست في عام 1937 برئاسة الفنان عبد الوهاب محمد ناجي وكانت تضم كلا من ( عبد العزيز السامرائي ، عبد القادر محمد ناجي ،كاظم حاج حمدان ، فريد رزوق .. وآخرون) وقدموا مسرحيات (على ضفاف الآخرون ، مصرع أبو مسلم الخراساني ، دموع البائسة ضحية الشرف) وهذه المسرحيات جميعها من إخراج الفنان عبد الوهاب محمد ناجي. و قُدّمت هذه الأعمال في الفترة من 1937 – 1940([6]).
واستمر الحال في الأربعينات والخمسينات في تأسيس الفرق المسرحية وتقديم العروض التي لم تنقطع حيث تأسست في هذان العقدان فرقتان انضمتا إلى الفرق الموجودة على الساحة المسرحية الأولى فرقة (طلاب الثانوية المركزية للبنين) والثانية فرقة (نادي الثغر الرياضي) التي كان رئيسها السيد عبد الوهاب ناجي ([7]) .
واستمر النشاط المسرحي في عقد الستينات دون انقطاع ، وقد شهد تخرّج وجبة جديدة من معهد الفنون الجميلة وكلية الفنون الجميلة في بغداد ؛ ليكونوا عونا في وضع الحركة المسرحية على الطريق الصحيح ؛ مع زملائهم الذين سبقوهم في العطاء ، حيث كانوا يتنقلون من فرقة إلى أخرى في عمل جديد ورؤية إخراجية جديدة حتى دخلوا على الفترة الذهبية أو العقد السبعيني ؛ الذي شهد حراكا كبيرا وأكاديميا ومنظما أكثر من سابقه ، وذلك لوجود نقابة فنانين وفرق مسرحية احترافية ، بعد أن بدأت العمل بطريقة اكاديمية ، وحرفية ، وبدأ الديكور والإضاءة والأزياء والإكسسوارات وغيرها من مكمّلات العرض تأخذ أهميتها في رؤية المخرج .
بعدها كان التحول النوعي في تقديم العروض المسرحية في هذا العقد ؛بتأسيس الفرقة القومية للتمثيل ، والتي تحملت المسؤولية الكاملة في نشر الحركة المسرحية في المحافظات العراقية ، والدول العربية ، من خلال تنقلها في عروضها المسرحية الموسمية ، ومن ثم تأسيس معهد الفنون الجميلة في البصرة للعام الدراسي 1977 – 1978 الذي بدأ يرفد الحركة المسرحية في البصرة بالطاقات الشابة والحيوية ، وذلك من خلال تخرج اعداد من الطلبة بعد تلقيهم دروسا نظرية وعملية في فن التمثيل والإخراج ، على ايدي أساتذة مهرة ، درسوا علوم المسرح في كلية الفنون الجميلة في بغداد.
الإحــلات:
[1]) يُنظر : عباس الرباط , ((المسرح في البصرة عام 1976: القسم الاول)) : جريدة المرفأ ، (البصرة ) ,العدد37 , 1977 .
[2]) ينظر : ياسين النصير ، بقعة ضوء ، بقعة ظل: مقالات في المسرح العراقي المعاصر ، (بغداد : دار الشؤون الثقافية ، 1989).
[3]) احسان وفيق السامرائي ، عبير التوابل والموانئ البعيدة ، مطبعة البصرة ، 2009 .
[4]) ينظر : محمد سعيد الربيعي , ((المسرح البصري : رحلة طويلة بالإبداع))، جريدة الصباح ، ملحق فنون ، (بغداد) ، العدد 1050 ، الأحد 25/شباط/2007.
[5] ) راجع : محمد شاكر الربيعي ، ((تعقيب حول المسرح العراقي في مائة عام ))، جريدة المرفأ ، (البصرة )، العدد 84 ، 30 /حزيران/ 1979.
[6] ) ينظر : جميل سامي حول , ((مسرح الخمسينات : مسرح الجماهير… مسرح الحقيقة)) ، جريدة المرفأ ، (البصرة) العدد 83، السبت ، 16/حزيران/ 1979.
[7]) راجع : محمد شاكر الربيعي ، المصدر السابق .