أثر التوثيق في حفظ النشاط المسرحي/ زينب لعيوس الأسدي
يعد التوثيق من الوسائل المهمة في اي مجال معرفي بما يوفره من فرص بين ايدي الباحثين ، ان للوثائق بمختلف اشكالها الدور البناء في اكتشاف الأفكار والتعرف على التأريخ من خلال التوثيق والذي يعد جزءاً من كيان كبير ناقل لثقافة الأمة وجهود ابنائها، والوثيقة هي الوسيلة الأفضل للمحافظة على تأريخ الأمم وحضاراتها ومنجزاتها الحقيقية. ومن اجل الحفاظ على تلك الوثائق لابد ان تتظافر الجهود للحيلولة دون ضياعها او تلفها فاذا ما ضاعت الوثائق الخاصة بفترة ما او المتعلقة بشخصية تأريخية او بحدث تأريخي وأختفت هذه الوثائق كلية او حرق او اتت عليها الأرضة او الرطوبة او مزقها العابثون بوثائق التأريخ شر ممزق فأنه يضيع بالتالي تأريخ تلك الفترة والوثائق هي ذاكرة الشعوب ولسان حال التأريخ وتمثل احد اهم الشواهد على تأريخ ما او حقبة زمنية معينة وقد شهدت الأنسانية على مر عصورها فترات مظلمة اتت فيها الحروب على مجموعة كبيرة من الوثائق التأريخية التي تحمل الكثير من علوم تلك الشعوب ومعارفها في شتى المجالات وكانت الأمة العربية في مقدمة الأمم التي عانت الامرين من اهوال تلك الحروب وتكالب الأعداء من كل حدب وصوب فقدعملت الجماعات والفرق والتيارات السياسية والفكرية المعادية للروح العربية عملها وأستخدمت معاولها، في القضاء على تاريخ تلك البلدان وهذا ما يفترض ان يشخص ويميز حين نبدأ بكتابة التأريخ مستندين الى الوثائق .
ويعد العراق في مقدمة الدول العربية الذي فقدت منه الكثير من الوثائق من جراء الحروب المتوالية وما رافقها من أحداث، من اعمال حرق ونهب للمؤسسات الوطنية والمكتبات العامة ومراكز البحوث والدراسات والدوائر التابعة للنشاط المسرحي .
ولم تكن البصرة بمنأى من تلك الأحداث فقد نالت نصيبها من فقدان الوثائق الخاصة بعروض المسرح ولسوء الحظ ضياع جهود مجموعة كبيرة من الشباب الذين ساهموا في ارساء دعائم الحركة المسرحية في البصرة سواء على صعيد الأعمال او المهرجانات التي كانت تقام في تلك الفترة والتي يجمع اكثر العاملين في هذا الحقل انها تمثل الفترة الذهبية لهذا المسرح .
أذن ومن خلال ماتقدم حري بنا ان نجمع هذه الوثائق ونحاول ان نؤسس ارشيفاً خاصاً بها ونستلهم منه العبر لتأسيس مسرح ناهض يساهم في بناء الحركة المسرحية في البصرة ومن هذا المنطلق اعلن المركز الثقافي في جامعة البصرة عن تأسيس ادارة للتوثيق المسرحي في مدينة البصرة وذلك ضمن فعاليات وخطط مشروع المسرح والمدينة الذي اعلن عن انطلاقه قبل عدة اشهر .
وفي معرض حديثه عن أهمية هذا المشروع تحدث الدكتور (عبد الكريم عبود) وخلال الحفل الذي اقيم على قاعة المركز في مجمع كليات باب (القبة الفلكية) وحضره نخبة من الاكاديميين والفنانيين ” ان المسرح ثقافة والثقافة تأريخ والتاريخ انسان من هذه المقولات الثلاث, نكتشف الدور الحقيقي لقدراتنا الادارية في التوثيق , ونعمل في مشروع المسرح والمدينة على الاحتفاظ بتراثنا المسرحي لنسجله درسا تاريخيا ونوثقه عبر مراحل النشأة والتطور والاستمرارية .
واضاف عبود ” حرص هذا المشروع الثقافي الذي يؤمن بحقيقة تثبيت المنجز عبر مسارات شاملة تبدأ بالتأهيل والتدريب والاعداد لكافة الكوادر المتخصصة في المجال المسرحي بالبصرة من مؤلفين وممثلين ومخرجين وفننين ونقاد وباحثين وجمهور ايضا كي ينسجوا بالروح الجماعية ويكتبوا معا مسرحهم المعبر عن روح العصر فكرياً وجمالياً .
وعلى وفق ما تقدم يهدف المشروع الى الاهتمام بالتراث المسرحي في مدينة البصرة عبر توثيق المسارات التاريخية للمسرح في المدينة بالاضافة الى بناء قاعدة معرفية ثقافية تطل من خلالها الجامعة لتأكيد حضورها الثقافي المسرحي .
ومن جانبة ذكر مدير المركز الثقافي الدكتور (عبد الكريم عبود) ورئيس الهيئة الاستشارية ان انطلاق البذرة الاولى لوحدة التوثيق المسرحي تكمن أهميته بوصفه توثيق لأعمال وأنشطة مجموعة من شباب المسرح في البصرة وبالتعاون مع كافة المؤسسات و المنظمات و الفرق المسرحية من اجل توثيق منجزها المسرحي فضلاً عن عمل قاعدة بيانات رصينة ومحاولة حفظها من الضياع وجعلها مرجعاً للطلبة والدارسين والباحثين، من خلال التعرف على عروض المسرح في البصرة والعمل على توثيقه، بوصفه رافداً من روافد المسرح العراقي، وللوقوف على تجاربهم في مجالات الفن المسرحي وجعلها نبراساً تهتدي به الاجيال القادمة.
وفي الختام نشد على أيديكم في المساهمة بهذه الخطوة الجبارة التي تعزز دور المسرح في مدينة البصرة والتي من شأنها إن تنمي الحركة المسرحية فيها.
زينب لعيوس الأسدي