المعادل المسموع في الموسيقى مسرحية:”كاروك” ج:2 من (الحلقة السادسة)/ الدكتور قيس عودة قاسم الكناني

الوسيط المادي:  للمشهد الدرامي المتمثل السينوغرافيا والإكسسوارات ومتعلقات المشهد البصرية:
رسم المخرج وسيطا ماديا بصرياً للمكان متمثلاً بلوحة تجمع المعلم البائس والسبورة التي يمتهن، وهي صورة افتراضية من الحياة الواقعية التي يمارسها المعلم، حيث تم تصوير المكان من خلال تشكيل محتوى المكان(السبورة وعلب السجائر المتناثرة أمام السبورة) وكذلك مكان جلوس المعلم، ويكون المكان ناتج من انساق تسهم في تنظيم وترتيب هذه المدركات البصرية كالسبورة وعلب السجائر وهي جزء من الكتل السينوغرافية التي انسجمت الى حد بعيد مع المدركات السمعية التي تتمثل بالموسيقى المصاحبة وبالتالي أسهمت في تصوير المكان الافتراضي كمكان الحزن والألم الذي عانى منه المعلم .
الصورة المستعارة:  التي متخيلها في المشهد الدرامي  :
وهي صورة خيالية تدرك بالذهن والتخيل والتأمل بحياة المعلم في ذلك الزمن البائس حيث العوز الذي انهك المعلم ورثاثة حاله وعلب السجائر التي يحملها ليبيعها بعد انتهاء عمله كل هذه الأمور تنتج صورة للألم والحزن وهي صورة مستعارة من الآلام الحياة ، وقد ساهمت الموسيقى التصويرية في رسم معالم الصورة المستعارة في المشهد الدرامي من خلال تناسق العناصر التي ساهمت في تبلور الصورة المستعارة الافتراضية.
الإشارات والرموز: البصرية والسمعية والحسية التي من خلال نتحسس المكان الافتراضي في المشهد الدرامي:
في هذا المشهد يشتغل المخرج على ثنائية الإشارة والرمز وقد جمعها في عدة عناصر مرئية وحسية فالسبورة هي رمز التعليم والثقافة، بينما بيع السجائر من قبل معلم هي إشارة الى التدهور العلمي والثقافي للمجتمع في ذلك الوقت، بينما الموسيقى فقد جاءت بشكل رمزي يحيل مداركنا السمعية وتخيلاتنا الافتراضية الى تصوير مكان الألم والحزن الذي كان يعيشه ذلك المعلم من خلال رمزيات اللحن وطبيعة الإيقاع المرافق للمشهد .
السياق النصي(الحوار) : الذي يفسر المكان او البيئة التي تدور فيها الأحداث الدرامية:
ان السياق النصي في المشهد الدرامي كشف الكثير من الألم الذي يعيشه المعلم اذ وصف مؤلف (النص) ان هذه الشخصية التي تعد من اهم شخصيات المجتمع قد تعرضت للقهر والاهانة بسبب سياسة وغطرسة الحكومة وتهميش الدور الفاعل وعدم احترام واحتضان هذه الشريحة، حيث جاء بالنص وعلى لسان المعلم :
يا لضريبة هذا العمر ندفعها قسراً …
تعبت قدماي من لف الطرقات …
صرت أبيع الدخان على كل الناس..
خامساً : طبيعة العرض: الذي يحدد طبيعة وأسلوب المكان الدرامي من خلال منهج الإخراج او أسلوب المخرج  .
يتميز أسلوب العرض بين الواقعية والرمزية مما أنتج دلالات وإشارات متغايرة بين الواقع والافتراض، من خلال الهدم والبناء المشهدي ليحقق بذلك بناء وتصوير المكان الافتراضية كمكان(الصف ) وهو مكان افتراضي لا واقعي ولا بصري حيث تم تصويره من خلال الإشارات الرمزية للسبورة واستخدام المعلم لشرح الحياة وكتاباته بالطباشير على السبورة كلمة (الفاعل) اذ كان يقصد بها الفاعل (القائم) بدمار الحياة ودمار المجتمع، اذا ان المكان كان إشارة افتراضية للمكان الدرامي، لان المكان الافتراضي يأتي من خلال أسلوب وطريقة ومنهج ورؤية المخرج ومن خلال دلالات تلك الرؤية والأسلوب، (حوار يقول فيه انتبه درسنا اليوم هو الفاعل، وكذلك وجود السبورة التي يكتب عليها اسم الفاعل) فهو يعيش في فضاء افتراضي استطاع ان يسترجع ذكرياته الماضية فيه لانها تعبر عن الم ومرارة وقسوة وبالتالي استطاع المخرج ان اينقل هذا الافتراض الى صورة محسوسة ومعبرة من خلال التناسق ما بين المشهد كصورة بصرية وبين الصورة السمعية التي تتمثل بالموسيقى التصويرية للمشهد.
المستوى الثاني : الموسيقى التصويرية
المقام والأجناس للموسيقى التصويرية :
المقام : صبا : وهو درجة من درجات السلم الموسيقي الشرقي(صول بيمول) اي الدرجة المنخفضة لدرجة الصول الطبيعية، وهو أيضاً سلم من سلالم الموسيقى الشرقية، والصبا يتفرع منه ويشتق مقامات موسيقية أخرى منها ( الحديدي، المنصوري) وهو من المقامات الشرقية الشجية والحزينة جدا، وعندما تسمع الآلات الموسيقية تعزف هذا المقام أول ما يصور او يخيل إليك أن الآلات وكأنها تبكي، فهذا المقام حزين جدا ولا ينافسه اي مقام أخر في درجة الحزن، وكذلك يعد هذا مقام (الصبا)من المقامات الشرقية المميزة وذلك يعود الى تركيبته الخاصة الذي تميزه عن باقي المقامات الشرقية من حيث التركيب والبناء، فكل المقامات تبدأ بدرجة وتنتهي بجواب الدرجة نفسها، باستثنائه اذ انه يبدأ وينتهي بدرجة أخرى.
أما من حيث شخصية المقام وكيفية الإحساس به فان شخصية مقام الصبا تقوم على إظهار نغمة الصبا(صول بيمول) على درجة الدوكاه اي درجة (ري)، اما من ناحية تحليل المقام وأجناسه فانه من المقامات التي تتداخل فيه الاجناس بمعنى ان الجنس الأول لا يأخذ مساحاته وأبعاده في معزل عن الجنس الأخر فهو متداخل الاجناس الموسيقية.
الموسيقى التصويرية:
الإيقاع المرافق للموسيقى التصويرية في المشهد الدرامي: (أيوبي )  وهو من فصيلة الإيقاعات الشرقية  بسيطة الأوزان.
الضرب الإيقاعي :
وهي سرعة معتدلة جدا ومتناسقة مع الضرب الإيقاعي للأيوبي وقد تناسقت مع طبيعة تصوير المكان من خلال قوة الضربة الأولى والثانية في البناء الإيقاعي وهذا ما يميز هذا النوع من الإيقاع.
ثالثاً/ الشكل او القالب الموسيقي الذي يرافق المشهد الدرامي :
في هذه الموسيقى التصويرية التي رافقت المشهد الدرامي التي هي من الأشكال الموسيقية الشرقية ذات الشجن والحزن وهي موسيقى تصويرية تعبر عن الم وحزن وشجن وهي ساهمت بشكل كبير في تصوير المكان الدرامي.
الطابع الصوتي :
ان الطابع الصوتي هو الطبيعة الصوتية التي يتميز بها طابع كل آلة موسيقية او صوت بشري ويسمى باللون الصوتي ويتحدد هذا اللون الصوتي وفقاً للبناء المادي للآلة الموسيقية ومقاييس هذا البناء والتكوين حسب نوع وطبيعة الآلة الموسيقية فمثلا البيانو تختلف من حيث لونها الصوتي عن الترامبيت، وبالتالي فان طبيعة الصوت الموسيقي في هذه الموسيقى التصويرية جاءت بصوت الكمان(كمنجة) وهي من الآلات التي أخذت مكانتها بين الآلات الشرقية  والغربية الا ان الشرقيين قد وظفوها بشكل مرافق للغناء والمشاهد الدرامية التصويرية بسبب ما تمتلكه هذه الآلة من شجن وطرب وإحساس وهي قادرة على ان تصور المواقف الدرامية تصويراً حسيا وبالتالي جاءت متناسقة ومنتظمة في أداء الجملة الموسيقية التي صورت مكان الحدث الدرامي وأعطت بعدا درامياً ساهم بشكل كبير في تصوير مكان ذكريات الألم والحزن والعواطف، لا سيما عند مرافقة الإيقاع الذي زاد من انتظام العزف والأداء، لان المكان الافتراضي هو صورة متخيلة تدرك بالإحساس والتخيل والتأمل عن طريق الفهم والدراية بقيمة الموسيقى ومدى تناسقها مع المشهد الدرامي.
 
 
 
 
 
 
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت