نص مسرحي: " القدس في القلب" / تأليف: محمد عبد الخضر الحسيناوي

الشخصيات:
ـ رجل /1
ـ رجل /2
ـ المجموعة
المكان: كل بقاع الأرض.
الزمان: الحاضر والمستقبل ما دامت الأرض مغتصبة
المجموعة: محاصر.. محاصر.. محاصر.
الرجـــــــل /1: من أنا.. لا.. (بخوف شديد )
المجموعة: محاصر في كل البلدان. محاصر أنت في كل زمان.. لم َ الرحيل؟
رجل / 1: (في تلكأ واضح ) الرحيل.. الرحيل من أجل
المجموعة: (مقاطعة) وإلى من تترك الأرض؟
رجل /1: هي هناك.. هي
المجموعة: عد أيها الهارب.
رجل /1: لا.. لن أعود لقد رأيت البراكين.
المجموعة: لن تجد في الرحيل غير العذاب.
رحل /1: ربما يكون أهون من هذا الذي كنت به..(يبكي) مللت. أنا أنسأن حي.. أتحرك (يتحرك بهستيريا) أحس (يقرص نفسه بقوة ) بلا أحس (ينهض بعد ركوعه على الأرض) لماذا أنا وحدي أتحمل أعباء القضية؟
المجموعة: عدنا من جديد.. أنت.. ونحن.. والقضية.
رجل / 1: لا أنا وحدي.. أنا من عانى كل هذه السنين.. أنتم لا.. أنتم أصوات تنادي عبر السنين. أنتم تنظرون ولا تعيشون الحدث.. دعوني لا أريد العودة. دعوني احلم مثل الباقين. مجرد حلم.. أو ربما لا احلم بها إلا في التجمعات أو عندما يدعوني اللحن إليها.. ابحثوا عن غيري فأنا متعب.. كل هذه السنين وأنا احمل كفني فوق رأسي ولا اعرف أي ساعة ألقي حتفي.
المجموعة: الحياة والممات بأمر الله.
رجل1: اعرف.. اعرف. فأنا رجل مؤمن.. ولي في الدنيا حق هل تحسون ما أعاني به كل هذه السنين..  هل باستطاعتكم أن تتخيلوا ولادتي بين الحراب وتحت أصوات البنادق وأول ما اسمع في هذه الدنيا صوت البكاء
المجموعة: قدر الأرض التي أنت بها
رجل1: وهم.. هم مثلي.. يجملون ما احمل ولهم الحقوق نفسها.. ولكنهم ينعمون بإرجاء الأرض..لا يعرفون الخوف إلا على ضياع أموالهم هم مثلي يحملون الاسم الذي احمله.. والقضية التي مزقت راسي.
المجموعة: القضية.. الابتعاد عن القضية. الندم. الندم. الندم
رجل /1: دعوني أجرب الندم.. دعوني ولو مرة.. كرهت نفسي فدعوني.. ابتعدوا عني.. لا أريد من يذكرني بصوت القنابل.. والمدافع والأيادي المقطوعة وهي ماسكة الحجارة.. دعوني ارحل بذكرياتي وجسدي إلى مكان لااسمع فيه ولا أرى.
المجموعة: ومن في الديار يبقى
رجل /1: (مقاطعا.. وبشدة وبصوت عالٍ )ومن في الديار يبقى.. ومن في الديار يبقى..  أنظر أليهم.. أنها التجارة المربحة.
المجموعة: عد إلى ديارك.
رجل /1: لا لا لا لن أعود.. أتركوني وشأني.. لن أعود.. لن أعود
(يخرج من بين المجموعة” رجل /2  (بعدة فترة صمت))
رجل /2: أهلا بك يا أبن العم.. كيف حال الأهل هناك.. كيف حالك أنت (يتعانقان)
رجل /1: إنهم هناك بين النار والنار.. قررت ألا أعود هناك.
رجل /2: (باستغراب) ماذا.. ماذا قلت يا أبن العم.. كيف.. ولماذا.
رجل /1  : لأني مثلك أحب الحياة.
رجل /2  : ومن قال إن الحياة هناك لا تطاق..
رجل/1 : أنا وكل من معي
رجل /2: لكنكم رمز البطولة.
رجل / 1: البطولة التي تشاركوني بها جميعكمً.
رجل / 2: أنها الغيرة
رجل /1: أنها الحياة التي لا أعيشها مرتين.
رجل /2: (يحاول تهدئة الأمور)لا عليك لا عليك.. خذ قسطا من الراحة وهدأ نفسك..اجلس قليلا ً وستهدأ (ينسحب إلى المجموعة)
المجموعة: (تكرر الصدى الأخير ) أجلس قليلاً وتهدأ..
رجل /1: أهدأ أيها الهمس المؤذي.. سأجلس وأهدأ.. لابد أن اهدأ لابد أن اهدأ (وهو في حيرة من أمرة وكأنه غير مستقر ولا يبدوعليه الهدوء) لابد أن اهدأ وأنسى وسأنسى..
المجموعة: سنين العمر لا تنسى.. كل سنين عمرك القضية.
رجل / 1: سأترك الحمل للذين ما زالوا هناك.. وأبقى هنا أحلم بالعودة مثلكم مثل كل الذين يحلمون وأهشم هذا الرأس (يمسك رأسه بقوة) إن لم يطاوعني.. أمزق كل أوراقي القديمة.. وأسجل بذاكرتي ما هم عليه هنا.
(يدخل رجل /2 من بين المجموعة )
رجل /2: كيف حالك اليوم يا ابن العم.. أني أراك في وضع أفضل مما كنت عليه بالأمس.
رجل /1: بلا يا ابن العم (وكأنه في دوامة ) ولكن رأسي يكاد ينفجر
رجل / 2: (واقفا وهو ماسك رأس رجل /1) هل تحس بألم في رأسك.. هيا معي إلى عيادة الطبيب.
رجل /1: لا دواء لما أنا فيه.
رجل /2: (مستغربا ) ماذا …! كيف.
رجل /1: (شارد الذهن) لا أدري. الهواجس التي تؤلمني لا دواء لها.
رجل /2: (وكأنه فهم ما يعنيه ) آه.. لابد أنك اشتقت للذين تركتهم هناك.
رجل / 1: (بانفعال شديد) لا.. لا. لا عودة لي هناك.. أنا هنا.. أنسى ما قلته لك (يحاول تهدأ نفسه) أنا أريد أن اعمل..(يحاول التأكيد) اجل اعمل. هل تستطيع أن تجد لي عملا ً.. فأنت تاجر هنا وتستطيع أن تجد عملاً لي. لا يهم أن كان متعبا ً أو مهلكاً أو حتى يدمي أصابعي وقدمي. لا تنظر إليه هكذا إن لم تجد لي عملا سأبحث عنه بنفسي..سأفتش هذه الأرض الآمنة (وهو في صراع مع نفسه) لا بد لي من العمل.. أجل لابد.. فأنا.. سأبقى هنا طويلاً.
رجل /2  : (يلاحظ ارتباك صاحبه) ما بك يا ابن العم؟
رجل / 1: لا شيء.. أنا. أنا.. أحاول أن ابحث عن عمل.. وهنا أنا أستشيرك في الأمر ما رأيك.
رجل/ 2: رأيي بماذا.
رجل /1: بالذي قلته لك (يحاول السيطرة على أعصابه) يبدو أنك لا تريد المساعدة حسنا ً. سأبحث عنه بنفسي.
رجل / 2: تبحث عن ماذا.
رجل / 1: العمل
رجل / 2: أهدأ أرجوك.. أراك مشوش الفكر.. أنا أعرفك زيتونة لا تحيا إلا هناك على أرض فلسطين.. أنت الآن تائها.. لا تعرف كيف تعود.
رجل / 1: لا.. لا أريد.
رجل /2: أرجوك لا تغالط نفسك.. أنت لا تستطيع العيش إلا في ارض المعراج قبة الصخر.
رجل / 1: ولماذا أنا وحدي.. لماذا..أو لست مثلي. أو لست ابن عمي. هل تحس بما يجري هناك. هل عشت ولو لحظات..هل رأيت يد طفل تحمل حجارة وهي مقطوعة. هل حملت شهيدا ً مزق الرصاص جسده.. أنك فقط تحلم بالعودة.
رجل /2: نحلم ونتمناها.
رجل / 1: (غاضب) أسكت لا تقلها.. هل تأتيك العودة على طبق من فضة. هل ستتحرر وتدعوكم لها. من يحررها.. اجب. اللعنة على الأحلام المزعجة.. اللعنة على الذين يساعدون كيانهم القذر ويؤمَّنون بقائهم.. اللعنة على الأقلام  التي ترسم كيانهم.. والعقول التي دبرت.
رجل / 2: ما بك يا ابن العم.. هم كيان زائل لا محال..أو لم تقرأ.. لقد قالها المنجمون.. فزوال كيانهم في عام 2021 م
رجل / 1: (فاقد الأعصاب وغاضب) كفى. اللعنة على المنجمين الموساد. هم من كتبوا هذه الكتب. اللعنة على مروجيها وبائعيها..(يحاول السيطرة على نفسه ) ستزول في هذا التاريخ الذي قلته.. حقا ً. إذن لا بد لنا من حقن الدماء وعدم أراقتها.           فلا جدوى مما نفعله الآن. لابد لنا من الذهاب إلى الأماكن التي يكثر فيها العاهرات والخمر حتى نستعد لذلك التأريخ وعندما يأتي نرتدي أرقى الملابس التي لا بد من ارتدائها في مثل تلك المناسبات. فالذي لا نستطيع نسيانه يا ابن العم أن الاحتلال سيكون 74 عام في ذلك التاريخ. ولا بد لنا من دخولها بأناقة كاملة. هل أنت مستعد لهذا الفتح..أستعد فلم يبقى سوى عشرين عاما ً.. يا له من احتفال. أقترح عليك، دعنا نحتفل ألان جزاء ً من الاحتفال الكبير بتحرير القدس.. القدس.. القدس..(يبكي .. ويعاود السيطرة مرة أخرى)
رجل /1: كم ساعة سيكون احتفالنا (يصمت قليلاً وكأنه يفكر بإيجاد تاريخ) لا. لا.. سأقولها أنا.. ما رأيك.. بعدد شهداء انتفاضة الأقصى كل شهيد له ساعة احتفال.. و الأجمل بعدد شهداء الأرض المحتلة منذ الاحتلال.. كل شهيد كما قلنا له ساعة احتفال.. أولا تعتقد بأننا سنصل إلى التاريخ الذي تقوله.
رجل /2: كفى.. كفى يا ابن العم.. ما بك.
رجل /1: (في حالة هستيرية) ما بي.. أ آكل واشرب الماء.. وأصرخ بأعلى صوتي..ليس احتجاجاً على الصهاينة فكل البلدان العربية تخشى ذلك بل أصرخ أي شيء.. أي شيء تصور.. أي شيء.. ولا أحاسب عليه اسمع (يبتعد وكأنه ينظر إلى شيء ما)               أنا حرّ. كلكم عبيد (وكأنه يشير إلى امرأة) أنت أيتها العاهرة إلى أي طريق تسلكين..اجل أنت (يشير إلى صاحبه) انظر أنها تشير باتجاهي ماذا.. لا افهم ما تعنين.. انظر (إلى صاحبه) أنا افهم إنها تريدني أن الحق بها ولكني أوهمها باني لا افهم منها (إلى الخارج) ماذا.. ماذا تعني هذه الحركة أيتها العاهرة (إلى صاحبه) أوه انظر يال الحركة (إلى صاحبه) انظر كل هذا وأنا اصرخ هل سمعت إطلاقات نارية أو صوت مدافع رشاش لا يوجد إذا أناحر أعيش كما تعيش البشر. سأجلس معك وأنتظر إن الله يحب الصابرين.. ما أسهل الصبر هنا وما أصعب التصبر هناك.
رجل 2 /: ما بك.. تحسدنا عما نحن به.. هل تحس بمن استأجر داراً ولا يعرف متى يطرد منها.. نحن ننمي الأموال كي نحس بالأمان في كل زمان وفي أي مكان. المال هو الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الهدف.
رجل 1/  : الهدف أي هدف. لماذا نلعن “شايلوك ” ونحتقر عبدت المال منهم ولا نحتقر من تبع خطاهم (يحاول أن يهدأ بعد أن رأى صاحبه يتقهقر) أنتم هنا الصورة لأطفال الحجارة. هل أنتم فعلا الصورة. أم أنتم صورة شايلوك. أولا تعرف بأن أي فعل منكم هو انعكاس علينا..لماذا تجمعون المال حتى يتكاثر. لماذا يتكاثر ولمن. من أجل أن تعيشوا بنعيمه لو تبرعتم بجزء من مالكم ويالكثر مالكم. لما تعثرت خطأنا.
رجل 2 /: (محاولا أن يستعيد أنفاسه ) نحن.. نحن
رجل /1: (مقاطعا ً) أنتم ماذا.. ونحن ماذا. أنتم هاربون من أنفسكم. أولا تعرفون إن اسم الفلسطيني يعني القوة – الصمود التحدي.  لم الخوف.!
رجل 2/: ها قد عدت من جديد
رجل1/: عدت من جدد إلى ماذا.. أريد أن اترك ولكن (يبكي.. يلتقط أنفاسه) ثكلتن أمي ورمتني تحت إقدام الكلاب إن تخليت عن اسمي ووطني وضفتي فأنا ((درويش)) قدوتي وفلسطين هويتي والشهادة غايتي.. وهذه الأسابيع التي تركت فيها موطني ظلماً فقدت من عمري (يحاول الخروج)
رجل 2/: (ماسكا ً به) إلى أين؟
رجل 1 /: إلى الأرض التي ولدت فيها.. إلى الحجارة التي اشتاقت يدي إليها إلى صوت المدافع والرشاش فهي أجمل عندي من موسيقى بتهوفن سأعود من حيث أتيت.
ولا أريد إن أحيا بعرين اسود تحميني                  أو قبله عشق بعد الــــــموت تحيني
الوغى تعرف كم خضت المنايا وكـــم               حملت أكفاني فــــــــــــــــوق جبيني
فمالي من الدنيا ألا ما حلمت بــــــــــه               أمه واحدة يحكمـــــها الإسلام ديني
والقدس تبقى عــــــــــــــروس عروبتنا               ومنار من عرج نحو السماء يهديني
القدس ســــــــــــــلاح وحجارة وشهادة               وما أخذ بالقوة لا يعـــــــــــاد باللين ِ
المجموعة: ما اخذ بالقوة لا يعاد باللين
(تتكرر الكلمات)
رجل 2: إلى أين.
رجل1: إلى فلسطين القلب. القدس التي مالها بدليل في هذهِ الأرض. فكر أنت فيما دار بيننا.. ودعني أرحل ْ..
 

ستـــــــــار النهايـــــــــة

 
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت