نص مسرحي:" الدفين"/ تأليف: د ميسون حنا
شخصيات المسرحية
خليل: مكتشف الموقع
عمر: صديقه
سليم: صاحب جهاز الكشف عن المعادن
نادر: شريكه
ناجي
رندة: خطيبة ناجي
ضابط
أربعة أفراد من الشرطة
اللوحة الأولى
(منتصف الليل، القمر بدر، في الخلاء، قريبا من طريق عام يؤدي إلى إحدى البلدات. في المكان صخرة مستديرة، أشجار متفرقة. يقف كل من عمر وخليل وهما في أواسط العمر، يقفان قرب الصخرة، ينظران إليها)
عمر: هنا؟
خليل: ما رأيك؟
عمر: مكان مميز، ولكن…
خليل: خلف هذه الصخرة مثلا…
عمر: أي خلف تعني؟
خليل: ما بك؟!
عمر: لو نظرنا من هذه الناحية، كان هذا هو خلفها، ولو نظرنا من الناحية الأخرى كان ذاك هو الخلف.
خليل : لا تعقد الأمور، سرعان ما سيأتيان ومعهما جهاز الكشف عن المعادن، وحينذا سنتين الموقع بكل بساطة دون الدخول في متاهاتك.
عمر: تأخرا .
(تسمع ضوضاء، يصيخان السمع، لحظات. هدوء تام)
خليل: تهيؤات الظلام ليس إلا.
عمر: لو صدق حدسك سيتغير كل شيء (حالما) سأبني بيتا … سأتخلص من تراكمات ديون أجرة منزلي.
خليل: صدقت.
عمر: أنت لا تعاني ما أعانيه.
خليل: لست صاحب ثروة طائلة على كل حال.
عمر: لكنك تملك منزلا يؤويك، ومع ذلك تطمح في الثروة.
خليل: ومن لا يطمح في الإستزادة من نعم الله.
عمر: ومع هذا هناك فرق بيننا… أنت لا تتخيل ما أقاسيه أنا وأمثالي من الحثالة يا خليل… نعم نحن الحثالة، نحن من نركض خلف كسرة خبز ونلهث خلفها…نلهث، وهي عصية…ونحن نلهث دون توقف (يلهث..لحظات) ولكنها النفس يا خليل تطلب المزيد… وعندما ندرك أن المزيد بعيد المنال نستكين… وأحيانا نتمرد، ولكننا لا نملك غير حناجر صارخة، محتجة… بُحت أصواتنا يا خليل.
خليل: يا صديقي، قارن نفسك بمن هم دونك وستجد أنك بخير.
عمر: هو ذا … أنت تقارن نفسك بي يا خليل وتختال تيها، أنت ترتفع بالمقارنة مع من هم دونك (مشيرا إلى صدره) نحن يا خليل، نحن من يذلهم العوز ويكسر ظهرهم… نحن من تنهش قلوبهم الفاقة والجوع… الجوع يا خليل، هل خبرت عذاب الجوع؟ … عندما أجوع أشعر بالهزيمة، لا الأنفة ولا الكرامة، ولا العزة تنفع سلاحا أمامه، وهذا سلاحي الوحيد … فأقف مطأطئا رأسي أمامه … أمام الجوع… الجوع… أنا أكره نفسي أحيانا.
خليل: لا أحد يكره ذاته، لو كنت تكرهها حقيقة ما رافقتني إلى هنا (مشيرا إلى الصخرة)
عمر: نعم لقد أتيت، أتيت كالغريق الذي يتمسك بقشة تنشله، وهو يدري أنها مجرد قشة، ولكنه الأمل يا خليل… (لحظة ثم بتحد) أنا أطلب الاستزادة مثلك تماما.
خليل: قد تصل إليه…
عمر: ما هو؟
خليل: المال يا عمر، المال الذي تطلبه، قد تنال نصيبا منه.
عمر: شكرا يا خليل… نعم دعني أحلم، دعني أبني قصرا من الأوهام، بل سأفعل هذا حقيقة بعد نبش الدفين (حالما) سأبني قصرا عاليا، وسأجعل له حديقة غناء، سأجلس في وسطها مع رفاقي المساكين، سأرثي فقرهم، سينظرون إلي بملء أعينهم تماما كما أنظر أنا إليك الآن، سينظرون إلي… لن أخذلهم، سأغدق عليهم (منفعلا) وأنت… أنت سأعطيك نصيب الأسد.
خليل: (يضحك) أنت تعطيني يا عمر.
عمر: (متنبها) لقد شطحت (مستدركا) ولكني شريكك في … لفد قصدت … أنت لن تتخلى عني يا خليل بعد نبش الدفين، أليس كذلك؟ فأنت قدتني إلى هنا (لحظة. متنبها) لم فعلت ذلك؟ لم اصطفيتني من دون الناس لأقاسمك مالك؟
خليل: لقد اعتدنا أن نترافق أحيانا، ثم أني لا أستطيع الوصول إلى الدفين وحدي، وأنت من سيساعدني في الحفر، كان لا بد من أن أستعين بك .
عمر: (لائما، نادما) لم فعلت ذلك؟ كنت قانعا… (متوترا، مترددا) لا… لا… لم أكن يوما قانعا بوضعي، ولكنك الآن تضعني أمام شلال من الأوهام.
خليل: لا تسترسل بأوهامك كثيرا، قد لا …
عمر: (مقاطعا) صه…لا تكمل، لقد أتينا إلى هنا آملين (ينظر إلى الصخرة) الصخرة تغريني لأحفر خلفها هنا (يدور حول الصخرة) أو هنا (مشيرا إلى عدة أماكن حول الصخرة) أو هنا…أو هنا…نعم…هنا بالذات يرقد الدفين، وعندما نستخرجه… سنصنع الكثير، الكثير… ( ينظر إلى خليل نظرة خاصة) سنتقاسمه يا خليل أليس كذلك؟
خليل: نعم، أعاهدك.
عمر: هات يدك (يتصافحان.. يشد على يد خليل) أنت القشة يا خليل التي أتمسك بها أنا الغريق في بحر التشرد والضياع، لا، لا… بل أنت العمود الذي سيشدني إليه وينشلني من غرقي لأغرق في بحر الثراء، لن تخذلني يا خليل ، أليس كذلك؟
خليل: كان بإمكاني ألا أطلعك على الموقع.
عمر: شكرا لك، أنت صديق صدوق، أنت الخل الوفي الذي أنكرت وجوده الأساطير، نعم سننهل من الغنى، سنصعد إلى العلى معا، سنحلق بعيدا عن الوحل الذي نغرق فيه… بين يوم وليلة ستنقلب الأمور ونودع الشقاء إلى الأبد… (يدور حول نفسه) أشعر أني أطير من الفرح… أطير.
خليل: على رسلك، قد لا يكون هنا دفين على الإطلاق…
عمر: (يصرخ) كذب، هنا يرقد الدفين (معذّبا) أنت تلهو بي (لحظة…مستدركا، مضطربا، ضعيفا) لا تقتل حلمي يا خليل، أنت تغتاله…أنت تطبق على عنقه بمخالب وحش ضار، دعني أسبح في فضاءات التهيؤات والأوهام، قبل قليل أهديتني الأمل، فلا تسترد هديتك بقسوة هكذا، الحلم هو الخيط الرفيع الذي يجعلنا نتمسك بالحياة، نعم يا صديقي فعندما تقسو علينا الحياة نشتهي الموت، ولكنه الحلم… الأحلام يا صديقي تومض في قلوبنا فنثني الموت ونتغلب عليه… بالحلم نفعل ذلك كي نعيش… نعيش وحسب (آملا) وقد يتحقق حلمي هذه المرة ويتحول إلى واقع جميل لينتصر على واقعيتك أنت … سأزين الواقع بثروتي المتوارية في الآعماق (مرتبكا) : ثروتي يا خليل، ثروتي (مستدركا) ثروتنا ( يشير إلى بقعة معينة قرب الصخرة) هنا يا خليل، هنا يضطجع الدفين بأمان، إنه صندوق مليء ذهبا خالصا، سننعف الذهب في الهواء، بل سنضمه إلى صدرينا ونقتسمه أنا وأنت… أنا وأنت .
خليل: نعم سنفعل ذلك .
(تسمع جلبة)
خليل: هناك من يقترب منا.
( يتلفتان حولهما. صمت تام)
خليل: لعله حيوان ضال.
عمر: (بذعر) أسد ؟
خليل: لا تخف، هنا لا يوجد أسود.
عمر: أو ذئب .
خليل: نحن لسنا بعيدين عن الطريق العام، ما بك؟
عمر: الظلام يا صديقي مدعاة للتهيؤات.
خليل: لتعد إلى تهيؤاتك حول الدفين، أفضل.
عمر: صدقت … لكنهما تأخرا.
(خليل يجلس على الصخرة)
خليل: اجلس؟، الليل طويل.
(عمر يجلس كذلك)
عمر: هل وصفت لهما المكان بدقة؟
خليل: نعم فعلت.
عمر: تأخرا.
خليل: نحن بكرنا على ما يبدو.
عمر: الفجر قاب قوسين منا.
خليل: اطمئن، لا يزال هناك متسع من الظلام.
عمر: لا تقل هذا يا خليل، سنبدد الظلام، سنصعد إلى السطح، النور سيغمرنا بنعمه لنودع الظلام إلى الأبد… إلى الأبد.
خليل: لقد قصدت …
عمر: لا عليك، أنا أفهم ما تعني، لكننا اقتربنا من الفجر، الفجر الحقيقي لا المجازي يا خليل.(لحظة ثم بلهجة جديدة) عما قليل سيطلع النهار، وفي النهار كما تعلم لن نتمكن من الكشف أو الحفر (متنبها) لم أحضر معي فأسا ولا عدة…
خليل: لا تستبق الأمور، لكل حادث حديث.
(تسمع صوت خطوات، ينصتان بانتباه ، يدخل كل من سليم ونادر ومعهما جهاز الكشف عن المعادن)
عمر: (يلمحهما ويشير إليهما بانفعال) ها هما، حضرا أخيرا.
( يهرولان نحوهما ويشدانهما ليقتربوا جميعهم من الصخرة)
عمر: (منفعلا) هنا يرقد الدفين… استخرجاه… (أشد انفعالا) أعني.. تيقنا من وجوده، تأخرتما.
سليم: مهلا، مهلا… حتى أننا لم نتبادل السلام.
عمر: ليس هذا وقته، استكشفا الموقع.
خليل: (متوترا بعض الشيء) هذا هو الموقع (مشيرا إلى الصخرة) كما وصفته لكما، أنظرا.
نادر: (مبتسما) الموقع مغر على كل حال.
عمر: هيا تحركا، بلورا لنا الموضوع.
(سليم يتبادل النظرات مع نادر ثم يمسك الجهاز ويدور حول الصخرة، ويبحث، يمر وقت، الجميع ينظرون إليه باهتمام وقلق، فجأة نسمع صوت رنين الجهاز في بقعة معينة. جميعهم ينصتون بانتباه شديد. لحظات توتر. عمر فاغرا فاه من المفاجأة)
خليل: (يضحك متوترا) ألم أقل لكما أن الموقع ذو دلالة (لسليم) هل حددت الهدف؟
سليم: (مشيرا إلى بقعة معينة) هنا الهدف، يجب أن نبحث هنا.
نادر: ستتحقق أحلام الجميع، هيا نحفر، أين عدتكما؟
عمر🙁 بحماس) أذهب وأحضر عدتي وأعود (يهم بمغادرة الموقع، يمسك به خليل )
خليل: تريث، نحن في الفجر الآن، وما أن تعود حتى ينبلج الصباح بنوره الذي يسلط العيون علينا .
عمر: بل أذهب وأعود بسرعة البرق.
(يهم بمغادرة المكان. خليل يسحبه بعنف)
خليل: قلت لك تريث، لا فرق بين اليوم وغدا.
سليم: ولم الإنتظار؟ عمر معه حق.
خليل: سيفتضح أمرنا، وسنخسر كل شيء بتهورنا. غدا عند منتصف الليل نعود ومعنا العدة، نحن الأربعة نعود ونعمل بهدوء وتأن ونستخرج الدفين.
عمر: (حالما) صندوق ذهب، نستخرجه ونتقاسمه.
خليل: غدا ستتضح الأمور.
عمر: هي واضحة. الجهاز أثبت ذلك.
سليم: سنتقاسم الدفين يا خليل.
(خليل ينظر إليه بصمت)
عمر: أنا شريكك يا خليل.
(خليل صامت)
نادر: ونحن، ألسنا شريكين أيضا؟
خليل: (بلهجة باردة) بالطلع بالطبع، كلنا شركاء.
سليم: نعود غدا عند الغروب إذن.
خليل: (منفعلا، يصرخ) بل عند منتصف الليل.
سليم: ولماذا ننتظر حتى منتصف الليل؟
خليل: (متمالكا بعض الشيء) عند الغروب قد يأتي هنا أحد بقصد التنزه، أما في منصف الليل حيث يهجع الجميع، يحلو العمل، ولا تنسوا أن الليل ستار المجرمين.
سليم: لسنا مجرمون يا خليل.
خليل: على كل حال ، لقد قصدت أن الليل يستر كل شيء.
نادر: لليل آذان وعيون أيضا…الغروب وقت مناسب.
خليل: (منفعلا) لا … قلت لا … (بهدوء مفتعل) منتصف الليل ( بتصميم) منتصف الليل أضمن.
عمر: (بحماس) ها نحن في منتصف الليل، فيم الانتظار إذن؟ أذهب وأعود بعدتي. (يهم بمغادرة الموقع، يشده خليل بعنف)
خليل: أنت أهوج ومجنون، قلت لك تريث.
عمر: هذا الفرق بيني وبينك، أنت لا تستعجل الأمور كونك لست معدما مثلي… أنا الصياد أتقلى، وعصفوري حر طليق، بل إنه يرقد هنا (مشيرا إلى الصخرة) ولكن القيّم عليه يضع يديه بمستنقع ماء بارد (ينظر إلى خليل) دعنا نحفر يا خليل وخير البر عاجله.
خليل: (بهدوء مفتعل) ألست القائل.. الفجر قاب قوسين منا، نحن الآن تخطينا الفجر، إنه الصباح يا عزيزي، أنظر (مشيرا إلى الأفق) ها… الفضاء يطل علينا… أنظروا جميعا.
سليم: قد تكون على حق، لا داعي للتهور، ننتظر حتى المساء.
خليل: (بعنف) بل حتى منتصف الليل… منتصف الليل.
نادر: لا أدري لم أنت مصمم على منتصف الليل.
خليل: وضّحت الأمر سابقا، منتصف الليل أضمن لنا.
عمر: (مستسلما) ليكن كما تريد، عند منتصف الليل إذن.
خليل: (بارتياح) نعم، عند منتصف الليل يكون لنا لقاء.
( يمد يده، تتشابك ايديهم ويتبادلون النظرات)
*****
اللوحة الثانية
(نفس المكان. قبل الغروب بقليل، يدخل كل من ناجي ورندة، وهما خطيبان في مقتبل العمر، يلمحان الصخرة. ناجي يقترب من الصخرة)
ناجي: (منحنيا ومشيرا إلى الصخرة) تفضلي يا آنستي، أهديك هذا العرش.
رندة: عرش؟!
ناجي: عرش الملكة بلقيس… اجلسي (يستقيم واقفا)
رندة: لكني لست بلقيس.
ناجي: أصبح عرشك الآن ما دمت ملكت قلبي.(ينظر إليها نظرة خاصة)
رندة: شكرا لك إذ منحتني هذا الشرف لأتغلغل داخل قلبك، متشبثة بمكاني فيه، فلا أتزحزح عنه أبدا.
ناجي: (مهرجا) أي نعم ستفعلين هذا، لكن…
رندة: (بقلق مفتعل) ماذا؟
ناجي: في القلب توجد أربع حجرات كما تعلمين.
رندة: ماذا تعني؟
ناجي: الحدق يفهم.
رندة: أي أنك ستخونني.
ناجي: ومن ذكر الخيانة الآن؟
رندة: وبماذا تفسر كلامك إذن؟
ناجي: بعيدا عن المزاح، أنا أكره الخيانة.
رندة: لا يمزح المرء إلا ليعبر عن شيء يعكس دخيلته.
ناجي: أو عكسها.
رندة: (مفكرة) لنفترض أني سبقتك إلى العالم الآخر…
ناجي: (مقاطعا وبمزاح) هل ستسافرين؟
رندة: كف عن المزاح وأجب.
ناجي: أجيب على ماذا؟ أنت لم تطرحي سؤالا.
رندة: هل ستتزوج بعدي؟
ناجي: (بمكر) طبعا (مستدركا بمكر أيضا) أقصد … لا، سأبقى وفيا لذكراك.
رندة: لهجتك تقول عكس ما ينطق به لسانك.
ناجي: ولو مت أنا قبلك ، هل ستتزوجين؟
رندة: لا أسمح لك بسرقة أفكاري، أنا التي طرحت هذا السؤال.
(يدخل سليم ونادر، أثناء ذلك ناجي ينظر إلى رندة قائلا)
ناجي: أنا أكره الخيانة.
نادر: (في نفس اللحظة يقول لسليم) أنا أكره الخيانة.
(يتفاجأ الجميع، ويتبادلون النظرات)
ناجي: (ممازحا) ها هو يؤيد كلامي، أقبل أيها الرجل الطيب، تعال إلى هنا.
رندة: هل تعرفه؟ (تلتفت إليهما) هل تعرفهما؟
ناجي: أبدا.
(سليم ونادر يقتربان منهما ويلقيان التحية)
نادر: سلام عليكما.
ناجي: وعليكما (لنادر) أنت قلت أنك تكره الخيانة، في نفس الوقت كنت أقول ذات العبارة لخطيبتي.
نادر: كيف تزامن ذلك؟!
سليم: كيف تصادف أن نطقتما نفس العبارة معا.
ناجي: (مبتسما) تدبير إلهي لتقتنع خطيبتي بنقاء سريرتي.
سليم: أنا أؤيدك (ينظر لرندة) هذا دليل دامغ يثبت أنه نقي كالثلج.
نادر: وأنا أكدت ذلك قولا… اصفحي عنه، وتمسكي به.
ناجي: شكرا لدعمكما (ينظر إلى رندة ويركع أمامها بشكل تمثيلي) وهذا عهدي على الوفاء.
رندة: انهض … غفرت لك إكراما لهما (ينهض ويضحك الجميع)
ناجي: ولكن كيف تصادف ونطقت عبارتي حرفيا؟
نادر: كنا نتحدث عن خيانة متوقعة لصديق لنا.
ناجي: الخيانة لم تحدث بعد؟
سليم: أتوقعها قريبا.
نادر: وأنا بعد أن شاهدتكما أستبعدها. (لسليم) صدق خليل بتوقعاته، الغروب وقت مناسب للتنزه.
سليم: هذه الصدفة لا تنفي خيانته المتوقعة.
ناجي: ولو أني لا أفهم تلميحاتكما إلا أني… (لحظة، متنبها) أنت قلت أنك تستبعد خيانته بعد مشاهدتنا، تقصد أنا وخطيبتي؟
نادر: (مرتبكا) نعم… ربما.
ناجي: فسر لي الأمر إذن.
سليم: (مستدركا) استبشرنا خيرا ببشاشتكما، هذا كل ما في الأمر.
نادر: (مستدركا كذلك) بالطبع، بالطبع، كما أن تزامن نطقنا لذات العبارة، تلميح رباني يثبت براءة الجميع.
ناجي: (بمكر) نعم، نعم… هذا صحيح.
( يتبادل نادر وسليم النظرات بقلق. ناجي ينظر إليهما بتمعن وصمت)
ناجي: (بمكر) الخيانة لم تعد متوقعة إذن؟
نادر: الخيانة مستبعدة.
( يدخل خليل وعمر. عمر يحمل بيده كيس، سليم يلمحهما ويشير إليهما)
سليم: (همسا لنادر) ها قد ثبتت الخيانة.
(خليل وعمر يتسمران مكانهما وينظران باهتمام. ناجي يتأمل الجميع باهتمام كذلك. خليل يدنو منهم بسرعة)
خليل: ماذا فعلتما؟
(يدور حول الصخرة وينظر إلى الهدف. عمر يقترب منهم كذلك. ناجي يراقب المشهد بصمت وتفكير)
سليم: كما ترى… لم نفعل شيئا.
رندة:(تقترب من ناجي) الآن في الغروب يحلو التنزه بين الأشجار.
ناجي: انتظري.
خليل: فيم قدومكما إذن؟
سليم: توقعناك فأتينا.
نادر: مع أنك كنت مصمما على منتصف الليل.
سليم: تصميمك أثار ريبتنا.
خليل: توقعت غدركما فجئت.
نادر: لا … أنت لم تتوقع غدرنا، لكنك أتيت غادرا.
عمر: (مستدركا) أنا لا أرى داعيا للمشاحنة، لقد أتينا للتنزه فقط.
خليل: نعم، نعم، هذا صحيح.
سليم: (مشيرا إلى الكيس) وهذا؟
(خليل يتنحنح)
عمر:هذا … (يضحك متوترا)
(خليل ينظر إليهم بتجهم. صمت متوتر)
ناجي: (لرندة همسا) تبلورت الأمور.
رندة: أي أمور… هيا بنا نلتمس مكانا هادئا، تحت الشجر مثلا.
ناجي: الزمي الصمت الآن.
خليل: اجلسوا أيها الأصدقاء… يحلو السمر الآن.
رندة: (لناجي) هيا نذهب.
ناجي: قلت لك تريثي (بمكر) هذا هو المكان المناسب الذي اخترناه لنتسامر.
رندة: مع هؤلاء؟
ناجي: (مصمما) نعم.
خليل: (كاتما غيظه، على حدة) احلوت…(ينظر إلى ناجي) لم نتعرف.
سليم: الصدفة قادتهما إلينا.
ناجي: (بمكر) بل الصدفة قادتكم جميعكم إلينا، نحن سبقنا الجميع واخترنا هذه الصخرة لنجلس عليها. (يجلس على الصخرة ويسحب رندة من يدها لتجلس قربه)
خليل: (بارتياح) ألم أقل لكما أن الغروب وقت مناسب للتنزه.
سليم: (بخبث) هذه الحقيقة لا تبرؤك.
خليل: ولا تبرؤكما.
ناجي: (بوقاحة) وما علاقة التنزه في الغروب وتجريم بعضكم لبعض؟ أعني … لماذا تكيلون الإتهامات فيما بينكم؟
خليل: (بارتباك) نحن نمزح ليس إلا.
عمر: (ببلاهة) كل ما في الأمر أننا اتفقنا أن نلتقي في منتصف الليل.
خليل: (يتنحنح) أنت تمزح (ينظر إلى عمر نظرة متجهمة)
عمر: (مرتبكا، يكمل) ولكننا أتينا الآن.
ناجي: (بوقاحة أيضا) ولماذا تتفقون على اللقاء في منصف الليل؟
نادر: للتنزه.
ناجي: (ساخرا) في منتصف الليل؟
نادر: نعم، وما المانع؟
سليم: حتى أن الجو يكون ألطف منه في الغروب حيث الحر و… (يصمت فجأة)
رندة: (لناجي) أنا أشعر بعدم الارتياح الآن.
ناجي: (بمكر) وأنا مرتاح كما لم أكن. (ينظر إلى الكيس ويشير إليه) أتيتم للتنزه؟
( عمر يضع الكيس على الأرض ويجلس قربه مرتبكا)
خليل: (يجلس على الأرض كذلك) اجلسوا يا أصدقاء … اجلسوا.
(يجلس كل من سليم ونادر على الأرض..صمت متوتر ..لحظات)
ناجي: (يغني) بقا يقول لي، وانا أقول له، وخلصنا الكلام كله.
خليل: (يضحك منفعلا) لطيف غناؤك أيها الشاب.
(رندة تبدو قلقة، متوترة)
ناجي: (يغني) بقا يقول لي، وانا أقول له وخلصنا
رندة: (تقف غاضبة ومقاطعة) كف عن الغناء، أنت تثير أعصابي.
ناجي: (ببرود) الغناء يثيرك؟ حتى أن المتنزهين يصطحبون معهم ما يستمعون إليه من غناء وطرب، أنت نفسك اقترحت أن نحضر معنا مسجلا.
رندة: (همسا لناجي) أشعر بالتوتر الآن.
ناجي: لماذا؟ الجو لطيف … والقمر… أنظري … أنت قلت أننا سنجلس تحت ضوء القمر… اجلسي إذن .
رندة: (بلطف) قلت لك يا عزيزي لا أشعر بارتياح.
ناجي: اصبري، ستتبلور الأمور عما قليل.
رندة: ماذا تعني؟
ناجي: اجلسي، اجلسي فقط (خليل يتنهد بضيق)
رندة: (تجلس) أنت تفرض نفسك عليهم.
ناجي: (منفعلا) هم يفرضون أنفسهم علينا ، هذا مقرنا.
(يتابعون مشادتهما بارتياح. ناجي يلحظ ذلك)
ناجي: (يغني بمكر) بقى يقول لي، وانا أقول له وخلصنا الكلام كله.
خليل: (بمكر) عندما ينتهي الكلام، تفض الجلسة.
ناجي: فيبرح أحدنا مغادرا.
خليل: وماذا تنتظر؟
ناجي: أنتظر مغادرتكم أنتم، حيث أننا سبقناكم إلى هذا الموقع.
خليل: هذه الأرض ليست ملكك.
ناجي: ولست مالكها أنت كذلك؟
سليم: وبالتالي لكل منا الحق في الجلوس في أية بقعة يختارها ونحن اخترنا هذه البقعة.
ناجي: (يدور حول الصخرة) هذه البقعة.(يجلس على الصخرة) هذه البقعة بالذات اختياركم، واختياري كذلك.
(يتبادلون النظرات فيما بينهم بقلق..لحظات)
ناجي: (بمكر) أنتم لا تبرحون لأن لكم مأربا هنا.
خليل: وما هو بظنك؟
ناجي: (ينظر إلى الكيس بخبث..ويشير إليه) فض كيسك وابحث عنه.
(عمر يضم الكيس إلى صدره، لحظة ويضعه قربه بحرص. يتبادلون النظرات. رندة تبدو في غاية القلق)
خليل: (لناجي) كيف تفكر بهذه الطريقة؟
ناجي: الأمر واضح، هذه العصا التي تبرز من الكيس ما هي إلا عصا الفأس.
(عمر يضطرب)
خليل: (ساخرا) فأس؟
سليم: إنه على حق.
خليل: (منفعلا) ماذا تقول أنت؟
سليم: ليكن معنا فتضمن سكوته.
خليل: لا… لا.
ناجي: (يضحك ثم يبدأ يغني) بقا يقول لي، وانا أقول له وخلصنا الكلام كله.
رندة: (منفعلة) هيا نذهب.
خليل: خطيبتك تتذمر من رفقتنا والأفضل لك الإنسحاب.
ناجي: (يضحك بمكر) قديمة.
( رندة تمسك ناجي وتسحبه من يده، يتخلص من قبضتها بغلظة، يراقبون المشهد بصمت)
ناجي: (يغني) بقا يقول لي، وانا أقول له وخلصنا الكلام كله
رندة: (أشد انفعالا) خلصنا الكلام كله…صحيح انتهى الكلام بيني وبينك، عد بي إلى البيت حالا.
ناجي: (يصرخ) هنا ( يشير إلى الصخرة) حول هذه الصخرة يوجد مال ولي فيه نصيب، هل فهمت الآن؟
رندة: لا … لا أفهم، هذه خرافات (تصرخ) هيا بنا نغادر.
ناجي: (يصرخ) اذهبي لو شئت، أنا لن أتزحزح عن هنا حتى ينتهي الموضوع.
رندة: طفح الكيل، إن لم تتحرك الآن سأغادر وحدي.
ناجي: اذهبي (يصرخ) قلت لك اذهبي ودعيني .
رندة: (تنظر إليه بذهول) أظلمت الدنيا، وأنت تتخلى عني في أحلك الظروف.
ناجي: أنت لا تقدرين موقفي، انتظري وسنعود معا.
رندة: متى؟
ناجي: أوف… أنت مملة، أقول لك هنا يوجد مال، هل أتركه؟
رندة: (مهددة) سأغادر فورا.
ناجي: ( يشيح برأسه عنها متذمرا، رندة تنسحب نحو الخروج.. ينظر إليها)أنت متسرعة.
(رندة تقف وتلتفت إليه)
ناجي: انتظري سنعود ومعنا المال.
(تظهر الخيبة على وجهها وتتابع طريقها نحو الخروج)
ناجي: (يصرخ في أثرها) أنت غاوية فقر، اتركيني ألتقط رزقي (تواصل طريقها خارجة. يصرخ) اذهبي.
(لا تلتفت إليه)
ناجي: (أشد صراخا) اذهبي في داهية.
(تخرج. لحظات)
ناجي: (منفعلا) خسرتها، ولن أحتمل خسارة جديدة، هل تفهمون؟
(ينظرون إليه بصمت)
ناجي: أنا أقترح أن نلعب على المكشوف.
خليل: وأنا أقترح أن نعطيك مائة دينار وترحل.
ناجي: (يضحك باستهزاء) بل لي نصيب كنصيب كل فرد فيكم.
خليل: الحصص تتفاوت.
سليم: بل هي متساوية.
خليل: (يصرخ) أنا مكتشف الموقع، لولاي لما برز دور لكل فرد فيكم.
سليم: ونحن صاحبا الجهاز، لا تنس.
نادر: لا قيمة لموقعك بعيدا عنا.
(خليل ينظر إليهما باستهجان)
عمر: وأنا … أنا شريكك يا خليل.
خليل: )يضحك باستهزاء) أنت … أنت سأعطيك شيئا لتشتري كسرة خبز ولا تلهث خلفها، ماذا تريد بعد؟
عمر: (ذاهلا) أنا شريكك… هل نسيت؟
خليل: سأرضيك ببضعة دنانير… هذا كل ما في الموضوع.
عمر: لا … لن نحفر على هذا الأساس.
ناحي: بل سنحفر (يشمر عن ساعديه) وأنا سأساعدك يا صديقي، وسنقتسم الدفين، اطمئن.
خليل: من أنت لتقول هذا؟
ناجي: أنا جزء من اللعبة، واللعبة لا تكتمل بدوني.
خليل: وأنا سأرضيك ببضعة دنانير (مشيرا إلى عمر) مثله تماما.
ناجي: نحن خمسة أشخاص، وسيقسم المال علينا بالتساوي.
نادر: صدقت، هذا هو القول الفصل.
خليل: (يصرخ) لن نحفر على هذا الأساس.
سليم: أنت خنتنا، وأتيت لتحفر معه (مشيرا إلى عمر) لولا أننا كنا لكما بالمرصاد.
خليل: ها … أتيتما قبلنا.
نادر: أتينا خاليي الوفاض، فقط لنحاصرك بالذات .
خليل: وهو (مشيرا إلى عمر)
سليم: أنت الرأس المدبر.
خليل: (يصرخ) بل أنا مكتشف الموقع، هل تفهمون؟ (لحظة) وبالتالي هذا المال لي … لي وحدي، ولكني سأعطيكم منه بمزاجي.
ناجي: أنت جشع.
خليل: وأنت طفيلي وقح.
ناجي: سنقتسم الدفين رغما عنك.
خليل: لم تحزر.
سليم: لكل منا ضلع يقود إلى الهدف، وبتر أي ضلع لن يوصلك إلى نتيجة.
خليل: (بإصرار) لن نحفر (يصرخ) لن نحفر.
ناجي : لا تلم نفسك لو حفرنا دونك إذن.
خليل: أنت متطفل علينا وتتكلم وكأنك تقودنا.
سليم: سنحفر يا خليل، سنحفر.
نادر: سنحفر.
عمر: نعم سنحفر. (يتناول الفأس ، ويناول ناجي الطورية)
خليل: (يركض ويتمدد فوق الهدف) ستحفرون على جثتي إذن.
( ناجي يضع الطورية جانبا ويسحب خليل من فوق الهدف، ناجي وخليل يتعاركان. سليم ونادر يحجزان بينهما، عمر يبدأ بالحفر. خليل ينسحب من أمام ناجي ويتجه إلى عمر ويدفشه ، يقع الفأس من يده، عمر وخليل يتعاركان. ناجي يحفر، سليم ونادر يحجزان بين المتعاركين)
ناجي: (يضع الفأس على الأرض وينزع حزامه ويهرع إليهم) امسكوه جيدا، سأوثق يديه. (يمسكون به، يوثق يديه بالحزام.. (لعمر) إنزع حزامك لنوثق ساقيه.
خليل: (يصرخ) خونة، لصوص، أنتم حثالة قذرة.
(عمر ينزع حزامه ، سليم ونادر وناجي يمسكون خليل)
خليل: حتى أنت يا عمر؟ أنا الذي اصطفيتك لتقاسمني مالي، هل نسيت؟
عمر: (مترددا) أنت صديقي ، لكن…
ناجي: لا تستمع إليه، هيا … اربطه.
( عمر يقف مترددا.. ناجي يتناول الحزام من عمر ويوثق ساقي خليل، يتركونه مستلقيا جانبا على الأرض، عمر يقف واجما)
خليل: (يصرخ) كلاب… جبناء (يلتفت إلى عمر) وأنت … أنت خائن… لن أعطيك شيئا من الدفين، سأحرمك… نعم (أشد صراخا) سأحرمك.
(سليم ونادر يجلسان جانبا، ناجي يسحب عمر نحو الهدف، ثم يبدأان بالحفر. لحظات)
خليل: حلو وثاقي، وسأرضيكم.
( لا يلتفتون إليه) (لحظات)
خليل: نعم، سأرضيكم (لحظة) لن أظلم أحدا… فقط فكوا وثاقي لنتفاهم (لحظة) بل نحن متفاهمون (يضحك ضحكة مصطنعة) أحيانا يحصل سوء تفاهم بين الأصدقاء، ولكن هذا لا يعني أن … (لحظة) هيا يا سليم، تحرك وفك وثاقي (لحظة) نادر ، قل له أن يفك قيدي… بل فكه أنت.
(لا يلتفتان إليه) (عمر وناجي يقبلان ويناولان سليم ونادر العدة. سليم ونادر يذهبان إلى الهدف ويحفران. عمر وناجي يجلسان)
خليل: حسنا فعلتما… ليساعد بعضكم بعضا. (لحظة) أنا أمد يدي كذلك (لحظة) عمر… فك قيدي فأساعد في الحفر (لحظة) هيا يا عمر … أنت شريكي (مستدركا) كلنا شركاء…
(عمر لا يلتفت إليه)
خليل: (منفعلا) لا تجعل هذا الطفيلي يؤثر عليك، هيا فك قيدي. (لحظة، يصرخ) أنتم لصوص، ستقتسمون الدفين فيما بينكم وتتركوني، لن أسكت… سأنتقم … سأنتقم منكم جميعكم.
سليم: (يصرخ) أوشكنا الوصول إلى الهدف، الفأس تصطدم بشيء صليب.
(يهرع ناجي وعمر إليهما)
خليل: (يصرخ) لصوص… أوغاد (يحاول جاهدا التخلص من قيوده دون جدوى. يصرخ) علي وعلى أعدائي… لن أبقى مكتوفا هكذا، سيفك قيدي، حينئذ سأنتقم… الويل لكم من انتقامي.
ناجي: هات عنك.
(يتناول الفأس من سليم ويبدأ يحفر بهمة ، فجأة يرفع بيده بوري صوبة)
ناجي: (مكتئبا) هذا هو الدفين.
( ينظرون إلى بوري الصوبة بذهول)
عمر: (محبطا) ابحثوا حوله… ابحثوا جيدا (يهذي) سأبني قصرا عاليا…
خليل: (يصرخ) ماذا وجدتم أيها الأوغاد؟
ناجي: (يضع بوري الصوبة على الأرض، يجلس قربه.. محبطا) وأنا سأنشيء مصنعا… أنا مهندس كيماوي… سأنشيء مصنعا (يصرخ) لا بد أن نجد شيئا (ينهض ويتناول الفأس ويهوي به عدة ضربات جنونية) (لحظات)
ناجي: (يائسا، يرمي الفأس من يده) لا شيء… لا يوجد شيء.(يجلس على الأرض، نادر يجلس قربه)
نادر: لا تيأس … (محبطا) ما قيمة المال في جوف الأرض، سنستخرجه (لحظة) وأقترح أن لا نتقاسمه، بل لنكون كلنا شركاء… فتنشيء أنت المصنع، ونحن نعمل فيه (يضرب كفا بكف) لا تياس … إبحث .. إبحث
خليل: (يصرخ) ماذا وجدتم ؟
سليم: سننهض باقتصاد البلد… ابحث.
عمر: (يائسا) انهال قصري على رأسي…
خليل: (يصرخ) لماذا سكتم… ماذا وجدتم أيها اللصوص؟
نادر: (ينهض ويركل بوري الصوبة نحو خليل.. يصرخ ) هذا هو الدفين.
( فجأة تدخل رندة ومعها ضابط وأربعة أفراد من الشرطة)
رندة: ها هم المحتالون … (تشير إلى ناجي) هذا الرأس المدبر.
(الشرطة يحاصرونهم . خليل يضحك بشماتة، ينظرون إليه)
******