نص مسرحي: " يحيا العدل" / تأليف: طلال هادي

(الستارة مرفوعة – المسرح مليء بقطع الديكورات القديمة والحديثة ,يبدوا انه مكان لفرقة مسرحية فقيرة… لحظات ويظهر ممثل يؤدي دور – راوي – ولكنه في ارتباك واضح)
راوي: أهلا بجمهورنا الكريم …مساء الخير إذا كان الوقت مساءا ..وصباح الخير إذا كان الوقت صباحا وفي جميع الأوقات ..كل الوقت لكم ..والإبداع..والعطاء …فنحن كما تعلمون نعمل لخدمتكم
القاضي: (يدخل وهو يرتدي ما تبقى من أزياءه)…نعمل لخدمتكم !؟ هل نحن عمال البلدية!؟ هل نقوم بفتح وتسليك المجاري !؟ …الجمهور طال انتظاره في الصالة ..والعرض المسرحي تأخر بسبب عدم جاهزية التقنيين والتقنيات
صوت : (خلف الكواليس) لا ذنب لنا بالتأخير!! لا ترموا الكرة بملعب التقنيات!! الممثل الرئيس في العرض تأخر…الممثل هو السبب
راوي: خلص ..فهمنا …لا داعي لهذا الغضب
القاضي:..ما رأيك بهذه الأزياء …باعتبارك مساعد مخرج ..ومدير مسرح ..وعامل إنتاج
راوي: وحارس ليلي في المسرح …وفي الصباح منظف
القاضي: طريق المجد ليس سهلا…لابد من المعاناة …نعم..المعاناة هي التي تصنع الفنان
راوي: هذه …كذبه ….لم تعد المعاناة هي التي تصنع الفنان …بل العلاقات ..التملقات..الواسطات
القاضي: (غاضبا وبأداء كلاسيك) …ويحك !؟ أتجرأ على اتهام ذلك الصرح العتيد من الإبداع والمبدعين!؟
راوي: أرجوك لا تقولني ما لم اقل …هذا اولا !!
القاضي: وثانيا…؟
راوي: كف عن هذه الطريقة بالأداء المتشنج …(يقلده) …ويحك….ويحك
القاضي: إنها الكلاسيكية العظيمة …أتسخر منها ؟
راوي: للمرة الثانية أقول لك …لا تقولني ما لم اقل ….هيا..تفضل وجهز نفسك ..سنبدأ العرض بعد لحظات
القاضي: …تفضل ..ابدأ ..أنا جاهز……….(ينسحب)
راوي: جمهورنا الكريم …مساء الخير إذا كان مساءا
صوت: (خلف الكواليس) …هل ستبدأ العرض ؟ أم أغلق غرفة الكونترول واذهب إلى البيت!؟
راوي: سنبدأ …سنبدأ …..جمهورنا الكريم ….
صوت: (خلف الكواليس) مساء الخير إذا كان مساءا ..وصباح الخير إذا كان صباحا …..فهمنا
راوي: (بارتباك) على كل حال ..مازلنا نتمسك بحكايا التراث..وقصص الماضي , ولكن بطريقة مغايرة للشكل المتعارف عليه بالتقديم التقليدي…نحن نريد التغيير ..ونسعى له ..
صوت: (خلف الكواليس)….ما شاء الله…حارس ليلي ..وعامل إنتاج ..ومنظًر مسرحي
راوي: هذا ليس كلامي …انه حوار مكتوب حفظته عن ظهر قلب ..واردده
صوت: (خلف الكواليس)…كالببغاء ….تردد بلا فهم
راوي : (بنفاد صبر)  جمهورنا الكريم ……نبدأ المسرحية …الآن
(تتغير الإضاءة …ليظهر لنا – دار القضاء- التراثي جدا)
لص: اين العدل ..اين العدل …اغيثوني ..أريد العدل
قاضي: بإمكانك الصعود بسيارات النقل العام في منطقة البياع ..او..خذ تاكسي ….حي العدل قريب
لص : (بازدراء)..ماذا تسمي هذا الحوار !؟ قفشه ..نكته …كسر ايهام ..جدار رابع
قاضي: حوارك غير واضح المعالم..ليس هو بسؤال ..وليس بتعجب..أو حتى استغاثه…هل أنت تجريدي
لص: تجريدي…..احملوني بعيدا جردني من كل شيء
قاضي: أرجوك  ….ارجع لأصل المشهد
لص : (يقرأ في ورقة الحوار ويبدأ بالتمثيل) اين العدل ..اين العدل اغيثوني ..اريد العدل
قاضي: أنت الآن في دار العدل وعند القاضي منصف الحقوقي
لص: أيها القاضي …أقدم لك نفسي …أنا اللص المشهور ..كليب بن جرو النابح (ينبح )..هوو ..هوو
قاضي: ما أسعدها من لحظه …أنا ..أقف أمام أشهر حرامي عرفه التاريخ…ما أروعك أعجب وأغرب من خيال….أرجوك …اسمح لي بلقطة تذكاريه تجمعنا معا…فانا من اشد المعجبين بك  (يقف ليلتقط – سلفي-  فجأة تدخل مجموعه وتأخذ سيلفي معهم ..وينسحبون بسرعة) ما شاء الله ….نجومية كبيره للصوص في هذا الزمان
لص: اللصوصية تختلف من زمن لآخر …كل شيء في تطور ..وحداثه
قاضي: (بهمس) …عد إلى أصل المشهد …هيا
لص: ايها القاضي …لاول مره بحياتي انطرح زوجا واتقشمر واصير مضحكة للذي يسوى والذي لا يسوى
قاضي: ( همس) ما هذا الهراء!؟ تتحدث بالفصحى المطعمة باللهجة المحلية
لص : حداثة..تجريب…معاصره
قاضي: …المهم …حدثني عن اصل الحكايه ..ولا تضيع وقت القضاء
لص: انضحك عليه ومن من !؟ …رجل لا يحل ولا يربط …نجار بسيط لا يعرف معنى الخداع و يضحك مني !؟ مع الاسف …زمن رديء…وسخيف
قاضي: فهمني ..مالحكايه ا!؟
لص: قبل كل شيء يجب ان يغيروا الاضاءة حتى ندخل بجو المشهد الحقيقي
(تتغير الأضواء..موسيقى ترقب …يظهر النجار وهو يسير ويدخل بيته وخلفه اللص يراقبه )
لص: أيام وأيام وانا اتابع النجار من محله الى بيته وبالعكس…وارى الوارد الممتاز الذي يحصل عليه من عمله ….حتى رايته يشتري عقدا واساور من الذهب ويهديها الى زوجته بمناسبة الفلنتاين
قاضي: فلانتاين!؟ ما معنى هذا
لص: (بسخرية) عيد العمال العالمي …ذكرى استقلال تايوان عن الهند الألمانية..!! عجيب كيف صرت قاضيا ولا تعرف  الفلنتاين ا!؟
قاضي: ارجوك لاتشتتنا دراميا …ارجع للفعل الرئيسى …رايته يشتري ذهب لزوجته …بمناسبة الـ الـ الفلافل…الفلان…تاين
لص: ارجوك لا يجوز ان ابقى في حالة سرد بالحوار…سيتهمنا النقاد بهيمنة السرد على الفعل..اريد شخصا   يؤدي الفعل- الاكشن
قاضي: (ينادي) اليَ باحد المشخصاتيه
لص : مشخصاتيه..!؟ يا لها من مفردة عتيقة …تعود لزمن هولاكو عندما كان مراهق
(يدخل ممثل ويؤدي الحركات حسب وصف اللص وبطرقة مضحكه )
لص: تسللت خلسة الى سطح الدار (الممثل يصعد ببساطه ) ما شاء الله صاعد لبيت جدته…!! ارجوك اعمل باحساس حقيقي ….لص ويصعد السطح ..كيف يؤدي الفعل !؟ اكيد بترقب ..وحذر..وخوف
ممثل: ملاحظتك هذه قديمه أيضا.. لم يعد اللص يسرق وهو خائف او مرتبك… عيني عينك بلا خجل ولا ارتباك ..كمل حوارك الباهت …كمل
لص: نظرت من السطح ..وتاكدت بان زوجة النجار وضعت الذهب بصندوق خشبي في غرفة النوم
الممثل: (ينزل من السلم بسرعة…وينسحب خارجا)غرفة النوم .!!؟..الى هنا  وستوب …الحكايه  دخلت في المنطقة الخطره..هذه اعراض ناس
قاضي: وماذا بعد ذلك…اكمل الحكايه
لص: بقيت اراقب البيت اسبوع باكمله…وعندما ذهبت لسرقةالذهب..بحثت عن الصندوق الخشبي الذي فيه الذهب لم اعثر عليه وضاع جهدي ووقتي هباء…اترضى يا حضرة القاضي …تقبل يضيع وقتي هباء؟
قاضي: طبعا …لا اقبل
لص: اتعرف كم من السرقات تركت خلال هذا الاسبوع !؟
قاضي: كثيره …اكيد
لص: وتعطلت مصالحي كلها وانا اراقب البيت والنتيجه لا ادري اين ذهبوا بالصندوق والذهب
قاضي: هذا تصرف غير قانوني !! كيف ينقلون اثاث البيت دون استحصال الموافقات الرسمية….هذا خرق امني خطير
لص:  اريد العدل منك يا قاضي…حقي يجب ان لا يضيع…صرفت جهد ووقت..وفي الاخر يضيع الذهب مني!؟
قاضي: الذهب سيعود لك ومعه الصندوق…وهذا النجار سوف اامر بسجنه عشر سنوات كاملة …ولن يخرج لا بعفوا ولا بمصالحه ..ولا تسويه
لص: ولكن .. هناك مشكله حضرة القاضي .!!..هذه الولاية ليس فيها غير هذا النجار…اذا حبسته ..نبقى بلا نجار…وحال الولاية يرتبك
قاضي: فعلا …هذه مشكله….ولكن الحل موجود
لص : ما هو ؟
قاضي: في الولاية  عشر حدادين …كل واحد منهم يسجن سنه كاملة …بدلا..من النجار
لص(يصرخ ) ..يحيا العدل …يحيا العدل
                                                             نهايـــــــــــــــــــــة
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت