بمصر: العرض المسرحي 1501 .. التمثيل داخل التمثيل/ نسرين نور
عرض على قصر ثقافة الأنفوشي بالإسكندرية العرض المسرحي” 1501″ من إنتاج بيت ثقافة القباري وإخراج محمد الزيني .. العرض المأخوذ عن مسرحية “إيزابيل . ثلاث مراكب ومشعوذ” تأليف داريو فو إعداد وأشعار أسامه الهواري .
في العرض استخدمت تقنية التمثيل داخل التمثيل واستخدم المسرح الغنائي للتعبير عن الفكرة التي تتجسد من خلال قصة مكتشف امريكا “كرستوفر كلومبوس” .
تولدت لدى كولومبوس فكرة الرحلة والرغبة في تحقيقها لسببان :
ـ الشهرة واالثراء
ـ محاولته إثبات كروية الأرض بأن لو اتجه شرقا سيصل للغرب والعكس
رفض عرضه في بلده إيطاليا وكذلك رفضه ملك إنجلترا فلجأ إلى ملك البرتغال الذي خيب مسعاه أيضا، ذلك المسعى الذي لم يتحقق سوى في إسبانيا التي كانت لايزال يقع معظها في أيدي العرب .
ففي عام 1492 وقع الملكان الإسبانيان (فرناندو الثاني ملك أرغون وإيزابيلا الأولى ملكة قشتالة ) مع كريستوفر اتفاقية وتم تجهيز ثلاثة سفن مختلفة المهام والأحجام عادت منها إثنتان فقط.
إلى تلك النقطة تتماس الحقيقة التاريخية مع القصة الخيالية ، فقد استغل الكاتب تلك العودة المنقوصة للسفن لكي يحكم على كلومبوس بالإعدام لإهماله وتفريطه وتسببه في إزهاق أرواح بحارة تلك السفينه .
تبدأ المسرحية بمشهد إعدام كولومبوس ليس في فجاجة أو تفجع حيث اختار المخرج الأغاني والاستعراض للتعبير عنه. يتدخل فجأة شخص يأتي من الخارج يرتدي ملابس عصرية ونظارة شمسية (سيتكرر ظهور ذلك الشخص لذا سنطلق عليه الدخيل) ليوقف حكم الإعدام _إلى حين_ ويطلب من جميع الحضور المشاركة في رواية القصة .
الآداء التمثيلي :
هناك بعض المخرجين الواعين لأهمية الممثل بدأ من اختياره مرورا بتدريبه وصولا لمستوى جيد من الأداء. المخرج محمد الزيني أولى عناية خاصة بالممثلين في هذا العرض ويظهر ذلك جليا في اختياره لبطلان “ميرنا محمد” ” أدهم جمال” شابان يجيدان الغناء كما يجيدان التمثيل مع وجود مدربان احدهما للغناء الحي والآخر للتمثيل .
كذلك يبدو الاهتمام بالتمثيل جليا في انضباط الإيقاع وعدم ترهله .
ويظهر أيضا في أن كل يجيد ما يناط به من مهام فإن كان من المطلوب أن يجيد احدهم الرقص سيجيده وإن كان مطلوب من آخر إجادة العزف على الطبل سيعزف بمهارة .
ذلك في (الفريق الأول) لكن لسوء الحظ أو حسنه لا أدري كان هناك (فريق آخر) يتم تبادل الليالي فيما بينهما وكان الآخر أضعف بشكل ملحوظ لا مراء فيه .
لقد كان نوع من المجازفه أن يعتمد المخرج على الغناء الحي مع عدم وجود إمكانيات تقنيه تساعده على ذلك (أنت لا تعرض على الأوبرا يا سيدي) كما وأن البعض حين وضع في التجربة لم يستطع نفسه القصير أن يتحمل جهد التمثيل والاستعراض بالإضافه إلى الغناء .
ظهر ذلك جليا في الفريق الثاني أما الفريق الأول فقد ، تميز “محمد نجلا ” في دور الحارس بما له من خفة ظل ومهارة في الحركة والأداء وكذلك ظهيره الأيمن “أيمن الليثي” فقد عرفتهما معا وكانا ولا يزالا كالتوأم الملتصق وفي بدايتهما كانا ومعهما ثالث يطمحان لتكوين ثلاثي يعيد أمجاد ثلاثي أضواء المسرح وظهر ذلك هنا جليا في مشهد من أمتع مشاهد العرض وهو مشهد المحاكمة .
تم المشهد عن طريق الغناء الريستاتيف بمصاحبة الطبلة التي احتضنها (الدخيل) الذي يقوم هنا بدور القاضي متوسطا القاعة وعلى جانبيه مستشاريه “الليثي ونجلا” وكضابط ماهر للإيقاع يتم مشهد المحاكمة التي يدلي فيها كل بدلوه بمحاكمة مستوحاه من سكتشات ثلاثي أضواء المسرح وليس المهم هنا الاقتباس أو الاستعانة بنفس التقنيات ولكن المهم حقا هو توظيفها داخل العرض ولأن المحاكمة هزلية ظالمة مسخرة على حد تعبير “الملك” نفسه جاء ذلك التوظيف في محله.
ـ قرصان ملعون أفاق وده مثبوت بالأوراق غرق مركب بديوكها كده بين كوكو وكاك
ويرد الكورس المكون من جواري القصر كوكوكاك كوكوكاك قرصان ملعون أفاق
لم يكن المشهد مقحما على الدراما لاستدرار الضحك من المشاهد بل أتى في صميم الحدث ويعبر تعبيرا دقيقا عن طبيعة المحاكمة الهزلية وطبيعة الملك والملكة و القاضي والمستشارين وجميع الحاضرين التي جبلت على النفاق وحب الأذى .
الاستعراضات :
ما يميز مصمم الاستعراضات الواعي هو أن يسأل نفسه عدة أسئلة :
ـ أولا : ما ضرورة هذا الاستعراض وعن ماذا يعبر ؟ ولا يخشى الإجابة حتى وإن أتت أنه وضع من قبيل المتعة وإراحة المتفرج (إعطاءه برهه للاتقاط الأنفاس ) فقط .
ـ ثانيا : هل من سينفذ تلك الحركات راقصين أم ممثلين ؟؟؟
وهذا ما اتقنه المصمم المتميز (محمد ميزو) فلم يرهق الممثلين بحركات تفوق قدراتهم فتأتي مشوشه وتفتقد لجماليات الحركة وتفسد الصورة .
من سيقوم بتنفيذ الاستعراض ممثلين يجيدون الرقص وليس راقصين أصليين ، والأولين لهم معامله خاصة فليس من المحتمل فرد العضلات بحركات صعبة أو الأمل في وجود رشاقة تفوق الوصف فطاقة وجهد الممثل الذي أتى لتوه من مشهد تمثيلي ليكمل آخر بعد الاستعراض أو المطلوب منه الاستعراض أثناء الغناء ليس كطاقة الراقص ولا يتمتع بخبرته ولا إمكانياته لذا ليس من الحكمة أن يفرد المصمم عضلاته .
الألحان والأغاني :
نفس الكلام ينطبق بحذافيره على الدكتور محمد حسني في تلحينه للأغاني سواء الخاصة بالصولو أو بالكورس .لم يكن هناك نوع من عدم الواقعية في التناول من حيث توقع أن الألحان وضعت لمحترفي غناء أصلاء . جاءت ناعمه، تلتصق بالأذن على بساطتها .
الديكور والملابس :
خلفيه بانوراما رسم عليها منظرا يمثل المدينه واستكملت مبانيه في (البنطالونات) على جانبي الخشبه.
خامات الديكور تنوعت بين الخشب والخيش ومواسير المياه البيضاء البلاستيكيه المغطاه بالخيش والحبال .
والملابس من الخيش للعامة ومن الأبيض والأسود لباقي مشاهد العرض حين يبدأ التشخيص.
الاكسسوارات :
تنوعت بين الأقنعه والباروكات اللتان ساعدتا على انتتقال البعض من شخصية إلى شخصية في سرعة وسلاسة ويسر . وعوامة ونظارة بحر (للدخيل في مشهد ما) توحي بأنها من اجتهاد الممثل نفسه الذي اتبع مدرسة الراحل “سمير غانم” في التفنن في استخدام الاكسسوارات لاستجلاب الضحك .
تم استغلال كل سنتيمتر من المسرح بما في ذلك (البير) الذي استخدم كسفينه “كروستوفر كلومبوس” التي لم تغرق .
العرض المسرحي (1501) عن نص “إيزابيل. ثلاث مراكب ومشعوذ”
تأليف : داريوفو
دراماتورج وأشعار : أسامة الهواري
سينوغرافيا : أشرف الصويني
موسيقى وألحان : د. محمد حسني
تدريب أصوات : محمد خالد
استعراضات : محمد ميزو
تدريب تمثيل : محمد بهجت
إضاءة : إبراهيم الفرن
إخراج : محمد الزيني