زقاق المدق … اللعب على عناصر الفرجة/ نسرين نور

تعد رواية “زقاق المدق” التي كتبها الأديب العالمي نجيب محفوظ  عام “1947

بعد الحرب العالمية الثانية بعامين أثنين من أكثر أعماله حظامن حيث إعادة تناولها بوسائط فنيه مختلفة وفي بلدان وأزمنه مختلفة . ،فقد تحولت إلى فيلم سينمائي عام (1963) بطولة الفنانة شادية ويوسف شعبان وعقيلة راتب سيناريو وحوار : سعد الدين وهبة وإخراج حسن الإمام  .

وقد أنتج فيلما آخر عام (1995) هذه المرة في  المكسيك وكان أول بطولة للنجمة العالمية (سلمى حايك) ونال العديد من الجوائز .

لا يتوفر وصف.

العمل المسرحي لم يكن الأول حيث سبقه مسرحية أخري عن نفس الرواية والتي تعد التناول المسرحي الأول لها، باسم «زقاق المدق»، والتي قدُمت في فترة الثمانينات، وكانت من بطولة الفنانة معالي زايد، وصلاح السعدني، وسيد زيان، ومن إخراج حسن عبدالسلام.

تسرد الرواية حياة المصريين أثناء الاحتلال الأنجليزي وتناقش تأثير الحرب على المصريين ، وكيف كانت الأوضاع في داخل مصر وداخل الأحياء الشعبية بالتحديد زقاق المدق وهذا اسم حقيقي لأحد حارات منطقة الحسين المتاخمة للأزهر الشريف . وقد دأب محفوظ على استخدام أسماء حقيقية لأحيائه التي يعنون بها رواياته لإضفاء مزيد من المصداقية والإيهام .  فكتابات نجيب محفوظ التي اتسمت بالواقعية والتحليل العميق والموضوعي لشخصيات أعماله وثبر أغوارها حتى وإن انتمت لأنماط وقوالب جاهزة  .

وتدور أحداث الرواية حول فتاة في ريعان شبابها قد نشأت وتربت لدى صديقة أمها التي قامت بكفالتها وتربيتها وتعتبر الفتاة هي أساس الرواية بكاملها .

لإن من خلالها يصنع الكاتب “مورال” العمل ككل وهو كيف أن الطموح أحيانا يضر صاحبه أبلغ الضرر حين لا يقوم على مواهب حقيقية دائمة ووعي يتسم بالصدق مع الذات .

كانت حميدة ناقمة على الزقاق و تكره وجودها فيه ، وتحلم بالعيش في القصور و الأماكن الفخمة و لبس الفساتين الجميلة الراقية ذات الرونق . كانت حميدة مقتنعة أن فتاة مثلها تستحق حياة الرفاهية ولا يجب أن تعيش في هذا المكان الذي يمتلئ بالدناءة و القذارة حسب وصفها .

لا يتوفر وصف.

ينتمي العمل لفئة ” الميلودراما”  وتعني أن العمل صممت حبكته بحيث تثير المشاعر “بقوة” ولذا تتسم بالمبالغة في السرد ، وغالبا ما ترتكز الميلودراما على الحوار كوسيلة لبث تلك العواطف والانفعالات المبالغ فيها أحيانا وتعتمد أيضا على بعض التطورات الفجة للشخصيات .إن العمل المنتمي لتلك الفئة  يفتقر إلى الدقة أو تطوير الشخصية أوالحدث بالامتداد المنطقي بعيدا عن المبالغة الغير منطقية ، فليست كل فتاة طموح تلجأ للانحراف عن السلوك القويم لسد احتياجات ذاك الطموح والتطلع المدمر .

من المغامرة أن تتصدى لعمل تم تناوله عديد المرات من قبل وحفر في وجدان المصريين عن طريق فيلم من كلاسيكيات السينما المصرية. لكن الدكتور عادل عبده كانت لديه رؤية جديدة لسرد أحداث الرواية مستخدما الغناء والرقص كمكمل أساسي للأحداث ومظهرا لأبعاد الشخصيات ورؤيتها لما حولها وللعالم .

يحرص الفنان عادل عبده دائما على عنصر المتعة في جميع أعماله . فلديه خلطة  لمتعة الفرجة من خلال الاستعراضات والأغاني فضلا عن العناصر الأساسية من تمثيل وديكور ولإنه دائم التطور فقد أضاف “الفيديو مابينج” وتفنن في  وسيلة دخول كل نجم على  خشبة المسرح  لدرجة أن المتفرج بات يشحذ ذهنه ويتسائل عن كيفيه دخول هذا النجم أو ذاك ممن شاهده على “الأفيش” ولم يدخل بعد .

أمتاز الدكتور عادل عبده باستغلاله كل الإمكانيات المتاحة ودمجها في العرض المسرحي للوصول لأفضل صورة في المسرح الاستعراضي . ظهر لاعبوا الأكروبات ومروضوا الثعابين (الرفاعية) ولاعبي السيرك  .

الرؤية الإخراجية كانت حداثية بامتياز  باستخدام أحدث تقنيات العصر وايضا بالتناول الغنائي الاستعراضي للرواية .

لا يتوفر وصف.

الآداء التمثيلي :

لم يكن الآداء التمثيلي_في معظمه_ على نفس مستوى حداثة التناول ، فقد كان كلاسيكي بامتياز ، في العمد لاستخدام أصوات مستعارة والتشويح بالأيدي والمبالغة في الحركة واللجوء لتنميط الشخصيات .

لايوجد من لا يرقص أو يغني وهذا جعل من ظهور بعض النجوم المعروفين لدى الجمهور بالهدوء والرصانة مفاجأة.، فقد أتقنت الفنانه “نهال عنبر” الغناء والاستعراض وكان اشتراكها في الاستعراضات وقع جديد على أعين الجمهور الذي إعتاد عليها في أدوار بعيده كل البعد  .

أما الفنانة “دنيا عبد العزيز”فمن الصعب الحكم عليها فنيا بسبب إصابتها التي أعاقت حركتها بشكل كبير ولكن أكثر ما يستحق الاحترام والتقدير إنها ورغم الإصابة تمتعت بمقاومه شديدة وإلتزام وحرص على خروج العرض المسرحي يوميا وعدم توقفه  .

لأن شخصية حميدة تم بنائها في إطار يعتمد ليس فقط على الكلمة ولكن على الغناء والاستعراض أيضا ولإصابة الفنانة دنيا عبد العزيز لم نستطع استكشاف تلك الأغوار لأن بناء الشخصية يعتمد في أساسه على الاستعراض فذلك التعالي الواصل حد الغرور وذلك الإحساس بجمال الجسد وخفة الروح الذي تمتعت به شخصية حميدة والذي يمثل (السقطة التراجيدية) التي تسببت في ترديها في الرذيلة_ رغم إنها لا تتمتع بكامل مواصفات البطل التراجيدي_ أقول تسببت الإصابة في إضمحلال هذا الجزء المعتمد بشكل كبير على الاستعراض .

لا يتوفر وصف.

كل الممثلين يرقصون  ، ففي إستعراض الانتخابات على سبيل المثال كل الممثلين يرقصون وكل حسب شخصيته .

وقد تميز الفنان “بهاء ثروت” في قدرته على الإقناع منذ اللحظة الأولى بأنه “عباس الحلو” ومما ساعده على ذلك تطابق الأبعاد الرئيسية لشخصية عباس الحلو _كما تتصورها الأذهان_ ومواصفات الفنان الشكليه  .

أما ما كان المفاجأة حقا فهو الفنان الكبير “محسن محي الدين”  فما زال محتفظا بذلك الشاب خفيف الحركة والروح الذي ظل في الأذهان منذ سنوات في مسرحية “سك على بناتك” وفي أفلامه مع يوسف شاهين.  لعب الفنان “محسن محي الدين” شخصية  ” فرج ” القواد المحترف الذي يقوم بإغواء حميدة للهرب والعمل عنده . وهي شخصية مختلفة عن كل ما قدم “محي الدين “من قبل . فقد إعتادنا عليه في أدوار الشاب المرح أو الرجل الطيب ذو اللحية البيضاء  التقي الورع . وقد تخطى فخ النمطيه  ببراعه باللجوء لخفة ظله وخفة حركاته أيضا فكان الشرير المحبوب . كذلك اللعب على المكياج الخارجي للشخصية بالأصباغ السوداء الفاحمه للشعر مع الشارب الرفيع يضفيان شكل شرير الأربعينات كما يظهر في السينما العالمية ،ومع ذلك أمتاز بأنه شرير عصري،_عن طريق الرقص والغناء والآداء الخالي من التعقيدات فكان تجسيدا حيا لمقوله   الشر جميل وناعم .

 تعرض المسرحية لمدة شهر على مسرح محمد عبد الوهاب بالإسكندرية على أن يستقبلها مسرح البالون في العجوزة بعد ذلك  .

مسرحية “زقاق المدق” بطولة كل دنيا عبد العزيز، أمل رزق، محسن محيى الدين، نهال عنبر، كريم الحسينى، ضياء عبد الخالق، بهاء ثروت، عبدالله سعد، أحمد صادق، حسان العربى، سيد عبد الرحمن، مروة نصير مراد فكرى، عصام مصطفى، أحمد شومان، عبد الرحمن عزت، إبراهيم غنام، هانى عبد الهادى، صابر رامى الديكور : محمد الغرباوي الملابس : د. مروة عودة

الألحان : أحمد محي التوزيع : ديفيد داوود مشاهد سينمائية  : ضياء داوود خدع مسرحية : إيهاب  جمعة .رؤية درامية وأشعار محمد الصواف، إخراج واستعراضات عادل عبده.

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت