“سكون”… عرض الجمال والفلسفة/ شادية زيتون
نعمان حمده شكرا لك……
عندما اشاهد عرضا مسرحيا ممتعا وراقيا لا بد وان ابدي رأيي المتواضع به ولو بإختصار ، و بعد ان شاهدت العرض المسرحي ( سكون ) على اليوتيوب للفنان المبدع نعمان حمده وانا شخصيا لا اشعر بلذة المشاهدة على اليوتيوب، ولكن بقدر ما سمعت وقرات عنه ،شاهدته وها انا اكتب .
يقول بنيدتو كروتشيه : “إن الجمالية هي علم الفن ، وعلى الرغم من أن الجمالية هي مذهب فلسفي خاص، فإنه لا يمكن فصلها من جذع الفلسفة وذلك لأن مشاكلها مرتبطة بعلاقات الفن بالأشكال الروحية الأخرى ، وأن الجمالية هي في واقع الأمر الفلسفة كلها “.
لقد أجاد الفنان نعمان حمده في صياغة عرضه بجعل المتلقي يدور في حلقة مفعمة ببوح المكنونات بشكل حسي مباشر وغير مباشر في ذات الوقت مما يتيح له الغوص في منهج وموضوع العرض .
سكون ، عرض يضج عاليا بالأسئلة والمساءلة وبسينوغرافيا تجلى بناؤها التشكيلي في البعد الدرامي للنص وفي العلاقة العضوية المنسجمة بصورة واضحة مع رؤية المخرج ، بناء إنبثق من ديكور تجسد بجدار تلون في داخله وظاهره الزمن والوجود والتاويل والعدم ، ومن إضاءة شاركت بإمتياز رواية الألم والبوح أضفت على الفضاء كل القهر الداخلي بلونها القاتم الذي تسيد طيلة العرض ونجح في تحقيق المناخات التي تطلبتها المشاهد ، ومن موسيقى تميزت بخاصية الإيقاع في التواتر المتتابع بين الصوت والصمت وبين السكون والحركة ، إضافة الى ما تضمنته من دلالات سيكولوجية واجتماعي.
“سكون “، عرض يجبرك على المتابعة بمتعة تناجي الوجدان والروح وحبذا لو يتسنى لي مشاهدة هذا العرض مباشرة يوما ما .
نعمان حمده فنان صاحب فكر ينشر صناعة ثقافية مجتمعية وصاحب حضور آخاذ ،يرتدي المسرح من رأسه حتى أخمص قدميه ، وجدير بالذكر الأداء الرفيع والمتقن للممثلة اميرة درويش .
نعمان حمده شكرا على الجمالية التي قدمتها لنا وللمسرح، الجمالية التي هي في واقع الأمر الفلسفة كلها . وكم نحن بحاجة اليوم لمسرح يحاكي الجمالية .
****************
“سكون” من إنتاج مؤسسة المسرح الوطني التونسي، اخراج: نعمان حمدة و أداء كل من: نعمان حمدة وأميرة درويش .نص: نعمان حمدة و ليليا الأطرش، توضيب الإنارة: كمال السحباني، توضيب الصوت: صبري بوعزيزي، توضيب الركح: صابر جميلة، توضيب الملابس: مروة منصوري،مكلفة بالإنتاج: فاتن الجوادي، إدارة الإنتاج: معز حمزة، إنتاج: المسرح الوطني التونسي 2019 / 2020