نص مسرحي قصير:”فراشة جيمي”/ تأليف: محمد الكامل بن زيد
إلى جمال بن إسماعيل..له الذكرى ولنا المرآة..
الرؤيا: فضاء الركح مفتوح على رؤى المخرج والممثل والسينوغراف وحتى إدارة المسرح.
الشخصيات:
هو:
أصوات أطفال:
أصوات صاخبة:
لوحة 1:
أصوات أطفال: إنها هنا..إنها هنا
هو: أين ..أين؟
أصوات أطفال: ها هي..
هو:أين..أين؟
أصوات أطفال:يا لجمالها الرباني الأخاذ
هو: أين هي؟.. أين هي؟..أنا لا أراها..لا أرى شيئا
أصوات اطفال: لم نر في حياتنا أجمل منها..من هذه الفراشة
هو: بالله عليكم أين هي؟
أصوات أطفال: إنها في كل مكان ..إنها تطير..ترتفع ..تنخفض..
هو:تطير..ترتفع ..تنخفض؟!
أصوات الأطفال:تطير..ترتفع..تنخفض..يا أنت.. ألا تحمل معك الكاميرا..؟
هو: وأحمل معي أيضا ريشتي وقيثارتي..لكني لا أراها
أصوات الأطفال:جميل ..جميل ..هيا أسرع ..اغتنم الفرصة.. ابحث عنها ..
هو: لكني لا أراها ..أظنها لعبة من ألاعيبكم
أصوات اطفال :(يضحكون)..نقسم إنها ليست لعبة
هو: أين هي إذن؟
أصوات أطفال: هذا..لأنها فوق أرنبة أنفك
هو: (مستغربا مذهولا) ..فوق أرنبة أنفي ؟!
أصوات أطفال:أليست جميلة؟
هو: كيف لم أرها؟!
أصوات أطفال: لأنك كنت تنظر بعيدا جدا ..كنت حالما جدا
هو: بعيدا جدا..حالما جدا ..ألا يحق لي ..؟
أصوات أطفال:لا نعرف..ربما حلمك ستحمله الفراشة بعيدا ..بعيدا جدا ..
هو: (متعجبا)..الفراشة..بعيد جدا.. أمعقول؟!
أصوات أطفال: ألم تكن تسأل ..أيحق لك أم لا؟!
هو: بلى ..بلى
أصوات أطفال:المهم ألا تتحرك فتغضب فتطير فيتبخر الحلم
هو:(فرحا)..لكنها جميلة.. جميلة جدا
اصوات أطفال: أرأيتها الآن؟
هو:حقا فائقة الجمال..يا إلهي
أصوات الأطفال:فعلتها ..فعلتها
هو:ليس ذنبي..أردت أن اغتنم الفرصة وأصورها مثلما أصررتم
أصوات أطفال: كان عليك أن تنتظر
هو:وكان علي أن اغتنم الفرصة ..فرحتي لا توصف
أصوات أطفال: والآن وقد طارت نحو الغابة علينا اللحاق بها
هو:سأذهب معكم
أصوات أطفال: لكنك لا تعرف الغابة مثلنا
هو: لأني أحبكم..أحب الفراشة..ستكون الغابة غابتي ..
أصوات أطفال:ننصحك ألا تتبعنا فالغابة كبيرة جدا جدا
هو:(في إصرار)..لا يهم سأحمل ريشتي وقيثارتي وأتبعكم..لا يمكن ان أترككم لوحدكم في الغابة ..ولا يمكن أن أفقد أثر الفراشة الجميلة جدا
أصوات أطفال: نخشى عليك من وحوش الغابة
هو: (يضحك طويلا)..وأنتم ألا تخشون الوحوش؟!
(أصوات الأطفال وهم يضحكون تختفي رويدا رويدا .. يحاول “هو” اللحاق بهافيصطدم بجدار وهمي ..يقف حائلا بينه وبينها.. كلما استدار محاولا تجاوزه من ناحية يصطدم به..)
هو:(متسائلا في حيرة)..أكان حلما؟! ..(يضرب الجدار بيديه غاضبا)..أكيد لم يكن حلما..
لوحة 2:
أصوات صاخبة:النار..النار
هو:(مفزوعا يحمل مطفأة يجري في كل مكان)..أين؟.. أين؟
أصوات صاخبة :النار..النار
هو:(لاهثا).. أين؟.. أين؟
أصوات صاخبة:إنها على الأشجار ..على الحجر ..على البشر
هو: يا لطيف ..يا لطيف
أصوات صاخبة:الفراشة أيضا احترقت
هو: الفراشة أيضا ..وحلمي؟!
أصوات صاخبة: أيضا احترق
هو:(يطأطأ رأسه في حسرة)..ماذا أقول للأطفال الذين دخلوا الغابة..؟!
لوحة 3
(“هو” داخل علبة ضيقة ..يحاول أن يتحرر منها فلا يقدر..يكاد يختنق ..يتعرق بشدة..ينزع قميصه..يبحث عن قارورة ماء ..يجدها ..يحاول أن يشرب لكنه ينبذها جانبا صارخا ..)
هو:أقسم أني لست من أحرق الفراشة
(طبول تقرع بشدة)..
هو:أقسم أني لم أحرق الفراشة..
(طبول تقرع بشدة)..
هو: أقسم أني لست الوحش..يا أنتم ..أين ريشتي؟..أين قيثارتي؟
(العلبة الضيقة تهتز بعنف من تحته ..من فوقه..عن يمينه ..عن يساره..”هو” تجحظ عيناه بشكل رهيب ..يسعى بيديه النحيفتين إلى الخروج من العلبة فلا يقدر..أحس كأن جدرانها تشدها أيد غليظة من الخارج ..تغلق عليه المنافذ كي لا يتحرر ..يحاول ثم يحاول ثم ينهار مغشيا عليه)..
هو:(قبل أن تغمض عينيه في صوت بائس متقطع)..ستندمين أيتها الوحوش ..ستندمين لأنك أحرقت الفراشة والأطفال والغابة ..وأنا!!
** بسكرة في 30 غشت 2021 على الساعة 01.31 صباحا