نص مسرحي: ” أجنَّة ” / تأليف: منير راضي العبودي

    مسرح الشارع

( الصمت ملاذ الهاربين )

 

حلبة الصراع

بيئة المكان: ساحة عامة كأنها ضرب فيها الطوفان ………………

(شكل هرمي من القماش  يشبه البيضة فيه حركة تشبه التفقيس او المخاض وتتحرك في كل الاتجاهات مع هَمْهَمَة اصوات من داخله تصاحبها موسيقى مناسبة لهذا الحدث حتى ينفرج الشكل الى اربعة خطوط  كأنها سكة حديد غير متجانسة في الاتجاهات والطول ايضا ولكل خط لون يدل على لون الحقيبة وحذاء الشخصية  لهؤلاء الاربعة  داخل الدائرة البيضاء من القماش بعد الانفراج, هذه الشخصيات يتحركون بخطوات ميكانيكية بطيئة ثم خطوات سريعة ثم حركات ميكانيكية بطيئة وهكذا ولمدة ثلاث دقائق مع مؤثر موسيقي متأزم وكأنهم يهربون بفزع ورعب, أصوات صفير قطارات وبواخر عده مع اصوات زخات مطر ورعد خفيف, تتلاشى هذه المؤثرات الا من اصوات وجلبة الممثلين  الذين يرتدون ازياء كلاسيكية واخرى معاصرة)

الاحمر: ( وهو يحمل حقيبته على كتفه وكأنه مطارد ضمن خطه الاحمر في الدائرة)سنبقى مطاردون في ارض الرب دون هوادة, نهرب من لهيب الارض وغاصبيها ونلوذ بصمت من (وهو يتحرك ضمن خطه فقط )

الاصفر: ( وهو يسير بقلق واحباط وخوف على خطه الاصفر وحقيبته على رأسه  ويكمل أواخر جملة الاحمر) مواقد الجحيم والنوائح, وسبايا الحروب والكوارث لن اصمت ,لن اصمت , سأجوب الارضين السبع ولن اصمت,  سأغوص في قلب البحار والمحيطات ولن اصمت, الصمت ملاذ الهاربين

الازرق: (وهو يسير في مكانه وقد احتضن حقيبته على صدره) الهاربين ليسوا بأحرار, المنفيون هم وحدهم من يدركون زَّحْمُ الخطوات الهاربة من تحت قدميهم, حيث لا ماء لا هواء , لا ضوء لا مطر

الاخضر: ( وهو يدور في مكانه وخط لونه فقط ) قطعوا النسل, شتتوا الابدان, حفروا القبور, ثم صاحوا, هل من منتحر, او عابر سبيل الى منفاه, أهربوا

الاحمر: ( يهمس الى الجمهور بخوف ويخرج من حقيبته دهان احمر ويدهن فيه وجهه ) لا , لا , من العار ان يكون الموت انتحارا, طوابير من اعراق بشرية التحفنا ببعضنا ثم سَيَرُونا في ضباب كثيف نحو خطوط الجهات الاربعة دون ناقة او دليل (يعطس)

الاصفر: (يخرج من حقيبته لون اصفر ويدهن فيه وجهه) نبشوا علينا التراب الاسود واطلقوا فيه النمل الاحمر, ولكنهم لم يجدوا لنا ( يعطس)

الازرق: (يخرج من حقيبته لون ازرق ويدهن فيه وجه وهو يضحك) لم يجدوا لنا  قبورا, ماجت الارض تحت الاقدام فخرج من رحمها ( يعطس )

الاخضر: (وهو يخرج من حقيبته لون اخضر ويدهن فيه وجهه ويهرول في مكانه) مركب بحجم الارض , هل هذه البداية الثانية, ثم جاء الصوت,هَلُمُّوا واصعدوا فأن الساعة  قادمة لا ريب, فكلنا سوف نفطس قصدي نعطس في النهاية (يعطس )

الاحمر: (وهو يقفز على خطه فقط وكأن تحت قدميه جمرا ) هل ستتسع خيمة السماء للجميع, أهرعوا , اركبوا, فالمسافات حبلى تعطس بأقدام السعير

الاصفر: (يخرج شريط اصفر ويلوح به ) سنصرخ في كل المديات, ولن نقف صامتين على ارصفة القهر مرة اخرى, ولن نصمت, سنجلد ايامنا الفاسدة ولن نصمت

الازرق : (يخرج شريط ازرق ويلوح به) نحن لسنا بأضداد, سنسير جنب الى جنب, علينا اللحاق بالمركب, طوفان بين الازقة القديمة, هاربين من ارصفة النفي

الاخضر: ( يخرج شريط اخضر ويلوح به ونسمع ا صوت نوارس ) صَوائح نوائح , أنها نذير الفنارات من كل صوب, العالم في مخاض سفر جديد, طوفان جديد

 ( نسمع اصوات رعد وبرق وريح عاتيه وتلاطم امواج بحر هائج ومطر غزير)

الاحمر:  (وهو لازال على خطه الاحمر وكأنه على مركب في وسط هذه المؤثرات ويصرخ بالناس) ايها الناس, ايتها البشرية, اهربوا انكم في غزوة الطوفان, لوذوا بعنان السماء (وكأنه ينادي وسط البحر) بوسايدون ماذا فعلنا لك نحن الفارين من فزاعات الارض

الاصفر: (وهو لازال على خطه الاصفر وكأنه ايضا في مركب وسط هذه المؤثرات ويصرخ) بوسايدون لن نصمت بعد الان,البشرية تريد التغيير, نحن الحفاة فوق جلاليب  امواجك, بوسايدون لن نصمت, حدق فينا مليا, بوسايدون

الازرق: )وهو لازال على خطه الازرق وكأنه ايضا في مركب وسط هذه المؤثرات ويصرخ) بوسايدون نحن لم نسرق بصر اولادك, هم من اخصوا امواج بحارك بأرتال من المرتزقة ,وحشوا في جوف الماء مداد المبيدات والفايروسات وكوارث الجحيم

الاخضر: (وهو لا يزال على خطه الاخضر وكأنه ايضا في مركب وسط هذه المؤثرات) بوسايدون الجبار يا إله البحار العجاف خذ منا هذه النذور حتى ترضى (يخرج من حقيبته مجسم للكرة الارضية بحجم الكرة ويرفعها الى الاعلى  ولا تزال المؤثرات مستمرة مع الجميع ويرمي بها الى الجمهور)

الاحمر: (يخرج مزمار من حقيبته ويرفعه الى الاعلى ويرمي به الى الجمهور)بوسايدون,خذ منا حتى تصفح عنا

الاصفر:(يخرج من حقيبته بعض الكتب والاقلام ويرمي بها الى الجمهور)بوسايدون, خذ منى حتى لا نصمت

الازرق: (يخرج من حقيبته معول صغير ويشهره بوجه السماء وكأنه هرقل ودون ان يرميه) لنتأخذ منا هذا حتى لا يموت الحرث (يصرخون جميعا) بوسايدون

 (يظهر وميض برق ثم تختفي جميع المؤثرات رويدا رويدا ويعم الصمت, ثم نسمع اصوات صفير القطارات والبواخر من بعيد ويبقى الوضع متوتر في ايقاعه ويجلس الجميع كل واحد على خطه وممسك بحقيبته وهو بحالة ذهول الا من الاحمر الذي بقى واقفا وهو يتلفت في كل الاتجاهات في حالة قلق وحيرة )

الاحمر: (وهو كأنه في قفص محكمة ما ) كان لِزَامًا علي ان اغادركم وبأي ثمن, نعم وبأي ثمن (يضحك ) أنا خلقت هكذا, متمرد, وعلى كل شيء, حرية الفراشات ثمينة خارج شبكة الجلاد, ماذا, لا , نحن لم نكن صنع في بلادي بل خلقنا من تراب وماج الماء فينا ففطرنا على آدميتنا, هكذا نحن , اعرف هذا لا يروق لكم , انتم تَنْظُرُونَ الينا كجمادات تصلح فقط للإقامة الجبرية وهذا هو قانونكم الوضعي, عقوبة البشر من اوليات الشيطان, الوباء وصل حد العظم فهربت البشرية هاربة الى طوفان جديد ودرب جديد ولون جديد وعليكم ان تدركوا منذ هذه اللحظة ( وهو كمن يريد ان يرمي بنفسه من جبل فيتحرك على هذا الاساس وهو لا يزال يكمل حديثه الافتراضي) سأبحث عن باب الخلاص ,عن الوعد الاخير للبشرية, باب لا رجعته منه ,فيه قيمة الحرية ستكون اول صرخة منذ خلق الخليقة, خطوة واحدة واخرى وأخرى, اليك ايها الباب شدني بمقبضك (يرمي بنفسه وكأنه قد نزل من شاهق حتى يسقط في وسط القماش بعيدا عن خطه وخطوط الاخرين فيتكور على نفسه وهو مرعوب لمشاهدة الاخرين جالسين كأنهم تماثيل ولكنه يفز على صوت الاصفر الذي قفز من مكانه وكأنه في مواجه قتالية وعلى خطه فقط )

الاصفر: لن نصمت بعد الان, جعلتمونا الوانا وأواني مستطرقه لمحاجر الموت, البشرية سبحت في ملكوت مزاداتكم العبثية, عبيد, طوائف, رق, تعصب , رجم وشنق ورصاص في حدائق السمر والمجون, لن نصمت ونغمض العين حتى لا يحترق العالم على رقصة أزرار الجحيم وتغدوا البشرية رماد في مدافن مجهولة, لن نصمت  (وهو ينظر يمينا وشمالا وكأنه سيرمي بنفسه الى قاع البحر) لحكم سلطات فيها اوطان يباع فيها رفات أبنائه, لن نصمت على أمنية بشرية تحلم بشاهد قبر حتى ولو كان مجهول الهوية والدم واللون والعرق والنسب, لن نصمت حتى نلج ذلك الباب الموعود (يرمي بنفسه من مركب وكأنه في بحر هائج فيستقر في وسط القماش بعيدا عن خطه وخطوط الاخرين فيفيق على صوت الاحمر)

الاحمر: (مذهولا) من أنت؟

الاخضر: (وكأنه مطارد صارخا) أنا, أنا , جئت هكذا الى الدنيا , طحلب اخضر, لا , رجل في محجر طحالب خضر, بصيرتي هي من جعلتني افقه في علم الاجنة والاوبئة والديدان والذرة وعالم السموم , حلم عشت من اجله, هو الخلاص, خلاص من العدم, خلاص من الفقر والمرض, خلاص من فتك الاخرين بجرم الالوان ولحم البشر, خلاص بشري عام, كنت ابحث عن باب يتسع للجميع, باب ليس بعده باب, باب فيه البكاء يبتسم, باب ليس خلفه عدو حليف ولا وجود للعدم, ولا جيوش ولا قارعي  طبول حروب وشواهد قبور , لن اكون دعوة للخيانة واجعل كل البشرية رهائن ضَغطة زر بين اصابع وحش لا يعترف بالقدر, الان مهمتي ان اهرب من امطار تشوي الابدان والابصار, سألحق بالجموع الزاحفة صوب ذاك الباب (كأنه يريد الغوص الى داخل الارض فيتحرك على هذا الاساس) لن نرجع اليكم بعد الان فأنتم نفايات تكره رائحة التطهير, خذني اليك ايها الباب, خذني من بلدان الاكفان والتوابيت (يكور جسمه وكأنه يغوص الى عمق الارض حتى يخرج من خطه الى وسط القماش فيتفاجأ بوجود الاحمر والاصفر ويلوذ بنفسه منهم محتضن حقيبته بخوف)

الازرق: (يتحرك بشكل قلق وغير متوازن على خطه وكأنه على حبل سيرك ويصرخ) لا, لا لا, لن انزل الى ساحة سيرك ملغوم  مرة اخرى, سأمشي حتى نهاية السقوط ففيه ملاذ الموتى سقوطا وليس انتحارا, لن نكون شعوب ديكورات مرة أخرى, لن نكون جيوشا غزاة كسراب جراد يفتك جرما بطعام العشاء الاخير, لن نرجع اليكم مرة اخرى كي نغدو مكب نفايات تَعْتَاشُ عليها شياطينكم , هربنا من بطون تواريخكم الحبلى بشهوات زبانية سوق النخاسة, ارضكم كلاب زاحفه,وبحركم فيه كلاب سابحه , حتى السماء أوقفتم فيها غفير يقبض على الارواح الصاعدة بلا تصريح ممهور منكم, سأنزل على قدميعلى عتبت باب الخلاص دون تفكير (يهم برمي نفسه من اعلى الحبل وعينيه معصوبة) لن اقفز مرة اخرى  في بحر الظلمات سأكون عنوان آخر, جينة اخرى, اليك, أليك , ايها الباب (يرمي بنفسه من ذلك الحبل الوهمي وكأنه يسبح في الفضاء فيسقط وسط القماش بعيدا عن خطه وخطوط الاخرين, يعم الصمت, يتحسس جسده ثم يرفع عصبت العين فيتفاجأ بالجميع وهم ينظرون اليه وكل منهم يحتفظ بحقيبته على صدره ويصرخون بصوت واحدة فيما بينهم )

الجميع: من انتم ( صمت تام ويتبادلون النظرات فيما بينهم بشكل مريب وحذر, الاحمر ينهض ثم الاصفر ثم الاخضر ثم الازرق وبشكل غير متناسق وفيه نوع من التوجس والخوف والحذر في ما بينهم)

الاحمر: (يتكلم بأسلوب الاشارة وكأنهم في العصر الحجري)  هو, هُو, من هو

الاصفر: (يرد عليه بالإشارة ايضا والاخرون ينظرون بتعجب ) من هو, هو, هُو, انا هو

الاخضر: ( ايضا يرد بالإشارة ) هو هوهو, مو هو, ان هو

الازرق: ( يرد عليهم بالإشارة ) لا هو ها هو انا هو من هو  !

( صمت تام ثم يتحرك الاحمر في مكانه بشكل قلق وحائر ويقف بفرح ويقول )

الاحمر: أنا ,هو, أنا ( الاخرون يفرحون عند سماعهم الاحمر )

الاصفر: وانا, هو,هو, انا

الازرق: ( بفرح ويفرك بشعر رأسه) هو, انا , وانت هو, وهو انا

الاخضر: ( يصفق لفرحه ) انا وانا وانت وهو ونحن ( الجميع فرحين يتقافزون مثل القرود)

الاحمر: (وهو فرح ويؤشر لهم بقرب الباب) نحن في مرمى حجر من الباب, طوفان ينقذ غرقا الشعوب من دستور بحر الظلمات

الاصفر: (بفرح ) طوفان بلا صمت, بلا جوع , بلا اجساد عراة واوطان تهان وتباع

الازرق: طوفان بلا اجساد تذبح برصاص سلطة اللون والعرق والنسب في دنيا الاغتراب

الاخضر: طوفان دون هراوات, دون نفي او سلخ رؤوس , دون تيجان ورقية هجنة

الاحمر: ( ينظر الى الجميع ويفتح حقيبته على اتساعها ) الكل فان ونحن وهذه الحقائب الحبلى ببقايا الانسان نهرب, من ماتمات, ومن نجا نجا ونحن الان في درب السير الى الباب, حيث لا سحب دخان ولا دم يراق ولا عويل الريح تجري خلفنا بعد الان من يمد يده حتى نقفل حقائب العفن ونسير خلف ذلك الباب

الاصفر: ( يتقدم ويضع حقيبته في بطن حقيبة الاحمر) وعقد الرهان ان لا نصمت بعد الان

الازرق: (يتقدم ويضع حقيبته في بطن حقيبة الاحمر ايضا) سيكون للحق لسان ويعلوا صوته مع موج الطوفان

الاخضر: (وهو ينظر الى حقيبته) نحن الهاربون من قارات القبور, لن نكون قافلة تائه تحلم بشبر من اليابسة (ثم يضع حقيبته في بطن حقيبة الاحمر ويغلقون الحقيبة)

الاحمر: والان انزعوا عنكم  كل الثياب وتطهروا بأريج التراب فنحن عائدون الى خلف ذلك الباب, حقيبة واحدة صيحت واحدة تراتيل موحدة (ينزعون بعض من ملابسهم واحذيتهم ويمسحون وجوههم من الوان الدهان ثم يسحبون الحقيبة الكبيرة باتجاه واحد دون الوان في موشح كورال يوبصوت واحد ويسيرون بخطوات واحدة على شكل دائري بمحاذات الجمهور ) هربنا من ظلم الحاضر نشكو للباب العالي من ظلم العصر الغابر نشكو حكام القبور والطبول والدم المهدور أيها الباب, أيها الباب , أيها الباب جئناك نشكو ظلم القارات السبع حروب , أيتام , ظلم بالمجان, قحط وسخام الكل يلعب دور الرب, الكل يلعب دور الاب هل نحن عرس الوان العالم  للديمقراطية احمر. اصفر.. ازرق..اخضر

(صوت بوق قطار وبوق سفن ورعود بعيدة, الجميع يقف حول الحقيبة بصمت وذهول وايديهم تحمي الحقيبة ووجوههم نحو السماء ثم يضعون الحقيبة وسط القماش الابيض ويسحبون القماش من اطرافه الامامية ويسيرون بخطوات قصيرة وكأنهم يراوحون في مكانهم )

الاحمر: الزمن هنا معدوم من التقويم ,

الاصفر: هنا نهاية المطاف, باب وطوفان, لن نكون بشر من شمع او حجر بعد الان

الازرق: هنا يولد ربيع بشري خلف الباب , لا عويل ثكالى وصرخة طفل تائه بين الرماد

الاخضر: سلالة جديدة, لا زيف, لا شعارات, لا دروب تحرثها اقدام الحروب لا سيف جاهل ولا رصاصة عمياء, لا دم سافح فوق خدود الابناء وها هو الباب يتسع لجميع الاحياء دون زمن يحدد فيه قرارات الموت والفناء

(يقف الجميع فرحين يتراقصون حول قطعة القماش وكـأنهم ادركوا عتبة ذلك الباب )

الاحمر: ( وكأنه ينظر الى افق باب مثل جبل شاهق ) وراء هذا الباب ستولد شعوب بجواز مرور واحد, ايها الباب, نحن بقايا لشعوب اكلها الجراد

الاصفر: ( وكأنه يتحسس الباب ) نحن هنا قبالة عتبتك التي لا حدود لها, افتح لنا على مصرعيك لندخل الى افقك دون حراب دون اجناس دون لون وعرق

الازرق: (وهو يدور بين الجمهور) نحن جموع من جهات الدنيا السبع, جئناك بأحلام لا تعرف الحدود وتركنا ورائنا عالم منكوب برهان الدنيا

الاخضر: خلف الباب يعشب الحب, خلف الباب يعشب الطهر, ايها الباب لقد تركنا ادراننا ورزايانا خلفنا, جئناك حُفاة نأمل بطوفان جديد ومعجزة جديدة

الاحمر: ايها الباب ان كان لك نذرا لتفتح لنا, فكلنا كبش واحد ودون شروط

 (نسمع قوة صوت صرير الباب عندما يفتح ثم يتجمعون في كتلة واحدة ويتحركون بحركة اقدام واحدة باتجاه الباب المزعوم وكـأنهم يعبرون عتبة الباب ثم يقفون من هول الصدمة مما يرونه خلف الباب, تتشابك اصابعهم   فيما بينهم  ثم يتراجعون الى الخلف ببطء والذهول يخيم على وجوههم وترتجف اجسامهم ويتجه كل واحد منهم الى زوايا الجمهور )

الاحمر: خلف الباب لائحة تقول , الجميع  مقطوعون عن تخوم العالم وبدون مصير

الاصفر: هناكخلف الباب قوارب معطوبة, لافتات سوداء, صمت مطبق, اقامات جبرية

الازرق: خلف الباب, خطوات محدودة حتى تجد موميائك  في العشاء الاخير

الاخضر: خلف الباب, شنقت السماء واعدمت الارض ونُفْيَةٌ الشمس وسبي القمر

الاحمر: اي فلك امتطيناه , اي طوفان اخرس كان يبوح لنا بالخلاص, هناك يمسكون بجلابيب الدنيا وبالمقلوب , نحن لا ندعي الافضلية والفضيلة ,بل نحن نبحث عنها  ( يتحرك ويمسك بطرف القماش )

الاصفر: ليس امامنا سوى الانتظار ولكن ليس خلف الباب , بل علينا ان نغتنم فرصة التطهير من عقوق البشر (يتحرك ويمسك بطرف القماش من الجهة الاخرى)

الازرق: لنرجع نسبح في ملكوت الولادة من جديد ومخاض انتظار اخر وسط ضَيْم وهول هذا الهم الكوني وخيباته وخساراته المهلكة والمرعبة ( يتحرك ويمسك بطرف القماش من الجهة الاخرى)

 الاخضر: لقد آن الاوان لنرجع للصرخة الاولى,وعلى البشرية ان تحمل الان الراية البيضاء للقادم من الأيام، وأن ننتظر طوفان جديد ولكن دون ابواب هنا لا مكان للأحلام , هنا فقط حنوط للموتى ولكن دون دكة غسيل للطهور فأقسطوا بالماء فلا طوفان بعد اليوم (يتحرك ويمسك بطرف القماش من الجهة الاخرى)

(ثم يسحبون القماش على شكله البيضوي كما كان في البداية ويرمون الحقيبة الى الخارج وماهي الا لحظات حيث نرى البيضة تتحرك على شكل مخاض امرأة حبلى ثم نسمع غَمْغَمَة اصوات من داخل البيضة كأصوات ولادة مجموعة من الاجنة الغير بشرية تتزامن مع اصوات ابواق مجموعة قطارات مسرعة واصوات صفير لعدت بواخر بسرعتها القصوى حتى تعبر هذه الاصوات مكان حلبة التمثيل ثم يخرج الاربعة بأصوات مرعبه وافواه يسيل منها الدم وكأنهم آكلي لحوم البشر وبحركات مخيفة يتحركون في اربع اتجاهات من حلبة  التمثيل  و يهجمون على الجمهور بصوت وصرخة واحدة )

انتهت  ولكن طوفان الأجنة لم ينتهي……..

ستـــــــــــــــــــــــــار

 

 * منير راضي/  2021

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت