بمصر: مشعلوا الحرائق  مازالوا بيننا .. / نسرين نور

طوال عقود كان الأديب العالمي “ماكس فريش” يمثل مع زميله”فريد ريش دورنمات” ليس فقط الأدب السويسري بل الأدب الألماني قاطبة مع “جونز جراس” “هاينزيش بول “و “مارتين فالنر”فقد وصل الأدب الألماني إلى العالمية بعد الحرب العالمية الثانية وترجمت أعمال مثل رواية  “مونتاوك”لماكس فريش و”زيارة السيدة العجوز”لدورنمات إلى معظم لغات العالم.

كان فريش في الأربعين من عمره تقريبا حين نشر يومياته عن الأعوام ( 1946 إلى 1949 ) وكانت رؤية أدبية لسنوات ما بعد الحرب ضمت هذه اليوميات بذور اعمال فريش اللاحقة ومنها “بيدرمان ومشعلوا الحرائق”

لا يتوفر وصف.

النص الأصلي يحمل عنوان “السيد المترف ومشعلوا الحرائق”  و نشر نهاية الأربعينات وبداية الخمسينات .

كتب “فريش” النص في أعقاب سقوط الفاشية في أوروبا ليذكر الأوروبيون بسكوتهم على حرائق هتلر  و موسوليني إما صمتا أو تحايلا أو تأييد حتى بدأت منازلهم هم “مجتمعاتهم” في الاحتراق . ذلك المواطن السلبي الذي يرى الفاشية تشعل النيران من حوله بينما يجلس لا يحرك ساكناً إلى أن تشتعل النيران من حوله وتطال بيته وروحه .

ورغم ارتباط النص بأحداث حقبة بعينها إلا إنه من الأعمال الكبرى التي لم تفقد جدتها و الأن _بعد مرور كل تلك السنوات _لاتزال صالحة للعصر . أهمية قراءة فريش النقدية للإنسان المعاصر تتمثل في رؤيته عن عجزه إزاء الشر سواء شرور نفسه أو شرور الآخرين . وما يجعل أدبه يتمتع بالاستمرارية حتى اليوم أن الأسئلة التي يثيرها لم تحل حتى اليوم ولم يجب عليها أحد .

وقد عرض مؤخرا من إنتاج صندوق التنمية الثقافية وخلال مهرجان المسرح القومي “دورة الكاتب المصري” العرض المسرحي (مشعلو الحرائق)والذي تماهى فيه المخرج من خلال رؤية للأحداث مع المورال الأصلي للنص .

الرؤية الإخراجية :

جاءت الرؤية الإخراجية لتتماشي مع مورال النص وتعبر عنه في كل مفردة منها فذلك الديكور “الواقعي” يوحي ببيت ثري مترف . كذلك جاء بحلول ذكية لأحداث السطح أو” الصندرة” وببساطة لاتؤذي العين وتحدث التأثير المطلوب .

والملابس والاكسسوارات التي روعي فيها عدم الإشارة لزمن بعينه و إنما تشير لطبقة صاحبها .  واستخدمت تقنيات حديثة “فيديو مابيينج”لمشهد الحريق الاخير.

لا يتوفر وصف.

انقسم الراوي العليم المستخدم في النص الأصلي لأربع رواه . كان وجود ذلك الراوي في النص الأصلي من تأثير المنهج البريختي _الذي تأثر به المؤلف كثيرا_ذلك الراوي الكاشف للحدث ماضيه ومستقبله . المعلق على الحدث بحكمة تبقى في الأذهان “كل الى شاف وسكت كل إلى عارف وكاتم من إلى بيولعوا في البلد” .

الآداء التمثيلي :

اتسم بالبساطة والانسيابية ينتمي للواقعية “كما هو التناول العام للنص”بسيط  دون تكلف أو مبالغة أو حكم من الممثل على الشخصية التي يلعبها فلا مشعل الحريق شرير ولا المترف ساذج أو مصاص دماء  . مع اللجوء لبعض “الافيهات” التي وضعت بلا مبالغة أو اسفاف وكانت نابعة من الشخصية نفسهاتلك البساطة التي لم تخفترغم لمعة الجنون في عيني مشعل الحريق الاول “شعلان” والذي لعبدوره المخرج “محمد مرسي”والتى وسمت الشخصية بتلك اللمحة من الجنون ذلك النوع من الجنون الذي يشعل حريق وهو يقهق ضاحكاً في سعادة ونشوة حقيقية .

تم تعريب الأسماء وإن كان “بيدرمان” (وأحيانا تنطق بيدرماير) فى اللغة الألمانية لفظه تستخدم  للتدليل على شيوع الخوف بين الناس وللإشارة إلى ضيق الأفق والعجز عن مواجهة الشر دفاعا عن قيم ومبادئ الإنسانية ورفضا للتواطؤ مع العصف بالعدل والحق والحرية . Biedermann und die Brandstifter

الأسماء في الألمانية لها معان أيضا و  بيدرمان يُشار إليه عمومًا على أنه شخص شريف وصالح، ولكنه أيضًا يأتي بمعنى بعيد يعني: شخص صغير .

لا يتوفر وصف.

كما تمت إضافة شخصية الدكتور الذي يأتي في النهاية . لا وجود  لتلك الشخصية في النص الأصلي . جاء الدكتور هنا ليعبر عن المثقف المدعي المتحذلق . بتعاليه على الجميع “بمن فيهم النخبة” ممثلة في شخصية “بيدرمان أو عمران باشا أو المترف ” ذلك الثقف أو الدعي بألفاظه التي يتعمد تقعيرها وهو لا يفهم الجميع ولا يُفهم من الجميع ويتم الرد الشعبي على تعاليه وتقعره بالسخرية منه . هذا النموذج في تلك الرؤية للعمل ليس فقط يتواطيء بصمته بل يمنح الكبريت لمشعلوا الحرائق .

مشعلوا الحرائق

انتاج : صندوق التنمية الثقافية

تمثيل : آثار وحيد، نادر محسن، إسلام عوض، ياسر مجاهد، انجي أمجد و محمد مرسي

ديكور وملابس : وليد جابر

موسيقى وألحان : محمد شحاته

كيروجراف: محمد ميزو

مابيينج: محمد المأموني

تصميم وتنفيذ إضاءة : احمد علي

إخراج: محمد مرسي.

 

لا يتوفر وصف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت