بالمغرب: المهرجان الدولي للمسرح الجامعي بالدار البيضاء يكرس ثقافة الاعتراف بتكريمه لوجوه إعلامية وفنية
في خطوة تروم تكريس ثقافة الاعتراف، كرم المهرجان الدولي للمسرح الجامعي بالدار البيضاء في دورته الـ 33 ، وجوها بصمت المشهد الفني والإعلامي الوطني.
هذه الخطوة تعكس الحرص المستمر للقائمين على تنظيم هذه التظاهرة، التي راكمت تجارب وخبرات كبيرة في التعاطي مع الفن الرابع، على الاهتمام بكل ما يتعلق بأب الفنون في تجلياته التي تسائل الوجه المشرق للفن والحياة .
واختار منظمو المهرجان هذه السنة تكريم الإعلامي نور الدين مفتاح، والفنانة المسرحية المغربية مليكة العمري، والمبدع والمخرج لحسن زينون .
هي وجوه معروفة لها إسهامات متفردة، كل في مجاله، وهو ما جعل هذا التكريم مستحقا، ويجعل المكرمين مطوقين بمسؤولية مواصلة مسيرة العطاء .
في مسيرة احترافية ومهنية دامت لعقود، بدأها نور الدين مفتاح بحصوله على دبلوم المعهد العالي للصحافة والاتصال سنة 1970، خاض تجربة صحافية مهنية غنية، جال فيها عبر عدة منابر حزبية، ليصل بعدها إلى الصحافة المستقلة، التي يعد الرجل من مؤسسيها بالمغرب.
ويعتبر مفتاح من الوجوه التي كانت تنادي بتحرير الإعلام وتأهليه كي يصبح مقاولة صحفية . وقد أسس نور الدين مفتاح عدة منابر صحفية أهمها جريدة ( الأيام ) التي تحتفي بسنتها العشرين .
وخلال هذا المسار المهني، تطور نور الدين مفتاح من صحفي ممارس، إلى مدرس للمادة الصحفية، ثم خبير إعلامي، فناشر ورئيس تحرير ومدير مجموعة إعلامية سمعية نوعية في الشكل والمضمون.
وفي سنة 2011، أصبح رئيسا للفيدرالية المغربية لناشري الصحف التي تضم أكثر من 200 صحيفة ورقية والكترونية .
وحسب المنظمين، فإن المهرجان كرم نور الدين مفتاح باعتباره فاعلا إعلاميا، في خطوة تمثل اعترافا بمجهوداته في مجال الصحافة، ودعمه الدائم للمهرجان والمساهمة دوما في خلق شروط نجاحه وإشعاعه.
أما الفنانة مليكة العمري، المرأة والنجمة ، فقد أبى المهرجان في دورته الحالية إلا أن يخصها بتكريم يليق بها، اعترافا بما قدمته من عطاءات للمشهد الفني الوطني، ومن خلالها يكون قد كرم كل الفنانين المغاربة الذين عملوا واجتهدوا رغم الظروف الصعبة التي واكبت مسيرتهم الفنية.
وبدأت مليكة العمري، التي رأت النور بمدينة مراكش، مشوارها الفني في سن مبكر، حيث كانت تهوى الفن والتمثيل رغم معارضة عائلتها .
وكانت بداية شهرتها سنة 1966، حيث تتلمذت على يد كبار الفنانين والمسرحيين المغاربة، أمثال الطيب الصديقي وأحمد الطيب لعلج ، وإبراهيم السايح ، ومحمد سعيد عفيقي ، وعبد الله شقرون ، الذين تعلمت منهم أسرار نجاح الفنان المسرحي .
للفنانة مليكة العمري تاريخ حافل وكبير قدمت خلاله العديد من المسرحيات والمسلسلات والأفلام، حيث برعت في أداء وتحسيد أدوار الأرستقراطية والبرجوازية والأم الحنون والمرأة الشريرة .
وكان للمبدع والمخرج لحسن زينون حظه من العرفان، تقديرا لإسهاماته الفنية وعمله الإبداعي الذي أهداه السنة الماضية للعالم، مساهمة منه في إشعاع اسم وموقع المهرجان على الصعيد العالمي .
وبهذه المناسبة، تم تقديم معزوفات موسيقية للمعهد الموسيقي للمركب الثقافي مولاي رشيد، إلى جانب فقرة فنية “فرحة دكالة” للحسن زينون.
وحصل زينون على أول جائزة في الرقص من المعهد البلدي بالدار البيضاء سنة 1964. ولما أصبح راقصا نجما اشتغل مع كبار الكوريغرافيين، مثل بيتر فان ديك، وجورج لوفيفر، وأندي لوكليرهان فوص وجان برابان .
في سنة 1978 أسس زينون مع زوجته ميشال باريت مدرسة للرقص وفرقة “باليه – مسرح زينون”، التي تخرج منها عدة راقصين منهم ولداه .
وبعد أن نال لحسن زينون شهرة عالمية قدم عروضه في الغرب وفي العالم العربي، وأسهم في تصميم الرقصات لعدد من الأعمال السينمائية منها “الإغراء الأخير للسيد المسيح” لمارتن سكورسيزي و”شاي في الصحراء” لبرناردو برتولوتشي، و”ظل فرعون” لسهيل بنبركة.
وسنة 1991 أخرج شريطا قصيرا بعنوان “حالة هذيان”، وأنجز ثلاثة أفلام قصيرة بعده هي “الصمت” 2001، و”البيانو” 2002، و”عثرة” 2003 الذي نال جوائز عدة.
فثقافة الاعتراف والتكريم إذن، خاصة حين تكون في حياة المكرمين وليس بعد مماتهم ، تبقى فضيلة تحفز على مزيد من العطاء، علاوة على إشاعة القيم الإنسانية النبيلة .