بالعراق: تناصات المسرح العراقي بين الرمز والواقع في مسرحية “تحريق” للمؤلف والمخرج(علي لعبادي)/ حيدر جمعة العابدي
المكان فضاء المكتبة المركزية في كربلاء. منذ اللحظة الاولى يضعنا المؤلف امام سؤال فلسفي وجودي يسعى إلى شطر الذات عن الموضوع ومن ثم اتحادهما ضمن خارطة الصراع الوجودي الازلي بينهما والتي اختزلت في لونين هما الأحمر والأسود كدلالة رمزية نسقية على شكل المضمر والمعلن من تحولات الواقع المعاش .
تدور احداث و مشاهد المسرحية بين شخصيتين امتزج وجودها مع ديكور المسرح، وبذلك اصبحا لوحة فنية معبرة هما الممثلان (احمد الاسدي) و الممثل (فيد اللامي) اللذان برع في رسم هذا الانشطار والاتحاد الدلالي عبر حركتهما الأول يقف في حيرة أمام اختيار ثيمة اللوحة الأخيرة التي ظلت بيضاء طيلة فترة العرض لتتلون باللون الأحمر معلنة انتها المسرحية والثاني يستعيد أسئلة الماضي بلغة الحاضر بتهكم وسخرية لاذعة مع انتقال المؤثرات البصرية كالاضاءة والتي نفذها (سعد حسين) حيث كان انتقال الضوء ياخذ شكل حقب متعاقبة بلونين . وهو ما برع المخرج في توظيفه كتناصات تاريخية لا تزال حاضرة وبقوة في حياتنا اليومية ومخيالنا الشعبي ولحظة مفارقة من تاريخنا المدجج بالحروب وهي معركة الطف الشهيرة لتكون عامل اتحاد وتساق مابين لونين هما لون الدم والعنف الاحمر ، ولون الحزن والعتمة الاسود ، في دلالة واضحة على تكرار فاجعة الطف المعروفة وما صاحبها من عنف وقتل واقصاء ظلت نارها مستعرة فينا حتى هذه اللوحة الاخيرة التي تنتهي بلون الدم لكن باشكال حديثة واسماء جديدة ، ومن الجدير بالذكر ان الإدارة المسرحية كانت للشاعر (علي هادي الفتلاوي)