نص مسرحي أراني أعصر ألما”/تأليف: أثير الهاشمي
المسرح : شاطئ لنهر صغير
(صيادان من الهواة يحاولان اصطياد السمك )
الصياد عاصم : (يسأل) هل تتوقع أن نصطاد شيئا ..
الصياد مصاع : ربما
عاصم: لا اعتقد
مصاع: إذن لماذا تسأل؟
عاصم : تتضامن معي
مصاع : يضحك سأحول السؤال لك هل تتوقع أن نحصل شيئا
عاصم : لا اعتقد
مصاع : حاول أن تعتقد
عاصم : لا اعتقد
مصاع : حاول أن تعتقد
عاصم : سنرى ذلك
يحاولان اصطياد السمك لكن من دون جدوى
عاصم : بلهفة أجد ثمة شيئا عالقا في صنارتي
مصاع: ربما سمكة
عاصم: ربما علبة مملوءة بالوحل
مصاع: أو ربما قصبا
عاصم : سنرى ذلك
(يخرج السنارة فإذا هي حذاء قديمة)
عاصم: ( بحزن ) يا للحظ أنها حذاء قديمة
مصاع: ( بسخرية ) هيا حاول أن تصطاد الحذاء الأخرى لتكسب زوجا من الأحذية
عاصم : بغضب كف عن هذا الهراء
مصاع: (يضحك)
عاصم: (بسخرية ) اصطادها أنت
مصاع : أنت لديك واحدة تحتاج إلى أخرى
عاصم : إنها حذاء قديمة وتالفة
مصاع: لا نعرف كم من الوقت وهي تقطن في قاع هذه النهر
عاصم : ربما نفس الوقت الذي نقطن فيه بقاع هذه الأرض
مصاع: ربما.. لكن الامل موجود
عاصم: بغضب عن أي أمل تتكلم
مصاع : عن أملي وأملك
عاصم: (بغضب) نحن نعيش في تيه ..
مصاع : نحاول أن نبحث عن بقعة ضوء نترجى أملا قادم (يضحك بسخرية)أنا أرى الكون كأنه الطير يأكل من رأسي
مصاع : أنا عكسك تماما
عاصم: أنا أراني أعصر ألما
مصاع : الالم يكبر أن رعيته وسقيته من تشاؤمك البغيض
عاصم: آلامنا تهوانا
مصاع: ازجرها عنك
عاصم : بل عالقة لا تفك طوقها عنا
مصاع: لنحاول الاصطياد
عاصم : (يضع صنارته) ربما نصطاد حذاء أخرى..أو اسطوانة قديمة..أو علبة ماء مستهلكة أو …(يصمت)
مصاع : (يكمل) أو قنبلة غير منفجرة
عاصم : بسخرية لحظتها سنكون سمكا فاقما
مصاع: سنكون طعاما له
عاصم : يسحب الصنارة تخرج فارغة
مصاع: لا شيء افضل من الأحذية القديمة
عاصم : النهر متسخ بقذارات الناس
مصاع : صرنا نقرف النهر باوساخنا الدائمة
عاصم: نغسل ادراننا بماءه المتسخ
مصاع :سنحاول الغسل
عاصم: سنحاول الاتساخ
مصاع : سنحاول الغسل
إظــــــــــــــــــلام
المشهــــد الثانـــــــي
( يتناولان بعض الأكلات ويشربان مشروبات كحولية.. هما ثملان الآن)
عاصم: ( يحاول الاتصال بزوجته.. يمد يده على الهاتف وهو على الأرض يتوهم فيأخذ هاتف صديقه يريد أن يتصل على زوجته فيتصل على زوجة صديقه)ألو حبيبتي
الزوجة: أهلا حبيبي
عاصم :كيف الحال؟ اشتقت إليك (بصوت منخفض) الجو جميل اليوم.. تمنيتك معي اصطدنا السمك (يضحك بينه وبين نفسه) حاولنا الغناء.. لكن صدقيني كل ذلك ليس حلوا لأنك لست معي ( برهة ) صدقيني أجمل سمكة أنت
الزوجة : وأنت الماء
عاصم : ما أجملك يا سمكتي ..
الزوجة : شكرا أيها الماء ..
( يستمران بالكلام )
الزوجة : ما أحلاك اليوم يا زوجي..وأنت تثرثر كلمات جميلة..ما بالك كنت صامتا معي..بوحك ينسيني الوحدة في البيت
عاصم: سأأتي حتما إليك باسرع ما يمكن فقط سأنتهي من سفرة اليوم مع صديقي المتعجرف (يضحك)
الزوجة: اووه صديقك ..اتركه هذا المتعجرف تعال لي
عاصم : سأكون عندك بعد ساعة جهزي ما لديك..من أكل، عصائر، وافتحي الأضواء رتبي المكان..حاولي حاولي أن تكوني على ما يرام.. اشتقت اليكِ
الزوجة : ما احلاك اليوم يا زوجي..اريدك هكذا كل يوم
عاصم : أنا كذلك .. لم ولن أتغير ..
( من الجهة المقابلة مصاع يتصل بزوجة صديقه بعدما تبادلا الهاتفين )
مصاع : مرحبا
الزوجة : أهلا حبيبي
مصاع : بخير
الزوجة: كيف حال الصيد؟
مصاع : (بهدوء).. لا شيء سوى التعب
الزوجة : هل اصطدت شيئا ؟
مصاع: ( يصمت قليلا) لا شيء سوى الفراغ
الزوجة: وهل يأستم؟
مصاع : لا يأس مع الصيد
الزوجة : وهو كذلك
مصاع : (بهدوء أكثر) الأمل موجود
الزوجة: اليوم أنت جدا أعجبتني.. ما هذا الهدوء؟
مصاع: شكرا حبيبتي
الزوجة: أريدك هكذا دائما..لا أريدك ثرثارا مثل كل مرة
مصاع : أنا هكذا.. لم ولن أتغير
الزوجة: لا اليوم أنت مختلف ماما.. أحبك هكذا تكون
مصاع: سأبقى ..
الزوجة: بل أريدك أكثر
مصاع : حاضر
(من الجهة الثانية )
عاصم: اشتقت إليك ِ حبيبتي
الزوجة: وانا كذلك .. تعال لي أريد اسمع لسانك المختلف
عاصم: سأكون مختلفا دائما.. سأكون هكذا دائما
(يثرثر أكثر .. يستمران بالكلام .. )
المشهــد الثالـــث
(يعودان يجربان حظهما في الصيد )
عاصم: سياخذنا النهر إلى حيث لا ندري
مصاع : إلى أين يعني
عاصم: إلى اللا أين
مصاع : إلى أين اللاأين
عاصم : لا أدري
مصاع: ومن يدري
عاصم: سنلهو بأعمارنا
مصاع: وما الفائدة
عاصم: نرعى خيباتنا
مصاع : مسألة لا تنتهي
عاصم: مثل كل مرة
مصاع: والحل؟
عاصم : نمارس طقوسنا
مصاع: كيف؟
عاصم: خيبات متتالية
مصاع : واحدة تتلو الأخرى
عاصم : وجوهنا تنبض بالألم
مصاع: لذلك ترانا نعصر ألما
عاصم: لنشرب من آهات كؤوسنا
مصاع : حكاية لا تنتهي
عاصم : ستنتهي برحيلنا
مصاع: أعمارنا حكاية أخرى
عاصم : سنلوذ إلى متاهاتنا المنزوية في رئة التيه
مصاع: سنكتب تيهنا في خبايا الروح
عاصم :هراؤنا غيمة تمطر خيبات مفعمة بالفراغ
مصاع : سنختبئ خلف مرايانا
عاصم : سيعكسها الريح
مصاع: سنختبئ
عاصم :هناتنا مخبوءة تحت ألسنة العافية
مصاع: سنختبئ تحت …
عاصم: (يقاطعه ) العافية قاطنة في مزايا الروح
مصاع : سنختبئ تحت ظل ..
عاصم: ( يقاطعه ) ألسنة الروح تحكي أحلام مسراتنا
مصاع: سنختبئ تحت ظل هراءنا
عاصم: الهراء .. هراء .. راء.. ا .. ء
مصاع : سنكتب ذلك في سبورة مرايانا
عاصم : سنكف عن هراءنا
مصاع: هراء خانعين له
عاصم: له خانعين
(يتخاصمان )
إظــــــــــلام ..
يزداد الصراخ..يُضاء المكان..يتجادلان ..
إظــــــــــلام ..
يظل الصراخ عاليا …