بتونس: ورقة عامة حول الندوة الفكرية الدولية المسرح في زمن المخاطر
بإدارة: الدكتور حمدي الحمايدي
تنسّيق وتقرّرير: د. بسمة فرشيشي،
تحت إشراف: مهرجان أيّام قرطاج المسرحية الدورة 22 بالتعاون مع الهيئة العربية للمسرح
امتدت أشغال الندوة الفكرية الدولية لمهرجان أيام قرطاج المسرحية الدورة 22 على مدى ثلاثة أيّام07 و08 و09 ديسمبر 2021. هذا وقد شكّلت فرصة جدّ ثمينة لتلمس واقع الممارسة المسرحية في عدد من البلدان العربية والإفريقية في زمن المخاطر والأزمات، والوقوف على سبل وآليات التعامل معها ظرفية كانت أ ودائمة.
تنوّعت أطروحات المداخلات تبعا لتنوع المقاربات في تناول الموضوع الرئيسي للندوة، إذ تراوحت بين :
ـــ التشخيص المنهجي لواقع المسرح ولوقائع عنه في زمن الحروب والاضطرابات السياسية والتناحر الأيديولوجي وغيرها من سياقات الشدائد الكبرى الأخرى،
ـــ التناول النظري التحليلي بالوقوف على محاولات مرجعية قارب فيها أصحابها بين الفعل المسرحي والأوبئة على غرار مسرح أنتونان أرتو والطاعون أو ما التمسه تادوش كانتور في “مسرح الموت”حين تضافر الموت والحياة في بوتقة واحدة،
ـــ قراءات في تجارب إخراجية اهتمّت بشكل خاص بالمعالجة الدرامية شكلا ومضمونا لموضوع الخطر بمختلف مستوياته وأسبابه وأنواعه وتداعياته السلبية على سلوك الفرد ماديّا و معنويا وعاطفيا،
ـــ تساؤلات حول الشأن المسرحي ذاته كقطاع نخرته الأزمات من داخله ما غيّب الأفكار المبدعة والخلاقة الكفيلة وحدها بأن ترفع من مستوى الخطاب وتنهض بالممارسة،
ـــ تأمّلات في مآل المسرح في ظلّ جائحة الكوفيد وما بعدها كفن مهدّد في وجوده واستمراريته إذا ما فقد فاعليته وجدواه بالنسبة إلى الإنسان أمام سلطة عوالم افتراضية سالبة وبلا حدود.
هذا وعلى الرغم من تنوع الموضوعات المتعلقة بقضايا المسرح والمخاطر والأزمات بجميع أصنافها، تفاعل جميع المشاركين في الندوة، متدخلين كانوا أو حضورا، مع أهمّ شواغل عالم اليوم / ومسرح اليوم / وحتى الظروف الخاصة جدّا التي تمّت فيها فعاليات المهرجان هذه السنة بما فيها جلسات ندوتنا الست، ألا وهو شاغل جائحة فيروس الكوفيد باستهدافها المباغت لجميع مجالات الحياة حدّ إصابة حياة الأفراد ونشاطاتهم الحميمية، والمسرح هنا جزء لا يتجزّأ من هذه النشاطات كفضاء معرفي احتفالي فرجوي حميمي بامتياز ومنذ البدء. إذ يجد نفسه اليوم أمام تحديات جديدة لم تكن في الحسبان وتفرض عليه مجدّدا حلولا اضطرارية كلجوء البعض في جميع بلدان العالم إلى بث عروض “أون لاين” لا نعرف شيئا عن تداعياتها كجهلنا لموعد القضاء نهائيا على الفيروس ومتحوراته.
وعليه، اتسمت مداخلات هذه الندوة بالجودة في الطرح والرصانة الفكرية والعلمية مستجيبة بذلك لمقترحات الورقة العلمية، كما أنّها عالجت موضوعًا قديما جديدًا كان ومازال محَلّ سجال وخلاف ومطارحة في العالم أجمع ومنذ القدم، فكلما واجه المسرح المخاطر والأزمات إلاّ وسعى للبحث عن تغيير نفسه وإعادة النظر في العملية المسرحية فنياً وإبداعياً واجتماعياً وفكرياً وثقافياً بما يستوجب ضمان علاقة جديدة مع الجمهور ومع فضاء العرض ومع آليات الإنتاج وظروفه المادية.