الانسلاخ من المواهب الرياضية الى عالم الفن/ مجيدْ عبدَ الواحدْ النجارْ
الفنان باقرْ عبدِ الواحدْ … يكمل مشوار حياته
أنْ تكونَ مثقفا هذا يعني أنَ لديكَ حصانةٌ ضدَ كلِ ما هوَ قبيحٌ ، وأنْ تكونَ مثقفا فهذا يعني أنكَ تستطيعُ أنْ تصنعَ الجمالَ ، وأنْ تكونَ مثقفا هذا يعني أنَ لديكَ مصداتٌ ضدَ كلِ ما هوَ غيرُ منطقيٍ وغيرِ معقولٍ ، وأنْ تكونَ مثقفا ، هذا يعني أنكَ تستطيعُ أنَ تبني صروحا منْ الإبداعاتِ المختلفةِ ، الثقافةُ تجعلكَ قادرا أنْ تعيشَ وسطَ المجتمعاتِ بروحِ الألفةِ والمحبةِ والاطمئنانِ ، منْ خلالِ معرفتكَ بمعالجةِ كلِ الحالاتِ الطارئةِ ، الثقافةُ تجعلكَ قادرا على اختيارِ الأشياءِ النافعةِ للمجتمعِ ، وتمكنكَ منْ العملِ معَ الجميعِ بقلبٍ نابضٍ بالمحبةِ .
كلُ هذا كانَ الحصنُ الذي يتحصنُ بهِ الفنانُ باقرْ عبدِ الواحدْ ، كانَ عريصا على أنْ يعيشَ بينَ الكتبِ لكيْ ينهلَ منها المعرفةُ والحكمةُ والوعيُ ، باتجاهَ اختيارِ ما يمكنُ أنْ يبدعَ بهِ ، وما انسلاخهُ منْ بعضِ مواهبهِ الرياضيةِ ، والدخولُ في عالمِ الفنِ ما هوَ إلا لوجودِ تلكَ القدرةِ العاليةِ في اختيارِ ما يمكنهُ منْ الإبداعِ وبثَ رسائلَ المعرفةِ والعلمِ ، لجمهورٍ ، متعطش لكسبِ جميعِ المعارفِ ، لقدْ أحبَ الفنانُ باقرْ القراءةَ منذُ كانَ طفلاً ، كانَ يبحثُ عنْ كلِ ما هوَ نافعٌ ، وكلَ ما هوَ بإمكانهِ تطويرُ مخيلتهِ باتجاهِ الإبداعِ ، وبعدٌ أنْ ملأَ جعبتهُ ببعضِ المعارفِ راحَ يكملها في معهدِ الفنونِ الجميلةِ على يدِ أساتذةٍ تمرسوا بزقُ المعارفِ والحكمِ والفنونِ ، وعادَ منها محملاً بطاقةً مكنتهُ أنْ يكونَ مؤلفا بارعا في طرحِ قضايا المجتمعِ ، ومعالجتها بما يتكْ منْ وعيٍ ، بمشاركةِ زملائهِ منْ الفنانينَ ، فكتبَ العديدَ منْ المسرحياتِ التي أخرجَ قسمُ منها والأخرى كانتْ منْ نصيبِ زملائهِ المخرجينَ الذينَ أبدعوا في بثِ رسائلهِ للجمهورِ .
ت | اسم العمل | المخرج | مكان العرض | سنة الانتاج |
1. | النهوة(تمثيلية تلفزيونية) | خليل شوقي | تلفزيون بغداد | 1963 |
2. | بدرية وحمود | خليل شوقي | اذاعة بغداد | 1963 |
3. | شلون بلشة | خليل شوقي | اذاعة بغداد | 1963 |
4. | بعد الانتظار | باقر عبد الواحد | النشاط الفني | 1973 |
5. | ارادة شعب | باقر عبد الواحد | النشاط الفني | 1975 |
6. | الظواهر المدانة | باقر عبد الواحد | نقابة الفنانين | 1977 |
7. | معانات الفنان في قديم الزمان | باقر عبد الواحد | نقابة الفنانين | 1977 |
هكذا تفلُ الثقافةِ في الفنانِ ، لقدْ دخلَ عبدُ الواحدْ عالمُ الكتابةِ قبلَ تخرجهِ منْ معهدِ الفنونِ الجميلةِ ، وعندما يكتبُ للتلفزيونِ فهذا يعني أنهُ أكسبَ مهارةَ الكتابةِ وحرفيتها منْ خلالِ المطالعةِ والدراسةِ الشخصيةِ ، واقصدْ هنا عمل على تثقيفِ نفسهِ ، منْ خلالِ قراءتهِ المستمرةِ لمختلفِ الثقافاتِ ، لأنَ الكتابةَ تحتاجُ لذلكَ ، ومنْ خلالِ تقربهِ للكتابِ ومجالستهمْ ومتابعةِ أعمالهمْ ، كانَ عبدُ الواحدْ يحبُ المعرفةَ مما دفعةٍ للعملِ في التلفزيونِ ، والمعنيونَ في مجالِ الكتابةِ يعرفونَ جيدا أنَ الكتابةَ للتلفزيونِ تختلفُ كثيرا عنْ الكتابةِ للمسرحِ .
ولانَ بداياتهِ كانتْ منْ المسرحِ لذلكَ عاودَ الكتابةَ لهُ ، ولكنْ هذهِ المرةِ بدرايةٍ عاليةٍ في عالمِ الكتابةِ ، لاكتسابهِ الخبرةَ العمليةَ والنظريةَ ، منْ خلالِ ممارستهِ فنَ الكتابةِ للإذاعةِ والتلفزيونِ ، فقدْ كتبَ أولَ مرةٍ ، للنشاطِ الفنيِ الذي كانَ مشرفا فيهِ ، وقدْ كانتْ أعمالهُ التي كتبها باللهجةِ العاميةِ ، وتناولَ فيها المشاكلُ الاجتماعيةُ ، حيثُ يقولُ في هذا الصددِ ” لقدْ بدأتْ كمسرحيٍ في الريفِ العراقيِ … وفي ذلكَ الوسطِ كانَ لابد لي منْ الانتباهِ إلى الحقيقيةِ ، كيفَ بإمكاننا أنْ نوصلَ أفكارنا إلى الجمهورِ … كانَ علي أنْ أوازنَ بينُ الفكرِ والهدفِ “ ([1]) .
إذنٌ كانتْ البداياتُ والحياةُ الاجتماعيةُ التي قضاها في قضاءِ القرنة الأثرُ الكبيرُ في فهمهِ أنَ اللهجةَ الشعبيةَ هيَ القادرةُ على إيصالِ أفكارهِ إلى الجمهورِ ، لذلكَ تمسكُ بها في أغلبِ كتاباتهِ ، التي قدمها في محافظةِ البصرةِ . كانَ عملهُ في الإخراجِ متأخرا قليلاً ، رغمَ بداياتهِ المدرسيةِ كانتْ في الإخراجِ ، ورغمُ دراستهِ الأكاديميةِ في معهدِ الفنونِ الجميلةِ ، ولانَ الإخراجُ يحتاجُ إلى ميزاتٍ خاصةٍ ن منها اكتمالِ الوعيِ ، والقدرةُ على التحليلِ والتفسيرِ ، وقبلُ هذا القدرةُ على أخيارْ المنجزِ وإمكانيةُ توزيعِ الأدوارِ ، وهناكَ أمورٌ أخرى كانتْ لمْ تكتملْ بعدٌ ، فكانتْ البداياتُ الإخراجيةُ الأولى المكتملةُ عامَ 1965 معَ مسرحيةِ السلطانِ الحائرِ ، للكاتبِ العربيِ توفيقْ الحكيمْ ، لتلي بعدَ ذلكَ أعمالُ مسرحيةٍ عديدةٍ وبمختلفِ التوجهاتِ والرؤى ، كما قدمَ أعمال لمختلفِ الجهاتِ ، منها نقابةً الفنانينَ , تلفزيونُ البصرةِ ، وجامعةُ البصرةِ ، وتربيةُ البصرةِ
، وكانتْ على التوالي :
ت | اسم العمل | المؤلف | جهة الانتاج | السنة |
1 | السلطان الحائر في القصر | توفيق الحكيم | النشاط الفني | 1965 |
2 | رغبة تحت شجرة الدردار | يوجين اونيل | ثانوية | 1966 |
3 | المدمن | يوسف العاني | فرقة الملتقى | 1967 |
4 | راس الشليلة | يوسف العاني | النشاط الفني | 1968 |
5 | الى فلسطين | عبدالله زكي | الاتحاد الوطني | 1971 |
6 | بعد الانتظار | باقر عبد الواحد | النشاط افني | 1973 |
7 | رغبة تحت شجرة الثرثار | يوجين اونيل | مديرية التربية | 1973 |
8 | ثورة الموتى | اروين شو | النشاط الفني | 1973 |
9 | جسر الحديد | شاكر العطار | نقابة الفنانين | 1975 |
10 | ارادة شعب | باقر عبد الواحد | النشاط الفني | 1975 |
11 | شريكة | شاكر العطار | الاتحاد الوطني | 1975 |
12 | اوبريت الامل | حسن زبون | تلفزيون البصرة | 1975 |
13 | الظواهر المدانة | باقر عبد الواحد | نقابة الفنانين | 1976 |
14 | محكمة الجامعة | حسين عبد القادر | كلية الهندسة | 1977 |
15 | ليلة عرس | نجمة الزطوسي | المسرح الريفي | 1977 |
16 | معانات الفنان في قديم الزمان | باقر عبد الواحد | نقابة الفنانين | 1977 |
17 | المجانين | حسن زبون | مديرية التربية | 1978 |
18 | لعبة السلطان والوزير | البو صبري عبدالله | فرقة البصرة للتمثيل | 1981 |
لقدْ اشتغلَ خلالَ إخراجهِ لجميعِ الأعمالِ المسرحيةِ على المذهبِ الواقعيِ ، ولمْ يلتفتْ في أيِ عملٍ إلى المذاهبِ الأخرى لاعتقاديهْ أنَ الواقعيةَ هيَ التي يمكنُ أنْ تصلَ إلى الجمهورِ بسهولةِ دونَ تشويشٍ ، وكانَ يقولُ ” على الفنانِ أنْ يؤديَ دورهُ على خشبةِ المسرحِ حتى النهايةِ … أنَ يتعذبُ … ويبكي ويفرحُ … وهذا ما أقولهُ دائما ، أنَ الممثلَ لا يستطيعُ أنْ يؤديَ دورا إلا حينَ يؤمنُ بهِ ويعايشُ أبطالهُ … لقدْ أبكيتُ بعمقٍ حتى نسيتُ نفسيٌ حينَ كنتَ ألعبُ دورٌ ( كابوتْ ) في مسرحيةٍ ( رغبةٌ تحتَ شجرةٍ الدرارْ ) ([2]) .
وهكذا أنهى الفنانُ باقرْ عبدِ الواحدْ مسيرتهُ الفنيةُ عامَ 2011 معَ الأعمالِ الشعبيةِ ولمْ يفارقْ
الريفُ بكلِ تفاصيلِ حياتهِ ، فقدْ قدمها بمعالجاتٍ واقعيةٍ دونَ الدخولِ والتحرشِ بالمذاهبِ
المسرحيةِ الأخرى .
الإحـالات:
[1] ) بلا ، الفنان باقر عبد الواحد ، مجلة المرفأ ، ص6
[2] ) بلا، المصدر نفسه.