الصعود الى الاسفل / زينب لعيوس الاسدي
دارت الدنيا … وجلسنا خلال سويعات نتأمل ما ظل في الذاكرة وما استقر في القلب .. لنقلب صفحة بيضاء جديدة .. كانت الحياة مسرحاً كعادتها فلنتأمل المسرح إذن .. ولنرجئ أحداثها الأخرى لآخرين تحدثوا عنها وسوف يتحدثون فالأحاديث ذات شجون والكلمات ستظل تؤرخها سطوراً على ورق الحقيقة التي لن تموت.
إنه تأكيد على ديمومة المسرح بكل جهاديته وتاريخه ومسيرته المتألقة التي لن تقف عند حد …
اذ أرتبط الفن ارتباطاً وثقياً ومباشر بالإنسان اذا لا يمكن ان نفصل او نتخيل حياة الإنسان دون الفن ، اذا يعتبر الوسيلة التي يعبر من خلالها لطرحه للجمال اولاً وما يحيطه به ثانية من حالات نفسية وقضايا اجتماعية واقتصادية وغيرها.
فالإنسان هو صانع الفن كالمسرح والرسم وغيرها من الفنون، وهو منتجه ومبدعه وهو متلقيه في الوقت ذاته فإن الفن هو جزء من الثقافة بشكل عام ، وخالق لتوجهاتهم في شتى مجالات الحياة، وأضحى صعبا أن يتخلى إنسان العصر الحديث عن متابعة الفن بصرف النظر عن محل سكناه أو إقامته بفضل منتجات العصر الحديث ومكتسباته الالكترونية والفضائية، وفي ضوء ذلك يصح القول ان الفن يصنع شخصية الفرد ويمنحها انماطا سلوكية مختلفة، وللفن القدرة على توجيه الناس لأي اتجاه ولأي منظومة فكرية.
ويكمن مدى تقبل العمل او رفضه على التذوق الفني والجمالي للفرد ، فالتذوق للجمال سمة فطرية لدى الإنسان ورغبة حسية تثير لديه الفضول والبحث عن الجمال المكنون في الفنون ، ويشترك في عملية التذوق الفني طرفين مهمين في اثارة القيم الجمالية هما الفنان الصانع للجمال والمتلقي للوصول الى معادلة النسبية للجمال .
اذا تمثل الذائقة الاداة الرئيسة في انتقاء العمل الفني وهي تفصح عن مدى ثقافة الفرد واهم الاتجاهات الفكرية والجمالية والاجتماعية ، اذا تتم من خلالها تصعيد العمل الهابط والعمل على ترويجه يعود الى قلة وعيه في كل الامور التي تم ذكرها اضافة الى العامل النفسي والعنف الذي يتعرض له الفرد ادى الى ضياع الكثير من القيم الاخلاقية التي هي اساس العمل الفني لذا يحاول التخلص من كل تلك الامور التي تحيط به عبر اللجوء الى الفن الهزيل الهابط الغير اخلاقي ، والناتج من الثقافة المستبدلة والدخيلة على المجتمع الاصيل ، واصبح المتلقي غير متذوق للقيم الثقافية الاصيلة فالفن سامي وراقي لانه ذو محتوى هادف ومتزن ورسالة ذات شكل ومضمون ، اما ما يقدم الان من الفن الهابط لا يعتبر فن ولا يرتبط للفن بصلة بأي شكل من الاشكال أ انه عبارة عن محتوى مبتذل وهازل لا هدف له سوى اثارة السخرية واضحاك المتلقي .، وهذا لاينفي وجود كثير من الحالات المشعه التي تألقت في مسرحنا هنا وهناك .. في أماكن قد لايخطر على بال أحد أنها تعطي هذا العطاء كل هذا الحالات تشكل صفحات ساخنة ضد التيار العابث اللامجدي المتشبث بحجج تبدو للوهلة الأولى صائبة ولكنها من حيث الجوهر والحقيقة وسائل تخفي العجز في أن ترتفع إلى المستوى الذي يجب أن يكون، المسألة في تقديري لاتقع في حالة التعجيز في أن المشاهدين يريدون نوعاً خاصاً من الفن .. أبداً، المشاهدون هم متلقون أنقياء يمكن بكل بساطة ألا يغرق المسرح بالزبد وحده .. ألا تتراكم اللافنية فيه إلى الابتذال، آنذاك تكون المعادلة مقبولة ومتناسبة، ما يريده الجمهور وفق تصوراتنا نحن حين نكون أمينين له وحريصين عليه ..
إذن لنسجل دعوة مخلصة لكل من عشق الفن وأحبه وآمن به فناً وثقافة ومتعة شريفة .. دعوة لكل هؤلاء كي يعمقوا في العيون والقلوب والنفوس الفكر المتوهج في المسرح والشفافية الفنية فيه والعمق الإنساني الذي لن يخبو والسعادة النابعة من أعماق النفس ضحكة أو ابتسامة أو قهقهة عالية شريطة ألا يضيع صداها كفقاعة صابون ..
عذراً إن كنت قد قسوت، وشكراً إن كنت قد أفدت واعتزازاً بكل من رسم لوحة إنسانية مؤثرة ومفيدة وممتعة في مسيرة الفن العربي كي نصعد إلي اعلي لا صعودا مزيفا إلي اسفل