نص مسرحي: ” انسالات” / تأليف: د.فاتن حسين ناجي

 

الشخصيات: الزوج، الزوجة، الرجل، القاضي، و روبوت

المكان: غرفة نوم يتوسطها سرير واسع.

الزوجة: (بفستان زفاف تحمل بيدها خرقة بيضاء, يقف أمامها الزوج, أصوات موسيقى ونساء تغني من بعيد, يبتسم الزوج ويرفع غطاء وجهها تحاول هي منعه من رفع الغطاء تهرب بعيدا. يبتسم ويجلس على السرير تقف هي بعيدا بينما يبقى هو مبتسم على السرير، تمر الدقائق والصورة متوقفة فجأة تقترب الزوجة منه اكثر، ترفع غطاء وجهها, يتوقف الزوج عن الابتسام يقترب منها, ثم يعاود الابتسام ببلاهة).

الزوج : قالت لي أمي اذبح لها قطة حتى تخشى المواء!

الزوجة : قربان .. وقربان…

الزوج : ذبحتها لكني أخفيتها.

الزوجة : قربان…

الزوج : وهل ستذبحين الليلة شيئاً؟

الزوجة : خرقة بيضاء!

الزوج : فوق رأس الوسادة.

الزوجة: فوق كف المنايا.

الزوج :آذانهم تلتصق على الباب.

الزوجة : أكاد أسمع أنفاسهم تسرق أنفاسي.

الزوج: هم لا يسرقون سوى انفسهم لا يدركون انها لنا.

الزوجة : تبتهل أمي لها.

الزوج : وتتطلع أمي نحوها.

الزوجة : أبي يخبأ سكينه فوق رأس الوسادة.

الزوج : بقعة.

الزوجة : ليست سوى بقعة تبتلع أرواحهن.

الزوج : هن من يبتلعن الصمت (يعيد الغطاء على وجهها)

الزوجة : (تدير وجهها  ترفع الحذاء من على الارض تحمل اناء كبير تضعه تحت قدم الزوج تتطلع الى وجهه في الاعلى) دجاجة كبيرة في الصحن.

الزوج : (يضحك بزهو كبير) ودجاجة ايضا.

الزوجة : وإناء كبير.

الزوج : يرفع الغطاء من على وجهها… جميلة انتِ كحظي… (ظلام صوت الزوج من بعيد) خرقة.

الزوجة : أبي.

(تظهر /روبوت/ تحمل اناء الماء تسكبه اسفل الباب تعود لتلتصق بالجدار, والاناء في يدها)

روبوت :قرابين, قرابين…

(صوت زغاريد النساء من بعيد)

 

المشهد الثاني

المكان: مطبخ المنزل…

( ربوت الي  يقف ملاصقا للزوجة. ابريق شاي يصدر صفير البخار, الروبوت الآلي يصدر نفس صوت الصفير..الزوجة  تقف وبيدها رغيف خبز تترك النار مشتعلة تأخذ ابريق الشاي والخبز وتتوجه الى الزوج تسكب الشاي على الارض تأكل الخبز بشراهة الزوج يأخذ بيده كوب الشاي الفارغ  يجلس على الارض يحاول ان يجمع الشاي من الارض ينظر نحو الزوجة تتكور هي خلفه).

الزوج: (يخاطب زوجته) مازالت الإبرة في كومةِ القش.

الزوجة: نعم في كومة قش.

الزوج: بحثتي عنها؟

الزوجة : بحثتُ عنها يوم امس.

الزوج : وجدتيها أم لا؟

الزوجة: سنبحثُ عنها مجدداً، لابد ان نجدها.

الزوج : ستبحثين عنها مجدداً، لابد ان تجديها.

روبورت : سأبحثُ , سأجد, سأبحث, سأجد.

الزوج : اغتسلت بعرقي يوم امس حتى زالت الحمى ولم تكوني هناك هل اصابتك الحمى.

الزوجة: تعلم..هي آخر اعدائي.

الزوج : هي أول أعدائي.

الزوجة: لا تحاول ان تخلق لك عدواً (تذهب بعيداً عنه ثم تعود) بل انت على الدوام تخلق لك عدواً من اللاشيء. (تذهب من امامه، تحظر ابريق الشاي لتضعه على النار من جديد ويبدا صوت صفير البخار)

الزوج :(يخاطب الة روبورت التي تقف خلف الزوجة) تعالي الى هنا (يجثو تحت اقدامها وهي واقفة) انتقصت من ذاتها حتى تملئني (يهمس) تجثو على هامتها حتى لا تقول انها مريضة كلما تمرضت أجدها تقف شامخة وداخلها يتمزق وتبتسم وتطوي المها تعرفين لماذا تفعل كل هذا, حتى لا اطلب امرأة بصحة جيدة (الريبورت تبتعد).(يركض ليتكورقرب الريبورت)

روبورت: صحة جيدة . جيدة ..جيدة الوقاية خير من العلاج.

الزوج : (يخاطب الروبرت) هي كاملة.. كاملة جدا, لدرجة يملؤها النقص(ينتفض بقوة) لكنها امتصت ما بداخلي.

روبورت: ذاتها تمتلأ. تمتلا ذاتها.

الزوج : لم تكن هكذا لولا القطط والخرقة الحمراء.

روبورت : تقلد صوت القطة بصوت الي يتداخل مع صفير ابريق الشاي صوت قطط كثيرة مع صوت صفير الابريق يدور الزوج بقوة ماسكا راسه ثم يصرخ.

الزوج: كفانا قطط وخرق.

(يختفي صوت صفير الابريق)

(تختفي الزوجة)

(ينهض الزوج بزهو وسعادة ينفض الغبار عن كتفيه يصرخ)

الزوج: الان نتوقف،نتجه نحو ما ينبغي ان يكون.

روبورت: ان يكون، ان يكون.

الزوج :وكما يجب ان يكون.

الروبورت: (تسير خلفه وتتكلم بصوت واحد) كما يجب ان تكون.. كما يجب ان تكون

الزوج : كل شيء لا يكون كما يجب.. حتى عندما تقرر ان يكون كما يجب تصحو صباحا على صوت بائع الخضار وهو يصرخ.

روبورت : خضروات طازجة فواكه طازجة.

الزوج: ما كان للأرواح ان تتيبس لابد لها ان تبقى طازجة.(يتمدد على الارض تتمدد بجانبه الروبورت) كنت أحلم بحلم جميل ودخل صوته في اذني وهو يصرخ ..لعبة خاسرة هي لعبة الاحلام.

روبورت : لعبة.. خاسرة.

الزوج : ما رايك اليوم بان نعيد لعبة الاختباء.

روبورت : اختباء، اختفاء.

الزوج: نعم هي ذاتها التي نمارسها منذ خمس سنوات (ينام على كتف الروبورت) خمس سنوات وانا امارس لعبة الاختباء لتكون لي قيمة بعيونهم. وفي النهاية تحتفل الالهة بقرابينها. لا يحتفلون بمن قدم لهم القربان  بل يحتفون بالذي استلم القربان..بينهم دوما يقرعون الكؤوس، ومازلت انا اقرع الاجراس وارتدي بزة رسمية وامشط شعري واضع العطر النتن على جسدي. حلال ..حلال… حرام*

روبورت : حرام … حرام.

الزوج : كل يوم تجديني في اول اختباء.حلال ..حرام. حرام .. حرام (الريبورت تقف خلفه وتردد) حرام .. حرام ..حرام…

الزوج : هو اقصر الطرق دوماً.

الزوجة: (تظهر من جديد) ماذا ستأكل اليوم على الغداء.

الزوج : (يصرخ )  حلال. حلال .حلال,  اي شيء.

روبورت : اي شيء.

الزوجة : اي شيء (تدير ظهرها للزوج وتكتب في الهواء هذا لا يريده) هذا لا يفضله..هذا سبب له انتفاخ..هذا سبب له نعاس.. هذا ليس كما تجيده امه.. تدير وجهها له.. اي شيء..

الروبورت : اي شيء.

الزوجة : المجد للأشياء التي لا ندرك من تكون.

الزوج : تعالي نمارس (تنظر له الزوجة نظرة استغراب) نعم نمارس…نمارس  لعبة,,اي لعبة (يصرخ خلفها وهي تدير له ظهره) لعبة مجرد لعبة , هل هي جزء من غضب الآخر ام هي رجس لا يرضى عنه الله.

الزوجة : لا امارس اللعب، علاقتك بأشيائي ليست كعلاقتي بأشيائك.

الزوج : العب مع ذاتي  واكسب ذاتي افضل من العب معها واخسر امامها وتكسب هي, هي دائما تكسب لكني اخبرها ان قواعد اللعبة معكوسة واني الذي اكسب رغم خسارتي.

(تدخل الزوجة حاملة صحن طعام تضعه امام الزوج على الارض تختفي وتلحق بها الريبورت)

الزوج : (يقلب بحبات الرز) حتى حبة الرز وحبة الملح اشتكت مني وهي لم تنتفض رافضة ما حولها. المجد والخلود للآلة التي لا تشكو ولا تتذمر. افواه مفتوحة تتقبل الخسارة بزهو، وعيون شاخصة تتطلع نحو السقف حتى تتطاير دموعها الى السماء، وجسد لا يصبو الا نحو السرير واصابع تعانق بعضها بعض وتتكور في راحة اليد ولا تقوى على ان تلوح.

الزوجة : (تعود تأخذ صحن الزوج تنزوي في نهاية المطبخ تبدأ بتقبيل يدها ) رائع هذا الأرز هو كما احببته دائما ياحبيبتي.

روبورت : حبيبتي, حبيبتي.

الزوجة: أبواب ليس لها مفاتيح.

ريبورت : أبواب , أبواب , أبواب…

 

المشهـــد الثالــــث

المكان: غرفة صغيرة سرير كبير ستارة سوداء.

الزوج : لماذا الغرفة معتمة؟

الزوجة: اخترت غروب الشمس والليل.

الزوج : اين النور؟

الزوجة : انت تحب العتمة.

الزوج : لكثرة الظلام حولي لم أتيقن ان للفجر نور.

الزوجة : سأزيل الستائر غدا واشعل لك المصابيح.

الزوج : اركضي لإشعال النيران … اهرعي لإفراغ البخور في ثيابي احرقيها جيدا وهي داخل الثياب ثوري عليها انتفضي ضد ما بداخلي حتى وان ارتفع جثماني الى سقف الله سيهرع الحمقى لإطفائي فقط احرقي امسكي عود ثقابك كما تمسكين بسكين اللحم.أأستجدي القتل ام اتوسل الموت؟.. نفذ الخبز.. نفذ الماء.. نفذ الفحم.. نفذ الشمع.. ولم ينفذ صوتها…

الزوجة : اذن توقف, لا تسقِ البذور هي ليست بحاجة الى الماء.

الزوج : وهل هناك بذور؟

الزوجة : تنبع فروعها دوما.

الزوج : بئس الفروع التي لا تثمر.

الزوجة : وفروعك مثمرة امضي بها اعلن ساعة قطافها دع الاخريات يأكلن كثيرا حتى ينتفخ الجوف.

الزوج: هل تنتفضين اليوم؟ ما عاد لانتفاضك قيمة.

الزوجة: بذوري أيقنت انك لست بمائها.

الزوج: بل بذورك متيبسة لم يكن لها ان تنمو.

الزوجة : لم يكن لك قدرة على صعود التلال، إبقَ في سهولك، هي متكورة كما انت دوما

الزوج : مازلت أمطر.

الزوجة: ومازال التراب يفرح بالمطر.

الزوج :مخاض كل يوم ننجب به رغيف وشاي في الصباح والشمس تنظر نحوي وكأنها تقول تتربى الارغفة تحت ظلالك وعزك.

الزوجة : تتربى تحت نيرانك ومديح الله فوق المنازل.

الزوج : ومديح الله فوق المداخن (يحاول ان يضربها تختفي تحت السرير)

الزوج : اخرجي لن أضربك، بل لم أضربك يوماً.

الزوجة : لكن سياطك تدمي روحي.

الزوج : اخرجي الان وإلاّ ناديتها.

الزوجة : لن اخرج .

الزوج: سأناديها..لقد بدأت تتمردين.

الزوجة : لن اخرج.

الزوج : ادخلي الان.

(تدخل الروبوت ترتمي على السرير.. تخرج الزوجة تجلس قرب الروبوت).

الزوج : هل ستبقى هنا.

الزوجة : ستبقى هنا.

الزوج : آمريها بالخروج

الزوجة : انت من يجب ان يأمرها، انت ناديتها.

الزوج : بل انت جعلتني اناديها.

الزوجة:  انت.

الزوج : انت.

الزوجة:  انتَ.

الزوج : انتِ.

روبورت : انت . انتِ . هو . هي. نوم . سرير نوم . سرير…(يضئ شمعة)

الزوج : ومازلت تجيدين مهنة الزوجة.

الزوجة : ومازلت…

(ينامون على السرير تتوسطهم آلة الريبورت،  ظلام، صوت صرير اجزاء الة الروبوت)

(صوت ترنيمة طفل قديمة…)

يا ونّــاس و يا ونّــاس

ما جبتك لين شاب الراس

قالوا عاقر ما تضناش

يا ونّــاس و يا ونّــاس

قالوا عاقر ما تضناش…

(الروبوت تبدو وكأنها ترضع طفلاً وهي فوق السرير, الزوج نائم، الزوجة تردد الاغنية كثيراً.ظلام بقعة ضوء على الروبوت تضع رأسها على وسادة الزوجة، الزوجة تضع رأسها على نفس الوسادة وجهها مقابل الروبوت) .

 

المشهــــد الرابــــع

المكان: غرفة كبيرة,اريكة قديمة, روبوت…

( رجل كبير بالسن يجلس على الاريكة, روبوت بهيئة رجل متكسر على الارض يجلس فوقه الزوج).

الاب : اين وريثك؟

الزوج : اين ثروتك؟ انا وريثك.

الاب: اسمي…

الزوج: كلهم يحملون اسماء.. حتى اولئك الذين يتلحفون بباب المسجد فجراً وجُرف النهر وحاويات النفايات.

الاب : أسماؤهم مستعارة.

الزوج : واسماؤنا تختفي خلفنا ومازلت تبحث عن الإرث والموروث.

الاب: ومن يرثنا من بعدك؟

الزوج : هل نرث تلك الاريكة الخشبية المتهرئة بفراشها الذي تحول الى رمال صحراء؟هل نرث كسوتها العفنة الرمادية؟هل هذا هو عرشك من جدك الى حفيدك؟

الاب: الحكمة في الجسد.

الزوج : بئس العرش وبئس الرمال وبئس الحكمة (يركل الروبوت المتكسر تحته بقوة) وهذا ايضا جسد يملك حكمة اكبر من حكمة العروش لكني لا ارضاه حكيما دون ان يفقه الجدران دون ان يدرك ماهي الستائر وماهي الوسائد.

الاب : عندما ينبع الماء من المجاري النتنه لن ترتوي منه الوسائد والشفاه .

الزوج: وترضعها الصحاري الحبلى بالخطيئة.

الاب : يكفي انها حبلى.

الزوج : اسمعي يا جرذان المخزن التي تلد لنا كل يوم جرذان اكثر واكثر… (يصرخ بصوت عالي) يكفي انك حبلى.

الاب : التلال عاقر لا تنجب سوى التكور, والسهول لكثرة تكورها تحولت الى افعى تمتص كل ما حولها توقفت الحصى والبراكين في جوفها ومازلت تصرخ ان الجرذان حبلى وستنجب لنا أزهار.

الزوج : لن تكف الارض عن الارتجاف وهي تطرح الحصى تلو الاخرى, ما بالنا والحصى؟ دعنا في التكور (ينهض يحاول الخروج) لا تدر ظهرك لي وترحل تاركا ظلك الطويل يلتف حولي (يسقط ارضا يلتف ويلتف) يحاول خنقي يحاول ان يمتص دواخلي

الاب : (ينظر نحوه دون كلمات)

الزوج : خذ ظلك معك.. لا أريده هنا.

الاب : (يضحك ويدير ظهره)

الزوج : التفت نحوي، سيهدأ البركان،وستكف الارض عن الارتجاف،وسيظهر صوتي…

الاب : لا صوت لك.

الزوج: صوتك يعلو.

الاب : صوت الله يعلو اكثر واكثر…

(اذان صوت المؤذن الله اكبر، اظلام،ظل رجل دون راس يصلي خلفه،رجل منحني لا يظهر له وجه…)

 الزوج : نستيقظ طوال الليل، نطلب ان تباركنا السماء ونحن نعلن الفاحشة قرب أعمدتها.

الاب : سبحان الله.

الزوج : (يفرش السجادة ينفضها بقوة، يقف عليها,يعود لينفضها بقوة ثلاث مرات)

الاب : الله اكبر.

الزوج : ننفض خطايانا ونعتلي السماء وننحني (ينحني) وننحني (ينحني) وننحني (ينحني) ولا يعود لنا قوة على ان نرفع رؤوسنا.

الاب : الحمد لله.

الزوج : لا يعود لنا قدرة ان نرتفع مرة اخرى.

الاب: لا ترتفع, أثقالك كبيرة لا تقوى معها على الارتفاع, لكن الحمد لله.

الزوج : الحمد لله…(يقترب من وجه ابيه بقوة)

الاب: الحمد لله…( يرفع صوته عالي جدا ووجهه ملاصق لوجه الزوج)

الزوج : الحمد لله…(يلصق أنفه بأنف أبيه)

الاب : الحمد لله…(يتنفس بقوة وعيونه تجحظ نحو الزوج والانوف متلاصقة)

(الاثنان يصرخان الحمد لله، الاب يدفع الزوج بقوة، يسقط الزوج على الارض، يصرخ الاب بـ الحمد لله)

(يخرج الاب، يتنفس الزوج بارتياح ويضع رأسه على الروبوت المحطم)

الزوج: الحمد لله.

 

المشهـــــد الخامـــس

المكان: غرفة كبيرة أريكة واحدة امام القاضي تجلس فوقها روبوتات اثنان  صندوق كبير بداخله الزوج.

القاضي : أمامك فرصة للاعتراف.

الزوج : فرصة ماذا وانا اقبع تحت هذه السياط؟

القاضي : اين اخفيت جثتها؟

الزوج : هي جالسة امامك هناك (يشير نحو الروبوت الثاني)

القاضي: من هي؟

الزوج : زوجتي!

القاضي:لا تحاول ان تتقمص دور المجنون لكي تفلت من العقاب.

الزوج : انا لست مجنوناً ولست قاتلاً.

القاضي: اذن اين هي زوجتك؟

الزوج : هي امامك، انا لا اكذب، سَلها…

القاضي: (الى الروبوت) من منكم زوجته؟

الاثنتان: (تجيب بنفس نبرة الصوت)  انا زوجته ..هو زوجي انا زوجته ..هو زوجي…

القاضي : هذه الة تكرر ما يقال لها.

الزوج : زوجتي تحوّلت الى آلة، انا لم اقتلها…(يصرخ بصوت عالٍ هي تحولت الى الة) انا أحبها كثيرا كيف لي ان اقتلها

القاضي: سأتحاور معك وفق منطقك غير المعقول، فقط عليك الهدوء، لماذا وصلتم الى هذا المكان؟

الزوج: ركبنا ظهر اليم.. واليم ركب على ظهورنا واقتص منا أقسى قصاص.

القاضي : لابد لكم من عودة.

الزوج : عندما تعود في غير اوان تقودك ساقك الى المنفى، وتركب اجنحة عارية تمطر دون غيوم.

القاضي : هرطقات مجنون.

الزوج : انا لست مجنوناً بل انا ادرك ما حولي.

القاضي: ما حولك يقول انك غير مدرك، اذن لماذا تحولت زوجتك الى ربوت؟

 الزوج : هي كانت كائن بشري، بعدها تحوّلت تدريجيا الى ربوت الي.

القاضي: كيف تدريجيا؟

 الزوج : تحوّل عقلها الى ربوت ثم تحول ادراكها لما حولها، بعدها تحول جسدها وهاهي تجلس امامك (للروبوت) تكلمي انت.. قولي بأنني لم اقتلك، اخبريهم انك تحولتِ بمحض ارادتك، وانا لم احولك الى آلة؟

القاضي: ومن هي زوجتك منهما ومن هي الاخرى؟

الزوج : زوجتي هذه التي على يمينك وتلك ليست زوجتي.

القاضي: لماذا هي بينكم ان لم تكن زوجتك؟

الزوج : في صباح اليوم الاول لزواجنا وجدنا ظلال خلف كومة الوسائد التي تعلو الاريكة اخبرت زوجتي انها شبح لكنها ذهبت نحوها قادتها نحوي وقالت لي هي ليست شبح.

القاضي: وكيف وافقت ان تعيش معكم؟

الزوج : لم يكن لها صوت ولم تقول لا؟

القاضي: لكونها لا تقول لا تركتها معكم.

الزوج : لم اكن أخشى صوتها.

القاضي :هل أحببتها؟ اقصد زوجتك.

 الزوج : أحببتها أم أحببت حبّي لها أم أحببت حبها لي؟ كان سيفي بثلاثة انياب وعصاي خائبة تميل يميناً ويساراً وانا ارى عصاي افعى وهي تقول لي انها افعى, كانت تخشاها وانا انظر لها وافتخر بأفعالي.

القاضي : وهل لدغتها افعاك؟

الزوج : لم اكن لافعل.

القاضي : هل كانت تحبك؟ اقصد زوجتك؟

الزوج : كانت تحبني وتباركني بصلاتها كل يوم حتى مزقت سجادتي واخذت ذاتي وتكورت في قن الدجاج، حتى لا أسمع مباركتها، واكتفي بصوت ارتطام البيض في قاع القِنّ.

القاضي : كيف قتلتها؟

الزوج :لم اقتلها بل دسّت السم في جوفي وابتلعته ببطء وانتشيت وانا أبتلع وأبتلع وأبتلع حتى انفجر جوفي امامها، غفوت وصحوت لأجدها تلملم اشلائي وتعيدني من جديد.

القاضي : قتلتك هي اذن؟

الزوج : نعم قتلتني وتكورت داخل كومة الحديد.

القاضي : وأين جثتك؟

الزوج : تغفو تحت ظل ابي، ذاك الظل الطويل الذي لا ينتهي امتداده.

القاضي : واين امتداد ظلك؟

الزوج : ليس لي حصة في هذا الفراغ.

القاضي : انت امتطيت الفراغ أم هي؟

الزوج : كنا نخشى ان نترجل من عليه لندرك اين يختبئ الفراغ.

القاضي : تخشى من وانت وهي لا يدرككم سوى الجدران؟

الزوج : هو صاحب الظل الطويل وهي تخشى صاحب الخرقة الحمراء.

القاضي :لا افهمك لكني احاول ان اتوصل معك الى جملة مفيدة واحدة, لماذا قتلتها؟

الزوج : لم اكن اسير على الارض كنت امتطي اجنحة الهواء واجلس بمكاني كما انا دوما. واجلد ذاتي واعود لأمتطي واجلد ذاتي واجلد حتى توقفت عن جلد الحديد.

القاضي : (يضحك) الجلوس هو المهرب من الوقوف.

الزوج : لم اجلس ولن اجلس ولن اهرب، انا لم اقتلها.

القاضي : لكن الجميع يقول انك قتلتها.

الزوج : هي تلك التي تنظر نحوي اسألها ان كنت قتلتها.

القاضي : كيف لي ان اسألها وهي كومة حديد؟

الزوج :(يصرخ بالزوجة بصوت عالٍ ) لا تدعيني اتحرك بياس كالطير في القفص.

القاضي: التزم الصمت.

الزوج : التزم الرحمة.

القاضي : وهل التزمت الظلم معك؟

الزوج : اسألها توجه نحوها واسألها ان كنت قد قتلتها؟ وكيف لي ان اقتل الحديد؟ هل اطعنه في قلبه ام اقطع انفاسه ام اقطعه بسكين ام اضع له السم في الطعام؟

القاضي : هي اخر جلسة حكم لك اليوم ومادمت تصر على النكران سأفعل انا ما تريده واضع امامك اخر فرصة للاعتراف، سأسأل زوجتك هل قتلتها أم لا؟

الزوج : اتوسل اليك افعلها وستجيبك بأني لم اقتلها.

(يتوجه القاضي نحو الروبوت يضع الكرسي امامهن)

القاضي: (ينظر نحو الزوج) من زوجتك من بينهن؟

الزوج: (يشير الى التي تجلس بجهة اليمين) هذه زوجتي.

القاضي: (يقترب منها) هل قتلك؟

روبوت: (لا تجيب…)

القاضي: (يعيد سؤاله) هل قتلك؟

روبورت: (تصمت)

الزوج: (يصرخ) لم اقتلها، لم اقتلها…

روبورت الثاني: (تجيب) قتلها, قتلها…

روبورت الزوجة : (تنظر نحو الروبوت الثاني) قتلها , قتلها

القاضي : وهذا هو الدليل وشهد شاهد من اهلها

الزوج: (يصرخ) لا لم اقتلها لم اقتلها هاهي امامكم

القاضي: (يتوجه نحو صندوق الاتهام، يشير نحو وجه الزوج بيديه) انت قتلتها… (تظهر يد القاضي من حديد وكأنها يد روبوت آلي!)

الزوج: (للقاضي باستغراب) من أنت؟

القاضي: أنا القاضي.

الزوج: ولكنك روبوت أيضا…!

القاضي: سأظل قاضياً رغم ذلك.

الزوج: وما ذنبي أحاكم من روبوت؟

القاضي: هذا قدرك أيها القاتل…

الزوج : لم اقتلها اقسم اني لم اقتلها لا تصدقوها هي لا تعرف ماذا تقول….

القاضي: (يصعد نحو طاولة الحكم، يطرق بيده الحديدة بالمطرقة) وحكمنا بأنه قتلها…

 

تمــــــــــــــــــــــــــّت

 

** د.فاتن حسين ناجي / العراق – 2021

 

*لعبة الاختباء في بغداد يصرخ بها الاطفال كلمة حلال لبداية اللعبة وحرام لانتهائها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت