نص مسرحي: “مأدبة على شرف الشيطان” / تأليف: منير راضي
(اياك ان تنبش في بطون الشيطان)
الفضاء العام:
( قاعة اشبه بالسيرك وقريبة من تصميم مسرح العلبة)
تأثيث بيئة العرض:
(مصاطب خشبية لجلوس الجمهور, بين كل مقعد عمود مضاء, باحة المسرح تتكون من براميل بترول صغيرة قوارير وأواني ومنضدة طبية, بعض من الفؤوس والسكاكين والاسلحة النارية معلقه هنا وهناك في ارجاء المكان, مشاعل تتوهج نارا وضعت على بعض الجوانب, ابخره متعددة الالوان تغطي المكان, ساعة جدارية تعمل عكس دورانها الزمني وصوت النواس بالكاد يسمع)
الحالـــة:
(مؤثرات صوتية لتهشيم زجاج يتبعه نوح حمام, اصوات عواء ذئاب تقترب رويدا رويدا ثم تختلط مع اصوات نباح كلاب شرسة, حركة عجلات عربة تسحبها مجموعة الخيول وتصدر منها صوت صهيل, تقترب رويدا رويدا, اجواء ممطرة مع برق ورعود بعيدة تتلاشى بعد ذلك, ثم نسمع وقع اقدام تقترب وبعدها نشاهد المهرج وهو سريع الخطى ويضرب الارض بسوط و يقفز كالقرد هنا وهناك مع كل حوار ونزول من السقف بذلة عمل زرقاء شبه ممزقة وسط انبعاث ضوء المشاعل والابخرة الملونة)
المهرج: يقولون ان الامبريالية عدوة الشعوب, وهي باب من ابواب الجحيم, بل هي عدوة المجانين ,فعندما يتكلم لسان المجنون, سينكشف ما تحت القناع, وتنقض الضباع على من سقط من المتاع , الناس جياع, شعوب أكلها الجراد وحلق في أفق السخام, مدن وامصار سيروها كصبيه سلب منها عذرية عرسها الاول في ساعة الصلب الاكبر الذي ضرب البلاد والعباد, طوابير من العبيد تحمل الحراب وفوق اسنتها اكواب يراق منها ما ألذ وطاب ولكن يبقى الجواب (يقف تحت بذلة العمال التي يصدر منها هذا الحوار واخذت تتحرك يمينا ويسارا داخل بقعة ضوء)
الصوت: يا عمال العالم انتحروا او اقفلوا المعامل وغابات التيه المرملة بلحى الاشجار فما عاد لجيفارا قبعة ولا سيكار وتلاشت اقدام الخبز الاسمر, لقد سرقوا اسمال غاندي فما عاد يلتحف بدثار او قطعة إزار, هشموا حتى العجائب السبع وقتلوا السماوات السبع فأمطرت حمما تدك الجبال, نبشوا قبور الصالحين والكهنة وجعلوها مواخير تعج فيها رائحة البترول ومنازل بغي لأشقياء الرصاص, وصادروا بطولات احرار التاريخ انه زمن الهلاك والحروب والانشقاق في بلاد الرب الكل الآن مرتهن بظروف ناصية الأزمان, الكل يفر دون دليل, دون شعار, دون افكار (تنزل من الاعلى مجموعة من الاوراق ويتناول من بعضها ويقرأ ما جاء فيها) هذه اول وثيقة للثورة او الانتفاضة كما يحلوا الى اكثرهم في ذاك الوقت ان يسمونها,
(صوت طبول ودفوف أشبه بحلقات الدراويش او اصحاب الذكر, مع هذا الصوت تتحرك البذلة وكل ما موجود, المهرج يهلع لهذا الامر ويدور بحذر في ارجاء المكان)
هو: (ضوء يطوف في المكان على شكل شبح هلامي وصوته يجلجل الفضاء) ثورة العمال أو انتفاضة العمال هي فترة من الاضطرابات المدنية التي عمت كل ارجاء الارض, تميزت بتمرد قوي بالإضافة إلى أنشطة غير مرئية. وغالبًا ما يوفر تاريخ الثورات ويحركها سر خفي يقال انه من تدبير الشيطان (ضحكات مدويه)
المهرج: (يتجمد في مكانه) ما هذا الصوت الذي مزق صمت التاريخ, كنت ابحث عن ضوء اعيد به حكمة الحلم حتى اعيش في دوافعه الحقيقية لبناء الانسان
هو: وهل تريد ترميم ما تبقى من عمل دودة الارض وآفة الجراد (تتحرك البذلة)
المهرج: (ينتبه لحركة الذلة) من انت (يتراجع ببطء) اقسمت عليك بجحيم السماء (صوت رنين يمزق الاذان مع رعود وبرق)
هو: (بصوت عميق) كم انت عجول ايها الانسان, كم يحلو لكم دائم النطق بالسلاسل النارية والنار الحامية ولهيب الجمر (اضاءة حمراء اللون وأصوات استغاثة غير مفهومة كأنها تخرج من فوهة بركان)
المهرج: (يسقط على ركبتيه من هول الحدث) اقسمت عليك بلذة رب الخمر وغلمان السكارى ان تفصح عن اسمك,, اني اسمع صوتا ولا ارى احدا, ان صوتك يمزق صدري, طنينه يمزق مسامعي, رأسي كأنه رحم استباحه الغرباء
هو: لم اعهدك خائفا او مترددا, انت لديك القدرة ان تستحضر ما يطيب لك من بني جنسك, سنين ودهور ولم تألف صوتي محسوسا لديك
المهرج: ما انا الا ما خور تدليس وضوءً اصفرا لريح الموت, ولكن من الذي وشى لك بهذه الاكذوبة,من انت, أأنا مرتهن في محطتك
هو: عجبي, فهل من المعقول ان يسأل الانسان عن رفيق الحياة, ظننتك اكبر ادراكا, انا قرينك الازلي الذي فطم معك منذ عقد المَشيمة في رحم الحياة
المهرج: ( يفز لهذا الاسم) ومن سمح لك انت تكون رفيقي وتتقاسم الرحم والاوكسجين
هو: الامر ليس بيدك يا رفيقي, أنا الدائم معك ما حييت
المهرج: (يصاب بالذعر ويبدأ يشكك بكل الموجودات من حوله ) انا ماهر في استنساخ ما استطيع وانت لا تعرف ما يدور في داخل النفس, كيف خرجت من رحم روحي
هو: بعض الاحيان قد اتجلى ولكن اني اعرفك اكثر ما تعرف انت بنفسك
المهرج: وما انا الا مهرج يلعب الحبل على زلات وعثرات اشقياء القوم, استدرج ارواحهم أجيء بهم من بطون القبور, انبش في اغوار حياتهم حتى احصل على مرامي, ولكن لم يتسنّ لي ذلك لحد الان
هو: يكفيك اجتراراً لحكايات ما عادت سوى وهم متفسخ
المهرج: انا وهم بعض الاحيان نصبح رفقاء كالظل حتى اني اسمع وقع خطاهم خلفي وعن يميني وشمالي
هو: كذبت, لا يجتمع اثنان في واحد
المهرج: (يتحرك ليتفحص بذلة العمل والقوارير ويرفع غطاء المنضدة الطبية) اذن ابتعد فبضاعتي فاسدة لا تليق بك (وهو ما يزال يتفحص المكان)
هو: اتعلم, اني رحم وعاء بضاعتك وما يخرج منها, كف عن هذيانك هذا
المهرج: او تعلم اني افرز من البضاعة ما افسده الدهر ولهذا فقد اخرج بما يحلو لي من هرج ومرج
هو: الا انا, لا يمكنك التخلص مني ولا يمكنك قتلي او ابعادي, أو نفيي (يضحك)
المهرج: ( بثبات) هل انت خرجت من لهيب الارض لتشاركني شطآني؟
هو: بل انا من كان سببا في وجود ذاك اللهيب حتى محط ترحالك
المهرج: (يسرع في اطفاء الاضاءة دون المشاعل) أسمع,, هنا لدي الجمرة السوداء وأن متاعي رغيف الجحيم, وشراب كأسي من هذا الحميم, فلن يكون لك سلطان علي ما بقيت الحياة
هو: اتريد ان تهرب من اول التكوين للأشياء وانت البذرة الاولى له
المهرج: ركضنا من وحشة الطريق الذي سلكناه, عثرتنا كانت هناك عند شجرة التفاح, فسقطنا في هاوية الدنيا, وهذا قدر محتوم
هو: ( يضحك) الكل انحنا لتلك التفاحة, وسيستمر بكائكم دائم الخطيئة
المهرج: والنفس وما غواها
هو: اذن كفاك حرثا في منازل الموتى, دعهم وشأنهم, يكفيهم من غرر بهم
المهرج: لا, قد يكون هناك اجمل, حيث لا جياع لا سياط لا ملك ولا سلطان, لا طواحين حرب, ولا مقصلة بيد جلاد, لا زيف ولاخداع
هو: وانت تريد حز رأس الكون وتعيد صنعه بوقائع اخرى وتواريخ وشواهد جديدة وبعناوين اخرى, انت تبحر بقارب معطوب في لج بحر العالم السفلي
المهرج: هل غرك كلامي وهندامي واشيائي فتبعتني كغاوي رفقه؟
هو: (يضحك ) اني اتقاسمها معك الا تعرف ذلك؟
المهرج: لا يمكن ان تكون كذلك, فمثلي لا يشبه مثلك, انا اعرف نفسي ولكنك هويتك مجهولة
هو: اذن من تكون انت؟
المهرج: اظهر ظِلَّكَ اولا, وبعدها اسمعك من القول بما تشتهي
هو: انا متفرج ايضا ايها المهرج
المهرج: وجئت تتلصص على فتح تواريخ الحشر والنشر معي
هو: فرجة تواريخ البشرية مخزية ايها المهرج, فلا تنبش في بطونها
المهرج: (يمسك بالمشعل ويدور في ارجاء المكان) اي جن السماء والارض انت
هو: انا من فحل الجنون الذي يستوطن رأسك
المهرج: سأبصق هذا الجنون, ولن تكون وكيلي او رفيقي
هو: ليس بيدك من حيله
المهرج: اخرس (وهو يصفع وجه, ثم يدور حول نفسه ويضرب رأسه) أخرج, أخرج سأقطع عنك الهواء (يتدحرج على الارض كأنما في حلبة مصارعة) سأرمي بك في البحر او في نفوس الخنازير (صمت تام) اين انت, اين انت, يا هذا ستكون معك حربا شعواء لا تنتهي وستشعر بالهزيمة لا محال
هو: هون عليك يا مجنون وكفاك هوساً بحق الرب, انا دالتك وعونك
المهرج: ( وهو في حالة صدمة ) ماذا قلت؟
هو: اني اراك من دون حاجز, لأني منك وفيك
المهرج: من قال ذلك؟
هو: ذلك منذ السفر الاول لتكوين الخليقة, لا حيله لك ولا لي في هذا الامر
المهرج: لكني أنا أطهر منك
هو: ادراني هي ادرانك وخطاياك هي محط ترحالك الابدي, قد لا اشاركك في خطاياك
المهرج: سوف ابيد كل النجاسات المستوطنة فيك بسم كل الكتب السماوية
هو: ستجدني في كل هذه الكتب مرحوم بذكرها اياي
المهرج: (وهو في حالة ذهول ويمتد على المنضدة الطبية) اشعر بأني مرمي على دكة غسل الموتى (حيث يبدأ بهذيان مسموع مع حركات غير طبيعية) وبطني تفور برائحة الكافور, اي مس امْتطى نصيتي, ما لذي تكور في صدري يا هذا, هل ارتويت نبشا من جسدي , اتريد كفارة لجسدي , سأهبك اياه ولكنك لا تستطيع السيطرة على روحي (يبدو عليه كأنه في هذيان اليقظة المكبلة ولا يحرك ساكن)
هو: وانت, اياك ان تنبش في بطون الشيطان واني لك ناصح (القوارير تبدأ تفور مع تصاعد الدخان من اعمدة الانارة الارضية واهتزاز بذلة العمل وصوت الريح العاصف وعواء كلاب تختلط مع صوت الذئاب وظلام حالك) آفق الان, لقد ادركوا سرك, يا هذا انك تمسك بخيوط عنكبوت من تسخير وتحضير وادعائك الحكمة والفلسفة والتغيير, لذا انت في طريق ألا عودة
المهرج: (وهو بهذيانه دون حركة) لقد حبست نفسي دهرا كي اتحرر واحرر اقوام قد عصفت بهم رياح اليأس
(مع كل بقعة ضوء خافته جدا ينكشف كل وجه من المردة حتى يظهروا جميعا بالتدريج اجساد يغطيها رداء صحراوي وتتحرك كأنها تطير في الهواء وتحوم حول المهرج ومن بعيد )
هو: يا هذا آفق انت في لعبة سيتغير فيها الزمن, لقد ترصدوا لك منذ زمن
المهرج: (وهو مازال على حالته) هي ذات اللعبة وحتى ان تغير فيها منطق العصر وادواته
(مؤثرات صوتية فيها صفير ريح خفيف)
مارد1: (بصوت كأنه الفحيح) ونحن سنكشف الغطاء عنها هذه المرة
مارد2: (بهمس) وانت تريد اعادة رسم خارطة الدهر بلغة عصرك
مارد3: (بصوت رقيق) انا اعشق الذين لا يستسلمون ولا يرضخون لعاصفة اليأس, ولكن هل تحب متعة الجسد
مارد1: صَهْ! ايها الخانس
مارد3: آه ما اشهاه , جسدي يحترق, دعوه لي للحظات
مارد2: ( يضحك ) ايها الفاجر سيكون لك ذلك ولكن ليس الان
مارد3: ارجوكم,, لحظة واحدة يفرغ معي كل قيحه المتبول
مارد1: (يصرخ به بهمس) قلنا لك دعك من هذا الان, حتى لا تضيع الفرصة علينا
هو: ( ينادي ) يا صاحبي انت الان في مطلق الشر, آفق
(المردة يقتربون من جسد المهرج ويبدؤون بالمس على كل مفاصل جسده مع كل حوار وكأنهم يفتشون عن شيء)
مارد1: لن تفلح يا هو, اخرج, انطلق بعيدا, فما عاد لبيتك فيه وقع
مارد2: او, قف عند الحياد اسلم لك وأسلم له
مارد3: هذا معجون من طينتنا, اما انت, فعليك مغادرته وكن مع اقرانك
المهرج:(على وضعه السابق) لن يكون هناك حياد مازال الجرح ينزف فينا منذ عصور
مارد2: العبيد عبيد ,حتى لو امطرت السماء حرية لوضعوا فوق رؤوسهم القش
هو: افق ولا تخسر كل شيء من اجل حلم تقاتلَ عليه الانبياء بكل اخلاص
المهرج: في قاموسي ليس هناك حدود, كل سفر الناس جنسيتي, سيكونون في جواز واحد وهذا ما ابغي في سفري وترحالي
مارد1: ( يمرر يده على جسده ) نم الان, انت في سبات خلوة المتعة ( يعطي الاشارة للمارد الثالث في اغوائه)
مارد3: (يطير فرحا, ينزع عنه الرداء فيتجلى في هيئة فتاة في غاية الجمال ويدس جسمه تحت المهرج من تحت الطاولة فنسمع بعد ذلك اهات ولهاث وفحيح)
المهرج: ( يبدأ في التفاعل مع جو المارد3 وهو في نوم عميق )
مارد2: نحن نشغل الاذهان في كل عصر وزمان, صيرورتنا نوزع الاحلام ونفرش الارض بالنمارق ونوزع الانعام ونقسم الثروات
مارد1: فمن كنا معنا نجى واستوطن الجاه
مارد2: ومن لعننا اقمنا عليه حرب شعواء لأننا من ضحية البشر الفاني الخاسر
(يضحكون في حين راح 3 مستمر في مجونه مع المهرج)
مارد1: فرصتنا سانحة الان, علينا الان استلابه انه في نوم واغواء عميق
مارد2: علينا العمل على ذلك وبلا ابطاء, الان اسرع يا هذا (مؤثرات صوتيه, رعود, برق, رياح عاصفة تختلط مع اصوات قطط وكلاب وذئاب ويبدأ الهمس من قبل المردة وتواشيح كلامهم) يا أبانا في الجحيم البس علينا العزم, مدنا بجبروتك
مارد1: يا أبانا في قعر العالم السفلي, اغدق علينا بفضل سلطانك عزما
(جسد المهرج يبدأ بالصعود مع ارتعاش كل مفاصله اثناء هذه الحوارات والمؤثرات)
مارد2: انطلقي ايتها الروح جنونا
مارد1: املئي الارض دودا وافسدي الروح والجسد
مارد2: اجعلي البقرة تحلب لبنا أَحْمَرُ قَانٍ
مارد1: يا (كاري) اعصف بهم واجعلهم هَبَاءً مَنْثُوراً
مارد2:يا (فروستي ) اقسم ظهرهم بقارس بردك
مارد1: يا ( لوكل) اجلدهم بجليد طغيانك وسطوتك
مارد2: (يصرخ) يا أبا انه تمرد علينا انه دعي وشقي ومحتال,
مارد3: ( من مكانه وهو في لذة المتعة) ان شقاوته فيها رجولة لا ترحم
مارد1: اخرس ايها البغي ,, دعنا نتمكن منه
مارد2: يا أبا انه يدعي بأنه شيخ العارفين, انه تجاسر وتطاول عليك
مارد1: حيث يقول, انا ينبوع الخلاص, فلا مناص من توحيد العالم وانه سيحقق كل رغبات الناس
مارد3: (يبدأ بالظهور رويدا رويدا من تحت المنضدة ويطلق فحيحا مدويا) اسرعوا ان جسدي بدأ يحترق ولا اقوى على سلطة نهاية اللذة
مارد2: ابطئ لا تتعجل فقد شارفنا على نهاية الاستلاب
المهرج: لن توقفوا النزيف الخالد في ذاكرة التاريخ, سأبقى انبش في قلب الفاجعة حتى تكون شاهدة على ما ارتكبتموه من مجازر ومآسي لبني البشر
مارد1: (يضحك) اذن فلينوح عليك تراب الارض ولن نسمح لمطر السماء ان يطفأ لهيب الارض تحت اقدامك في ما بعد,(يوجه كلامه للمارد3) اطبق عليه ايها الفاجر,,,,
المهرج: سأعيد كتابة التاريخ ولن تكون هناك بقعة ضوء لسفك دم قربان هابيل, ولن تكون هناك خطيئة في الارض من نواة تفاحة الخلد
مارد2: (يبكي بخبث ) يا أبانا في الملكوت انه يتحدى صلوات الرب, انه يجحد بك
هو: (يتحرك صدر المهرج فقط وينطق بصوت فيه لغة تحدي) اما انا فلن تفلحوا في اخافتي, لن ادعكم تفوزوا برهان آبائكم وعليكم ان تدركوا سر قوتي
( تجمد حركة الجميع, صمت تام, ينهض المارد ويلتحق بالآخرين)
مارد1: ما لذي نسمع, تركتنا نصول ونجول وها انت تحول بيننا وبينه,
مارد3: كنا نظن انك تراجعت وجعلت من نفسك بابًا للوصول اليه
مارد2: انت منا يا هذا, اتريد ان تنقلب علينا؟
هو: نعم انا منكم واليكم منذ النشأة الاولى لسفر التكوين ولكني حر به فهو خاصتي وانا وكيله ولا حكم لكم علي
مارد1: نحن كالعنقاء نولد من رحم رماد الجحيم ونشب في كل جسد يتمرد علينا
هو: وانا اولد مع اول صرخة تخرج من كيس الدم, انا سر من اسرار الخلق
( المردة يجتمعون فيما بينهم ويتهامسون )
مارد1: لن نتمكن منه طالما هو معه
مارد2: اذن لنجد حلا دون ان نتراجع
مارد3: الحل هو الاغواء والمتعة
مارد1: اخرس وماذا جنينا منك,(ينظر اليهم بصمت) الحل هو, عقد اتفاق
مارد2: مع من , المتمرد ام هو؟
مارد1: هو, سنعقد معه اتفاقا, يكون لنا الجسد وله الروح
مارد2: وهذا ما ارمي اليه
مارد3: وان عصى وتجبر؟
مارد1: سيكون لنا انتقام اخر وفي وقت آخر
هو: موافق
مارد1: (يضحك ) تتنصت علينا, والان انت منا وليس علينا
هو: ولكن بشرطها وشروطها, اليس لكم مرجعيات تقر بالرفض والقبول؟
مارد2: نحن في بعض الاحيان نفعل ما يحلو لنا وبسرية تامة دون الرجوع لهم
مارد3: صلصال الجحيم طعامنا أَفَلَيَسَ من العدل ان نحيا كما نشتهي في عالمكم وان موتنا ابدي في لاهوت الرب, اما هم ففيها ومنها يبعثون من جديد
هو: لا, يجب ان يكون الميثاق مع رأس التاج كما تقولون انتم
مارد2: نحن لهيب لسانه وحرابه الذي يفتك بها الباحثون عن درب الفراديس
(يبدأ جسد المهرج يهتز برعشه خفيفة, اصوات برق ورعود وحركة خيول وازيز صوت الطائرات واصوات بهائم وطيور وريح عاتيه تضرب كل شيء)
مارد1: مطلبك ومهرك كمن ينظر في مرآة في ليل حالك السواد
هو: اني اطلب حضور روح سيدكم الذي سيوقع مهر الميثاق
مارد3: مع من يكون هذا؟
مارد2: انت لست سوى ناطق بما يحلو لك
هو: انا امثله
مارد1: نحن لا نعمل بالتمثيل,, نحن نمهر مع صاحب الشأن
هو: موافقته مربوطة بوحي مني
مارد3: لنرى كيف والآن؟
هو: ( يتحرك نحو المهرج ويدور حوله بشكل جنائزي )
المهرج: (يتحرك رويدا رويدا وهو كما في تلاوة كنسيه) من يمنحني الولوج لحصان طروادة لافتك بذات العصر المعجون بدم الابرياء والمسحوقين
مارد1: انتبهوا ايها السادة لما يحصل الان ولكن اختفوا كما يحلو لكم
هو: لا تراهن على دم ابن آدم
المهرج: (يفيق رويدا رويدا وينتبه لما يدور حوله) ولكنه روح الرب
هو: وهو اول من حنث بالوعد
المهرج: ولكنه احيا امة بعد ذلك بأذن الرب
هو: وانت تريد ان تكون خصمه
المهرج: صَهْ! أتظن بي ابليس هذا الزمان (نسمع فحيح اصوات المردة عند ذكر اسم ابليس, فيصاب المهرج بالارتباك)
هو: اني اطالبك بطاعتي فاني خير عون لك
المهرج: (يتحرك بارتباك وكأن هنالك شيء مريب قد حصل) اني اشم رائحة غير طيبة بكلامك وحتى الهواء في صومعتي اصبح مأ ثوما بريح نتن
هو: اتبعني فأني مرشدك
المهرج: (يهيج بغضب) لا تكلمني بلغة الفناء والاحتضار لا ترهبني بفحيح الحميم فقد صيرت نفسي نباشا لبطون التواريخ والاحداث, سأكسر سلاسل الازمنة واجئ بكل من تلطخت يداه بدم المعدومين والفقراء, هذا همي الذي اقايض عليه كل عمري, ولكنك لا تملك حتى طلسم دعاء لنفسك
هو: ومن تحسب نفسك انت, هل تريد ان تأتي بأمر منكر يهتز له الكون؟
المهرج: وانت من اجاز لك الحكم, اتريد ان تحرق نفسك, افعل فأني لا اهابك هيا افعل ان كانت لك حيلة بذلك
مارد1: هل يسمح لي مولاي بالظهور حتى أكون طوع امرك (المهرج يتراجع مذهول من وقع الصوت)
مارد2: سمعناك وانت تقول عين العقل وما يسقط بين الليل والنهار, وانا بين يديك راكع ولأمرك طائع
مارد3: هل تسمح لي يا مولاي ان امرغ وجهي بتراب مقدمك
(يظهر المردة بين راكع وساجد فيصاب المهرج بالذعر ويأخذ بالدوران في ارجاء المكان )
مارد1:(بمسكنه) نحن كنا نطير في ملكوت سماء الدنيا فسمعنا عراك انفسكم
مارد2: سمعنا لهاثك وغضبك ورشدك الذي تبغي الوصول اليه, فكان الحق معك
مارد3: فنزلنا كالشهب الثاقبة لنجدتك بما تراه صالحا للأرض والعباد فأردنا العون ولكنه وقف بيننا حائلا
مارد1: وقال انك تابعه ومطيعه
مارد2: ومنفذ امره وهو عليك سلطان
مارد3: انه يراهن عليك معنا للحفاظ على ملكه عليك كما يزعم
المهرج: (وهو مازال بذاك الفزع وقد رفع بيده مشعلا ويدور ثم يتجه بشكل حذر نحو المردة ويهيج عليهم بالمشعل وهم في مكانهم لا يتحركون) أتعرفون من انا, انا الحيلة والخداع معا, انا الدم ذاته, انا المكر في لعبة شطرنج الملوك, انا السابح في بلاطات السلاطين وعهرهم, انا المعلم بفتح ابواب الحروب ولكن سيكون لي معكم ساعة لن يطلع فيها الليل
هو: لا تكن تحت وطأتهم فلن تكون لك ساعة من زمن الشمس تذكر
المهرج: (يدور حول نفسه كم يلحق ظله ويربت على صدره وراسه بقوة) اسمع انا سيدك و سيد نفسي الان, انا الان سأتركك في غياهب النفس حتى تقر وتدين فعلتك معهم , اتساوم على بيعي ايها الجاحد سأتركك تدور في فلكي الف دورة للشمس, سأجعلك انت القربان وليس انا
هو: لن اصمت كصمت القبور وهذا ايضا ليس لك به علي من آمر, انا لم اساوم
المهرج: انا اعيش مرارة قاتلة واعصارا حد التحدي والمشقة من اجل البشرية
مارد1: لهذا نزلنا من اعالي السحب لننشد معك تواشيح الفجر الذي تبحث عنه
هو : انهم يريدون استلابك فلا تنحني لهم أيها المهرج
مارد3: دعك منه وامِض بنا وابحر بشراعنا ونحن صاغرون لك بما تأمر به
المهرج: (يقوم بجمع الاشياء الموجودة في باحة العرض ويلقي بهن على المنضدة ثم يطوي عليهن بقطعة قماش) هنا تسكن كل اداة الحروب والخراب, هنا كل معاول القتل ونزيف الدم, هنا كل اسفار الطغاة والجلادين والقتلة, هنا بوصلة تشير الى بطون التواريخ وسواد الازمنة لبني آدم
مارد1: وما انت فاعل بها وما تبغي الوصول اليه, قل وعجل فنحن لك صاغرون
مارد2: سنوقف لك دوران الارض ان اردت ذلك
مارد3: ونجيء لك بالآلهة كالمطايا من جوف ازمنة سحيقة ليكونوا طوع امرك, ولكن عندما يأمرنا أبانا السلطان بذلك
( مؤثر صوتي لتصادم مجرات بشكل انفجارات هائلة, يفزع لها المهرج)
هو: هذه الرحلة ستكون وجهتك الاخيرة محملا بالخطايا والرزايا, اعدل عن ذلك يا هذا, لن تكون شهادتك مكتوبة في السماء بعد الان, وان زدت فيها فلا رجعة لك ولا رحمة
المهرج: اين كانت هذه العدالة من سيل بحور الجرم, اعداد لا تحصى من ضحايا كأس الدم , ملايين من المغدورين المغيبين في رحم اوطانهم, مستضعفين حد الخنوع, طغاة صيرهم الدهر حكما على كومة من اللحم والعظم, مجاعة واستلاب وعيون شاخصة نحو عدالة افق السماء تذرف دمعا احمرا للخلاص دون جدوى, اني الان اعلن تعزيمي للخلاص وها انا الان سأشرب من كأس النور وسأجعل السماء من فوقي والارض تحتي والتحف بالنهار عن يميني والليل على شمالي واطير في مفازات لم يصلها احد من قبل
هو: انا لا اريد ان العنك فما زال الباب مفتوحا للخروج من هذا العالم فلا تدعهم يجلسوك على شفير سقر الحميم
( تهتز البذلة بقوة , المردة يلاحظون ذلك بتوجس وخوف وارتباك)
المهرج: (يتحرك نحو البذلة المعلقة ويقف تحتها) اني انشد ترتيب ما فوق الارض ووحيا يهبني عهدا جديدا وعالما لم تخرج على افقه الشمس ولم يطلع عليه وهج القمر, اشدو من كل الملاحم الكونية ان تسير بسيرتها طائعة امري ابحث عن قشة تكسر اضلاع الكون لنجاة مرامي حتى اديم وقار الارض واعلن فيها محكمة البشر على البشر, سأنفرد بجسدي ولن يكون هناك روحان تسكن جسدي, روح واحدة تبحث عن السمو السامي, انا وحدي من سيتشبث محلقا بين السماء والارض, سأعد الاغلال للطغاة والجبابرة والحكام والسلاطين والملوك والرؤساء والامراء وتجار الحروب والعبيد,, ها انا اعد مأدبتي الاخيرة فمن يرغب بالرهان على نفسي فليقدم وانا له ظاهر اليدين لمهر اي مقايضة
( مؤثر صوت ارض تفور ووميض ورعود تصل حد الانفجار, رياح سوداء من الابخرة تغطي المكان كله, المردة في حالة خوف وهلع وهم واضحين بلون اشعة سينيه,, المهرج يشتعل جسدا وسط هذا الموقف,, الصوت يخفت تدريجيا ونرى ان البذلة قد اشتعلت ولم يبقى منها سوى دخان يتصاعد من الحبل المرفوع بها)
الشيطان: (يظهر على شكل عمود من النار حتى يستقر بتجليه للعيان بلباس قماش الشوفان لونه يميل الى الاحمرار ومغطى بشكل كامل, المهرج يصاب بالهلع والفزع ويجمد دون حركة, المردة في سكون تام ساجدين كأنهم في صلاة الفزع مع مؤثرات صوتية متجانسة مع الحدث وكذلك هنا الاضاءة لها دور كبير ومهم جدا في انتقالات الشيطان من مكان لمكان وبشكل دقيق جدا)ها انا ابن الارض الازلي وقاهر الأمم من الاولين, كان لي أرفعُ كرسي فوق كواكب الرب واجلس على جبل الاجتماع في اقاصي الشمال واتربع على قلب الماء واصعد فوق كل مرتفعات الجبال والسحاب واحسب نفسي اني العلي
المهرج: (كأنه هوى من السماء الى الارض ممسك برأسه) ما اصابني كأني في عالم آخر, رأسي يدور, صدري يفور بسعير الجمر اسمع اصواتا ولا ارى احدا
الشيطان: وصلني خبرك
( نسمع حركة بندول الساعة بشكل واضح )
المهرج: (ينظر الى عمود النار بهلع) من انت, من انت, ومن ادخلك الى جحري هذا
الشيطان: نحن لم ننادي ولم نستغيث غوث الطالب بنجدته من سلطان الكون ونحن لم نفرض انفسنا عليك, ولكن تذكر انك انت من طلب وقدم نفسه للانتماء والميثاق من اجل شرف مزعوم
المهرج: (لا يزال مرتبك من هول الصدمة) المقايضة يعني ما بين الفردوس والنار
الشيطان: بلغني انك تبحث عن مشعل للثورة على الضَيْم والقهر والظلم للتحرر من سلطان الكون, ام انا اغوي لك ذلك سبيلا
المهرج: سلطان الكون ماذا يعني ذلك؟
الشيطان: انا ونحن والكل تحت سلطان الكون, ومع ذلك فأنا الان سلطان الكراسي الاربعة
المهرج: (مصدوم من هول الجملة الاخيرة) ماذا, اتحسب اني لا اعرف ولا افرق بين ماهية العقل والطبيعة وسر هويتهما, واني عبثي ولا املك أي شيء من مفاتيح فلسفة الكون والوجود والعدم, فأنت واهم
الشيطان: ان كنت ماديا وواقعيا, فسوف لا تدرك حينها الا ما تلمسه يداك وسيكون بعيدا عنك آلاف الاميال بل الملايين, واذا لم تمسكه بيدك سيبقى غير موجود اصلا, سيبقى فقط للتمني, واذا لم تشعر بوجوده فسيبقى ضرب من الحلم واذ لا تحس بوجوده فأنه سيبقى بلا وزن
المهرج: انك تفكر بمنطق وفلسفة الوجوديات ومادياتها , ام انك تريد معرفة ما اصبو اليه
الشيطان: انا اعرف ان حياة الانسان الدنيوية تقوم بالدم, ان الدم القوي الساخن هو الذي سيخلق من الدنيا حياة حارة وملتهبة في التفكير والتبصر وعندها سيتعدى المنطق ليبحث كيفية كسر اغلال التفكر المسببة للضمور والتوحد في الاستسلام للموجودات الثابتة
المهرج: ( بنوع من الهدوء اخذ يتكلم) انا حر, واتحكم بنوري الباطني, ارفض وحدة الوجود, انتشي في صحو شخصيتي الان واسير بها حيث ما اريد اني انشد الان المثالية المطلقة ذات السمو الرفيع والذي لا تحده حدود
الشيطان: ولكني ارى ما بين التناقضات والتدافعات امرا قد خرج منهن وهو تصادم قوي ونقيض معاند, ونحن نعد هذا رمزا للتكامل كما تسلكه انت الان
المهرج: سنين وسنين وانا اهرب من الفطرة التي فطرت عليها, اني لا ابحث عن البقاء السرمدي, اني لا اريد البقاء المطلق وفيه خيبات الكون وفناء الانسان مظلوما ومقهورا, انا لا يهمني ان تكون انت سقطت من المرتبة الملكية الى ما انت عليه الان, لا يهمني سرك الابدي وسوقك مغلولا أخر الدهر ما يهمني هو اقامة محكمة العدل البشرية, أريد ان اجئ بكل الافاقين وبغاة الزمان, اريد احضار كل من تسبب بهلاك العالم لحد الان واقيم عليهم حد الميزان لكي انصر تلك الومضة المذبوحة في سفر التكوين
الشيطان: ولكن لا تَنْسَ اني حيًّ من أحياء الملائكة واني خلقت من نار السَّموم بخلاف بقيّة الملائكة الذي خلقوا من النّور، لقد كنت زعيم هذا الحي وكنت رئيسَ ملائكة السّماء الدنيا, كما كنت من أشدّ الملائكة اجتهاداً وعلماً وقد كان لي الشّرف والمكانة الرفيعة, وهُبط بي جليلا ورُفع بي مكرما وكل هذا لم يكن شافعا لي, فقد كان الرهان على ما تقدموا عليه في هذه الحياة, نعم اني كنت اعرف ما سوف تكونوا عليه وها هو يحصل امامك جيوش من البشر السفاحين والقتلة,, انهار من الدم لأجل غايات دنيوية وجودية, مذابح ومسالخ تعد لأهل الارض باسم التقوى والايمان, حتى بطون الارض لم تسلم منكم فصيرتموها سوق نخاسة للبيع والشراء للجنس البشري الفاني, افعالكم تقض مضجع الرب الذي راهن عليكم, وها انا الان افزع لفزعك وحزنك واضطراب نفسك المعذبة من اجل هذا الفناء البشري واحضر هنا لمواساتك وقلقك, حتى تعرف كما انا مظلوم بسبب عدم آدميتكم المقيتة, انكم تثقلوني بأفعالكم الفاحشة وتحملوني ذنبوها باسم الملعون الشقي, مالي انا وغدركم واقتتالكم ومالي انا في مقدراتكم البائسة من فقر وجوع وفاقه, مالي انا وحروبكم الفانية و مالي انا وتيجان الملوك الذابحة لبني البشر, انكم تنشطرون فيما بينكم وتحرثون في ارض الرب انهارا من الدم, مالي انا, مالي انا (يجهش بالبكاء ويبكي معه المردة بشكل كورال انشادي)
نحن لكم جنود
نرفع قهركم هرما
وكل شيء محسوب
قضاء وقدرا
نحن لكم غافرين الخطايا كلها
لا اسى ولا وجع
ولا اسرافا في الولولة
نحن خدام ومطايا
لكل من استنجد فينا
دون ذنبه مرغما
المهرج: سمفونية رهانك مع الملكوت انا لا احتكم فيها ولا اريد الخوض فيها لان روحي جانحة صوب احضار ما رميت اليه انا ولا دخل لي في اوجاعك او شقائك او لعنتك الابدية, صراعي ليس معك بل اريد ان اعيد ترتيب هذا الكون على اساس ميزان العدالة البشرية, فهل لك معونه لي في ذلك
الشيطان: انا لست مثلكم, لم اشي, ولم اغدر, لم اسرق, ولم ازني, لم ارتشي ولم اخون ولم استعبد, لم اقتل, ولم اسفح دم الابرياء, لم اقايض, ولم احنث بوعد, لم اشط عن درب العدل, ولم اجرم بدم الاخوة, لم اخون الامانة, ولم اشق شرف الكلمة والميثاق ,هل هذا يكفي في معادلة اثقال ميزان محكمتك
المهرج: (يقفز شاهرا بيده الفأس) سأهشم كل تماثيل الفخامة تلك واعيدها شمعا حتى اذيبه في بودقة محكمة البشر, سأسوقهم مثل سبايا اهل الجحيم
هو: يا هذا سيجعل منك بندول لرقاص ساعة يحضر فيها رجالات وتاريخ الازمنة وعندها لم يعد باستطاعتك الهرب بعد انتهاء مأدبة الذبح والنحر, افق, افق
المهرج: (يكلم الشيطان الذي نأى بجسمه بعيدا) لا عليك منه, انه يريد افساد صفقتي (يكلم نفسه كأنه يلاحق ظله) انك تشتهي الموت وانا لا ارغب فيه, اتعرف لأنك لا تنتمي الي بعد الان فقد تغير الزمان والمكان, اخرج وانصرف مني او اصمت كصمت الموت, او, قف بعيدا محايدا لا حول ولا قوة لك,,
الشيطان: منذ الازل تعودت ان اسلك طريقي معكم مجهول الهوية, لكن وجدت فيك امرا عظيما لذا استوجب الحضور هنا بأنفاسي واظهار علامات القبول لك اين تريد ان تبدأ بحرث بطون الازمنة هنا ام في الاعلى, شرقها ام غربها
المهرج: (وهو في حيره من هذا الامر) اريد الندوة ان تعقد هنا, اريدها حية, وانا الوحيد الذي يتربع على كرسي الحكم والعدالة, اريد توهجا ودخانا يدور في نفخ مزامير تصدح بقواميس العدل عند احضار الجموع هنا
الشيطان: ويشرفني ان اكون حاجبك المطيع في هذه المحكمة وانفذ ما تبغي فعله
المهرج: (مع نفسه ) سيكون حدثا غريبا ومعقدا
الشيطان: يجب عليك ان تعرف كيف تتحكم بباطن ذاتك, حتى يطيب لك ان تتحكم في ارادة من يكون في خدمتك, تلك هي لذة مقاومة ما هو اقوى منها
المهرج: اني في شوق لتلك الليلة الحافلة بكل خطايا الكون, فمثلها لا يتكرر ابدا سأشعل فيهم نيران الوجود ناشرا فيهم اللهيب الاحمر, سيكون حفلا دون خمر او غانية , ولكن قل لي ما هي حدود المقايضة بيني وبينكم؟
الشيطان: ان الاشرار قد بالغوا كثيرا في ذمي ولعني وحملوني وزر شرهم ورذائل افعالهم, هم من خانوا امانة الرب وليس لي شأن في ذلك, انتم تجدون في خطاياكم حياة مبهجة, وتصفون خطايانا بالجحود والخطيئة, والان دعني انصرف
المهرج🙁 مصدوما) ماذا, تنصرف ما هذا الذي اسمعه (نسمع حركة بندول الساعة)
الشيطان: هدأ من روعك, اذهب للحظات فهناك امر جلل يجب قضاءه حالا
المهرج: اي امر اعظم من امري
الشيطان: ليس هنالك ما هو اعظم ولكن نشب خلاف في اعماق أعماق الارض ومن ثم تحول الى صراع فاذا لم اوقف ذلك فستنفجر الارض براكبيها
المهرج: ولكن امرنا لا يمكن تأجيله ونحن الان على فوهة بركان صاخب
الشيطان: اطمئن, لحظات واعود, اعدك بذلك فسرعتي ضوء مارق كلمح البصر
المهرج: ( يتحرك بقلق وحيره) سأنتظر بلوعة, حسنا, اني انتظر
الشيطان: ولكن يجب ان تأمرني ان انصرف
المهرج: ماذا, انت حر في ما تشاء وما عساي ان اقول لك
الشيطان: انا الان تحت امرك, انا الان تحت قيدك, هكذا اصبح الامر الان
المهرج: (يبتسم ثم يطلق ضحكة عالية وينظر الى المردة) طيب, انصرف واخذ معك اتباعك
الشيطان: امرك مطاع, ولكن ابق عليهم قربك حتى يكونوا بخدمتك
المهرج: لا بأس, يمكنك الانصراف الان ( يختفي الشيطان بلمح البصر, المهرج يبدأ بالبحث في زوايا تواجده) ان من يعيش طويلا سوف تكون لديه تجارب كثيرة, ولكن لا جديد يمكن ان يحدث في هذا الزمن المنفلت بالنسبة لي, ان الخطة العظيمة في بداية الامر تبدو ثقيلة وصعبة وحمقاء, ولكن طالما هنالك مفكر يعمل على ازاحتها فأنها ستغدو سهلة التحقيق
هو: بدأت النواقيس تقرع في عنان السماء لهول ما سيحصل يا هذا
المهرج: (لا يبالي لهذا النداء ويهرع ويلقي بجسده على المنضدة) اسمعها وحدك فما عاد يخيفني حتى ناقوس الموت, احبس انفاسك في فمك
هو: ستسلبك هذه القوى ماهية آدميتك , ارجع الى رشدك ولا تتهور ياهو
المهرج: (ينهض بجسمه من على المنضدة واذا بالشيطان واقفا امامه فتقع عينيه بعيني الشيطان فيصاب بالدوران) منذ متى وانت هنا؟
الشيطان: منذ ادبارك له فأنا احس بذلك لكن لا اسمع دواخلكم
المهرج: انه مخرف دعك منه, قل لي, انت ماذا حصل معك؟
الشيطان: اولادي واحفادي بعض الاحيان يصيبهم الشطط فذهبت و اصلحت الامر في ما بينهم وجعلت لكل واحد منهم سورا من نار ومجاز له ان يلعب في داخله ما يشاء ( يضحك ) وانت ماذا لديك؟
المهرج: ماذا لدي, اني ما زلت اقف على حافة جمر الانتظار
الشيطان: ونحن لك صاغرون, ولكن اسمح لي بالانفراد بتوابعي الان (يبتعد ومن حوله المردة راكعين له ويتحدث لهم بهمس) بعد كل هذه الدهور والازمان نجد اليوم من يفكر بمنتهى الحماقة ولكني اعده تفكير معقول لم يسبقه احد على الارض بهذا, سوف افتنه بما يريد واحقق ما يصبو اليه واشاطره بفكرته ولنرى لمن الظفر بالرهان في نهاية المطاف, احرسوا المكان ولا تسمحوا بدخول اي انس او جان او اتباع, ان الامر لخطير, هو هذا اليوم الذي انتظرته طويلا كي اربح الرهان, فقوموا معي كما قام به السلف الاول من صراع دائم بين الارض والسماء سيكون هذا الامر شاهد اثبات لمن في قلبه اي شك بحقي بالسلطان رغم اني لا اثق بهم هؤلاء الآدميين (يضحك) مراوغون كالثعالب ولكن مصيرهم دوما في المصيدة, انهم يعبثون بكل شيء فلابد من استغلال ذلك لصالحنا
المهرج: ( مع نفسه ) ليتني اعرف ما يدور بينهم, ولكن فليكن ما يكون
هو: انها المؤامرة التي ستقضي على كل ما كنت تحلم به من نبل يا هو
المهرج: (دون ان يلتفت الى هو) اخرج و ابتعد قبل ان تحترق, حتى لا اتحمل خطيئتك (يضحك)
هو: محكمتك المزعومة ستنقلب عليك وستهتز الارض من تبعات مغامرتك
المهرج: ولا تنسى انت من اراد استلابي معهم دون ارادتي, ابتعد
الشيطان: ( يصدر صوت مخيف فينتبه له المهرج مرتبكا )
المهرج: انا جاهز فقط عندما تنتهي من خلوتك
الشيطان:(يتحرك بهدوء في ارجاء المكان, المردة يتوزعون بشكل طائر في الفضاء ويستقر كل منهم في مكان معين) خلوتي ام خلوتك؟
المهرج: اعلم انا لا اصغي لبعض الهذيان
الشيطان: ولكنك تحاور وتتبادل الرأي في اغلب الاحيان, اني قلق من هذا الامر
المهرج: هذا كان في ما مضى
الشيطان: اريد تصديقا لذلك, حتى اتخلص من شكوكي
المهرج: اسأل اتباعك
الشيطان: اتباعي, ما بهم
المهرج: انهم اتفقوا معه على المقايضة دون علمي, رفضت ذلك وانسلخت منه
الشيطان: مقايضة, كيف؟
المهرج: الجسد مقابل ما اربو اليه
الشيطان: وما هو مرادك وماذا تبغي من ذلك (نسمع حركة بندول الساعة)
المهرج: اني اسعى للظفر بمعرفة الحقيقة المطلقة والمعرفة الكبرى وان الانسان لا يعرف بالظواهر الخارقة للطبيعة وكل شيء في نظري مجرد ظواهر ووهم, مثلا لا يمكنك ان تفكر الا بلغة ما يدور براسك, ولا يمكنك مشاهدة طبيعة الاشياء الا بالحواس, ولا نستطيع ان نفكر الا حسب قوانين الطبيعة المادية, اما انت وعالمك فقد خلقت ضمن القوانين الابدية, لذا اريد التمرد على كل هذا في استحضار نفر من الآدميين والسفاحين وكل من فتك بالبشر والطير والحجر, اريد تغيير ملامح الكون برمته
الشيطان: ان اكبر وهم يعيشه الانسان هو شعوره بـأنه حر او انه مخير لا مسير نحن نعيش فرضيتنا التي راهنا عليها, اما انتم فسوف لا يكون وجود لكم ولو بعد حين, أنتم الفانون, فأسرع بتحقيق نبوءتك
المهرج: واذا
الشيطان: قل ما هي مطالبك وانا رهن التنفيذ
المهرج: كما ذكرت, اريد استحضار الاموات الكبار في الجرائم العالمية الكونية
الشيطان: وبعد
المهرج: ( يفكر بتردد وخوف) هل ممكن ان أراك على ما أنت عليه منذ الخلق؟
الشيطان: (يتفاجأ بهذا السؤال مع سماع صوت المردة المخيف كرد فعل) اتعرف كم هي عظيمة حمم البركان الحامي حد السعير
المهرج: (مذعور) ليس لها مثيل من قوة الحميم؟
الشيطان: وإذا, هل ما زلت تتمنى ان تراني؟
المهرج: لا, انها امنية حمقاء, دعك من ذلك الهوس
الشيطان: انا طوع امرك, ماذا تريد بعد (كل مطلب للمهرج ينزل بورقة كبيرة الحجم من فضاء المكان. مع حركة بندول الساعة)
المهرج: الطاعة والولاء المطلق لي ( تنزل لافته بذلك ومع كل مطلب لاحقا )
الشيطان: طاعة عمياء اكيد, ام الولاء فلا, فأنه نسبي اغلب الامر, اترك هذا الامر
المهرج: ان تنفذ لي كل ما اطلب احضاره من بطون الامم شرقية ام غربية
الشيطان: لك ذلك
المهرج: ان لا تخالفني في الرأي
الشيطان: لك السمع مني فقط
المهرج: دون اعتراض او ملل
الشيطان: وهو كذلك
المهرج: الصدق في المعاملة ,الصدق في الاجابة, الصدق في التنفيذ
الشيطان: الصدق ميزان الثقة ولك هذا ايضا
المهرج: لا يحق لك الرأي او المداخلة في اي شيء خلال المحاكمة
الشيطان: انا حاجبك المطيع انفذ ما تريد
المهرج: (ينظر في افق المكان ) هل هذا المكان يتسع لكل من ستحظره؟
الشيطان: نعم وسأفتح لك كل الجدران ليكون لك فسحة من التجول حولهم
المهرج: (صمت تام) والآن انت ماذا تطلب مني قبالة هذا كله
الشيطان: (يستدعي المردة اليه ثم ينظر الى ما علق من الشروط في الفضاء) عليكم الان ان تعلموا أمراء كراسي الشرق والغرب والشمال والجنوب لتنفيذ ما سمعتم وان لا يخالفون اي مطلب عندما يطلب منهم والرجوع الي بمهر مكتوب منهم بما يوافق ما طلب صاحبنا هذا
( المردة يختفون بلمح البصر)
المهرج: ( ينظر الى الشيطان بقلق ) هل هنالك شيء, اين ذهبوا؟
الشيطان: ليس هنالك ما يقلق, ذهبوا ليخبروا الامراء الاربعة لتنفيذ ما يطلب منهم دون عناد او تردد وحتى يكون لديهم علم بهذا الامر, نحن نعيش حياة الديمقراطية الحقيقية وليست كما هي عن الادميين انفلات وفوضى وخراب لدينا مجلس الكبار للتشريع وايضا هناك مجلس للتنفيذ, وانتم ماذا لديكم؟
المهرج: (ينظر الى الشيطان بذهول) طغاة وقتلة ومجالس للسرقة والفساد ومرتزقة
الشيطان: (يرفع رداءه فيظهر المردة راكعين وفي ايديهم صكوك الامراء, المهرج ينصدم من هذا الموقف) الان جاء الرد على ما طلبت, لنسمع ما جاء بهن
المهرج: من غير ان اسمع او اطلع, اني موافق على كل ما ورد منهم, انا في عجلة من امري
الشيطان: لا يمكن ان يكون الامر بهذا الشكل, يجب ان تعرف ما لك وما عليك فنحن قوم لن نحنث بوعد ولكن لا نتسامح ابدا مع من يحنث بميثاقه ووعده معنا
المهرج: ( وهو في عجالة من امره) هيا اني مصغي
الشيطان: ( يأمر اتباعه ان يتلوا بما جاء في الصكوك) لكم الأذن بالتصريح
المارد1: امير الشرق موافق على كل ما مطلوب من سيدنا ولكن بشرط, وهو ان يقسم ان يكون مملوك الجسد لسيدنا الى ما لا نهاية ( ويركع امام الشيطان)
المهرج: كلنا فانون, موافق, اكمل (نسمع حركة بندول الساعة تتحرك بشكل سريع)
المارد2: امير الغرب موافق ايضا ولكن بشرط, لا توبة بعد الان
المهرج: ( وهو قلق ) لا رجعة في ذلك واني لم اعمل فاحش الامر ظاهرا
مارد3: امير الشمال وكذلك امير الغرب موافقون ايضا ولكن بشرط, لا تغيير ولا تشويه للجسد بعد الان الا بأمر من السلطان
المهرج: سوف لن تكون هنالك علل بعد الان, توقف , اني موافق على كل شيء
الشيطان: (يستلم الصكوك من المردة وهم راكعون له) كما تريد وكما تحب والان حتى يكتمل الامر بشكله الرسمي, يجب ان تبصق في كل صك وان يكون حبر ذلك البصاق دم لا يفسده الزمن ولا يمحى ابدا, وسيكون من دم كلاب الجحيم
المهرج🙁 مع نفسه وبشكل قلق وهو يدور حول ما علق في الفضاء) حميم وسعير كيف سيكون ذلك الامر؟
هو: احذر انه الهلاك الابدي سيجري في عروقك وستكون في حالة لاحول ولا قوة لك في كل الامور بعد الان
المهرج🙁 ينصت بجديه) أسألك وتجيب بكل أمانة كما عهدي بك,هل يسمعون حديثنا, والامر الاخر, كيف سبيل النجاة من عدم حصول ذلك
هو: بعدم وصول ذلك السائل الى داخل الجسد, احبسه في فمك فقط وانهم لا يسمعون ما يدور بيننا ولكنهم يشعرون بذلك فقط
الشيطان: أراك تحدث رأسك في امر ما, فاذا ساورتك الشكوك او تراجعت عما تريد فعله فليس عليك حرج فأننا في بداية الامر
المهرج: (يضطرب لسماعه هذا الكلام) لا لا, ليس هنالك اي رجوع او نكوص بل انا في سداد القول هو غاية المنطق, هيا لنفعلها (مع نفسه) وسلاما لكي ايتها الروح المسكينة في جسد سيكون قربانا من اجل عفة وطهر الانسانية وهذا غاية الجود عندي
هو: اياك ان تدعه يصل الحلقوم , ابصقه بشكل دفعات (نسمع حركة بندول الساعة)
الشيطان: (السماء القرمزية للجحيم تتوهّج في الخلفية ثم يفرج الشيطان يديه فتظهر منها جناحين كبيرين لونهما احمر ناري, المهرج يصاب بالهلع والخوف, المردة يحيطون بالمهرج) دعونا نتأمل هذا الوجه (المهرج جامد في وسطهم) انها ليلة ما بعدها ليلة, ليلة العهد والميثاق, يا سماء الكون اشهدي , يا امجاد جنودنا احضروا للمباركة والتعزيم وترتيل انشودة الخلاص,
(يمتلأ المكان بجنود الشيطان على شكل بقع ضوئية وبمختلف الالوان وتتحرك بشكل بطيء, ثم تهبط ببطء من اعلى فضاء المكان قارورة يفور فيها دم احمر قَانٍ, مؤثرات موسيقية مناسبة, المردة ينفرجون بالحركة، فيظهر المهرج الذي بدأ عليه الخوف والهلع يتقدم ببطء نحو القارورة فيقف تحتها, تنزل القارورة وتستقر قبالة وجهه, تتصاعد المؤثرات الموسيقية والابخرة واصوات فحيح الجن الذي يشبه طنين الدبابير, المهرج يتناول القارورة والتي ما يزال فيها الدم يفور ويفتحها فيتصاعد منها ابخرة حمراء مع ارتفاع اصوات الجن, المهرج يرفع القارورة الى فمه بيد ترتعش فيشرب منها وما تزال اصوات الجن ترتفع مع اختفاء القارورة, المهرج في مكانه وما هي الا لحظات يتقدم المردة وكل واحد منهم يحمل صك لغرض مهره ببصاق المهرج , عملية التوقيع تتم ضمن هذه الاجواء الغير طبيعية وعند التوقيع ترفع الى الشيطان فيعود الوضع السابق ويختفي كل شيء, فنشاهد المهرج وهو ساقط الى الارض)
الشيطان: ان السيطرة على عناصر الطبيعة ومادياتها كلها الان في خدمتك ايها الآدمي انت الان اعلى شأنا من الاباطرة والملوك والسلاطين والامراء والحكام فانهض لتكمل ما اقدمت عليه (نسمع حركة بندول الساعة)
المهرج: ( يرفع رأسه بتثاقل فنرى فمه ملطخ بالدماء وينهض بجسم يرتعش) لقد خرقت اول قوانين الكون للتو ولكن الاهم هو بلوغ الهدف انه سبيل الممكن او انه السبيل لطريق المستحيل
الشيطان :وكل شيء تحت امرتك الان (يشير له بالجلوس على كرسي كأنه من كراسي الملوك قد جاء به المردة ووضعوه فوق مكان فيه من العلو والسمو)
المهرج: ( وهو يتقدم نحو الكرسي) كل اعواد الملوك والامراء والسلاطين لا تعادل الدم المسفوح على الرمضاء وهو يصرخ بذاك القهر وانا احد الذين شقي به
الشيطان: اعتلي صهوته واجعله افعى تحرسك وتنفخ سمها في وجه كل من تشاء من خصومك في محكمتك البشرية, انه عصرك الدموي
المهرج: (وهو يصعد السلم الى الكرسي) وهنالك اسئلة لا تحتاج الى شفاعة فلا شفاعة للقاتل (يجلس جلسة المنتصر) اليوم سيلد الغد على يدي وسلطاني هذا لا يشيخ ان دارت الارض والسماء معا الف دورة ضوئية سأجعل العالم ينحني اجلالا لي وما انا مقدم عليه, اعدو العدة لمأدبة الظفر
الشيطان: ( يفتح ذراعيه ويدور كأنه يطير في الهواء ويبدأ بالتعزيم والتحضير اما المردة فيقفون كالجند حاملين الرمح الناري يحيطون بالمهرج وهو يقف بشموخ من كرسيه, مؤثرات موسيقية تناسب هذه الاجواء) يا مالك الكواكب, يا راعي السموات والارضين يا مالك الليل والنهار انها نشوة اللذة التي اجد فيها الذ من خمر الجنة ولبنها وحواريها, اني اشعر بها بعمق اقاصي النفس , انها الليلة الموعودة التي انتظرها منذ الخطيئة الاولى في رحم السماء, يا أبانا بارك لنا وامددنا بالعزم والعزيمة
المهرج: (وهو منتصب القامة) يا لها من مغامرة لعينة يذوب فيها القلب ويبرد فيها الدم وانا عازم على هذا الامر, اغثني يا سلطان الكراسي والجبال والهواء والماء والارض, انها ليلة يذوب فيها الفؤاد وتكْفَهِرُّ فيها الوجوه
الشيطان: (يصيح بصوت مرتل على اسماء الجن) يا سيعريم , يا سديم , يا ليليم , يا قطب, يا عزازيل, يا اسموداي انتم واتباعكم جميعا ادعوكم بسم أبانا هلموا الي, لقد دنت الساعة وستنشق اللحود, احضروهم حالا بل الان الساعة, الساعة, الساعة (نسمع حركة بندول الساعة)
المهرج: انها ساعة الفرح السماوي والسرور الارضي المنتقم
(تعود مؤثرات الاجواء السابقة اضافة الى صوت رعود وبرق وعواصف واصوات صراخ كأنه ناتج من تعذيب جسدي بصوت بشري , الشيطان والمردة يصدرون صفيرا عاليا ويستمر هذا حتى ينتهي عند حضور جميع الشخصيات المراد حضورها في المحكمة)
الشيطان: (مازال يرتل ويتحرك بالهواء وكذلك معه المردة يرددون) الان الساعة الساعة ( المردة يرددون معه مع تصاعد ايقاع المؤثرات) الان الساعة الساعة (يصرخ الشيطان بقوة) هلموا إلى الأصل القديم فإنه نجاة لكم فيه من الإثم مخرج (تتصاعد الاصوات مع مزيج من مؤثرات البرق والرعود مع اصوات بشرية تستغيث وتصرخ, وما هي الا لحظات تحضر جميع الشخصيات المراد تحضيرها من قبل المخرج الذي له الحرية في اختيار الشخصيات الاكثر دمارا وقتلا وفتكا بالبشرية وممكن ذلك عن طريق الفوتو شوب الذي يبرزهم على شكل ارواح سابحة في الفضاء )
المهرج: (يسقط على كرسيه من هول الصدمة لما يراه امامه, المردة يحيطون به كأنما حراسه الشخصيين, اما الشيطان فقد تشخص في مكان مرتفع بهيئته المعهودة سابقا) انه العرس الوحشي, بل سماوي, هذا الحضور يشعل دمي كانه فوهة بركان يرمي حمما لا تنطفئ , ها هي ( ينزل من كرسيه ويدور حول الصور ) خاصرة التاريخ كأنها بطون حيات تركع امامي, هنا سيكون الضمير شاهدا بنفسه على فواجع الكون وصناع الجريمة, لا نواح لكم هنا, الان كل مفاتيح الازمنة وكل ابواب العصور بيدي , دستور الارض هو اليوم من سيحاكمكم
الشيطان: انت الان تمسك بخيوط العناكب فدعها ترقص على حبالها بما تريد
المهرج: هؤلاء هم من اضطهدوا الدنيا بسم الرب, اني اشعر بفزع غريب امام هؤلاء الازلام (نسمع حركة بندول الساعة)
الشيطان: ها هي قبة السماء قائمة لك, وها هي الارض راسخة تحت قدميك
المهرج: مرحى لكل هذا الغليان والاشتعال , هلموا يا ذباب الارض لتنبشوا في ضرع هذه الاجساد المتسخة بسواد الدم البشري حد الشبع
الشيطان: كما اخبرتك من قبل ان رحم السماء لا تعطيك كل ما تبغي
المهرج: عقود من الزمن وانا اهيم في عوالم صورهم وها هم اليوم بين يدي سأجعلهم يزحفون كالعناكب يبصقون كل ما سفك من دماء الشعوب
الشيطان: هنا سيكون الليل يمضغ اخر خيوط ضياء قيامتك (نسمع حركة بندول الساعة)
المهرج: الليلة ستكون آخر غزوات الحشر والنشر (صمت تام الا من الصفير)
الشيطان: انه صمت ثقيل, وسيكون ثقيل جدا, هل تعلم كم هي المدة التي لبثنا فيها نحن وانت في هذه الدوامة من الافلاك
المهرج: انه صمت لا يشوبه الا من تسابق في اروقة الدهور مقهورا طالبا بالعدالة الجهنمية, فعلا دوامه ولكنها تستحق المجازفة
الشيطان: نعم هو كذلك الامر, ولكن عليك معرفة حجم تاريخ هذه الرحلة الضوئية
المهرج: ( يقف كأنه صدم بأمر ما ) حديثك الان يفزعني بل يرعبني
الشيطان: الم تتطلع على كل ما كتب في الصكوك قبل بصمك عليها
المهرج: ( يصاب بالقلق ) ها, لا (نسمع حركة بندول الساعة تتسارع)
الشيطان: اكدنا عليك بالاطلاع بما جاء بأمر الصكوك, ولكنك عسرت برفضك وكان عليك ان تتعمق في دراسة الفقرات فيها, ولكنك احجمت عن ذلك
المهرج:(يصاب بالدوران واخذ يدور حول الكرسي ) انا لا افهمك جيدا, هذاالتشويش كانه رحى طاحونة تدور في رأسي, اخبرني الان بفقرات صكوككم, ماذا جاء بها غير ما اتفقنا عليه وما لم اطلع عليه
الشيطان: لا شيء فيها يثلم من امر الميثاق سوى, عامل الزمن الذي انقضى في مأدبة الاتفاق والتحضير والمراسلة والتسليم
المهرج: ( بنوع من الانزعاج) افصح القول ولا تطيل علي بالهوامش
الشيطان: (يتحرك ويقف وسط تماثيل الارواح) اسمع ,,عليك ان تعرف ان حراكنا كان بسرعة الضوء للمسافات الكبيرة والبعيدة جداً كالمسافة بين الأرض والكواكب وتعرف بالقيمة الضوئية على أنها المسافة التي يقطعها الضوء في دورة واحدة, حيث تكون فيها سرعة الضوء300 ألف كيلو متر في الثانية (نسمع حركة بندول الساعة تتسارع)
المهرج: (وهو في حالة ذهول واندهاش) اي امر رهيب هذا, وما شأني انا بهذه التفاصيل الدقيقة
الشيطان: ان الزمن الارضي الذي قضيناه معا والذي غصنا فيه جميعا منذ وجودك ووجودنا معك وسفرنا وسفرك في نومتك وها نحن الان مجتمعين بمن احضرناه لك اضافة الى زمن محكمتك معهم التي ستنتهي عاجلا او آجلا سنكون قد اكلنا من الزمن 128 سنة اي عند نهاية هذه المأدبة التي اعددتها لبني جنسك سيكون عمرك حينها 188 سنة ارضية (نسمع حركة بندول الساعة)
المهرج🙁مرعوبا مذهولا وهو يدور حول نفسه ثم ينظر الى السماء) ها هي النجوم بدأت تأفل من جديد ببريقها, النار بدأت تخمد لظاها في قلبي ها هي الريح بدأت تأتي بدل غبارها دخانا وترابا احمر, (يضرب على صدره وينوح) تعجلت, تعجلت, تعجلت ايها الاحمق فتعجلوا عليك
الشيطان: كن مطمئنا, ستبقى على شكلك وعمرك هذا طيلة هذه الاحداث
المهرج: (يتفاجأ لما قاله الشيطان) هل تسترق بالسمع لكل ما اقول
هو: ها انت تتوسد الزفرات في بداية مشوارك
المهرج: اشعر بأنني سأكون ظلا بقيمة العدم, جيء به من حواشي الخراب والحروب والمهالك الكونية انها الخديعة ( يضع يديه فوق راسه )
الشيطان: انت عبرت من شقوق نزيف القرون والدهور في سفر طويل يبحث عن اليقين وها انت تستظل به, فلا تبتئس (نسمع حركة بندول الساعة)
هو: انت الان في موقف لا يصدأ فيه التاريخ, ارجع لنفسك
المهرج: (يصرخ) لا عودة بعد الان, فقد عبرت القرون ابحث عنهم , كل جراح الكون ستصرخ بعد قليل, هنا سأقضي على جبروت الزمان والمكان معا وانا لا اريد ان اخسر ساحة حربي
هو: بفعلتك هذه سيصبح للشرعين عوراء في ساحتك تلك
المهرج: وايضا لا عقل خواء بعد الان, فقط ستكون سيوف القسوة تبطش بهؤلاء الماجنين (يشير الى اشباح التماثيل)
الشيطان: كف عن هذا العويل المستدام, انا ارى ان الشر هو الحل الوحيد لتحقيق ما تسعى اليه
المهرج: كم يعصف بي الاعصار الان, فما عاد قفاي يتحمل الوجع, ها هو الضباب يغلف قلبي من جديد, اي ولادة ظلماء هذه
الشيطان: لماذا هذا التراجع واليأس الذي اصابك, وما هو الجدوى من ان كان عمرك 50 او 183(نسمع حركة بندول الساعة)
المهرج: وما هي جدوى المحاكمة الان واي جيل سوف يسمع وينشد لهذه الكوارث التي كنت اروم محادثتهم بها واطلاعهم عليها حتى احقق الفكرة العامة لثورة اممية تنصب على واقعنا الخائب (يضحك) انا الان في عمر قد خلف ورائه خمسة اجيال, انا متأكد انهم سيسخرون مني ومن اهداف محكمتي المزعومة لان الذي سيحدث لهم قد يكون اقسى من هؤلاء ( يشير الى اشباح الصور)
هو: وانا ما زلت استرق انين روحك وحزنك, لقد اوهموك بتجليات لن تحصل ابدا لانهم هم الصانع لها الا تعلم ان هؤلاء هم مشعلوا الحرائق في كل الازمان, الا تعلم ان هؤلاء هم اداة للقتل وهم من اوجدوا عروش الدم, هؤلاء هم من غيروا وجه العالم بالدسيسة والخداع والمكر والخبائث, حتى السماء ارادوا خداعها فكيف بك انت الان منهم, اعلم ان هؤلاء هم عين نجاسة الكون
المهرج: (يدور حول الاشباح) لقد كرست جل حياتي من اجل تعريت وجوه هؤلاء السفلة والقتلة والمارقين
هو : وهل فلحت الان؟
المهرج : كنت اروم ان اجئ بكل عظماء الخطيئة مكبلين بذنوبهم نادمين وطائعين وصاغرين ليس كي يعلنوا توبتهم وانما لفضح حاضرنا الذي خرج من رحم جرائمهم
هو: وهاهم امامك اشباحا من عدم , يحسبه الظمآن ينبوع ماء من عسل
المهرج: لقد سعيت بهلاكي هذا حتى لا تتكرر خطيئة التكوين الاول للبشرية وامتحانها الابدي بين الارض والسماء, أردت قيامة العدل لهذا الجنس
هو: ولكن هل يبقى بني آدم يحتاج اغلب الاحيان خداع النفس حتى يعيش الاخرون بأمان ان هذه هي عين الخطيئة يا هذا
المهرج: (يتحرك نحو اشيائه وهو ينظر الى الشيطان بازدراء) ان المساومة في الحرب ما هي الا خديعة كبرى, وان حلمي حمل الصمت اجلالا ليقيني
الشيطان: (يتحرك نحو الاشباح) اراك تنظر الي بشزر, واشعر ان في حديثك قلقا يكاد يشعل المكان بشرارة من اهداب عينيك, فهل هنالك من اوقد نارا نجهل مسار سعيرها (نسمع حركة بندول الساعة)
المهرج: اعلم ان هذه الاهداب البيضاء بعض الاحيان فيها من المكر ما يفوق حتى سحر كراسي امراء الجهات الاربعة
الشيطان: كان يدهشني فضولك وانت تلاحق ارواحا هي اصلا فطمت على الرذيلة وماتت بذلة وعار لحق بها حتى السماء كما تقول, وانت القائل ايضا انها تناست عهد الرب فتاهوا عن اليقين وسلكوا درب الاشرار
المهرج: نعم, لان درب الرب لا يليق بهم
الشيطان: (يدور في وسط الاشباح) ان ما تراه من هؤلاء, التاريخ فقط هو من يجد نفسه بين جدرانه وليس الاخرون ( نسمع دقات بندول الساعة)
هو: انه يؤول الكلمات تمهيدا لقرع جرس نهاية النزال, انتبه لذلك
المهرج: اجل ونكون كالبهائم تنتظر النحر اليس كذلك
الشيطان: ونحن ننتظر فروض الطاعة مقابل ما آمنت به وجئت صاغرا لنا من اجله ولكن لم هذا التراجع ولم هذا التردد, ها هي الارواح التي كنت تنشد لرؤيتها امامك, فافعل ما شأت بها,
المهرج: يدهشني كلامك, سهامك واثقة في اصابة الهدف المقصود, لقد نفذ بي السهم اطمئن (نسمع حركة بندول الساعة)
الشيطان: اني ارى فسحة صحو في ساحة حربك ولكنها تعج بالندم,, أأنت نادم ( يصعد السلم ويجلس الكرسي وكأنه جالس في الهواء)
هو: احذر ان يخدعك مرة اخرى, فلا تكن له تابع
المهرج: (يتكلم بحذر) انه يظن ان اسلم له نفسي, (يضحك) كنت اظن ان غروري هو لوحدي وملكي فقط (يذهب الى الاشباح) كنت اتمنى ان احاكمكم بخفايا عهر تاريخكم الرذيل, ها انتم اليوم تماثيل دون حصانه ودون روح حتى وان تجملتم بكل الاكفان المقدسة, وها انا جعلت منكم فرجة للعالمين (يضحك) انا سيدكم, انتم خرجتم من الدنيا مأ ثومين, زنادقة, مارقين, اوباش وقتله, انا الان سيد موقفي رغم حماقتي, وكما يقول الشعر, ملكت نفسي مذ ملكت طمعي… اليأس حر والرجاء عبدً,,,
الشيطان: ( وهو يكلم المردة) هل تسمعون ما اسمع؟
المارد1: لا عليك يا سيدي انه ليهجر
المارد2: ولكن لن يكون الامر سيان يا سيدي, لا شاهدا ولا شهيدا
المارد3: هو دخل بنفسه للمأساة البيضاء
المهرج: ولكني سأكون شاهدا عليها بعد الان, لأني صيرت حتفي هنا وقد نفذت كل مآربي حتى اصل الى قلب المأساة البيضاء
الشيطان: انت من بحثت عن الدنيا وسلكت دربنا, وها هي دنيا العصور والدهور الغابرة بين يديك فأشبع منها حد الثمالة (المردة يضحكون)
المهرج: أتغريني بدنيا فانية جعلت منها لعبة بين يديك واستدرجت حماقتي فيها.. خطبتني الدنيا فقلت لها.. ارجعي,,, اني اراك كثيرة الازواج
( المردة يصفقون ويهرجون بالصفير والضحك الساخر)
الشيطان: (وهو يسبح في الهواء) عندما القى بنا الرب من ملكوت الفردوس الى اعماق أعماق الارضين (يتحدث الى الجمهور ويجلس على الكرسي) والكل يعرف ذلك, انها النار الابدية حيث الجحيم والسعير تلتهب في كل جانب, ضوئها فقط يعادل اطنانا متفجرة من تجاربكم النووية والذريةوالهيدروجينية, سجنا فيها حتى انتفخ المكان من حميمنا فانفجرت الارض وغدونا نسبح في الهواء (يضحك) معادلة صعبة, حيث اصبحنا من الادنى الى الاعلى نسبح في الفضاء ونضرب بطيراننا الشرق والغرب, فمن القاع اصبحنا في القمة
المهرج:انتم تحكمتم بالطبيعة البشرية ولكنكم لم تستطيعوا تسخير الكون
الشيطان: يا هذا نحن قوم نساعد في انجاز الامور العظيمة, الحروب, سياسة العبيد, اضطرابات , ثورات حمراء وسوداء, عنف, مجون, قتل وخراب فسق فجور, كل الرذائل التي يحتاجها البشر نسيرها له, علما هو من عملها هو من يسعى لذلك وليس نحن من نقدم عليه, كل هذا المسخ وانتم تقولتم به علينا فما الذي جعلك تستنجد وتستغيث بنا لربح مصالحك ( ينزل من الكرسي ويذهب الى الاشباح)
المهرج: (يخاطب الكرسي) ما انت الا زهو متخم بالعلو الفارغ كأنك شاهد قبر (يشير الى الشيطان والاشباح) صيرت هؤلاء سادة للخراب والدمار
الشيطان: ها انت كفرت بنعمتك التي لم يطالها احد من قبل
المهرج: انك مزقت بذرات الخير في ونشرت في نفسي التمرد والعصيان لذات الرب
الشيطان: انك فعلت ما يحلو لك بملء ارادتك وعليك تحمل عواقبها حسب الوثيقة والعهد واعلم ان لا رادع لنا
المهرج: لقد جعلت ساحتي لعبة شطرنج وانت تسلحت بكل حيل ومكر السلاطين
الشيطان: انك الان جعلت مني خصمك وليس كما كنت سابقا, سنين ودهور تبحث في كل علوم الطبيعة من لحظات حسم امام هؤلاء لتعلن محكمتك حتى تصبح مخلص البشرية, انا لم اطرق بابك ولم اطلب منك اي شيء وانما انت وحدك من اوجدت هذا الواقع كله وبصمت بملء ارادتك دون ضغط او ارهاب او مكر وخديعة كما تصفنا الان
المهرج: هذا ليس صحيحا ولدي شاهد على ما اقول وليس ما تقولت به انت
( المردة يضحكون بسخرية )
الشيطان: من هو ذلك الشاهد؟
المهرج: (يشير الى داخل نفسه) هنا
الشيطان: (يضحك) ها هو ذاك, اعلم ان هذا ليس له مكان في عروشنا, هذا شأنك انت, ولكن انا لي شهود كثر على فعلتك هذه وانا متأكد انهم شهود عدول (يشير الى الجمهور, يتوقف صوت بندول الساعة)
المهرج: يبدو لك ان هذا امرا روحانيا ستنفذ فيه سهام مكرك للجالسين
الشيطان: (يشير الى المشاهدين) هؤلاء هم عشيرتك وقومك وانا اجلهم واثق بحكمهم لما جرى بيننا, سنقدم لهم استبيانا مكتوبا لأصواتهم حول عدالة ما جرى بيننا من اتفاق, انا لم اخدعك في ما طلبت, اما انت فقد تراجعت عما حصل بيننا ولم تنفذ ما بصمت عليه, انك الان تراوغ حتى تفلت مما تعاهدنا عليه فهل هنالك اعدل من هذا الامر
المهرج:(يتجه نحو الجمهور ويخاطبهم) لقد بسطت له يدي حتى يمكنني من القصاص من هؤلاء الاشباح الذين عاثوا في الارض فسادا وها هو حالنا يسير نحو الهاوية, كنت ابغي ان انتصر لكم ولكل من فتك به على وجه هذه المعمورة, لا تفتنوا بكلامه المعسول, انهم ذرات تراب احمر كجحيمهم (يشير للشيطان والمردة والاشباح) كهؤلاء فجعت الارض بهم منذ نحر هابيل ليومنا هذا, وانا واثق انه سيقدم اليكم من هو خير مني ومع ذلك انا سأكون طائعا لكل ما تحكمون به بيننا حتى لو كنت انا القربان لهذه المتاهة (يلتفت الى الشيطان) انا موافق على التصويت (ثم يتقدم ليكون في مواجهة الجمهور وقريب جدا منهم ويهمس لهم) احذروهم انهم الفزع الاعظم وبحر الفجيعة,,, احذروهم ( نسمع حركة بندول الساعة)
الشيطان: (يظهر بين المشاهدين خاطبا فيهم) حدقوا في اعيننا ستجدون ان في كل زمن قاتل وقتيل ونحن ليس لنا ذنب في ذلك,, والان (يشير للمردة) اعطوا لكل جالس منبر وقطعة من الورق وليحكموا بيننا بالحق والعدل ونحن لهم مطيعين لكل حكم يشرعوه بالعدل والانصاف (المردة يبدؤون بتوزيع قلم وورقة على الجمهور) نحن ننتظر لدقائق ردكم ودون ابطاء لطفا, لأننا في عجالة من امرنا, وكما تعرفون لدينا من العمل الكثير الكثير,, ونحن في خدمتكم دوما
(مؤثرات موسيقية مناسبة لهذا الحدث , نشاهد المردة يستلمون اوراق الاستبيان من الجمهور وهم يرددون)
المردة: (بصوت موحد) نحن فرحون, نحن راضون, نحن فرحون, ما دام الرئيس عنا راضيا
(جغرافية المسرح تشتعل بالوان ملونة سريعة ومتقطعة شبيه بالمراقص الليلية ونشاهد المهرج يجلس على الكرسي ويتحدث مع ذاته بحركات متشنجة, المردة يسلمون جميع الاوراق الى الشيطان الذي راح يتفحصها وهو يسبح في الهواء والمردة من حوله يرددون ذات الحوار)
المهرج: (وهو في حالة عصبية ) نعم لقد افسدت حياتي بيدي, هذا ما تريد ان تقوله
هو : انا اعرف ان الاذن النبيلة يخدش حيائها دقات البندول عندما تدور عكس الزمن (نسمع حركة بندول الساعة)
المهرج: اعرف انا مقاوم وعنيد, اعرف, انا الان في عميق الندم وانتظر نهايتي على شفى سكين تشتعل دما احمرا
هو: اذن ماذا عساي ان ارشدك, قل؟
المهرج: (وهو في حالة ارتباك) قف معي, ابعدني عنهم وابعدهم عني
هو: لننتظر هذه اللحظات ونرى كيف يكون الامر, ها انت الان عدت الى لغة العقل والرشاد
الشيطان: (نسمع ضحكاته الغير طبيعية وهو منتصب بين كومة الاوراق التي تغطي باحة المكان ويتكلم مع الجمهور)هذا ديدنكم ايها البشر, دائما ,, الانقسام والتشظي فيما بينكم, الاستبيان يحكم (صمت تام) بالتعادل وهذا معروف لدي مسبقا, وهذا ما يفرحني جدا
المهرج:(وهو في حالة فرح) لقد خاب رجاءك ولن تستعمرني ابد الدهر
الشيطان: ولكنك ستكون مقيد بين الارض والسماء, جسد بلا روح, روح هائمة تسبح في الفضاء الى يوم يبعثون (المردة يرقصون فرحا )التعادل هو ارجاء الامر لوقت غير معلوم اتعرف ذلك
المهرج: (وهو يدور حول المكان صارخا) انها الدنيا تدور وتدور ونحن ثابتون في مكاننا, وهي تصعد وتهبط, المهم انا حي, انا حي
هو : ولكنك ستفنى في نهاية الامر (نسمع حركة بندول الساعة)
الشيطان: وستبقى انت مرهون بالتعادل
المهرج: ولكن جسدي وخلقتي ستبقى سر السموات والارض
الشيطان: السر يكمن في ستة ايام جاد الرب فيها فصنع ما صنع ونحن من عرف كنز هذه الملحمة وها انت احد خطاياها فلن تفلت من القصاص
المهرج🙁 يكلم نفسه) بدأ قلبي يحترق يا هذا
هو : ان الجسد سيرتاح يوما ما في نهاية النفق ولكن الروح ستبقى هائمة
المهرج: ما هذا الذي اسمعه, عليك بنجدتي
هو: انا معك اكيد حد حتفك ولن اتخلى عنك رغم حماقتك
المهرج: انهم يسلبوني جسدا فانيا
الشيطان: (نسمع موسيقى تمثل حالة من الانتصار, ونرى الشيطان قد جلس على الكرسي وفرد جناحيه عليه) ها انا اتربع كالأيام الخوالي (نشاهد المردة احدهم قد البسه الصولجان والاخر التاج والاخر الكأس ثم يتراجعون الى الوراء حتى يكونوا في مقدمة الاشباح ثم يسجدون له ومعهم كذلك الاشباح)
المهرج🙁 ما تزل الموسيقى مرافقه للمشهد ) وهل قضي الامر
هو: انها عجلة القدر
المهرج: من الممكن قهر الانسان ولكن من المستحيل تدميره ( يدور حول الاشباح) ولكن اياكم ان تمزجوا الطهارة واللذة في متعة الحياة بروح من السذاجة فستتحول البهجة الى حزن وينقلب املك الى مرارة وتدور بك عجلة الحياة الى الفناء, وان كل عمل صالح من صميم قلبك ينمو ويتكاثر, لقد ابعدت روحي عن العقلانية وتوهمت ان اصنع شيئا قدريا سماويا ولكن هيهات فلقد كان تفكيري سطحي وليس بالعميق, اياك وان تتصارع مع القدر لأنه امر محتوم (يتكور جسم المهرج وكأنه شاخ في لمحة البصر ويستلقي على المنضدة الطبية فتفور الاواني والقوارير الطبية بدخان ابيض)
هو:(يتجسد هنا القرين ببقعة ضوئية باللون الاخضر وتكون عند رأس المهرج الهرم)كان حلمك نبيلا وواقعك مريرا, انت طلبت الصلاح للبشرية ولكن طريقة تجسيد حلمك صار عن طريق رحم الشيطان فأنبت جمرة سوداء وقد سقيت من حميمها
المهرج: ( بأنفاس خاوية) لم تكن حكمة مني بل هلكة وها انا اسقى من كأس الندم
هو : ولكن اعلم ان الرب لن يتخلى عنك
المهرج: اعلم ان البشرية تتلذذ بالعذاب هذا ما وصلت اليه الان من الحكمة
هو : البشرية معادن واصناف فمنهم من يتراجع ومنهم من يتقدم بقلب ثابت نحو المخلص ( نسمع دقات ناقوس الساعة يضرب بعمق)
المهرج: (في رمقه الاخير) ها انا اودع حياة الدنيا, لقد كانت رحلة صيد غير موفقة انه الفزع الاعظم
الشيطان: (يتحدث من على الكرسي مع الجمهور) سأرافقه كظله حد حتفه
المهرج : ولكنك لا تعرف اي منقلب ستكون الامور
الشيطان: ولكن العاقبة لمن اتقى (يضحك) سيبقى هوس الدنيا وملذاتها شاخصة امامكم وتهرعون اليها دون هوادة, مرجعكم اديم الارض وتتلاشى اجسادكم فيها, انتم من صلبتم انبياء الله, انتم قتلتم الاولياء والصالحين, انتم حللتم ما لا يحل لكم, انتم افسدتم في كل مناخات المعمورة
هو : ولكن ستفنى انت مذموما مدحورا في الحميم من سقر في نهاية الامر
الشيطان: (يضحك) من قال هنالك جنة او نار وما هي الا دنيانا التي نعيشها ولكن انتم رميمها فقط وليس نحن, ها انا اضع تاجي واجلس على كرسي الحكم, والان فلنستمع لمعزوفتي, هلموا بالعزف يا جن الارض
(تختفي صورة الاشباح من شاشة العرض وتعرض سمفونية آلهة القدر المترجمة الى العربية حيث ستكون كلماتها متممه لفكرة المسرحية وفي نهاية السمفونية ينهض ذاك المهرج الهرم ويتقدم الى شاشة العرض ويوقف تكملت السمفونية ويقول للشيطان)
المهرج: هي انت, لقد انتهت اللعبة فلقد استدرجتك من عمق التاريخ كي انتقم عبرك من كل طغاة الارض وسيعيد التاريخ نفسه في هذه الالفية ولن يصفق لك جمهورك مرة اخرى, بل لي من سيصفق دوما وان السماء هي غطائي الدائم, اما انت فلن تفلح
(يذهب ويجلس مع الجمهور وتعاد عزف السمفونية المترجمة الى العربية مرة اخرى )
ستــــــــــــــــــار
* منير راضي / 2021