بالبحرين: (الحمدان) وضع الجمهور داخل الموقف الذي تشكله المسرحية”بي ريلاكس”… ثورة جدية للوصول إلى الشكل الفني لمسرح المستقبل/ أسامة الماجد
مسرحية “بي ريلاكس” التي قدمها مسرح جلجامش يوم أمس بنادي الخريجين، من تأليف وإخراج يوسف الحمدان، وتمثيل حسين المبشر، وساعد في الإخراج الفنان حمد الخجم، وموسيقى ومؤثرات الفنان علي رضا، وتنفيذ الفنان عبدالرحمن العطاوي، عبارة عن مونولوج طويل متدفق يكشف في استرساله عن أشياء، حيث تعتمد المسرحية كثيراً على قاعدة الحوار الذاتي منطلقاً لها.
إنها قضية فشل إنسان في استخدام طاقاته للوصول لهدفه، وعندما دق جرس انتهاء حياته لم يكن قد حقق خطوة واحدة عما بدأ به، لقد ناضل ولكن في غير الجبهة أو بعيداً عن مرماه. القصة تدور في مستشفى الطب النفسي، حيث عزلة الإنسان ، الإنسان في كل زمان ومكان ويسجل تحطمه تحت معاول تهوي عليه بكل قسوة وضراوة بسبب المجتمع، وقد التقط المخرج الحمدان بذكاء وحس أبعاد الموقف الدرامي وتبين مركز ثقله، فطرحه حول الجمهور بلا خشبة، وهكذا قذف بنا الحمدان ووضعنا داخل الموقف الذي تشكله المسرحية. اقترب بنا من السأم والنفوز والعذاب والفوضى، من كل المشاعر والأحاسيس التي تولدها شخصية حسين “الفارس السابق”، الامر الذي معه لم نتحول إلى متفرجين وأصبحنا نحس بأن ذلك الرجل يمشي معنا كالظل.
الأسلوب عند يوسف الحمدان ليس مجرد أداة طيعة تتلون بالموضوع، بل هي طريقة حياة، هي مزاج لا خلاص للإنسان منه، فهو ليس ثوباً يخلع ويلبس حسب المناسبات بل هو الكيان ذاته في الحق والواقع. وإذا قلنا إن الحمدان في كل أعماله المسرحية التي كتبها ظل مخلصاً لشكل التعبير أو أسلوب التعبير، فذلك إنما ينم عن أصالته وصدقه، فقد تختلف الموضوعات التي يتطرق إليها الكاتب وتتنوع الأفكار والآراء التي يدلي بها تبعاً لتنوع وتعدد تلك الموضوعات التي يواجهها، ولكن أسلوب التعبير لا يتغير لدى الكاتب الأصيل لأن الأسلوب في الحقيقة هو الشخص.
في تصوري الشخصي إن مسرحية “بي ريلاكس” تمثل في حقيقة الامر ثورة جدية للوصول إلى الشكل الفني لمسرح المستقبل، ويمكننا أن نضعها في مصاف علامات على الطريق نحو فن مسرحي جديد في منطقة الخليج والعالم العربي.
كما أن التجسيد المسرحي للنص جاء موفقاً إلى حد بعيد، فقد استطاع الفنان المبشر أن يبهرنا بإيقاعه الأدائي والحركي بما يعكس الفكرة الأساسية التي تحويها المسرحية، وكان سهلاً عليه الاستغراق والدخول في تعقيدات العمل ليبرز أقصى ما يمكن أن تمنحه الوسائل البسيطة التي يستخدمها في التعبير عن أعماق الموضوع الذي يعرضه بالإرتجال. أخيراً أقول: إن الحياة اكثر من مجرد مظهر، إنها يمكن أن تكون بالنسبة لكل منا، ما هي بالنسبة لأبطال يوسف الحمدان الذين يقدمهم للمسرح، يمكن أن تكون بحثاً دائباً وإن كان بحثاً يائساً عن الحقيقة، وما الحقيقة غير البراءة والصبا والمثل العلى.
عن: البلاد