كتاب الخميس (الحلقة الثلاثون)/ عرض و قراءة: حيدر علي الاسدي
*****************************
ضمن صدر كتاب ( المسرح المدرسي وسيلة تعليمية) للفنان والباحث مجيد عبدالواحد النجار ، والذي عرفته مهتما ً بالنشاط الادبي والمسرحي في مدينة البصرة، الكتاب جاء بواقع (195 صفحة) توزعت عبرها ست فصول وعناوين فرعية مهمة فكان الفصل الأول بعنوان “لمحة تاريخية عن المسرح المدرسي” والثاني كان “الوسائل التعليمية استخداماتها وتطورها” والثالث ” إمكانيات المسرح المدرسي في تطوير المواد الدراسية” والفصل الرابع “المسرح المدرسي وسيلة تعليمية لتحسين التعليم الابتدائي” اما الخامس “المسرح المدرسي وسيلة تعليمية لتحسين التعليم الابتدائي” والسادس والأخير “نماذج نصوص مسرحية”،
ولان النجار تربويا ومسرحيا فقد كان مهتماً بهذا النوع من المسرح والذي يختص بفئة مهمة من فئات وشرائح المجتمع بصورة عامة، والقطاع التربوي بصورة خاصة، فمن خلال هذه ( الوسيلة) ممكن ان نبني هذا الجيل عبر ترسيخ مفاهيم إيجابية ونقد السلبيات من خلال ما يقدم من عروض مسرحية بهذا الاتجاه، لذا كان النجار مهتماً بهذه الموضوعة الحيوية والمعاصرة، وكتب بهذا الخصوص اكثر من بحث ومؤلف،
وقدم لهذا الكتاب الدكتور علي محمد الربيعي مؤكداً على مهمتين لابد منها سعى لهما المسرح الاغريقي ويترسخان من حيث الأهداف والوظيفة بهذا النوع المسرحي واعني هنا ( الجانب الفكري التربوي ) والجانب (الجمالي: الممتع)
ان الباحث والفنان مجيد عبدالواحد انطلق من فكرة الكتاب وموضوعه على فرضية مهمة تتمثل بوصف المسرح المدرسي (وسيلة تعليمية ناجحة) يعمل على اعانة المعلمين والمدرسين في تقديم مادتهم الدراسية بطريقة فنية مدروسة كما يشير الى ذلك في مهاد الكتاب، كما سعى النجار لفك الاشتباك الحاصل بين مسرح الطفل من جانب والمسرح المدرسي من جانب اخر ، مستعرضاً لمحة تاريخية وافية عن تاريخ المسرح المدرسي، ويرصد النجار عدة مشاكل للخلط الحاصل بين مسرح الطفل والمسرح المدرسي ومنها وقوع البعض (بالمقارنة مع مسرح الطفل أيضا، هي المواضيع التي يقدمها هذا المسرح هل هي قصص خيالية، او من الواقع او تعد قصة او رواية او من المواد المنهجية المقررة للطالب في المدرسة / الكتاب ص24). ويعلل هذه المشكلة كون المسرح المدرسي انبثق من مسرح الطفل الذي انطلق هو الاخر خارج اسوار المسرح (في الحدائق العامة).
ويقدم المؤلف استعراضا للمسرح المدرسي في البلدان الاوربية، ابتداء من اول عرض مسرحي للأطفال في اسبانيا (خليج الاعراس) وذلك عام 1657م. وكذلك بدايات مسرح الطفل في فرنسا 1784م . وفي الولايات المتحدة الامريكية مابين 1896 و1903 وبريطانيا والتي انطلق فيها المسرح المدرسي 1918 حسب الرصد التاريخي للمؤلف، وكذلك في روسيا والدنمارك واسكتلندا وتشيكوسلوفاكيا والسويد وألمانيا،
وبعدها انتقل المؤلف لرصد المسرح المدرسي في البلدان العربية، وابتدأ بالعراق فقد كتبت اول مسرحية تاريخية تعليمية عن نبوخذ نصر والتي قدمها الخوري هرمز نورسو الكلداني المارديني في الموصل عام 1888 ، وكان استعراض المسرح المدرسي في العراق مقتضب جدا ولم يتجاوز الصفحتين حتى، وبعدها تحدث عن المسرح المدرسي في البحرين، ثم الكويت، فالمغرب، ولبنان، ومصر والتي افرد لها الباحث مساحة اكثر من العراق وكذلك أشار لبدايات المسرح المدرسي في السعودية، وقطر، وعمان، فالاردن والامارات، وتونس.
وخرج بخلاصة بعد هذا السرد التاريخية والابحار في موضوعة المسرح المدرسي في البلدان الاوربية والعربية، وتوصل الى نتيجة ان عروض مسرح الطفل كانت تعرض في الأماكن العامة لعدم وجود مسارح متخصصة بمسرح الطفل، وتوصل الى نتيجة ان أمريكا مهتمة بتربية الطفل وتعليمه بطرق مختلفة بوصف المسرح أداة مهمة لتطوير قابليات الأطفال لديهم.
وفي الفصل الثاني ركز المؤلف على الوسائل التعليمية :استخداماتها وتطورها مشفوعا بسرد تاريخي عن هذه الوسائل وبدايات استعمالها، متطرقاً للمراحل التي مرت بها هذه الوسائل ( التعليم البصري، البصري الحسي ، المعينات السمعية والبصرية ، الوسائل السمعية والبصرية والتعليمية)
اما الفصل الثالث خصصه المؤلف (لامكانيات المسرح المدرسي في تطوير المواد الدراسية ) اذ يرى خلال هذا الفصل ان مسرح الطفل تشظى وخرج منه ( المسرح المدرسي ، مسرح الصف، مسرح المساحة) من اجل الارتقاء بذائقة الطفل وتعليمه، ذلك ان المسرح المدرسي (يسهل ويبسط الدروس ويكون وسيلة إيضاح)، وأوضح الباحث بالتفصيل (مفهوم المسرح المدرسي ومنهجه ) وفي معرض استعانته بمرجعياته التوثيقية فهو يرى ان فضاءات المسرح المدرسي محصورة في البنايات الاتية (القسم ، الساحة ، قاعة الأنشطة ، والجريدة المدرسية) ووضع النجار جدولاً يفرق خلاله مابين مسرح الطفل والمسرح المدرسي ، عبر (13 نقطة ) وابرزها ان مسرح الطفل يعتمد على الموهوبين في أداء الشخصيات بينما في المدرسي تكون المشاركة لكل التلاميذ في الصف ، وممكن ان تكون عروض مسرح الطفل في مسارح الكبار اما المدرسي يعتمد على ما متوفر داخل الصف او في إدارة المدرسة ، وغيرها من النقاط…. وهذه التفريقات لم تسند الى مرجعيات توثيقية انما هي من اجتراحات المؤلف من خلال خبرته واداوته البحثية التي اوصلته الى هذه التفريقات.
واستعرض الباحث في فصله الرابع موضوعة المسرح المدرسي وسيلة تعليمية لتحسين التعليم الابتدائي، ذلك بوصف الوسائل التعليمية من اساسيات التعليم في المدارس الابتدائية فضلا عن الثانوية كما يرى الباحث ، وانتقد قلة استخدام وسائل الايضاح في مدارسنا بل يرى ان العديد من المدارس لازالت تستخدم وسائل تعليمية قديمة كالسبورة والرسومات دون الالتفات الى ان الطالب تطورت عقليته مع استخدامه للأجهزة الذكية بصورة يومية في ظل الثورة التكنولوجيا المتطورة الي يشهدها العالم اجمع.
والفصل الخامس كان بعنوان المسرح المدرسي وسيلة تعليمية وهو يعتقد هنا (واعني المؤلف) ان المسرح المدرسي لا يشترط بالمشتركين ان يكونوا محترفي تمثيل، مشيرا الى أهمية مسرحة المناهج التي تحول المسرح المدرسي الى ميدان علمي ثقافي ترفيهي محبب الى نفوس الطلبة حسب تعبير المؤلف، ودعا الباحث الى تحويل المواد الدراسية جميعها الى نصوص مسرحية واستخدام المسرح بوصفه وسيلة تعليمية في المراحل ( الابتدائية ، المتوسطة، الإعدادية)، وحتى يتوازى الجانب التطبيقي مع التنظيرات التي قدمها المؤلف.
فخصص الفصل السادس والأخير الى تقديم نماذج من النصوص المسرحية الأول كان من (مادة قراءتي/ الصف الثالث الابتدائي/ واسم العمل النظام) واضعاً أسئلة للمعلم بعد انتهاء العرض المسرحي ،والنص التطبيقي الثاني من مادة العلوم (الموضوع: الحيوانات الفقرية/ عنوانه / الفقريات ، للمرحلة الخامس الابتدائي).
وختم الكتاب بالمصادر والمراجع المعتمدة بتقديم هذا التوثيق المهم عن المسرح المدرسي.
جدير بالذكر ان المؤلف هو تولد البصرة 1960 ، وحاصل على الماجستير في الفنون المسرحية 2015 ، وعضو نقابة الفنانين واتحاد الادباء والكتاب ولديه العديد من الاعمال والجوائز الفنية.