استعراض في كتاب جماليات الأداء: نظرية في علم جمال العرض لاريكا فيشر ليشته / اعداد: حيدر علي الاسدي

في الفصل الأول : تأسيس جماليات الأداء تبدأ المؤلفةالألمانية (اريكا فيشر ليشته)باستعراض عرض (شفاه توماس) الذي قدمته به الممثلة اليوغسلافية (مارينا ابراموفيتش) عرضها المليء بالقسوة والذي تبدأه الممثلة بتحررها من جميع ملابسها والذهاب للحائط الخلفي للعرض لترسم صورة لرجل بشعر طويل يشبهها ووضعت اطارا عاما للصورة على شكل نجمة خماسية وحطمت كاس نبيذ بيدها واخذت تنزف ورسمت النجمة الخماسية بشفرة حادة على بطنها واخذت تنزف بقوة والجمهور لم يتمالك نفسه فصعد لانهاء جلدها لذاتها، مارست إيذاء جسدها دون انتاج العلامات الخارجية للدوال الداخلية، لم تصرخ لم تعرب عن المها وضعت الجمهور في حيرة وقلق والم أيضا مما يخالف التقاليد والقواعد التقليدية للتلقي الفني، لقد استطاعت مارينا ابراموفيتش ان تخلق من خلال عرضها موقفا يجعل المتفرج عالقا بين قواعد ومعايير الفن وقواعد ومعايير الواقع اليومي بين الضرورة الجمالية والضرورة الأخلاقية رغم ان بعض الثقافات تعد تعذيب الجسد ليس فقط فعلا طبيعيا وانما نموذجا محمودا ومثاليا مثلما في بعض الطقوس والشعائر الدينية كما كان يحصل في الكنيسة خلال القرن 11 اذ كان الجلد الذاتي جزءا من القداسة والمجال الثقافي الثاني الذي يقبل فيه التعذيب الذاتي هو حلقات الفرجة في الأسواق فالحيل قد تؤذي الى مخاطر مثل حيل اكل النار او بلغ السيف او ثقب اللسان، والسمة المميزة لهذا العرض هو تحول دور المتفرج من مراقب الى مشارك في الحدث.

ان الاتجاهات الفنية التي ظهرت بالقرن العشرين كالدادائية والسريالية والمستقبلية حاولت تحويل المتفرج من مراقب الى مشارك باستفزاز المتفرج عن طريق الصدمات اذن غرضها كان يحتوي على عناصر فرجوية وطقسية مستمدة من الطقوس الدينية وهو عرض يخرج من نطاق نظريات علم الجمال ويقاوم بشطة شروط نظريات التاويل في فهم العمل الفني والاهم انها قدمت واقعا جديدا عاشه كل المشاركين من لاعبين ومتفرجين. انها قدمت حدثا تورط فيه كل الحضور وتطرقت المؤلفة لجماليات العرض كذلك في مجال الادب عبر اتجاه جمالي يسمى (بالرواية التفاعلية).

ان الميل الى جماليات العرض في مجال المسرح ظهر خلال الستينات 1966 على مسرح فرانفكورت من خلال مسرحية (ٍسب الجمهور) للمخرج كلاوس بيمان، اذ قام العارضون بالتحدث مع الجمهور ومهاجمتهم وسبهم ووصفهم بانهم مخادعون وملحدون ومدعون، والردود كانت مغادرة القاعة او التصفيف او التعليق وفي اليوم الثاني قفز المتفرجون الى الخشبة لياخذوا مكان الممثلين من اجل المشاركة باللعب.

وفي الفصل الثاني اشارت الى ان جون اوستين يرى ان الأداء هو انجز او فعل ارادي او مثل او عرض، اوستين يرى ان فكرة التفوه اللفظي لا يهدف فقط الى وصف التصرفات والسلوك ولكنه اجراء او فعل او أداء معروضا (اعلنكما زوجا وزوجة)، لقد طبق اوستين مصطلح الأداء فقط على أفعال اللغة، فهو يحاول ان يثبت ان الكلام دائما يحوي على سلوك عملي.

اما (باتلر) فهو يرى في الأداء ( أفعال الجسد) وهي لا تعبر عن هوية مسستقرة وسابقة لكنها تعبر عن اكثر من ذلك بوصف الجسد تاريخي ثقافي ، وانصب جل تركيز نظرية أفعال الأداء (لباتلر) على الأفعال الجسدية الادائية وعلة الوزن الذي تفرزه عملية التجسيد وبذلك تكمل نظرية باتلر نظرية اوستين عن شروط النجاح او الفشل.

مصطلح العرض:

في المانيا خلال عشرينات القرن الماضي أشار غوتة ان العنصر الأهم في المسرح هو ( العرض) وهو ما اكد عليه كذلك ( ماكس هيرمان) لقد ذهبت (جين الين هاريسون) رئيسة المتمسكين بالطقوس في جامعة كامبريدج لاثبات الصلة النسبية المباشرة بين الطقس والمسرح للتشديد على أولوية العرض على النص وأكدت بدراستها على ان المسرح اليوناني يصور بالاصل الطقوس الدينية وأكدت ان طقوس الاحتفال بالربيع (شيطان الربيع) هي اصل الاحتفالات ديونسيوس والاغاني الحماسية ليست اصل التراجيديا كما يرى ارسطو ، لكن التراجيديا تعود باثولها الى طقوس احتفالات الربيع والنصوص المسرحية التي كانت آنذاك للعرض (تتفق مع رؤية دوبون صاحبة كتاب ارسطو مصاص دماء المسرح الغربي).

لقد عرف (هيرمان) العرض بوصفه مهرجانا او لعبا بين العارضين والممثلين عن طريق الحضور الجسدي المادي.

الفصل الثالث (تزامن الحضور الجسدي للعارضين والمتفرجين)

يقرر هيرمان ان الشروط التي تؤهل العرض ليكون وسيطا إعلاميا هو الحضور الجسدي للعارضين والمتفرجين ، وينبثق العرض من المقابلة واللقاء بين الفريقين في مواجهة بعضهم البعض والتفاعل بينهما وتبادل الأدوار وخاصة ردود الأفعال للمتفرجين الخارجية (الضحك ، الهتاف، التنهد ، البكاء ، تحريك الاقدام ، تحريك من مقعد ، فقد التركيز ، حبس الانفاق) مما يؤثر على طبقة أداء العارضين ويجعلهم يعدلون من أدائهم وهذا ما يسمى بالتغذية الراجعة ومع دخول القرن العشرين وقع تغبير جوهري عندما ظهر المخرج بطلا في العرض المسرحي وكان يهدف الى دفع المتفرجين الى ردود أفعال بعينها من خلال عناصر الرؤية الاخراجية في العرض.

مشاركة الجمهور في العراض أدى الى ظهور ما يسمى (تبادل الأدوار) كما في تجارب شيشنر . ولان بعض العروض كانت تشتمل على الغرابة مثلما تعامل (شيلجينسيف) مع ذوي الاحتياطات الخاصة بجعل المتفرجين بعضهم يختار الاطار المسرحي ويبقى هادئا والأخر يختار الاطار الاجتماعي ويتدخل محتجا على السلوك وهناك نظرة الى فعل تلقي الاخر بوصفه فعل سياسي في نظرة الثقافة الغربية مثل عرض ( زيارة اثنين من الهنود الحمر) اذ ان تبادل الأدوار يعطي خصوصية لكل عرض وهو نموذج مقيد لجماليات الأداء لانه يعطي توليد ذاتي وتغير مستمر.

الجماعة : ان فوكس يرى واعتمادا على نيتشه سعى لدمج العارضين والمتفرجين معا لخلق حالة من النشوة تاتي لنا كجماعة كما ان بسكاتور هو الاخر طور المسرح الشامل بوصفه يضم الجماعة تجمعا سياسيا او اجتماعيا.

لقد تعززت فكرة ان الجماعة تظهر وتبرز في اثناء القوس الجماعية واصبحت الجماعات المسرحية من التفرجين والعارضين لها جمالية أداء من خلال تلاشي الحدود بين الجوانب الجمالية والاجتماعية حيث تحولا الى جماعة واحدة وتؤكد  الجماعات انها ليست نتاج للاستراتيجيات الاخراجية لكنها تعبير خاص عن التغذية الراجعة.

كما تحدثت عن المباشرة والافراط في استخدام تقنيات إعادة التقديم داخل العرض الحي قد يقضي على اختلافه على العروض الإعلامية.

الفصل الرابع ( التوليد الادائي للمادية)

الجسدية : يتحقق العرض المسرحي بوساطة الجسد.

التجسيد : تجسيد الممثل للشخصية

  • جسد يدل على قابلياته الشخصية
  • جسد الممثل أي (جسد الشخصية: نفسية واقعية )
  • الممثل المقدس فعل التجسيد، فعل الوحي ( مثل رؤية كروتوفسكي في التمثيل)

المكان : مساحة معمارية لا تنتهي بانتهاء العرض .

الفضاء : سريع الزوال يوجد اثناء العرض فقط.

الفضاء المسرحي : ينشا وينظم هيئة العلاقة بين بين العارضين والمتفرجين وطبيعة الحركة داخل الفضاء وتؤثر على عمليات التلقي.

وفي السنوات الأخيرة تم البحث عن فضاءات جديدة (المصانع ، المذابح ،مستودع سيارات ، أسواق ، ملاعب ، الخ ) كما حصل في عروض اريان مونشكين في مسرح الشمس.

ثلاث إجراءات لتكثيف الفضاء الادائي:

1-استخدام المساحة الفارغة ولاسيما عدد من القطع الديكورية القابلة لتعدد الوظائف.

2-انشاء فضاء مسرحي داخل مكان غير معد لذلك.

3-التجريب في الفضاءات المستخدمة سابقا.

وقد فعل ذلك جوتوفسكي ذلك حينما قدم عرضا بقاعة تشبه قاعة محاضرات التشريح وهي مسرحية بعنوان ( الأمير الصامد عام 1965).

الصوت :

يتشكل المسرح في فضاء الرؤية وكذلك في فضاء السمع كما في ظهور الاوبرا في القرن السادس عشر .

الإيقاع : يقوم على الجسد البشري ، اجسادنا تمنح ايقاعا لأفعالنا.

افصل الخامس ( انبثاق المعنى )

اهمل المسرحيون في المذاهب الحديثة أمثال كريج والدادائين والسريالين المعنى المتولد في النص الادبي في العرض مثلما فعل ارتو ومايرهولد بل ارتفع النداء بضرورة توقف المسرح عن توصيل المعنى وعليه ان ينشا الأثر ، فجربوا السيرك والمسرح المتنوع ، ان لابد ان يحقق المسرح اثر الصدمة عن طريق الاستخدام المثالي للجسد .

الحضور وإعادة التقديم

الحضور ( جسد العارض : سلطة الجسد = يولد سياق جمعي للمعنى)

إعادة التقديم ( الشخصية المكتوبة على الورق / سلطة النص)

الفصل السادس ( العرض بوصفه حدثاً)

اكتسبت طبيعة العرض بوصفه حدثا أهمية خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين حين اعلن بيتر بيهيرنس وجون فوكس عن ضرورة عودة العرض الى الشكل الاحتفالي كما ادعا ماكس هيرمان انه وجد اصل المسرح وجوهره في شكل (مسرح المهرجانات) الذي يتشكل من خلال المشاركة بين العارضين والمتفرجين، ومع بروز البنيوية التي تتعامل مع مفهوم الحقيقة داخل العمل الفني ونجد ان جماليات نظريات استجابة القارئ رفضت محاولات البحث عن المرجعية داخل العمل الفني وعلى المتلقي ان يكون له دورا كما المبدع في المشاركة لتوليد المعاني.

الفصل السابع : (سحر العالم)

ما ينتجه العرض سحر العالم ، مع ظهور وسائل إعلامية جديدة في ستينات القرن الماضي انبثقت أنواع جديدة من العروض داخل ثقافتنا في مجالات الرياضة والسياسة والثقافة والمهرجانات تؤكد إمكانية تطبيق جماليات الأداء على أنواع العروض الأخرى .

الرؤية الاخراجية :

الاعداد والبروفات وتحويل النص لعرض عياني ، اختيار الممثلين ، اختيار الديكور ، كل ذلك ينطوي تحت الرؤية الاخراجية. وقد شهد المصطلح تغيرا بالتقدم والتطور خاصة بعد بروز المخرج ومهامه بصورة عصرية واضحة ، والرؤية الاخراجية هي عملية تخطيط وتجريب وتثبيت لمجموعة من الاستراتيجيات التي تعتمد على مادية العرض بهدف افراز الأداء ولا تنطبق على المسرح فقط بل على كل المعارض والمهرجانات.

ولكي يتحقق إعادة سحر العالم لابد من وجود الرؤية الاخراجية .

بالنسبة لارتو لم يعد المسرح مسرح احاسيس بل هو قابلية للتحول ولكي يستعيد المسرح قدرته على التفسير لابد ان يلجأ الى الطقوس ليستعيد قدرته على التحويل أي تحول جسدي الى روحي.

الفن والحياة :

رفع الطليعيون بداية القرن العشرين نداء لتقريب الفن والحياة ليعلن عن ظهور شكل جديد لجماليات الأثر وتتم إعادة سحر العالم من خلال الربط بين الفن والحياة وهو هدف جماليات الأداء.ان جودة الفن الحقيقية تكمن في إعادة تفكيكه للحياة وانفصاله التام عنها. هذا الكتاب احد اهم الكتب التي ترجمت في السنوات الأخيرة ، وفيه العديد من المداخل والموضوعات التي تصلح كبحوث ودراسات في المجال المسرحي.

_______________

هامش:

* اريكا فيشر ليشته ، جماليات الأداء : نظرية في علم جمال العرض ، ترجمة: مروة مهدي، ط1، (القاهرة : المركز القومي للترجمة،2012)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت