الهيئة العربية للمسرح وحلم الإبداع العربي…حقيقة مخفية وتداع متسلط…!!/ د.عواطف نعيم
بسم الله الرحمن الرحيم
أمام أنظار سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الاعلى لاتحاد الامارات العربية المتحدة \ حاكم الشارقة الجليل ….
تكون الامنيات التي تتاح للفنان الحقيقي الذي يحلم ويسعى بكل إيمان وثقة في أن يحّول الفنون المسرحية الى منجز ثقافي ووجه حضاري ووسيلة من وسائل التغيير والتثقيف والتوعية أن يحّول ويضيء ذلك الصرح الذي استطاع عبر سنوات عمره المديدة أن يتجذر ويترسخ في حضارة الشعوب وتكوينها الانساني الخلاق وأن يصمد ويتكرس أمام تغّول كل وسائط السوشيال ميديا ويبقى حاجة وضرورة لبناء الفكر النّير والوجدان المتوقد في ذاكرة الشعوب وأرثها وتراثها الحضاري والوجودي الذي يعلن عن أصالتها ويمدها بالعزم والقدرة على التواصل والعطاء ألا وهو المسرح، و لأجل هذا كان انبثاق الهيئة العربية للمسرح في 28 من شهر أكتوبر 2007، بما تحمل أسباب وجودها وانبثاقها من أهداف نبيلة وآفاق فكرية وفنية متفتحة ومتجددة وداعمة ومحفزة، مصدر بهجة وتفاؤل لدى أغلب المسرحيين والفنانين في الوطن العربي. لذا كان الامتنان والتقدير واجب التقديم لصاحب المبادرة الاولى والحالم الاول بتجمع عربي قائم على روح الابداع والاصالة يفتح الابواب مشرّعة دون تمييز أو محاباة أمام جميع العاملين على الظاهرة المسرحية على أن يكون الابداع وروح التجديد والاجتهاد جواز مرورهم لتلك اليوتوبيا التي يحلم بها من اتخذ من المسرح وفضاءاته المتسمة بالجمال والرقي والتنّور وسيطا فكريا لمخاطبة العقول وبث روح المعرفة وشفرات الخير والنبل والتوعية، هذا الشكر والامتنان واجب التقديم للشيخ الجليل والكاتب المسرحي الكبير سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الاعلى لاتحاد دولة الامارات العربية المتحدة – حاكم الشارقة ، لكن ما كل ما يتمنى الفنان الحالم ممكن أن يتحول الى حقيقة كائنة وفي متناول اليد حين يتولى قيادة الامور وتمشيتها من يجد نفسه وبحكم موقعه ومع مرور الوقت وعدم وجود المسألة وروح المسؤولية ووجود البعض من ضعاف النفوس والباحثين عن الفرص والقادرين على التطبيل والتمجيد وبيع الضمير والمبادئ على حساب كل القيم الاخلاقية والانسانية والفنية يكتبون وينظّرون ويمجدّون لكائن واحد تحول من فنان مسؤول إلى متسلط ومستبد مترّيس حينها ومع وجود كل هذه الابواق يجد ذلك الكائن نفسه وقد تسيّد وتمكن واستقوى على كل من حوله وصار يتحكم ويفرض ارادته على كل من يعمل معه ويكون تحت سلطته بل صار وبحكم الإمكانيات المادية واللوجستية والقانونية التي توفرت لهذه الهيئة أن يتحكم بالمهرجانات العربية وبعض المهرجانات الوطنية والملتقيات وتوجهاتها وأصحابها وطبيعة المشاركات الفنية فيها وحتى في توزيع الجوائز والدعوات والورش والندوات واللقاءات والمسابقات المسرحية، وأهلا بالأحبة الذين يخضعون لإرادته وبعدا لمن يتقاطع معه بالرأي والفكر والتوجه!. لذا بتنا نرى تكرار الوجوه السنوية وتواجدها في كل المحافل والمهرجانات العربية التي تقام في هذا البلد العربي أو ذاك مع تكرار تلك الوجوه والشخصيات في لجان المشاهدة والاختيار والتحكيم وضيوفا يحسنون المدح والتملق والتلميع !!! في هذه الحالة علينا أن ندق ناقوس الخطر ولا نكتفي بالمراقبة والصمت بل أن نجهر بالقول وأن نواجه وأن ننّبه وأن ننّبري للدفاع عن كيان ورئة جاءت لنا جميعا كي نتنفس من خلالها الهواء النقي الذي يمنحنا القدرة على الحلم ويشّد هاماتنا نحو الانجاز، مر الوقت منذ التأسيس الاول للهيئة دون تغيير رغم ما شّاب مسيرتها من تحول والتواء وتدخل سافر قائم على أهواء وأمزجة من يتحكم بأمرها ويقودها ممن تم ائتمانهم من قبل الشيخ الجليل القاسمي صاحب الفكرة والمبادرة الكريمة لخلق أكاديمية عربية فنية وثقافية قادرة على احتواء الحلم العربي في التقارب والانجاز والابداع بعيدا عن الفوارق والعنف والتخندق والتحزب والتطرف، لكن وكما قال مصلحو المسرح من قبل ” الماء إن ركد يأسن” لذا لابد من تغيير يحمي الهيئة ويخرجها من خندقها المشحون بالكراهية والتنمر والتسلط الى آفق رحب ينفتح على الجميع دون ضغائن أو احتراب أو إزاحة، لان ساحة الإبداع تسع الجميع والعمل الفني المسؤول يقاد بالوعي والعدل والحكمة ولاسيما ونحن جميعا نعمل في فضاءات الجمال والفكر والانتماء العربي، وفي دولة الإمارات قامات مسرحية عربية مشهود لها بالكفاءة والقدرة والعلاقات الإنسانية المتميزة التي تقوم على الاحترام والتعاون والمعرفة ونذكر من هذه الاسماء التي آن لأحدها أن يكون قائدا ومسّيرا لادارة وقيادة الهيئة العربية للمسرح :
د حبيب غلوم
الاستاذ أحمد الجسمي
الاستاذ عمر غباش
الاستاذ عبدالله راشد
الاستاذ سيف الغانم
كانت الهيئة العالمية للمسرح تجري كل أربع سنوات انتخابات لتجديد دماء عملها وآلية اشتغالها فتختار من البلدان التي تنطوي تحت مظلتها من تجده مهنيا ومتمكنا ومقبولا لكي يقود الهيئة العالمية للمسرح في فعالياتها دون أن يحيد عن بنودها وأهدافها وأن لا يقضم أي مسعى إنساني وفني يمس ذلك الكيان العالمي، فلم يتحكم بالهيئة العربية للمسرح كل تلك السنوات التي مرت عليها منذ تأسيسها حتى وقتنا هذا شخص واحد ويقضم دون وجل من جرف أهدافها وأحلام فنانيها ما يجعله متحكما ومتسلطا دون حساب أو مراجعة أو تواضع أو احترام وأعتراف بالاسماء والقامات العربية حتى لو تقاطعت إرادتها مع إرادته؟؟ نعلم أن هناك أصوات لطبالين وهتافّين وأبواق ستنبري لتدافع عن مصدر رزقها وسياحتها، وهذا لن يثنينا عن عزمنا لاننا نتكلم بدافع الحرص والانتماء الى كيان عربي نجده مهما وضروريا للحفاظ على وهج الابداع العربي حرا دون تحجيم واثقا دون تقزيم طليعيا دون قيود، يدفعنا ويلح علينا ما يحدث في أوطاننا العربية اليوم من عنف وتحزب واقتتال وضعف ونكوص، علنّا ومن خلال المسرح وآفاقه الرحبة وفضاءاته الحرة والعقول النيّرة لمن يعمل فيه من المبدعين العرب في شتى تجلياتهم العاملة على الظاهرة المسرحية أن يبتكروا ويبدعوا عالما من الاستقرار والتعاون والانفتاح المتكافئ على الآخر وليس التابع الخانع في بلدانهم وبين أناسهم ويصححوا المسار بالوعي والمعرفة وحفظ الجذر العربي الاصيل دون مغالاة أو تطرف أو انكفاء، هي رسالة موجهة لصاحب الفكرة والمبادرة الكريمة في تأكيد وجود أكاديمية عربية للفنون تجمعنا على الاحترام والعدل الواعي والمعرفة الحكيمة من خلال اعادة النظر في إدارة الهيئة العربية للمسرح والقائمين عليها والعاملين فيها وهم سكوت الا من ملك حريته واحترم مكانته وفنه وقرر الانسحاب ورفع صوته بالرفض، الحرية والديمقراطية جناحا المسرح وبهما يحلق دون حذر أو قيود أو ضغائن …..
** د.عواطف نعيم/ كاتبة ومخرجة مسرحية عراقية