قراءة نقدية في عرض مسرحية ” الواشي” / يوسف جمال العصفور

“لا أسمع لا أرى لا أتكلم” عبارة تم تجسيدها من خلال مشهد صامت في بداية عرض مسرحية “الواشي”، التي كانت من تأليف: بيرتولت بريخت، وإخراج مصعب السالم، حيث قام بإعادة صياغة هذا النص بطريقته الخاصة متمسكاً بقواعد المسرح الملحمي، التي تعتبر أساس نصوص بريخت، تم عرض هذه المسرحية ضمن مهرجان الكويت المسرحي في دورته الثانية والعشرين، وكانت من بطولة أسرار الدوسري وأحمد الرشيدي وهيا السعيد وحمد الكندري وحمود الصلال.

لا يتوفر وصف.

المخرج: مصعب السالم

 

تدور أحداث العرض حول أُسرة مكوّنة من أبٍ وأُمٍّ وطفلهما، حيث كانوا يخططون للخروج لكن المطر جعلهم يجلسون في المنزل، مما جعل الأب والأم يتناقشان حول الحزب الحاكم للدولة وفساده بحضور ولدهما، مما أدى ذلك إلى توتر الأب خوفاً من أن يشهد الولد ضده عندما يخرج.

طرح العرض قضية السلطة الدكتاتورية الطاغية المتمثلة في شخصية زعيم الحزب النازي هتلر، على الرغم من أنه لم يتم ذكر ذلك بصريح العبارة، وإنما عناصر العرض كانت تقول ذلك، وعكس المخرج حال هذا الشعب مع السلطة الدكتاتورية على واقعنا الحالي.

تمسّك المخرج بقواعد المسرح الملحمي في هذا العرض من قبل أن يبدأ الحدث، حيث كان المسرح مكشوفاً قبل بداية العرض من دون ستار، وكأن المخرج يقول للمتلقي قبل بداية العرض إن هذا عرض مسرحي لا يذهب فكرك إلى جوانب أخرى وتسرح.

لا يتوفر وصف.

جعل المخرج شخصية الوصيفة هي من تحرّك الأحداث أو تقود الممثلين، في بداية العرض قامت بمخاطبة الجمهور وكأنها هي مخرجة العرض، فهي من بدأت الحدث، وبكلمة منها قام الممثلون بالتمثيل.

كانت شخصية الوصيفة تمثّل شخصية زعيم الحزب الحاكم في الكثير من الجوانب، إذ إن من المفترض أن يكون هذا الزعيم خادماً لشعبه وليس متحكّماً بهم، وتبدو الوصيفة في الظاهر أنها تخدم هذه الأسرة، لكن في الخفاء هي من تتحكّم بها ولا كأنها وصيفة.

من خلال شخصية الأم وصف المخرج كيف أن أقرب الناس إليك يقف ضدك في أصعب الأوقات، فالأم هنا لم تكن خائفة على زوجها، وإنما كانت تتلاعب بأعصابه وتناقشه بحدّة، وذلك بسبب انتقاده للحزب الحاكم وزعيم هذا الحزب.

اللافت في هذا العرض شخصية زعيم الحزب الحاكم، فهو كان واقفاً في الأعلى في منتصف إطار وسط المسرح وكأنه صورة، وهو بالفعل صورة لكن قد تكون هذه الصورة هي بداية توتر شخصية الأب، والدليل على ذلك أن شخصية الزعيم كانت تتجوّل في العرض معظم الوقت، وكأن هذه الشخصية هي التخيلات التي كانت في بال الأب من توتر وخوف.

لا يتوفر وصف.

وصف المخرج شخصية هذا الزعيم بأنه طاغية ودكتاتوري، وذلك من خلال وقفته على المسرح ومن خلال العصا التي كانت في يده، وأيضاً في نهاية العرض جعل من كان يعمل في هذا العرض يخرج ليلقي التحية، لكن هذه الشخصية ظلت واقفة في مثل وقوفها أثناء العرض، ولا أتصور أن يكون هذا شيئاً عفوياً، وإنما هو مشهد مدروس.

من خلال هذا المشهد كانت الوصيفة هي التي تحضر الممثلين لكي يلقوا التحية على الجمهور، وهنا دليل آخر على أن المخرج وضع هذه الشخصية لكي تتحكّم بالممثلين لا أن تخدمهم.

في أحد المشاهد ظهر حبل مشنقة في الجانب الأيمن من المسرح، وذلك من خلال نقد الأب الحزب الحاكم، وكأن المخرج يقول إن مصير كل من يحاول أن ينتقد هذا الحزب وزعيمه هو الإعدام.

لفت انتباهي أحد المشاهد، عندما قام الأب بالبكاء خوفاً من مصيره في المستقبل، فمن خلال هذا المشهد لم أتعاطف مع هذه الشخصية، فالمخرج صوّر هذا المشهد بطابع كوميدي وليس حزيناً، وهنا أثبت إحدى قواعد المسرح الملحمي بأن يركّز المتلقي في الحدث والقضية المطروحة.

عندما كان الأب يتحدّث في بعض الأحيان تقوم شخصية الزعيم برش الماء على رأس الأب عن طريق مسدس ماء، ويعبّر ذلك عن المطر، فهنا الأب يغضب بسبب المطر، وكأن المخرج ريد القول إنه من خلال ذلك قد يصل الحال إلى أن نتوتر ونخاف حتى من قطرات المطر.

في الختام، قدّم المخرج هذا العرض بشكل جميل وخفيف، لكي يتقبّله المتلقي رغم القضية المأساوية التي طرحها من خلال هذا العرض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت