دور المسرح في ظل الأزمات العربية الراهنة../ د.رياض موسى سكران
الندوة الفكرية المصاحبة لمهرجان الأردن المسرحي 29..
انعقدت الندوة الفكرية لمهرجان الأردن المسرحي 29 في مناخ يتسم بتحديات أساسية تواجه المسرح والثقافة المسرحية العربية الراهنة، وهو ما يسوغ اختيار “دور المسرح في ظل الأزمات العربية الراهنة” عنواناً رئيساً لهذه الندوة, التي حققت أهدافها من خلال الطروحات التي جاءت بها الأوراق البحثية التي قدمت عبر منصة الحوار والنقاشات المستفيضة لكل الباحثين المشاركين, الذين مارسوا التنقيب المعرفي والتقصي الفكري والتأسيس الجمالي, والتطبيق العملي, من أجل فتح المسارات المؤدية إلى (كيفيات) طرح رؤى مسرحية تستثمر وتستقرئ الواقع, وتعيد إنتاجه برؤى متباينة ومؤسسة على معايير تتماهى وتشتبك مع راهن المجتمع العربي وإشكاليات راهنه ووجوده وأزماته في عالم متسارع, جعل من التحديات الراهنة، كثيرة ومتنوعة، تتفاقم سطوتها يوماً بعد يوم.
ولم يكن إنفتاح الفضاء الفكري وتعدد الرؤى وتباين الافكار واختلاف المسارات إلا لتأكيد العمل على مناقشة كل القضايا التي تعنى بتجليات صناعة الخطاب المسرحي وتشكيل الرؤى القادرة على تحقيق الأثر والتأثير في حركية الراهن ودراميته المتصاعدة, من هنا انفتحت الندوة على طروحات فكرية ومتون معرفية, قدمتها نخبة فذة من مسرحيين وباحثين ونقاد وأكاديميين عرب اغنتها مناقشات الحاضرين..
لقد فرض تحول العالم إلى قرية كونية, تتسم بالحركة المتسارعة والتحولات المتواصلة، تحولاً جذرياً في كثير من المفهومات المستقرة والراكزة، وتكشّف ذلك عبر أنماط العيش والسلوك والتفكير، في تحول بنيوي خلخل البناء الهوياتي للأفراد والجماعات، وأضعف هذا التحول في كثير من الأحيان, تلك المضامين الإنسانية فكرياً وابداعياً وجمالياً, إذ يصعب تحصين الذات من الاختراقات التكنولوجية ووسائل التواصل الإجتماعي المهيمنة، دونما قدرة حقيقية على إعادة إنتاج هذا الراهن وتخليصه من هيمنة العولمة الثقافية المنمّطة والمصدّرة والمروّجة لكل الممارسات الثقافية السطحية، مما يوسّع الهوّة بينه وبين مقومات هويته..
الآن وقد قطفنا ثمار ما راهنّا عليه من نجاح كبير لمنصة عمان عبر تحاورها وتماهيها مع منصة ندوة مهرجان بغداد الدولي ومنصة مهرجان القاهرة التجريبي ومنصة أيام قرطاج, وما توصلت إليه من نتائج, فنحن نراهن مجدداً على أن مخرجات هذه الندوة في طرح الأسئلة المتوالدة، ستكون لها نتائج مبهرة في المستقبل القريب, وقد تحقق ذلك بحكم الاستعدادات المبكرة والتخطيط المدروس لكل الأخوة والزملاء أعضاء اللجنة المنظمة للموسم المسرحي الأردني 2022، وأعضاء اللجنة المشرفة على الندوة الفكرية..
نشكر ونقدّر عالياً.. الدعوة الكريمة للمشاركة في هذه الندوة التي ستظل ماثلة في سجل الثقافة المسرحية لسنوات قادمة..