مهرجان الأردن فضاءات ورؤى جديدة/ محسن العزب
بدعوة كريمة من وزارة الثقافة الأردنية ممثلة في الوزيرة هيفاء النجار ومدير المهرجان المخرج عبدالكريم الجراح ونقيب فناني الأردن محمد يوسف العبادي والروائي هزاع البراري أمين عام وزارة الثقافة الأردنية، شاركت كضيف وناقد معقب على بعض العروض المسرحية في الندوات النقدية المصاحبة لفعاليات هذا المهرجان المسرحي الأردني العربي الهام، والذي شاركت فيه بنفس الصفة في عام 2003 إبان دورته العربية الثالثة، فتأتي هذه المشاركة الحالية بعد مرور تسعة عشر عاما كاملة من عمر المهرجان، لتكون كفيلة بأن يشب المهرجان عن الطوق، وينمو ويكبر، وتتسع رؤاه الفكرية والجمالية، التي لمسناها وشهدناها في العروض المسرحية العربية الشبابية، من حيث الأفكار الآنية المناسبة للحظة العالمية الراهنة التي يعيشها العالم كله، والوطن العربي الكبير في القلب منها.
فلقد شارك في مسابقة المهرجان الرسمية، سبعة دول عربية هي :الأردن بأربعة عروض، وكل من السعودية ومصر والجزائرو الكويت والعراق والكويت بعرض لكل منها.
هذا وقد جاءت العروض مجتمعة، مواكبة فكريا وجماليا لما تعبر عنه من أفكار ورؤى حداثية تتسم بفضاءات مسرحية جديدة ومبتكرة في عوالمها المشهدية، بما يواكب المشهد المسرحي العالمي الآني، ليكون المسرح العربي جزءا أصيلا من المسرح العالمي.
كذلك جاءت الندوة الفكرية للمهرجان، بما طرحته من محاور فكرية هامة، قام بتنسيقها المخرج الأردني د. فراس الريموني، وقدم بعضها المخرج الأردني المخضرم نبيل نجم، وشارك فيها عددمن رموز المسرح العربي من مختلف الأجيال وهم : د. أسامه أبوطالب (مصر)، يوسف البحري (تونس)، د. جميلة الزقاي (الجزائر)، إيمان عون(فلسطين)، د. مرشد بن راقي (سلطنة عمان)، بوسلهام ضعيف (المغرب)، د. رياض السكران(العراق)، جاءت المحاور الفكرية لتؤكد على أن المسرح العربي لابد وأن يلعب دوره التنويري والتوعوي بل والتحريضي، في مجتمعاته المحلية، وذلك عبر عناوين رئيسية حقيقية ودالة هي: المسرح وإكراهات الوضع السياسي بين الإقصاء والتبعية، ودور المسرح في ظل الأزمات العربية الراهنة، والمسرح العربي ودوره التنويري، التقاطع بين السياسي والفني، والمسرح العربي بين التنوير والتثوير، والمسرح والديمقراطية، والمسرح والتمرد، والمسرح المواجه، وعزلة العمل المسرحي من زاوية النظر الدراماتورجية، المصباح السحري للعرض المسرحي… كيمياء التوهج والانطفاء، فيما اجتمعت توصيات المحاور الفكرية مع مداخلات الحضور من نقاد ومخرجين، على أن المسرح بشكل عام ينطوي على مشروع سياسي توعوي في المقام الأول، وعلى المسرح العربي الحديث ان يخرج من قولبته الجامدة وتأطيراته الحداثية، وأن يتوجه إلى الجمهور المتعطش في الأطراف والمحافظات، في كل الدول العربية على حد سواء، ليترسخ مفهومه لديهم، لأن هذا الجمهور هو المعنى بالمسرح الحقيقي الواعي لا بالمسرح ما بعد الحداثي، القائم على مرجعيات حضارية وفكرية تخص بلاده الأجنبية ولا تخص بلادنا العربية، فجمهورنا العربي تشكلت ذائقته الجمالية عبر تاريخه من خلال الكلمة، أليس ديوان العرب هو الكلمة..؟!!…، فالإبقاء على الكلمة في المسرح العربي هو الأساس، ليتم ترسيخه _أي المسرح _في الذهنية العربية على الإطلاق، مع احتفاظك كمخرج باستخراج كل جميل ومبهر من تراثك العربي المدهش.
هذا ولقد جاءت الندوات التقيمية المصاحبة للعروض، عصفا ذهنيا كبيرا، شارك فيه نخبة من النقادو المخرجين العرب، منهم: وفاء طبوبي وسيرين قنون من تونس، يوسف الحمدان وخالدالرويعي من البحرين، كاتب السطور من مصر، بشرى عمور من المغرب، رندا أسمر من لبنان، نصر الزعبي، مرام ابوالهيجا، د. علي الشوابكة، عماد الشاعرمن الأردن، مظفر الطيب، رياض السكران من العراق، مع مداخلات الحضور من ضيوف ومرتادي المهرجان من مثقفين وفناني الأردن، كالمخرج الأردني زيد خليل والممثلة المخرجة الأردنية أسماء مصطفى والناقد الأردني المشاكس تيسير نظمي والمخرج باسم عوض و شباب المشاركين، أردنيين وعرب، كالشاب الجزائري فخر الدين لونيس مخرج مسرحية اهنا ولهيه، البالغ من العمر 25عام، ورسم بالضوء في مسرحيته المدهشة وظهر بثقافة رفيعة أثناء الندوة التقيمية بعد عرضه، حقا لقد شكلت الندوات التقيمية عصفا ذهنيا كبيرا قلما يحدث.
كما قدم المهرجان ثلاث ورشات تدريبية لطلبة الجامعات الأردنية هي : ورشة الإخراج المسرحي بقيادة المخرج الجزائري محمد شرشال، ورشة إعداد الممثل للمخرج السوري هشام كفارنة، ورشة المسرح الصوتي للمخرج المصري إنتصار عبدالفتاح.
هذا وانتهت لجنة التحكيم المكونة من د. مخلد الزيودي رئيسا وعضوية كل من: د. جان قسيس(لبنان)، كلثوم أمين (البحرين)، يوسف البحري(تونس)، د. سعيد كريمي (المغرب) مقررا، إلى منح العرض المغربي (بيرندا) إخراج أحمد أمين ساهل جائزة أفضل عمل متكامل، وحاز العرض العراقي خلاف تأليف و إخراج مهند هادي علي جائزتي أفضل نص وأفضل ممثلة ل سهى سالم، كما حاز العرض المصري ليلة القتلة إخراج صبحي يوسف علي جائزتي السينوغرافية لإبراهيم الفرن وأحسن ممثل لياسر مجاهد مناصفة مع الممثل الأردني محمود زغول عن عرض فاصل زمني، فيما جاءت جائزة أفضل إخراج مناصفة بين المخرجة الأردنية الشابة شفاء الجراح عن عرض طوافة والمخرج الكويتي على البلوشي عن عرض الطابور السادس، بينما كانت جائزة لجنة التحكيم الخاصة من نصيب المؤلفة الأردنية رشا المليفي عن عرض طوافة تشجيعا ودفعا لحركة التأليف المسرحي النسائية حسب حيثيات وتوصيات اللجنة.