عروض مهرجان المسرح العربي للدورة 13 … عرض وتعريف / حيدر عبدالله الشطري

شكلت الهيئة العربية للمسرح لجنة مسرحية عربية لمشاهدة العروض المسرحية التي تقدمت للتنافس على دخول الدورة الثالثة عشر من مهرجان المسرح العربي والتي ستنظم بالتعاون مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل في المملكة المغربية في الفترة من 10 /16 يناير 2023 بمدينة الدار البيضاء ,وضمت اللجنة الاساتذة :

د. يوسف عايدابي/ السودان “رئيس اللجنة

د. سعيد كريمي/ المغرب

د. معز المرابط / تونس

د. علي محمود السوداني/ العراق

الاستاذ حكيم حرب / الاردن

وبعد ان استعرضت اللجنة 203 من الملفات التي تقدم بها المسرحيون من مختلف ارجاء الوطن العربي لتختار 16عرضا في مساري المهرجان وبواقع 4 عروض في المسار الاول (مسار المهرجان) و 12 عرضا في المسار الثاني ( مسار جائزة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي).

ولغرض التعرف على هذه العروض والتعرض الى نبذة مختصرة عنها قمنا ببحث نظري ميداني من اجل ان نسلط الضوء على الفرق التي قدمتها واماكن عرضها ومؤلفيها ومخرجيها وممثليها وكذلك عن المجاميع الفنية التي عملت على تقديمها وعن الافكار والمواضيع التي تناولتها وكذلك الاساليب الفني التي قدمت بها …حتى يتسنى للمتابع والجمهور الذي يسعى الى مشاهدة هذه العروض ان يتعرف على طبيعتها وبعض الملاحظات التي تخصها…

اولا…المسار الاول ( عروض المهرجان )

ـ مسرحية ( انا ميديا )…الكويت

وهي مسرحية كلاسيكية مستوحاة من مسرحية ميديا من تأليف الكاتب الكبير يوربيدس واخراج الفنان الكويتي بسام السليمان وبدأت العروض على مسرح المدينة في بيروت.

وقد قدمت الكويت وفي مبادرة مسرحية كسرت عصرا يكاد يكون متوحشا يعيشه اللبنانيون واصطحبتهم إلى دراما على خشبة تنتشلهم من دراما الحياة اليومية عبر مسرحية آي ميديا

يمزج البسام أساطير الإغريق بالحداثة ويقدمها في قالب درامي يحاكي منظومة القمع وعصر الاستبداد, وتظهر في المسرحية ميديا كفتاة مهاجرة عربية مثقفة مسيّسة وتجد نفسها في خلاف عميق مع العالم من حولها, وتتحول نقمة ميديا إلى صرخات استحالت انتفاضة عارمة بمجرد وصولها إلى مخيمات اللاجئين .

وتدور أحداثها حول امرأة ساحرة تعيش غريبة ودخيلة على مجتمع يظلمها ويدفعها إلى انتقام شرس ويتجسد هذا الانتقام على المسرح عندما تقتل ميديا أخاها وتقطع جثته كي تتمكن من الزواج من حبيبها جاسون، لكن جاسون هذا يتركها وحيدة غريبة مع أطفالهما الثلاثة ليتزوج من ابنة الملك كريون طمعا في المال والجاه ولا تلبث ميديا أن تحضر لانتقام رهيب من زوجها فتدمر المدينة وتقتل أطفالها الذين يعلق عليهم والدهم آمالا عريضة .

تمكن البسام من ربط خيوط التاريخ ببعضه البعض إذ أن وقائع ميديا لن تبتعد كثيرا عن نسختها اليونانية في عمق بنائها الدرامي لكنها تتأثر بالحداثة ووسائل التواصل والتطورات الإنسانية السياسية الآنية.

ويرتفع البسام على الخشبة إلى وضع سريالي فائق التراجيديا ويعمل على خلق فضاء مسرحي يتحرر فيه من قيد القصة الأصلية. وتطلق ميديا تغريداتها التي تتحول إلى صرخات إنسانية تضامنية مع اللاجئين وبمجرد وصولها إلى مخيماتهم .

وتلعب الفنانة السورية المقيمة في فرنسا حلا عمران دور ميديا ويشارك في العمل أيضا أعضاء فريق التنين الموسيقيين علي حوت وعبد الرضا قبيسي من لبنان والسينوغراف إيريك سواييه ومهندسة الصوت ماتيلد دوسييه من فرنسا ومدير الإضاءة سمير شعراوي من مصر والممثل ومدير الإنتاج أسامة الجامعي من تونس أما سليمان البسام وإضافة إلى كتابة النص وإخراجه فيلعب عدة أدوار في العمل مثل دور المؤلف الموجود على الخشبة والزوج الغادر جاسون والملك كريون. فيما يجسّد التونسي أسامة جامعي دور اغاديز.

هذا العمل بثلاث جوائز رئيسية بمهرجان قرطاج … البسام بجائزة أفضل نص مسرحي… وفازت الفنانة حلا عمران بجائزة أفضل ممثلة عن ذات العمل… وإيريك سواييه على جائزة أفضل سينوغرافيا

وقال مخرج العرض أنه اعتمد في أعماله على خلق فرق مشتركة من بلدان عربية ومن الغرب ومزج عناصر من خلفيات وتجارب مسرحية متعددة. وأضاف أنّ لا هوية وطنية للمسرح بل هوية فنية مطلقة عابرة للحدود.

ـ مسرحية ( سوبر ماركت) …  سوريا

قدم هذا العرض المسرحي بتاريخ 1 ‏/ 9‏/ 2021 والذي اعاد تقديمه الفنان أيمن زيدان للمرة الثالثة على خشبة مسرح الحمراء بدمشق

وعرض مسرحية سوبرماركت مأخوذة عن النص الإيطالي ( لا تدفع الحساب ) لـ داريوفو ترجمة نبيل الحفار وإنتاج المسرح القومي وسيناريو تعاون عليه ايمن زيدان مع محمود الجعفري .

وقدمه اول مرة عام 1992 الفنان ايمن زيدان كاتباً ومخرجاً وممثلاً وفي المرة الثانية عام 2008 مع ( شكران مرتجى، محمد حداقي، فادي صبيح، أسيمة أحمد، حازم زيدان وطالب عزيزي ).

أما نسخة الـ 2021 من العمل فيدير زيدان على الخشبة ( قصي قدسية، حسام سلامة، خوشناف ظاظا، حازم زيدان، سالي أحمد، لمى بدور ) .

وتصور أجواء المسرحية التي ترصد عملية سرقة سوبر ماركت بسبب الغلاء الفاحش للأسعار واستنفار الجهات الأمنية على نطاق واسع لرد المسروقات بأي طريقة ويذكر أنه لم يتبدل شيء في المشهد اليومي الشعبي فالأمور على حالها من التردي وبالتالي فإن رصد الواقع الاجتماعي في مسرحية لم يحتج إلى أي تعديل في بنية أو مضمون نص المسرحية التي بدت وكأنها لم تتوقف أبداً.

ساعة ونصف الساعة هما زمن العرض الذي مضى بخفة تبعاً للإيقاع الرشيق الذي حاول زيدان تحقيقه في رسم حركة الممثلين والمجاميع على خشبة مسرح الحمراء الدمشقية، مقسماً ديكور العرض (ريم الماغوط) إلى ثلاثة مستويات بين ممرات خلفية وبيت وشارع، لكن ظلت هذه المستويات متداخلة وغير منفصلة تماماً بعضها عن بعض، وذلك ربما في إشارة إخراجية إلى انفتاح الشارع وكائناته الغاضبة على البيوت وأماكن المعيشة.

لعل أبرز الانتقادات التي تعرض لها العرض هو جلب لغة المسرح التجاري إلى خشبات المسرح القومي  وهذا ما جعل العديد من العاملين في المسرح الجاد يناصبون العداء لتجربة هذا الفنان وهي مقاربة قديمة جديدة يعكسها عرض “سوبر ماركت” ويفتح الباب واسعاً على مشروعية عرض لم يمت ويتقادم بتعاقب ثلاثة عقود، بل ظل حاضراً… وقد كشف الفنان السوري أيمن زيدان عن عودته في هذا العرض إلى عالم الإخراج بعد غياب طويل .

ـ مسرحية ( ماذا افعل بحق الجحيم ) …مصر

من تصميم وإخراج كارول عقاد. عرض رقص مسرحي، أداء جهاد حسام الدين، تقي عماد، سافرونيا، كارول عقاد، سينوغرافيا أحمد حسام سعفان، إضاءة صابر السيد، موسيقي وتصميم صوت ولد، تصميم ملابس نرمين سعيد، تنفيذ ديكور ميدو عبد المقصود، مدير خشبة مسرح عبدالرحمن بودي، تصميم بوستر عمرو حسني، العرض بدعم أساسي من الصندوق العربي للثقافة والفنون ” آفاق”، بالإضافة إلى مركز القاهرة للرقص المعاصر، ووصلة للفنون والتنمية الثقافية قدم العرض بساحة روابط للفنون الأدائية لفرقة المطبخ .

هو عرض رقص مسرحي يذهب في رحلة داخل عقل امرأة، يطرح تساؤلات وصراعات ما بين الواقع والخيال، وهي اللحظة التي يسأل فيها الإنسان نفسه هذا السؤال البسيط، ماذا أفعل هنا؟ من خلال اربع مؤديين على الخشبة .

تقول كارول عقاد مصممة الحركة ومخرجة العرض، إنه يدور حول اللحظة التي يسأل بها الإنسان نفسه هذا السؤال البسيط، ماذا أفعل هنا؟ لكن الإجابة ليست دائما بنفس هذه البساطة.

عند الدخول إلى مسرح ساحة “روابط” في وسط القاهرة، يسلط الضوء على سيدة تجلس أمام منضدة في مطبخها تصنع الخبز أو الفطائر، وهي في حالة من الشرود أو الاستسلام. ليست السيدة بمفردها، فثمة شيء يكبلها، ويلتصق بها، ويجثم على صدرها، لا نرى هذا الشيء، الذي يتدثر بأقمشة، وهذه الأقمشة نفسها مربوطة بالسيدة، أي إننا أمام كتلة واحدة غريبة، تظهر منها السيدة، بينما هناك كائنات أخرى مخبوءة تتحرك وتضغط عليها، والسيدة تقاوم.

بعد وقت من الضغط والمقاومة، ينفرج هذا الشيء عن ثلاث فتيات يخرجن ويبدأن في الرقص… تلك هي الإطلالة الأولى، أو المشهد الافتتاحي للعرض المسرحي “ماذا أفعل هنا بحق الجحيم؟”، الذي ينتمي إلى مسرح الرقص المعاصر، وهو نوع من المسرح أصبح له حضوره وجمهوره الكبير في مصر، خلال الأعوام العشرين الماضية، وبخاصة فئة الشباب، التي تسعى إلى الجديد المتمرد على جمود الرقص الكلاسيكي والباليه، وكل ما هو منتظم أو صارم في تخطيط حركته.

أدركت كارول عقاد، مصممة ومخرجة العرض (قامت بدور السيدة الجالسة في مطبخها)، أنها بصدد عمل درامي، وليس مجرد رقصات ارتجالية منفردة، لا تفضي إلى شيء في النهاية. فاستغلت قدرات ثلاث راقصات بارعات يجدن التعبير بالجسد (جهاد حسام الدين، تقى عماد، سافرونيا)، لتقديم حكاياتها عبر الرقص الذي عبر عن مشاعرهن/ مشاعرها الداخلية، في تناغم ورشاقة ووعي بطبيعة القضية التي يتناولنها. لم تعبر الأجساد وحدها عن تلك المشاعر، وإن حملت العبء الأكبر في التعبير، بل تعبيرات الوجه وبعض المهام والأصوات والإيماءات، ساهمت كذلك في أداء المهمة، وإن ظل الرقص في مقدمة المشهد مرسلاً دلالاته وتساؤلاته.

أربع فتيات فقط يملأن خشبة المسرح بحيوية وصدق، ولاحضور متعيناً للرجل، إلا في مشهد النهاية، وحتى عندما حضر، جاء كدُمية مشوهة مصنوعة من البقايا والمهملات، تدلى من أعلى، في حركات راقصة، سمجة ولا مبالية، ونال ما ناله من تمزيق وتشويه فوق تشوُّهه كأنها ثورة النساء على الرجل.

ـ مسرحية ( فاصل زمني ) …الاردن

تأليف وإخراج محمد الزغول سينوغرافيا المعتمد المناصير تمثيل دانا ابو لبن، علاء الحج عيد، كامل شاويش، محمود الرشايدة، زين ابو علم، احمد عبيدات، محمود الزغول. توليف موسيقي استديو مراد دمرجيان. كيروجرافيا رشا حداد، امين جبار وادارة خشبة احمد ساحوري، عمر سلام وتقنيات مكرم كفوين، رمزي جادالله.

ومكياج عرين عربيات وتصميم بوستر سوار زقلي.

مسرحية ” فاصل زمني ” تفكك وهدم للهياكل المبنية على السلبية وإعادة صياغة للحقيقة عن طريق حفر في البواطن الأصلية لتاريخ تكوين وبناء المجتمع الاردني , فرجة على السلبية المطروحة فنياً ونقاش جمالي للتاريخ المخفي والذي يمثل أداة تغيير أساسية وأسلوب لفهم الحاضر والمستقبل المجهول وأداة تحليل لواقع الأجيال المتعاقبة

حكاية تقفز من مجهول الحاضر نحو ظلامية الماضي , تعرّيه لتكشف تناقضاته المميتة , أخطاء الأجيال المتعاقبة , علاقة الإنسان بذاته وبمحيطه ووسطه ومدى مخلفاتها علينا في الآن وهنا .

إنها غضب المسرح على ذاته وصراخه في وجه جمهوره , وقلقه الدائم في مستوى تموقعه , إنها هاجس الانتماء والوجود الفعلي . ولادة قيصرية للتاريخ المتناقل والذي يحمل في طياته هويتنا الجماعية التي لا تزال متضاربة المعالم و ضبابية الحضور في الآن وهنا , ومنه جدلية قائمة بين الحضور والغياب في المكان والزمان .

شخصيات تبحث عن ذاتها من خلال بعضها البعض , تتفاعل في الفضاء الواقعي عبر مصيرها المشترك , فهي تحاول الهروب مرة وتقع في فخ العودة والمواجهة تارة أخرى , فتفتح أبوابا للصراعات على مصراعيها ،والعدو متعدد التجليات فكري أحيانا و مادي أحيانا , بين السلطة الحالية وسلطة البلد , وسلطة العائلة وسلطة الذات على ذاتها من خلال طرح لتصور يتقاطع فيه المضمون الملحمي وتختلف فيها زوايا النظر إلى طبيعة العلاقات القائمة , ولعلها مختلفة عن الواقع الإنساني .

وهنا حقيقة تجعلنا نعاود طرح هذه الاسئلة من خلال الرفض والقبول   الصمت والثورة ، الأخذ والرد، الأزمة والانفراج .

ويمكن وصف أسلوب حياكة الأحداث في المسرحية عبر الغضب الذي يكمن في ذات الانسان منذ الولادة الى يومنا هذا .

ولقد تم بناء الأحداث وفق منطق الغضب الذي يخلق توافقاً بين الممثلين والجمهور في تشاركهم نفس الفضاء المخصص الذي تم اختياره للعرض من قبل المخرج للجمهور المستهدف ألا وهو الجمهور العربي

وقد فاز الممثل الأردني محمود الزغول عن دوره في هذه المسرحية

 

ثانيا…المسار الثاني ( عروض المسابقة ) 

ـ مسرحية ( رحل النهار ) …الامارات

عرض «رحل النهار»، لفرقة مسرح الشارقة الوطني، تأليف: إسماعيل عبد الله، إخراج: محمد العامري، بمشاركة نخبة من النجوم بقيادة أحمد العمري.

كان العرض عبارة عن ملحمة مسرحية وشعرية، وظف خلاله المخرج أدوات مسرحية متعددة، وقدم رؤية إخراجية مميزة لنص احتشد بالرؤى الفكرية والفلسفية والصور الجمالية.

يتناول العرض المشهد العالمي المعاصر، وما يدور فيه من صراعات ومشاكل وفتن وحروب وظهور جماعات تتدثر برداء الدين بعقول مغلقة صماء لا تقبل بالحوار ولا تركن للتسامح، وأحزاب أيديولوجية تختزل الحزب في قائده ذلك الناهي والآمر والمقرر لمصير كل من معه، ومجموعات من المثقفين الخونة الذين لا تهمهم غير مصالحهم، كما يعقد العرض محاكمة للشموليات في كل مكان تلك التي أرهقت العالم وأزهقت الإنسانية، كما يتناول العمل سرقة الأحلام الشاردة التي داعبت أفق الناس أينما كانوا.

بطبيعة الحال فإن العرض يركز بصورة أساسية على ما يجري في كثير من الدول العربية، من انتشار للصراعات، وانتشار المجموعات المتطرفة والاقتصاديات المنهارة والجهل، والتخلف الاجتماعي، والأنظمة الأيديولوجية الشمولية يميناً ويساراً، وهي العوامل التي تتحالف لكي تحاصر إنسان تلك البلدان، بالتالي لا تترك أمامه من ملجأ غير أخذ عصا الترحال ليضرب في الأرض بحثاً عن حياة أفضل، يعيش حياة اللجوء في كنف بلاد غريبة عنه، ليتذوق الويلات وطعم الذل.

ويلقي العمل نظرة عميقة إلى بؤس البشرية، ومشاهد مراكب وسفن الموت، التي تحمل الآلاف من البشر من العالم العربي وغيره، الذين يحلمون بالحرية والعيش الكريم في جنة الغرب المتخيلة، فيهم من يصل إلى هناك، فيجد أن كل أحلامه مجرد سراب، ومنهم من يلقى حتفه إذ يبتلعه البحر، هؤلاء الذين تشردوا عن أوطانهم بسبب البؤس والاضطهاد الذي عاشوه هناك، حيث الفساد السياسي والحروب والشموليات، رحلوا ورحل معهم النهار والأمل في غد أفضل.

حصد عرض “رحل النهار” لفرقة مسرح الشارقة الوطني، معظم جوائز أيام الشارقة المسرحية في دورتها الحادية والثلاثين التي انتهت مساء الجمعة.

وتوّج العرض بالجائزة الكبرى “أفضل عرض متكامل”، كما فاز مخرجه محمد العامري بجائزتي أفضل إخراج، وأفضل أزياء، وحصلت بطلة العمل بدور محمد على جائزة أفضل ممثلة في دور أول.

وفاز ماجد المعيني بجائزة أفضل إضاءة، وإبراهيم العميري بجائزة أفضل مؤثرات صوتية وموسيقية، ووليد عمران الجلاف بجائزة أفضل ديكور عن العرض ذاته.

ـ مسرحية ( جاثوم ) …الجزائر

وهي من إخراج عبد القادر عزوز، نص وفاء براهم شاوش،

وقد شارك في هذا العرض كل من، باعلي وهيبة في دور “الوالدة”، و الممثلة “نوارة براح” في دور فوزية، أحمد مرزوقي في دور “الصداق الكبير”، بالإضافة إلى هورو سليمان، نسرين بن محمد محي الدين. في أول إنتاج لمسرح “محي الدين بشطارزي” لموسم 2022-2023.

تلخص أحداث المسرحية في الحديث عن الحرية وقانون العرف والتسلط وكذا التمرد، حيث يعيش أفراد قرية صغيرة، تحت وطأة التسلط من طرف شيخها إن صح القول ” الصادق الكبير” هذا الأخير، يسعى بكل الطرق، إلى التقرب من “فوزية” التي تمثل الشابة المتمردة عن العرف والتقاليد، للزواج منها، لكن يصطدم برؤية أخرى للحياة لم تكن معهودة في السابق عند نساء القرية الصغيرة، ليقع ذلك الصراع والصدام بين من تسعى للحرية والتمرد عن العرف، الذي جثم على صدر الحرية واختيار طرق العيش، وبين قانون الجماعة الذي يقوم على العرف المقدس من طرف الأفراد.

صراع، يبدأ من اللحظة التي طرق فيه ” الصادق الكبير” باب الطيب الذي توفي في زعمه، من أجل الزواج من فوزية التي تترد في هذا الزواج، لكنها تعيش تحت ضغظ الوالدة التي تؤمن أن الفتاة حين تصل إلى مرحلة معينة يجب أن تتزوج، غير أن فوزية، تحلم بشيء آخر وهو الخروج للشغل حتى ولو في حقل الوالد وليس الزواج فحسب، وحين يكتشف أمرها من طرف المحيطين بها، يجبرها الصادق على الزواج بدعم من والدتها، لكنها تهرب في ليلة عرسها، بمساعدة ولد الصادق “ايدير”، الذي يعارض هو كذلك فكرة زواج والده من فوزية، خاصة وأنه عاش قساوة والده مع والدته المتوفية.. تتسلسل الأحداث، بين الخير والشر، بين الظلم والحق، الصراع الأبدي، وكيفية التعامل مع ” الجاثوم” الذي يطبق على صدر الأفراد من عادات وتقاليد وغيرها، لينتهي في الأخير إلى الوقوف على العديد من الحقائق، وبين نقيضي الظاهر والباطن الذي يعيشه الكثير من الناس.

فقالت مؤلفة النص إنّها وافقت على اختيار المخرج عزوز عبد القادر عنوان المسرحية “الجاثوم” لأنّه يناسب تماما موضوع النصّ المسرحي الذي كتبته، مضيفة أن الجاثوم أو جهتامة أو بوبراكة هي الحالة التي تصيب الإنسان حينما يكون في حالة ما بين اللاوعي أي النوم والوعي حيث لا يستطيع الحراك ولا إحداث أيّ صوت، فيشعر بعجز كبير أمام عدم قدرته لا على التعبير ولا على التغيير، وهو حال شخوص مسرحيتها التي تحكي فيها عن امرأة تحاول إحداث التغيير في مجتمعها ولكنها تصطدم بمن يتمسّكون بالعرف والتقاليد

من جهته، تحدّث عزوز عن قدرة الكاتبة على تناول موضوع محلي لكن في الوقت نفسه يحمل أبعادا إنسانية عالمية، مشيرا إلى أنه أبرز في هذه المسرحية قيما أصبحت في وقتنا الحالي غير ثابتة مثل الحب غير المشروط والصداقة من دون مصلحة، ليؤكد في السياق نفسه محاولته أيضا تسليط الضوء وبشدة على البعد الأفرو-أمازيغي لمجتمعنا. وأضاف أنه لم يُخرج هذا النصّ لأنه ابن الصحراء بل لأنه نص قوي وإنساني بالحفاظ على التراث والتقاليد والعادات، وهي صادقة في هذه المهمة، ترى أنّ دفاعها عن الجاثوم إخلاص منها.

ـ مسرحية ( الروبة )…تونس

المسرحية من إخراج حمادي الوهايبي بمساعدة ريم الحمروني. ويؤدّي أدوار المسرحية كل من (محمد شوقي خوجة، وسامية بوقرة، ونور الدين همامي، وعواطف العبيدي، وخلود بديدة، ولطفي المساهلي) وانتاج مركز الفنون الركحية والدرامية بالقيروان، قدم العرض ضمن فعاليات مهرجان مسرح التجريب بمدنين وهو من وتقني انارة غسان جاوحده.

عرض العمل ضمن تظاهرة لقاءات المسرح التونسي في فضاء نيابوليس في مدينة نابل (شمال شرق تونس).

تأتي مسرحية ( الروبة ) لتلامس بيئة قلما تقاربها الفنون، حين تتوغل في كواليس السلطة القضائية.

تُقدّم المسرحية بــ (تدور أحداث المسرحية في قاعة المحكمة على إثر حدوث انفجار وانهيار جزء منها، فيُحبس كل من المتهم ومحاميين وقاضٍ داخلها. وفيما يقترب رجال القانون من المتهم، يكون على هذا الأخير أن يخرجهم من هذا المأزق ).

عبر هذه الحبكة تعمل المسرحية على تفكيك العلاقة بين المواطن والسلطة القضائية ، ومن خلال ذلك تجري تعرية منظومة السلطة بشكل عام، وما وراءها من تلاعبات سياسية وفساد. ومحاولة الدخول الى ذاك العالم «التابوه» عبر ملفات الفساد والوصولية والانتهازية

( الروبة ) تلك العباءة السوداء المقدسة، دخل المخرج حمادي الوهايبي إلى ما تحتها، فضّ عنها القدسية وحمل الجمهور لاستكشاف ما تخفيه تلك الهالة السوداء فكانت الحقائق موجعة ومخيفة.

الشخصيات مركّبة، تتأرجح بين الفساد والنزاهة، ذاك الخيط الرفيع بين الحق والباطل كما السّراط تمشي فوقه حينا تتهاوى يمينا فيكون الحوار شرسا عنيفا عن ملفات الفساد.

وتتأرجح في الحدث كما المكان، فالمكان واحد متعدد، في النص مكان الأحداث «قبو» المحكمة لكن في الحوار يصبح المكان أمكنة، فهو حينا قاعة المرافعات، ومرة مكان الإيقاف والسجن، وثالث بلاتوه إعلامي من إحدى التلفزات الخاصة ورابعا منزل إحدى المحاميات وحينا مكتب الطبيب النفسي، كلّ الأمكنة تسكن الشخصيات، كلها تجذبهم إليها ليبوحوا بالخوف والأسرار التي يخفونها.

الزمن كذلك متفرّع، ثابت وقت الخوف ومتحرر وقت الاستحضار والتذكّر، زمن الأحداث هو «الآن» هذه «الآن» اللحظة التي بنيت عليها أحداث عرض مسرحي كامل بحركات شخوصه ومشاكلها وقصصها وحكاياتها وكأننا بكاتب نص العمل أوقف عجلة الزمن في «اللحظة» ليستطيع تشريح شخوصه وأحداثه أكثر.

ـ مسرحية ( انا الملك )…تونس

من اخراج معز حمزة،  وهي تنطلق من نص «انا الملك» لتوفيق الحكيم في دراماتورجيا لرضا ناجي. ومن تمثيل نور الدين العياري وفاتن الشوايبي وضياء منصوري واروى الجندوبي ومعز حمزة، وملابس لجليلة المداني وصوت تسجيلي لعماد الوسلاتي وتنفيذ الموسيقى عبد الله بن ميمون وانارة فيصل صالح وسينوغرافيا واخراج معز حمزة وعرضت المسرحية ضمن فعاليات اليوم الثاني للدورة التاسعة والعشرين لمهرجان فرحات يامون للمسرح.

وهي تنقد السياسي وتكشف قبح العلاقات الانسانية وتسلط الضوء على ثنائية البقاء والفناء. وجاءت المسرحية ناقدة، تفكك شيفرات السياسي في علاقته المباشرة بمعارضيه وشعبيه.

وهي مجموعة من المشاهد تحمل المتفرج الى نصوص عالمية لشكسبير اتقن معز حمزة تجميعها وتحويلها الى نص مسرحي تراجيدي، يشرّح العلاقة النفسية بين صاحب السلطة، من يصنعه؟ من يحركه؟ من ينثر الدماء بدل الورود؟ من يشكل الحاكم المريض كما   اسئلة كثيرة وصدمة نفسية وفكرية يضع فيها المخرج جمهوره، يضعهم مباشرة امام تيمة السؤال، فالسؤال اساس الفعل المسرحي والابداعي ومعز حمزة في كل تجاربه المسرحية ينطلق من سؤال شائك واثناء العمل يبسط مفاهيم واجابات مختلفة للسؤال المطروح.

انا الملك  بلغة عربية فصحى يغوص كاتب النص في ثنائيات الصراع، مستعملا الرموز، رمزية الحبل، رمزية الحقائب والرحيل المستمر،

ويهرب الملك من حقيقته، يهرب من كذبة كبرى عاشها طيلة أعوام، يهرب من ماضيه المجهول الاصل وضعته رعيته صدفة على العرش فقط لانه استطاع حلّ لغز، شعب يضع على عرش مملكته ملكا لا يعرفه، فقط لانه تمكن من حلّ لغز يقدمون له كرسي الملك وقلب الملكة دون مقابل، تطاع اوامره وقرارته، ايّ جهل ومعصية اكبر من بيع المملكة، ومع تقدم الاحداث يكتشف الجمهور ان هناك يد خفية هي التي تحرك كل الاحداث .

( انا الملك ) مسرحية تقرأ الصراع عى السلطة منذ الخطيئة الاولى لادم الى اليوم، تلخص لجمهور المسرح صراع البقاء والفناء، تتجول معه في الموروث الشفوي والاسطوري والديني وتحاول تفكيك شيفرات اكثر الكائنات صنعا للشر «الانسان» تلك التركيبة البشرية الغامضة يفككها معز حمزة وكامل فريقه انطلاقا من نص توفيق الحكيم «عقدة اوديب» واشهر نصوص شكسبير ، وبنص موغل في الرمزية ينقد الاجتماعي والسياسي ويؤكد انّ الشعب هو الصانع الاول للديكتاتورية.

وهي مسرحية تبرز الصراع السياسي، وسياسة البقاء للاقوى، في المسرحية يضطر «الملك» للموت بعد فشله في مصارحة شعبه بالحقيقة، فهناك قوة خفية ترفض قوله للحقيقة وتتهمه بقتله للملك السابق وتضيق المساحة بينه وشعبه، لينتهي العمل بجملة «شعبي التعس» وهي الجملة الاولى التي انطلق منها العمل، فالمسرحية كما دورة الحياة، تنطلق بالنقد والسخرية وتنتهي اليها.

ـ مسرحية ( تائهون ) …تونس

عرض مسرحية تائهون انطلق به الموسم الثقافي التونسي الجديد بمسرح مدينة الثقافة، وسط العاصمة تونس بتظاهرة “الخروج إلى المسرح”، المسرحية من نص الكاتب التونسي عبد الحليم المسعودي، وإخراج نزار السعيدي، والتظاهرة التي نظمها قطب المسرح بمدينة الثقافة وبدعم من وزارة الثقافة التونسية تتواصل حتى 3 أكتوبر المقبل. يؤدي أدوارها تماضر الزرلي وانتصار عويساوي وجمال ساسي ورمزي عزيز ومحمد شعبان وصادق الطرابلسي وعلي بن سعيد .

وقد عُرضت المسرحية على خشبة مسرح الحمامات جنوب العاصمة تونس،

وتروي المسرحية قصة فتاة مراهقة تقتل والدتها، وتنكل بجثتها ثم تهرب وتحّول فعلتها إلى مادة على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال إرسالها لفيديوهات.

“إشراق” هو اسم الشخصية المحورية، وتمثل أنموذج للمئات من المراهقين، وعينة من شباب يتعرض للتنمر والضغط العائلي، وتقصف أحلامهم وينقطع بعضهم عن التعليم إجبارا.

قدمت المسرحية التي مزجت بين المسرح والموسيقى والفيديو والكوريغرافيا، الوجه القبيح للسلطة، وما خلّفته العشرية الأخيرة من أثر عند جميع التونسيين، وما تبعها من تحولات اجتماعية وسياسية وثقافية أثّرت على المزاج العام، وعلى الأخلاق والعادات والممارسات اليومية والعلاقات بين مختلف الفئات الاجتماعية.

وأظهرت المسرحية الصراعات المجتمعية التي أفرزتها المنظومة الحاكمة السابقة، لتؤثر على المجتمع التونسي ويفقد بعض خصاله الأخلاقية ويدخل في دوامة من الفساد والعنف والجريمة.

ومن خلال هذه القصة المحورية الصادمة تغوص المسرحية في ظواهر مجتمعية  انفلات أمني، انفلات أخلاقي وقيمي ومجتمعي وانفلات سياسي أدّى إلى انتشار الفوضى في الأحزاب والسياسات العامة والاقتصاد إضافة إلى انتشار غير مسبوق للجريمة، بمختلف مظاهرها وللعنف بمختلف أشكاله.

وترتقي المسرحية في بعض جوانبها إلى درجة الدراسة الاجتماعية التي تشرح شخصية التونسي وسلوكاته في السنوات الأخيرة،  والذي نشأ على الفوضى وعبارات التخوين والتخويف والصراعات، وعلى الألعاب الإلكترونية الدموية فتشكّل جيل هشّ نفسيا يريد التحرر من كل القيود المجتمعية لكن دون التفكير في العواقب والنتائج التي تبدو كارثية على الجميع.

وقد عبّر كاتب النص عبد الحليم المسعودي عن كلّ ذلك بعبارة “التائهون” التي تقدّم التوصيف الأدقّ في نظره لهذا المجتمع بكل مكوناته، الجميع فيه تائه، الشباب الذي فقد البوصلة والقدوة، الأستاذ الذي يجد نفسه ممزقا بين التجديد والمنظومة التي تشده إلى الوراء، والصحفي المكبّل التائه بين الالتزام بأخلاقيات مهنته والعمل على خلق الإثارة، والفنان الذي يلاحق حلمه وتشدّه إكراهات الذوق العام إلى الوراء، والسياسي الذي فشل في خلق مشهد سياسي نقي والحفاظ على ممارسة سياسية أخلاقية.

ـ مسرحية ( بيريندا ) …المغرب

وهي من تأليف وإخراج أحمد أمين ساهل، وتمثيل إسماعيل العلوي وأمين بالمعزة وسفيان نعيم ورجاء بوحامي وزهرة الحواوي وسلسبيل أبيدة وعبير عبو وأسامة لعروسي، بالإضافة إلى كونه تقني الصوت، والإضاءة هدى الحامض، والسينوغراف صفاء كريت.

اعتمد على الأداء التمثيلي الجماعي والسينوغرافيا، وقد قدم آخر عروضه مساء الجمعة على المسرح الرئيس في المركز الثقافي الملكي بعمان، ضمن فعاليات مهرجان الأردن المسرحي بدورته الـ29.

وهي مسرحية تجريبية تستحضر الموسيقى لنقد قضايا المجتمع المغربي وتطرح قضايا المرأة بمختلف أشكالها ومنها التغرير بالقاصرات والتحرش. والعرض جاء نتاج ورشة كتابية لفريق المسرحية من خريجي المعهد العالي للتكوين المسرحي والتنشيط الثقافي في الرباط، متكئا على نص غنائي من قطعة من موسيقى “الراب” الشعبية للمغني الأميركي توباك شاكور، الذي تعرض للقتل عام 1996 وكانت أغانيه تعبر عن غضبه في القضايا الاجتماعية والسياسة كالعنصرية ضد السود والمسلمين، والحرب في الشرق الأوسط والظلم واضطهاد الشعوب الفقيرة.

وأوضح أحمد أمين ساهل أنّ المسرحية “تعالج موضوع التغرير بالقاصرات، وتم الاشتغال عليها من نص غنائي إلى نص دراماتورجي يستحضر فن الراب والهيب والهوب ويعالج قضايا تهم المجتمع المغربي وثقافته”.

ووفق مخرج العمل فإن العرض يمزج فيه بين الفرجة المسرحية وموسيقى “الراب” و”الهيب هوب” والذي استهله بهدم الجدار الرابع، بإدارة فريق تمثيل المسرحية مقدما أداء متكاملا بوصفه وحدة واحدة بحيث أمست البطولة جماعية.

وفي العرض الذي شارك في التمثيل فيه أربعة ممثلين، وأربع ممثلات عبرن كلهن عن شخصية واحدة لفتاة جرى التغرير بها من أقرب الناس إليها، كما طرحن من خلالها صور عدة لما تتعرض له الفتيات بشكل خاص والمرأة بشكل عام من انتهاكات.

وفاز المخرج المغربي أحمد أمين ساهل بجائزة “العرض المسرحي المتكامل” عن مسرحيته “بيرندا” في اختتام الدورة التاسعة والعشرين من مهرجان الأردن المسرحي.

 

ـ مسرحية ( حدائق الاسرار ) …المغرب

قدم هذا العرض بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل /قطاع الثقافة، وبتعاون مع المعهد العالي للفن الدرامي والتنشيط الثقافي، قدمته فرقة  “AKOUN” “THÉ TRE” بمسرح ابن مسيك مساء يوم السبت فاتح أكتوبر 2022.

العرض المسرحي من إخراج المبدع محمد الحر، وتشخيص الفنانتين جليلة التلمسي وهاجر الحميدي والمقتدر ياسين أحجام، سينوغرافيا مصطفى العلوي بمعية ثلة من التقنيين في مجالات الصوت والملابس والمحافظة العامة والتواصل.

يتميز عرض “حدائق الأسرار” بنصه القوي الذي نجح بشكل لافت في المزاوجة بين العربي الفصيح والدارجة العامة المشتركة بين أبناء الوطن، نص عربي قوي وظفه المخرج في لحظات الحكي والبوح والمكاشفة بين أفراد أسرة يجمعهم سقف بيت واحد ولكنهم غرباء عن بعضهم في مشاعرهم وذكرياتهم، وحتى أحلام مستقبلهم، فبقدر ما يحيلنا النص العربي إلى عوالم الشعور الواعي بذاته واللاشعور الخفي بمكبوتاته، بقدر ما تجرنا الحوارات المتبادلة بين الممثلين بالدارجة إلى الرجوع إلى عمق الأحاسيس الحزينة والمؤلمة حد النفور والكراهية، كما يتجلى في حوارات البنت تجاه أبويها، المجبرة على الزواج بشخص لا تحبه ولا تريد أن تستنسخ قصة أمها التي عشقت بجنون وتزوجت عن غير حب وتحولت حياتها إلى جحيم، البنت تقاوم بوعي وإرادة ولا تريد تكرار التجربة، تلخص المقاومة في جملة… أعرف متى تبدأ القصة ومتى تنتهي، لأنها قصتي أنا…

الأب، تائه بدوره لا يعرف كيف تزوج ولا كيف يتخلص من علاقة مع زوجة هي بمثابة امرأة يشعر بأنها غريبة عنه، ولكنه مجبر على الاستسلام لهذه الحياة الكئيبة معتقدا أنه لا ذنب له فيها…

على المستوى السينوغرافي جدران سوداء وأبواب كبيرة تفتح وتغلق بغرابة ومرايا تعكس ذوات مغتربة عن ذاتها وعن غيرها لتمنح العرض التميز والجمالية المطلوبة سواء في توظيف آليات الصوت الميكروفوني عند الإلقاء أو بث الخطابات الحوارية أو التحاورية مع استغلال جيد لتقنيات الصوت والإضاءة سواء تلك الموضوعة فوق. الركح والمتحركة مع حركية الدور والموقف أو الهندسة الضوئية المسلطة من فوق أو عبر الأروقة مع توظيف مبسط للميكروفونات الجرافية والمروحيات الموضوعة في جانبية الركح، وفي جانب آخر جمجمة الرجل ظلت وحدها حاضرة شاهدة على الأحداث، ما مضى منها وما حضر، طيلة العرض بيضاء تحت الإضاءة في قراءة رسائل العشق والشوق، جدران على شاكلة أبواب تفتح وتغلق ومرايا تعكس حقيقة الأفكار والنوايا، مع جمالية في إسقاط الورق من فوق في نهاية المشهد على الأب والبنت ولكن صوت محرك الإسقاط المزعج خلق تشويشا أفسد متعة التلقي.

في هذا السياق يمكن القول ان نجاح مسرحية “حدائق الأسرار” تحقق أيضا بفضل أن العرض جمع بين نظريتين متكاملتين للإخراج المسرحي. النظرة الكلاسيكية التي تعطي الأولوية للنص المسرحي ومضامينه ومعانيه لتمكن المتفرج من تذوقه على جميع المستويات الأدبية والدرامية .

ـ مسرحية ( شا طا را ) …المغرب

قدم العرض بالشراكة مع مسرح محمد الخامس وهي من اخراج ودراماتورج الفنان امين ناسور وتأليف الكاتب المسرحي سعيد ابرنوص السينوغرافيا لطارق الربح ، تصميم الملابس نورا إسماعيل  وكان في التشخيص هذا العرض المسرحي كل من أمل بنحدو، قدس جندول، شيماء العلاوي، بمصاحبة في الأداء و الغناء للفنانة ثيفيور و الأداء الموسيقي للعازف إلياس المتوكل أما الفريق الفني و التقني فيتكون من كل من عبد الرزاق أيت باها في الإنارة رضا التسولي في تصميم الفيديو، فاطمة حموشة في تنفيذ الملابس عبد الحليم سمار و عمر أيت شعيب في المحافظة العامة، محمد أمين البنوضي و كريم اعمو في تقنيات الصوت، محمد الحقوني في التوثيق، احمد سمار في تنفيذ الديكور

وقد تحصل العرض على عدة  جوائز من بينها الجائزة الكبرى لمهرجان القاهرة للمسرح التجريبي في مصر لدورته الــ 29 دورة المخرج العالمي بيتر بروك

وحصل أمين ناسور أيضًا على جائزة الإخراج و توج العرض المسرحي بجائزة أخرى وهي جائزة الانسجام الجماعي لكل أفراد العمل وترشحت الممثلة مونية لمكيمل لأفضل تشخيص في المهرجان.

تتحدث موضوعة  المسرحية شاطارا عن قصص ثلاث نساء هاجروا إلى الضفة الأخرى قسرا يبحثن عن الخلاص المنشود فيجدن أنفسهن في ملجأ فــربيعة مغربية هاجرت في حاوية وشاني من جنوب الصحراء هاجرت بدون هاوية وتاليا من الشرق الأوسط هاجرت هروبا من الحروب وحكم العشائر.

ثلاث نساء يتحدثن بثلاث لغات العربية والفرنسية والأمازيغية يجمعهن مصير واحد ويبحثن عن تغيير أوضاعهن .

ـ مسرحية ( ما تبقى لكم ) …المغرب

وهذا العرض المسرحي ، انجز بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل. ويعيد مسرح أفروديت في عرضه الجديد إلى والواجهة رواية الكاتب الفلسطيني الراحل غسان كنفاني والتي تحمل العنوان نفسه، وقد أشتغل على دراماتورجيا الخاصة بها الفنان عبد المجيد الهواس الذي انجز أيضا الإخراج المسرحي.

وشخص أدوار مسرحية “ما تبقى لكم” كل من قدس جندول، وسلمى مختاري، وانس العاقل، وعبد الرحيم تميمي وأبو بكر أيتيحيى، وفي الأاداء الصوتي نجد سلمى مختاري.

وتوزعت باقي المهام بين السينوغرافيا والإنارة لهدى الحامض، والازياء والمؤثرات البصرية لعبد المجيد الهواس، وإدارة الممثل رضى بناعيم، الفريق التقني كل من خالد الإدريسي العمراني وأبو بكر أيت يحيى، وإدارة الإنتاج والتواصل رشيدة لكحل.

ـ مسرحية ( خلاف )  العراق

للمخرج مهند هادي عن نص كتبه بنفسه، وبطولة هيثم عبد الرزاق، سهى سالم، مرتضى حبيب، ومعهم علي عادل السعيدي، حسين أمير، علي صباح وأسامه خضر.

قدم العرض في “مهرجان الأردن المسرحي” بدورته الـ29 التي اقيم على مسارح المركز الثقافي الملكي بعمان،

ويتناول العرض الذي تجاوز الساعة زمنيا، وساهم صوت الراوي وتقنيات الديكور في إبراز حكاية “أمل” التي يسعى نجلها “كامل” لإقناعها بالسفر خارج الوطن (إلى إسطنبول) حيث حكايات السلاطين والأميرات، بعد أن عانت بسبب خلفيتها الثقافية، كونها نشأت في بيت يساري ساهم والدها في تلقينها كل مبادئه وفلسفته وأفكاره، وحتى تزويجها من أحد رفاقه فأنجبت أبنها منه.

تتصاعد الأحداث في المسرحية، حينما تعلم “أمل” أن نجلها اختفى في ظروف غامضة، لتكتشف أمام المحقق الذي استدعاها للسؤال عنه، بأنه انضم في إسطنبول لعصابة داعش الإرهابية.

تظل “أمل” تحلم بعودة نجلها، رامية السبب في سفره ثم اختفائه، على فساد السلطة التي تجد مصلحتها في اللعب على العقائد الدينية، مسترجعة ماضيها وذكرياتها في بيت والدها، وضاربة بعرض الحائط منطقة الأمور، حين ترغب بالتخلي عن كل هذا الماضي من أجل عودة نجلها، الذي تحلم به مغطى بوحل أسود.

ـ مسرحية ( أمل ) …العراق

وهي من تأليف واخراج جواد الاسدي  وشارك في التمثيل الفنان حيدر جمعة والفنانة رضاب احمد. وحيدر جمعة بالاضافة الى كونه ممثلا في العمل فانه دراماتورجيا في هذا العرض اضافة الى السينوغرافيا لعلي محمد السوداني.

وانطلق الأسدي في عرض (أمل) من معاناة المرأة في رسم المشهد المسرحي من ذلك الفضاء الذي تمثل في البيت الشرقي يحمل في ثناياه حكايات وطن عبر عقود من الزمن.

(أمل) تلك المرأة التي عانت الكثير في مجتمع تسوده الفوضى والتطرف والقتل على الهوية وتجارة المخدرات واللصوصية وغياب القانون. جسدت الشخصية النسوية (رضاب أحمد) عن امرأة ترفض الإنجاب في ظل هذه الظروف تنازلت عن عرش الأمومة والاصرار مع محاولات عديدة وبطرق شتى للتخلص من الجنين.

تقابل “امل” شخصية الزوج (باسم) جسد الدور (حيدر جمعة) ينتظر طفله بشغف ويرفض تلك العملية في انتظار ابنه ليرى النور، ثيمة العرض رسالة احتجاج عن واقع مؤلم جاءت تلك الرسالة عبر صراخات الشخصيات ورفضها لهذا الواقع المرير.

العمل جعل المتلقي يعود الى سلسلة احداث مر بها الوطن ومازالت مستمرة من خوف والم وفراق ومصير مجهول، مناجاة الشخصيات رسالة كل منهم الى (الأم) عبر حوار (أمل) و(باسم) ومسك كل من الشخصيات كتاب وسرد معاناتهم الى الأم الوطن الأول والى الإنسان، الملاذ الاخير. محاولات (باسم) ذلك الشخص المثقف يعيش بين جدران المنزل والكتب التي تهشمت وتأكلت واصبحت في لحظات معينة اداة لمعاقبة النفس عبر الضرب على الرأس وتمزيقها واصبحت لا جدوى لها وخزانة الكتب اصبحت مائلة تتهاوى لسقوط في اية لحظة دلالة على واقع المجتمع في الوصول الى الهاوية في ظل الظروف التي يعيشها الانسان المثقف بين هذه الجدران.

ـ مسرحية ( ميت مات ) …العراق

وهي من تأليف ودراموتورج علي عبدالنبي الزيدي وتمثيل محسن خزعل ومخلد جاسم…

لقد اشتغل (عبد النبي) في ميت مات وفق هذا الجانب بلغة اشارية، فهولاينوه بواقعية الاشياء مباشرة انما يعبر عنها بطريقة إشارية يعتمدها كأداة فكرية ذهنية حدسية، يتمكن من خلالها ان ينظم قانون المطابقة وفق رؤية خاصة يريد ان ينقلها للمتلقي (المعاصر المتفاعل) مع خصوصية النص الجديد بصريًا ولغويًا، المتلقي الذي يميل هو الاخر لهذا التحديث الشكلي والفكري، هنا تتحرك ذاكرة المتلقي في قضية ضاربة في اعماق الانسان وديانته وتراثه الثقافي في قضية مهمة لاستحصال المعنى.

بني العرض المسرحي (ميت مات) على مفاهيم مثل الرمزية، التناظر والتماثل، وهو نوع من التعبير الذي يعتمد السكون الحركي الا ما ندر عكس الدينامية في العمل، واعني هنا الدينامية الذهنية، لذا عليه  المتلقي ان يبقى متفتح ذهنيا ليتحقق ذلك التفاعل الذهني الاني المباشر مع العمل الفني النص والأداء التي اعتمدهما المخرج والمولف عبد النبي لإظهار طبيعية التماثيل في المتحف مثلا.. ابتعد عن الحركة الا بما يقتضي المعنى، ابتعد عن التنويع في التكوين العام معتمدا السينوغرافيا التي اثث بها خشبة مسرحه، بتأطير الفضاء الدرامي للعمل وتصويره بتفضية المكان من خلال وضع مناظره في المشهد باقتصاد مقصود، كذلك ببناء الديكور. لذا اقترن العمل ككل بالعلم والفن الذي يستوجب الخبرة الفنية.. تم تقسيم الموضوع إلى أجزاء متساوية والنقاط المتطرفة من جهة تكرار نفس العكس، شيئًا حيال ذلك ليمكن المتلقي من رؤية متناظرة، انه يولي اهتمام الكثير من الكمال في قضية التماثل التي وظفها جدا في هذا العمل الفني.. فكثيرا ما يستخدم التناظر والتماثل في التكوين العام للمشهد العام. كما انه كمؤلف ينظر للغة بوصفها انعكاسا لروح النص لروح الفكرة، كما الشكل روحا اخرى للنص، انها حالة مثالية متوازنة للعمل، سعى عبد النبي بهمة العارف لتنفيذ قوانينها.

ان قضية التأليف الحركي والتوظيف التعبيري بالإيماءات والصوت في ميت مات جاء ببعض اللفظ في بعض كلام الشخوص كمؤشر ودلالة على البطيء والتراخي والاتكال على قضية الانتظار كدلالة وضعية لفظية تفسر معنى الفكرة في النص. ان هذه الاشتغالات الدلالية سواء لأداء الشخصية والتعبير الادائي للممثلين انما هي فكرة لإيصال دلالات المعنى الفني والفكري، فضلا عن الفعل الجمالي الذي اثار الجمهور المتفاعل مع العمل داخل زمن العمل، تحقق عبر امتلاك الممثل القدرة على خلق صور حسية فكرية في الوعي الانساني عبر ادائه الصادق لقضية واقعية وتحويلها من انطباع عام الى اعادة تشكيلها فنيا لاعتقادٍ وطرحٍ خاص داخل عرض مسرحي لمهرجان مهم ومدينة مهمة في ظرف اشكالي. في نهاية المطاف مثلت مسرحية ميت مات عملا فنيا لصورة تعكس مستوى التجربة المسرحية في ذي قار وما آل اليه المشهد في ارض بدأ من عندها التاريخ.

لقد نجح الكاتب بالمزاوجة في رؤياه بين السياق الخارجي لمفهوم الانتظار والموت وهي فلسفة انطولوجية وبين النسق الداخل في بنية الحوارات مثل الثورية والاستسلام  والتمرد واليأس وهي سيكولوجية الذات تناقض متداخل تكون القهر الطبيعي واستدعاءه من الواقع المرير فنجد غودو ومولاي في وعي سلبي   ويحدد وعيين هما الفعلي والممكن والتي تحتاج الى رويا تربط هذه الاواصر بالواقع.

وبعد معرفة العروض التي ستقدم في مهرجان المسرح العربي تبين ان هناك اربع عروض مسرحية من المملكة المغربية وهو ما يشكل نسبة 25% من عدد العروض المشاركة وان عدد العروض العراقية والتونسية ثلاث عروض مسرحية لكل منهما وهو ما يمثل 19% من عدد العروض المسرحية المشاركة بالمهرجان وان نسبة العروض الباقية المشاركة لكل من ( الكويت, سوريا, مصر, الاردن , الامارات, الجزائر ) تمثل نسبة 27% .

ومن الجدير بالانتباه ان الكثير من هذه العروض كانت قد شاركت في مهرجانات سابقة وقدمت على مسارح عربية ومحلية مهمة وان اغلبها قد تحصل على جوائز كبيرة في مسابقات قد اشتركت بها كونها عروض قدمت بأساليب حداثوية وتجريبية متقدمة وحاولت التعرض في اغلبها الى مشكلة الانسان المعاصر وتعرضه للقهر والظلم والعبودية وبحثه الدائم عن الخلاص  والتغيير .

وهكذا سنكون امام عروض مسرحية متنوعة ومهمة وجديرة بالمشاهدة لأنها تمثل احدث التجارب العربية في المسرح والتي تسعى الهيئة العربية للمسرح الحريصة والمخلصة دوما الى رعايتها, وانها لفرصة عظيمة للجمهور المسرحي العربي الذي سيشاهدها .

فشكرا لكل الجهود التي عملت على انجاز هذا المهرجان والذي سيكون نقطة مضيئة في مسيرة المسرح في العربي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت