الدورة ال 13 لمهرجان المسرح العربي بالمغرب… وآفاق الرهانات المستقبلية/ فاطمة البكاري
طرحت دورة مهرجان المسرح العربي بالعاصمة الإقتصادية للمملكة المغربية بالدار البيضاء، في نسخته الثالثة عشرة، المنظم تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، وبرعاية سامية من طرف صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المحلس الاعلى للهيئة العربيةللمسرح. من طرف الهيئة العربية للمسرح، وبتعاون وشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية. مجموعة من الأسئلة الراهنية التي فرضتها بقوة تحولات الساحة الفنية الدولية بشكل عام، وكذا العربية بشكل خاص في ارتباطها أساسا بخشبة المسرح أو ما يطلق عليه عالميا ب:”أبو الفنون”.
وكان أن شهدت دورة المهرجان التي انطلقت فعالياتها، تحت شعار :” نحو مسرح جديد ومتجدد”، حضور شخصيات وازنة ومتميزة في عالم الفكر والثقافة والفن، بالإضافة الى عشرات الفنانين والنجوم ورواد الفن المسرحي، بما في ذلك نخبة من المخرجين والنقاد ورجال ونساء الإعلام ،الى جانب ثلة من الضيوف المهتمين بالمثن المسرحي جاؤوا من معظم الأقطار العربية. حضور استثنائي بكل المقاييس جسد مختلف الحساسيات والمدارس والتوجهات المسرحية داخل رقعة خارطة الوطن العربي. هاجسهم الوحيد الدفع بعجلة المسرحي العربي باتجاه خلق رجة غير اعتيادية في بركة المياه الراكدة للفعل المسرحي بالبلاد العربية، بعد الركود والشلل الشبه كلي الذي تسببت فيه الأزمة الصحية العالمية التي فرضتها بقوة جائح”كوفيد 19″ لما يزيد عن السنتين، وما أملته من قيود صارمة عطلت معها الحركة المسرحية العربية بشكل عام على جميع المستويات. ما طرح تحديات معقدة الى حد التشابك حول قضية مركزية بشأن سؤال “أي دور للمسرح العربي نتطلع إليه في المرحلة الراهنة ؟”، سيما في ظل تواتر الإكراهات واتساع دائرة الصعاب والمتغيرات المنتصبة عقب مخلفات وتداعيات الأزمة الصحية العالمية للجائحة. وهو تساؤل مشروع يتماهى وواقع التحولات الكبرى التي يشهدها العالم على كافة الأصعدة وفي مختلف المجالات، بما في ذلك المجال المسرحي. الذي قد يكون وفق منطق أهل الفن، وفلسفة علماء طب النفس، أحد أهم الروافد المنتهية الى الشفاء والعلاج من الأمراض ومخلفات الأعراض ولو كانت بحجم أعراض الجائحة. على اعتبار أن فن العرض المسرحي قبل أن يكون رسالة أدبية وفكرية ومرآة عاكسة لثقافة ودرجة وعي الشعوب، فهو بكل تأكيد بوابة للترفيه، ومتنفس سيكولوجي يبتغي تجاوز إكراهات الحياة بكل عللها وهمومها ولو الى حين.
هذه الإنشغالات وغيرها لم تكن لتغيب عن أذهان القائمين بالهيئة العربية للمسرح في فعاليات مهرجان الدار البيضاء. الأمر تم تجسيده بعناية فائقة في حمولة شعار الدورة الحالية الذي جاء على شكل صيغة استشرافية لطبيعة وماهية المسرح الذي نريده مختزلا بعد المسافات الممكنة من جهة، وجامعا لتعدد الأسئلة الحارقة من جهة ثانية . شعار شامل ومانع ينشد المستقبل بكل رهاناته وتحدياته ” نحو مسرح جديد ومتجدد”. شعار يدرك من خلاله حجم الإكرهات. وثقة المنظمين لرفع كافة أشكال التحدي لتحقيق الفعل المسرحي العربي الذي يتطلع إليه الجميع، بالإستناد الى التجربة و الخبرة الطويلة الرائدة للهيئة العربية للمسرح، وإلى ما تحوي خشبات المسرح بالأقطار العربية من كفاءات وأعلام مسرحية وأقلام فكرية وثقافية ونقاد ومخرجين وباحثين ورواد وممثلين محترفين و موهوبين .
وعليه وتأسيسا على هذه التوطئة يمكن القول :”إن دورة وشعار مهرجان المسرح العربي في نسخته الثالثة عشرة فوق أرض المملكة المغربية وبحضورها غير المعتاد على كافة المستويات، قد شكل وفق مهتمين ومراقبين محطة فارقة وفاصلة في مسار وحياة المسرح العربي بكل ما حملته و تحمله الكلمة من وزر. وقفزة نوعية في عالم الإبداع والخلق والفن المؤثث لمقومات وأدبيات المسرح وخشبته المطلة على جمهور الوطن العربي داخل جغرافية العالم.