” الثلاثية الشكسبيرية/ نصوص مسرحية (“أنا ماكبث”، “شكسبير في جبل الأوليمب”، و”أجنة في أرحام شكسبيرية”) أحدث إصدار للكاتب والمخرج المسرحي العراقي ( منير راضي)/ بشرى عمور
صدر عن وزارة الثقافة والسياحة والآثار / دائرة السينما والمسرح بالعراق، كتاب جديد للكاتب والمخرج المسرحي العراقي ( منير راضي) بعنوان:” الثلاثية الشكسبيرية/ نصوص مسرحية (“أنا ماكبث”، “شكسبير في جبل الأوليمب”، و”أجنة في أرحام شكسبيرية”) الذي تم توقيعه ضمن مجموعة من الكتب التي احتفي بها خلال فعاليات الدورة السادسة لمهرجان المسرح العراقي (16 ـ 21 مارس 2023)
ويحتوي هذا الكتاب على مقدمة للباحث والناقد (د. جبار صبري) والتي جاءت كالتالي:
“ تعالوا نعيد ترتيب الاحداث من جديد. تعالوا نلتفت الى زوايا الضحايا والمفجوعين والتعساء والمجرمين وغيرهم ممن عانى وركب بحر الشقاء، سفينةً ونداءً وطريقة حياة. تعالوا لنعيد تشكيل اقدارنا وخلاصنا في آن واحد. ان شريط الفلم الذي وقعت احداثه فينا وكانت اوراقه في رفوف تاريخنا الشخصي والعائلي والوطني وحتى الوجودي يمكن ان نتمرد عليه، ننتفض ضده،. نقاوم اسلوبه في التعبير علينا. نختار دالة توجيه مساراته اذ ان تلك المسارات هي حيواتنا بالنتيجة. نختار ترتيب انفسنا وتشكيل صورتها بمثل ما نريد او بمثل ما وقع حقا وتم تحريفه.
ومن مرايا القدر التي عكست صورنا مغلوطة نبدأ. منها نبدأ واليها نعود. نعود بعد طمس انفسنا في قاع بديهية الجرم او الشقاء او الموت قتلا.. تلك البديهية التي اعتادت البشرية جمعاء على تصديقها بل جعلها رمزا ومثالا لكل حالة من حالات عذابنا: عذابنا الذي لم ينته يوما ما ابدا رغم جريان وتدفق مئات السنين. نعود ولتكن تلك العودة من حيث مستقرنا في عوالم سفلى كما كتبها علينا غيرنا واصبحت مثالا للخطيئة والرذيلة والعقوبة والابتلاء.. هكذا يبدأ التنويه هنا بأننا سقطنا على خديعة: خديعة من؟ خديعة انفسنا من انفسنا ابتداء وخديعة من جعلنا ومسار مصيرنا على قدر واحد في مدونات التاريخ.
شكسبير طغى: هذا ما يصرح به منير راضي، مؤلفا مسرحيا. بل افرط بطغيانه. نعم لقد طغى شكسبير بوصفه:
– وجّه مسار الاحداث على رغبته ونوازعه..
– رسم الكثير من الفخاخ التي ورطت شخصياته الدرامية بالجريمة او القتل او الشقاء المجاني..
– قلب التاريخ السابق بهم الى تاريخ لاحق عليهم.
– انزلهم قاع الخطيئة.
– دمّر سمعتهم.
– بل الاخطر من ذلك كله بقيت خطيئاتهم دائمة الحضور في كل وقت وبعد مئات السنين.
ذ. منير راضي
التفت منير راضي بعد خمسة قرون الى لحظة عدل من زاوية نظر اخرى ومرآة تعيد انعكاس صور ضحايا وشخصيات شكسبير من وجهة منقلبة. تعيد اليها مصيرها من حيث اعادة حقها في اختيار مسارها واحداثها من جهة، ومن حيث مصداق تاريخها قبل وقوع اسقاطها في فخ درامية شكسبير الخادعة من جهة ثانية. اذن، كان لزاما ان ينتفض الكاتب منير ازاء الكاتب شكسبير انتفاضة من شأنها تغيير وكسر انماط الصورة المعذبة والتي ارسى تنميطها شكسبير وتحقيق مغايرة بل تحقيق انقلاب يقصده المؤلف منير في مواجهة المؤلف شكسبير.
اذن، شكسبير متهم واقامة التحقيق فيما فعله لزم تشخيص محكمة معلنة او خفية: محكمة من شأنها ان تستدعي شكسبير لا بوصفه بطلا خالدا في التأليف بل بوصفه مريضا ومجرما عذب ضحاياه في رسم مصير لهم حطّ الكثير من قدرهم وتقديرهم.
من هنا بلغت نصوص منير راضي في مواجهة المتهم شكسبير موجهات مضادة. موجهات تعمل على اعادة ترتيب الاحداث لا بما وقعت ادبا دراميا شكسبيريا بل بافتراض رفع الحيف الشكسبيري عنها وذلك من خلال:
– النظر اليها كشخصيات تاريخية على وفق اعتبارها الصادق المدون قبل تحريفه.
– منح تلك الشخصيات فرصة لتحقيق واقعها الذي ترغب به وهو مصداق لحقيقتها في حراكها اسلوبا وحياة ابان احداثها.
– تشخيص الخديعة والزيف الذي لعبه شكسبير في تحديد مسار ومصير تلك الشخصيات.
– اقامة الحد على شكسبير.
– كسر وتغيير نمطية الصورة التي فرضها على البشرية جيلا بعد جيل..
ومما يشدنا اكثر الى ما وقع عليه المؤلف منير راضي انه وقع على فرض ادلة يقبلها العقل: عقل القارئ لما حدث او حدث بالرغم من انف تلك الشخصيات الدرامية: مكبث، عطيل، لير، هاملت… جاهدا من وراء ذلك اعادة تشكيل الاحداث لا بما اراد شكسبير وقدم طغيانه في تحديد أطر تلك الشخصيات في نصوصه وفي ارشيف ذاكرتنا الجمعية عليه.
تعالوا اذن، الى شكسبير: انه طغى.“