الفضاء التربوي المسرحي كوسيلة لتنمية الأطفال/ علي الخيگاني الناصري
في الوقت الحالي يتم طرح السؤال بشكل متزايد حول ضرورة استخدام جميع الموارد التربوية المتاحة من أجل التنمية الطفل (العلوم التربوية الحديثة)، التي تنظر إلى التعليم على أنه استنساخ للإمكانات الروحية للفرد، لديها مجموعة متنوعة من المجالات ذات التأثير التعليمي على الطفل، إذ يعتبر مجال الفن المسرحي كمساحة تساهم في تكوين النشاط الاجتماعي الجمالي للفرد. وفقًا للعلماء المعاصرين الذين يدرسون مشاكل التعليم المدرسي، فإن توليف الفنون يساهم في الكشف عن الصفات الداخلية للفرد وتحقيق الذات لإمكاناته الإبداعية. كما معروف أن فن المسرح هو توليفة جمالي للموسيقى، والرقص، والرسم، والخطابة، والتمثيل، ويركز في كل واحد على وسائل التعبير المتاحة في ترسانة الفنون الفردية، وبالتالي خلق ظروف لتعليم شخصية إبداعية شاملة، ويساهم في ذلك لتنفيذ هدف التعليم الحديث. المسرح لعبة، معجزة، سحر، ادب تواصل حكاية .
تمر طفولة كل منا في عالم ألعاب لعب الأدوار التي تساعد الطفل على تعلم قواعد وقوانين الكبار. يلعب كل طفل بطريقته الخاصة، لكنهم جميعًا يقلدون الكبار اي بمعنى ان الطفل يحب ان يلعب اي يحب ان يقلد، الأبطال المفضلين في ألعابهم، يحاولون أن يكونوا مثلهم.
يمكن النظر إلى ألعاب الأطفال على أنها عروض مسرحية مرتجلة. يُمنح الطفل فرصة لعب دور الممثل والمخرج والمصمم والدعائم والموسيقي. يؤدي إنتاج الدعائم والمناظر الطبيعية والأزياء إلى الإبداع الدقيق والتقني للأطفال. يقوم الأطفال بالرسم والنحت والخياطة وكل هذه الأنشطة تكتسب معنى وهدفًا كجزء من فكرة مشتركة تثير اهتمام الأطفال. يمكن وينبغي إعطاء أهمية خاصة في المؤسسات التعليمية للأطفال للأنشطة المسرحية، وجميع أنواع مسرح الأطفال، لأنها تساعد:
• تشكيل النموذج الصحيح للسلوك في العالم الحديث؛
• زيادة الثقافة العامة للطفل والتعلق بالقيم الروحية ؛
• تعريفه بأدب الأطفال، والموسيقى، والفنون الجميلة، وقواعد الآداب، والطقوس، والتقاليد، وغرس اهتمامًا ثابتًا ؛
• تحسين المهارة لتجسيد تجارب معينة في اللعبة، وتشجيع إنشاء صور جديدة، وتشجيع التفكير ؛
بالإضافة إلى أن النشاط المسرحي هو مصدر لتنمية المشاعر والتجارب العميقة للطفل، أي بمعنى يطور المجال العاطفي للطفل مما يجبره على التعاطف مع الشخصيات، والتعاطف مع الأحداث الجارية. أقصر طريقة للتحرر العاطفي للطفل ، وإزالة الانكماش، وتعلم الشعور والخيال الفني هو الطريق من خلال اللعبة ، والتخيل ، والكتابة.
النشاط المسرحي هو مصدر لا ينضب لتنمية المشاعر والتجارب والاكتشافات العاطفية للطفل، يعرِّفه على انه الثروة الروحية. إذ يجعل الطفل ينظيم الحكاية الخرافية وفقآ للمدركاته ورغابته ومعتقداته الادراكيه المعرفيه، ويتعاطف مع الشخصية والأحداث، وفي سياق هذا التعاطف، يتم إنشاء بعض العلاقات والتقييمات الأخلاقية، والتي يتم توصيلها واستيعابها ببساطة.
يرتبط تحسين الكلام أيضًا ارتباطًا وثيقًا بالنشاط المسرحي، حيث إنه في عملية العمل على التعبير عن النسخ المتماثلة للشخصيات، وبياناتهم الخاصة، يتم تنشيط مفردات الطفل بشكل غير محسوس، ويتم تحسين الثقافة الصوتية لخطابه وبنيته اللغوية، وخاصة حوار الشخصيات، يضع الطفل أمام الحاجة للتعبير عن نفسه بشكل واضح وواضح ومفهوم. خطابه الحواري، وتحسين بنيته النحوية، بدأ في استخدام المفردات معينه والذي بدوره يتم تجديده أيضًا. من خلال المشاركة في الأنشطة المسرحية يتعرف الأطفال على العالم من حولهم بكل تنوعه من خلال الصور والألوان والأصوات والأسئلة المطروحة بشكل صحيح مما يجعلهم يفكرون ويحللون ويستخلصون الاستنتاجات بأنفسهم. وبهذا يتحول حب المسرح إلى ذكرى طفولة حية في نفس وروح كل طفل، شعورًا بقضاء عطلة مع الأقران والآباء والمعلمين في عالم سحري غير عادي.
بمعنى أدق أن النشاط المسرحي يخلق الظروف حقيقه لتنمية القدرات الإبداعية. يتطلب هذا النوع من النشاط من الأطفال: الانتباه، والإبداع، وسرعة رد الفعل، والتنظيم، والقدرة على العمل، وطاعة صورة معينة، والتحول إليها، وعيش حياتها. لذلك ، إلى جانب الإبداع اللفظي، فإن التمثيل المسرحي أو الإنتاج المسرحي هو أكثر أنواع إبداع الأطفال شيوعأ وانتشارآ.