مسرح ايل للسقوط… (جزء 1) / طلال هادي
غزو رقمي ..تطرف مابعد الحداثة..تتابع صوري.. تنابز بالمصطلح العلمي..تنافس باظهار العضلات المعرفية والاكاديمية …سباق محموم لاثبات الانتماء لمفهوم المعاصرة…ولوج بالمبهم المفرط باللغز…وتشريح الابعاد واحالتها الى مديات اكير من حقيقتها واصولها…تداخل بالرؤى حد غياب الرؤى العميقة…وتحميل العقول فوق ما تحتمله العقول ذاتها…وغياب المحتوى الانساني امام سطوة الجمال المفرط بالتأثير( السمعبصري)..
كل تلك التأثيرات اطاحت بما صار يعرف عند البعض الحداثوي ب ( الكليشيهات_ الكلاسيكيات_ التقليديات_ العتيقة) وادخلت معظم الفنون في دوامة غياب الملامح وتعدد الاجناس فاصبحت الصورة مشوشة لحظة التلقي…فالتلفاز مثلا..لم يعد يتكأ على خواصه وتقنياته المعروفة فقد احتلته التقنية والرؤى السينمائية فغاب مفهوم المشهد وتفاقمت ازمة الاجواء المتناغمة بهاجس واحد وبصيرة راكزة ..فالمتابع للعمل التلفزيوني وكأنه امام فلم سينمائي طويل..يستمر لاسابيع!! ولقطات مفرطة بالحداثة والتأويل ومعتبرة ان كل متفرج هو من مدرسة (سبيلبرغ) او ( زفيرلي) او تتلمذ على افكار وتوجهات ( فرانز ليمان) وانعكس الحال على الفنون الاخرى ومنها الفن التشكيلي والموسيقي….وبالضرورة…الفن المسرحي….حتى صارت جملة ( المسرح ابو الفنون )…منطلقا لاجتماع وتداخل الفنون …على حساب المسرح!! وكان للمصطلح العلمي الذي ( هو اي رمز متفق عليه للدلالة على المفهوم_) حسب منظمة (ايزوا للتقييس_ يونسكو)…
صار المصطلح هو المشكلة المتفاقمة والهدف الاول والاخير في البحث بالاضافة الى انتماء الخطاب المسرحي ولاي كفة _ معاصرة_ يميل وينحاز!!!حتى وصلت الامور الى حد ان اطلقت المصطلحات..وتم نقاش عشرات الافكار والرؤى في عروض لاتحمل الرؤى والافكار..ولكنها حملت طلاسم مبهمه…تستفز التلقي..وتخدعه بوجود المخبوء والمخفي خلف العرض!! هو غير موجود طبعا…ولكن غريزة التبجح بالمصطلحات والتنافس المحموم لاثبات الوجود الشخصي اعطى الفرصة لظهور ..(.الكذبات المسرحية) ..ولم يعد المصطلح ضرورة اغتزال المفاهيم..بل اصبح كيان قائم يشرح ويوضح ذاته ..لذاته وفي ظل الاعتقاد الخاطيء/السائد ..
ان المتلقي المعاصر قد غادر منطقة التفاعل الوجداني الانساني وصار يطمح الى الجمال المجرد . والتفاعل الفكري المركب والمشحون بالتناقظات..وان المعاصرة هي تمرد وثورة على كل شيء ..حتى لو كان عظيما…فالماضي منبوذ من وجهة النظر (الحداثوي) ووفق هذا التصارع وجد نوع اخر من العروض التي تنتمي لكل الفنون….وفي اخر القائمة..فن المسرح…وكانه مخيم عام..يجمع الشتات
قريبا الجزء 2
* طلال هادي بغداد / اب 2022