ذاكرة الألم في عرض مسرحية (خوف سائل ) للمخرج صميم حسب الله يحيى/ زين العابدين السومري
المسرح هو وثيقة لكل الاحداث التي تمر بها البلدان وما تركت من اثر سلبي على المجتمع رغم انقضاء زمن عليها ,مر العراق بالكثير من هذه الاحدث الدموية و والأفعال الطائفية التي كانت سبب جريان نهر الدم وبث روح الخوف وعدم تقبل الاخر لان بذرة الكراهية اللعينة لن تموت عرض خوف سائل اخذ العائلة العراقية نموذجا لهذا الخوف الذي سيطر على ارواح ونفوس الجميع، يخيفهم كل شيء حتى الانين يحاولون التغلب عليه لانه تهمه لا تغتفر٠ استطاعت شخصيات العرض التي عايشت الألم والحزن إظهار العذاب الذي رافقنا سنوات حتى اصبح عادة لا يمكن التغلب عليها هي عادة الخوف وادمانه وعلى المجتمع ان يبقى مستعداً للخوف الخوف من العودة للماضي، الخوف من المستقبل الخوف من المجهول الذي قيدنا بسلاسل تمتد على طول اعمارنا وربما نحاول الخلاص منها ورميها الى الخارج لكن قيود الروح والنفس باقية قوية تجلد ذواتنا واروحنا بها٠
في العرض إتخذ ربُ البيت وعائلتة العزلة وسيلة للخلاص مما خلق حرباً نفسية اصابت الجميع ومن ضمنهم المتلقي الذي صار جزء من الحدث وهذا ما اراد المخرج فعلة حيث جعل كل فرد يجلس بين الجمهور يتخيل نفسة انه احد هذه الشخصيات وراح يدخل دائره العذاب دون ان يشعر .
إغلاق ابواب و نوافذ البيت كانت محاولة للخلاص لكن لا يمكن الخلاص بوجود وحش قادر على استباحة كل القيم الاخلاقية وتدمير كل ثوابت المجتمع الا وهو التكنلوجيا الكامرات المباحة لدى الجميع التي اضافت لنا خوف اخر الخوف من الفضيحة المفبركة التي اخترقت بيوتنا دون ان نعرف، كان هناك توظيف دقيق من قبل المخرج حيث جعل شخصية الاعمى وهو الوحيد الذي يحمل هاتفا ذكيا فهي تحمل الكثير من الدلالات الفكرية التي تخص المجتمع في بداية العرض كانت طرقة الباب تصيبهم بالهلع والتذمر لكن بعد فضيحة الأم هدت كل اركان البيت ولم تخيفهم طرقات الباب بعد لانهم فقدوا الشرف فما الذي يخافون علية بعد؟ .
ترك المخرج لنا احد الابواب مغلقا على طول زمن العرض بقفل كبير حتى حين يسود الظلام في المسرح يبقى الضوء على ذلك القفل وهو المستقبل الذي لا نعرف ما يخفي لنا هل سيعيد الكره نفسها كما في الابواب السابقة.
ولو فرضنا هكذا وعدنا الى مربع الخوف الاول ماذا سيفعل المتلقي الذي يتوهم السعادة والذي يغضب من مشاهدة عرض مسرحي اعاد بذاكرته الى الماضي قليلآ كيف اذا اعاده هذا الوجع مرة اخرى وهذا هو جوهر عمل خوف سائل علينا الاستعداد للمستقبل ربما اقسى من الماضي الذي نرفض العودة الى احداثه ،المستقبل يرقد خلف باب مغلق علينا جميعآ انتظاره والخوف منه فهو الخوف الاكبر لان الماضي والحاضر نبوءة المستقبل .