نص مسرحي: “على قرن ثور” / تأليف: علي حسين الخباز

(المسرح مفتوح بلا أثاث سوى شاشة في عمق المسرح علق عليها صورة ثابتة لنصب الحرية. تسلط إنارة حلزونية ملونة متحركة وكأنها زوبعة، مع أصوات عالية لمنبهات سيارات النجدة ومنبهات سيارات الإطفاء ومنبهات سيارات الإسعاف شرطة ينتشرون لا يعرفون ما الذي يجري)

شرطي 1: (بارتباك) ما الذي يجري؟

شرطي 2:  لا أدري

شرطي 3: (مسترخيا وكأنه نهض من النوم) ماذا هناك؟

شرطي 2:  (يهز كتفه) لا أعلم

شرطي 3: ربما انقلاب جديد

شرطي 4:  احتمال

شرطي 2: كنا شاهدنا مظاهر الانقلاب على الأقل، سيارات جيش يطوقون بغداد (برهة صمت) كل شيء جائز.

شرطي 1: قل يا الله اللهم احفظنا واحفظ ناسنا يا رب العالمين

(مع الإنارة حلزونية، تسلط إنارة على الشاشة يبرز نصب الحرية) 

شرطي 3: ربما قامت الحرب على الحدود

شرطي 4: احتمال

شرطي 2: يا حدود يا ساتر؟ أ يعقل حرب ونحن شرطة النجدة لا نعلم بما يحصل للبلاد؟ (برهة صمت) كل شيء جائز

شرطي 1: قولوا يا الله في هذا الصباح وادعوا الله أن يحفظ البلاد من كل شر؟

(مع الإنارة الحلزونية تسلط الإنارة على نصب الحرية)  

شرطي 3: أو ربما عراك بين عشيرتين

شرطي 4: احتمال

شرطي 2: يا عشيرة ويا عشيرة؟ لكانت الدنيا انقلبت بالرمي، واشتعلت سماء بغداد بأنواع الأعتدة، وكأنها حرب دول وليست حرب عشائر

شرطي 1: اذكروا أسم الله سبحانه تعالى مالك الملك الفتاح الرزاق العليم اللهم احفظ عشائرنا من الزلل وسدد خطاهم لكل خير يا الله

(مع الإنارة الحلزونية تسلط الإنارة على نصب الحرية) 

شرطي 3: ربما تظاهرة شعبية ضد الحكومة

شرطي 4: احتمال

شرطي 2: كنا على الأقل نشاهدهم فنحن في ساحة التحرير، أو كنا على الأقل نسمع أصواتهم (برهة صمت) كل شيء جائز

شرطي 1: اهدأوا بسم الله الرحمن الرحيم، يحفظ الله شبابنا وأولادنا وأولاد الناس مالكم اليوم؟

 (مع شدة الإنارة الحلزونية توجه الإنارة لنصب الحرية / الأصوات تزداد هياجا)  

شرطي 3: ربما حريق هائل في احدى دوائر الدولة

شرطي 4: احتمال

شرطي 2: كنا نرى النيران تملأ سماء بغداد والدخان (برهة صمت) كل شيء جائز والله

شرطي 1: ربما تفجير إرهابي

شرطي 4: احتمال

شرطي 2: كنا سمعنا صوت الانفجار أو رأينا مشاهد إخلاء الضحايا (برهة صمت) كل شيء جائز

شرطي 1: يا أخوان اذكروا اسم الله تعالى وهي تصفو

(مع شدة الإنارة الحلزونية تسلط الإنارة على نصب الحرية) 

(يتحركون باتجاهات مختلفة يريدون معرفة ما يحدث، الإنارة الحلزونية تشتد والأصوات تعلو / صخب عالي / فوضى عارمة) 

شرطي 1: (مع شرطي 4) احتمالاتك اليوم لا تطاق، فلتذكر الله هو أرحم الراحمين

شرطي 4: هو احتمال قد يصيب وقد يخيب وكل الاحتمالات جائزة إلى حين نسمع الخبر

شرطي 2: كل احتمالاتك خائبة إن شاء الله، حرب ـــ حريق ـــ مظاهرات ـــ تفجير رعب دائم لا نعرف هويته

صوت من جهاز المناداة: إلى جميع مفارزنا كونوا على أُهبة الاستعداد بانتظار الأوامر

شرطي 2: (يشير إلى الجهاز) هو أيضا لا يدري

شرطي 3: معقولة. لا نعرف ماذا يجري؟ من الذي يعرف إذًا؟

شرطي 1: يا ساتر يا الله، أخشى أن يحدث ما هو أقوى من هذه الاحتمالات

صوت الجهاز: خبر عاجل (يتكرر صوت الجهاز) خبر عاجل

(تزداد سرعة الإنارة الحلزونية / تعلو أصوات المنبهات، صوت رنين موبايل شرطي رقم 2)

شرطي 1: لم أفهم الخبر ما الذي يجري

شرطي 2: (مع جميع الملاك) اتصلت بي زوجتي تقول إن ثور جواد سليم هرب من نصب الحرية

(صمت يعم ملاك شرطة النجدة / يتوجه الجميع لمشاهدة نصب الحرية باستغراب) 

شرطي 1: نصب الحرية بلا ثور؟

شرطي2: علينا أن نعرف لماذا هرب الثور وترك النصب؟

شرطي 3: سئم الحياة على النصب، منذ أكثر من ستين سنة وهو مشدود على النصب بلا حراك

شرطي 4: احتمال

شرطي 1: ما هو الاحتمال؟

شرطي 4: احتمال هرب واحتمال اختطفوه

 شرطي 1: إنه أمانة في أعنقانا

شرطي: من؟

شرطي 1: الثور … لأنه تراث شعب

شرطي 4: من؟

شرطي 1: الثور

شرطي 4: والشعب؟

شرطي 2: الله أعلم أين هو الآن؟

شرطي 3: تدور تدور وترجع على رأسنا، مجالس تحقيق وتوبيخيات بأحجام متنوعة ومليار سين وجيم ويا ليتها تنتهي عند هذا الحد ربما سنتهم بالخيانة العظمى، نعم يأخذون بدل هذا الثور أربعة زلم خشنة، أصحاب عوائل

شرطي 4: لماذا هرب؟ (برهة صمت وكأنه ينتظر الرد من الجمهور) ربما سئم من نظرات الناس إليه، أو لنقل أنه لا يريد أن يرى نفسه مركونا في زاوية لا تعني الناس، ربما أراد أن يرسل لنا رسالة يفهمنا أن الحرية ليست لفظا مرنًا كيف يهبنا الحرية من هو مسلوب الإرادة، لو سكتوا عن الإعلام لما عرف أحد بغياب الثور عن النصب وهو يمثل القوة

شرطي 2: لو أردت أن تعرف أسرار البلاد عليك بالنسوان، تقول زوجة مسؤول في البلدية أن البلديات سأمت من الثور، فهو يوسخ ساحة التحرير دائما

شرطي 3: روث الثور يوسخ ساحة التحرير

شرطي 1: معقولة لهذا خطفوه، كي تبقى ساحة التحرير دائما نظيفة من روث الثور

شرطي 4: وما الذي حصلنا من نصب لا روح فيه ولمْ يجلب لنا سوى المأساة

شرطي 1: إنه رمز الثورة المعطاء

شرطي 4: من؟

شرطي 1: نصب الحرية

شرطي 4: مات جواد سليم ولم ير النصب بعينه، مات ولم يشعر يوما بطعم الحرية

شرطي 1: رحمه الله

شرطي 4: وصاحب الفكرة نفسها الرجل الذي أراد أن يرمز لثورة العراق ضد الاستعمار البريطاني قتلوه بعد عام واحد

شرطي 1: وهل تريدنا نتخلى عن النصب الذي يمثل حريتنا

شرطي 4: تحت هذا النصب تقاتلت الأحزاب وتدهور حال العراق وتحت هذا النصب خطب الزعماء بأحلامهم وتحت هذا النصب أعدموا الخصوم منهم بتهمة التجسس ومنهم بتهمة الخيانة

شرطي 3: هل لكم أن تتصوروا شكل بغداد بلا ثور

شرطي 2: من المسؤول عن هروب الثور

شرطي 1: لا أعتقد أنهم سيتركون قضية هروب الثور تمر بسلام

شرطي 4: ليس همكم الثور ولا النصب همكم خبزتكم رواتبكم وراتبي الذي سيتخذونه قصاصا عادلا لما يسموه إهمالا بحماية العراق فنصب الحرية يعني الوطن وسموه ومعاليه

شرطي 1: الكل سيظهر حرصه على نصب الحرية وعلى الثور، وعلى جمالية بغداد وعلى سلامة الثور الذي سيمثل من الآن فصاعدا القوة والأصالة والعدل

(الإنارة الحلزونية تزداد حركتها بين الآن والآخر وأصوات عجلات الدولة لا تهدأ)  

شرطي 4: لا أحد يعرف مزاجية الثور سوى جواد سليم، هل هو ثور هائج ممكن أن يعرض الناس للخطر، أم هو ثور مسالم

صوت الجهاز: مازالت مفارزنا البطلة تبحث عن الثور الهارب إلى مجهول، نطالبكم باليقظة والحذر

شرطي 2: أعتقد أن على الحكومة أن تعتمد على الشعب في مثل هذه الأمور فتطلق جائزة مادية كبيرة لمن يعثر على الثور

شرطي 3: والله فكرة، تدلنا على أنك رجل دولة من الطراز الخاص، وبهذا سيبحث الشعب عن الثور من أجل الحصول على الجائزة وليس لسواد عين الثور ولا من أجل سواد عين نصب الحرية.

(الإنارة الحلزونية تزداد سرعة مع شدة الأصوات المنبعثة من عجلات الشرطة، وتسليط الضوء على نصب الحرية) 

شرطي 2: كلما أنظر إلى نصب الحرية يتخيل لي إني أراه

صوت الجهاز: أخوان إن شاء الله تفرج الأزمة، السيد المدير يحيكم ويحي الجهود الخيرة، وإن شاء الله ستفرج ويعود الثور إلى مأمنه في النصب وستكافؤون أن شاء الله بكل خير، ليس لدينا أخبار جديدة لكن عندنا الأمل بالله وبكم والسلام عليكم

شرطي 3: ربما هو عمل مدبر ليكون تبريرا لتصفية النصب، وعدم السماح لأية مظاهرات في ساحة التحرير

شرطي 1: لماذا؟

شرطي 4:  احتمال لقربها عن مأوى الحكومة

شرطي 2: ليس غريبا أن نسمع بعد يومين عن هروب الحصان

شرطي 1: أرجوكم لا حديث في السياسة، هم الثور يكفي

شرطي 4: دوختم أنفسكم أكثر مما ينبغي، وقضية الثور ليست قضية شائكة ولا البحث عنه صعبا لهذا الحد، الأقمار الفضائية وكاميرات التصوير قادرة على متابعة الثور، ولا بد أنهم سيعثرون عليه

شرطي 2: سيحتفلون حينها بعودة العريس الثور مكللا بالنصر وتعتبره الحكومة إنجازا كبيرا لها، وبعودة الثور سيتم متابعة ساحة التحرير أمنيا

(في أقصى اليسار منضدة موظف يرتدي البدلة البيضاء، عليه تراف الشباب ونوع من أنوع الكياسة الوظيفية، وكان يسامر أحد موظفيه برأي خاص) 

الموظف: الكلام بيننا، عمل خير حين هرب الثور، فلا بد التخلص من حيوانات نصب جواد سليم بشكل نهائي كونها خطرة على البيئة والصحة العامة، تسبب روائح كريهة، وتجذب الحشرات والذباب والحيوانات المؤذية بدل أن نزرع بغداد بالورد والياسمين

شرطي4: (يضحك) هه هه هه يتعالى ضحكه

شرطي 2: (يضحك معه) هههههههههههههه

شرطي 3: (يضحك معهم) هههههههههههههههههه

شرطي 1: خير إن شاء الله

شرطي 4: روث الثور صار مشكلة وطنية عندنا وفي المانيا هناك تجارة الروث ولها بورصتها بورصة الروث وفي بريطانيا يعالج بتنقية ضوئية وفي الهند يعد مصدرا مهما لتوليد الطاقة

(تنتثر بقع الضوء على مشهد مناضد تملأ الخشبة تتحرك المناضد بطريقة منتظمة ثم عشوائية حركة سريعة تنتظم في النهاية وكأنها نصب الحرية) 

شرطي 3: لماذا نحزن لهروب ثور ونحن أهملناه منذ عقود؟

شرطي1: شغلنا بقضايانا ونسينا الوطن

شرطي 4: لماذا الثور دون سواه؟  يختفي ربما هرب وربما اختطفوه أو اغتيل أو رموه في حوض تيزاب ليتبخر

شخص 2: لم نعد بحاجة إليه، ولا تعنينا تلك الدلالة التي انتهى مفعولها

صوت الجهاز: إلى جميع مفارزنا خصصت الحكومة جائزة مالية ضخمة لمن يعثر على الثور وأملنا كبير بملاكاتنا المثابرة

شرطي 3: أرى في آخر المطاف أنهم سيتهمون جواد سليم بتهريبه خارج البلاد

شرطي 4: اهتمام شعبي بالبحث عن الثور، هل تعلم بإمكان هذا التراث أن يصير خبزا للفقراء

شرطي 1: (بحدة خفيفة) أراك تغمز في كل المواضيع، والحقيقة ان التراث هو هوية البلاد

شرطي 4: والجندي المجهول ألم يكن هوية؟، أتذكره نصب الجندي المجهول في ساحة الفردوس ببغداد، وكان يرمز لشهداء العراق

شرطي 1: يعني لأن نصبا تهدم بأمر قسري نهدم كل تراثنا

شرطي 2: نصب الحرية يمثل روح بغداد وروح النصب الثور الهارب هذا اليوم، القضية توقف العقل، ثور نصب الحرية مستكين صابر منذ ستين عاما اليوم يهرب

شرطي 4: لا بد له حساباته

شرطي 1: من؟

شرطي 4: الثور… أ تراه فضل الموت على أن يبقى محبوسا في نصب، فقد منذ سنوات معناه؟

(تشتد الإنارة الحلزونية المتذبذبة بأرجاء المسرح مع بريق، وصوت المنبهات يملأ الفضاء /الناس تنظر نحو الشاشة وكأنها لا تصدق غياب الثور)

شرطي 4: لعبة ذكية من الثور بغيابه الغير متوقع أعاد للناس هيبته ومكانته وكإن الثور قرر أن ينفخ في شعور الناس كي ينتبهوا

الصوت: على جميع الوحدات التحرك نحو المناطق الشعبية ومزارع الفلاحين الواسعة لغرض إحكام المساحات على الثور

شرطي1: ربما هرب ليزيح نصبًا برونزياً آخرا ليحتل مكانه

شرطي 4: احتمال

شرطي2: ربما اشتاق لمبدعه وراح إلى قبره يزور

شرطي4: احتمال

شرطي1: (ينظر إلى شرطي 4 ليستفز احتمالهِ) ربما مات

شرطي4: احتمال

شرطي1: (يقف أمام شرطي 4) ربما يعود

شرطي4: احتمال

شرطي1: كثرت احتمالاتك

شرطي4: لكل تخمين احتمال

شرطي1: (يضحك) هه هه هه هه هه هه

شرطي2: (ينظر إليه تطول الضحكة فيضحك معه) هه هه هه هه هه هه

شرطي3: (يضحك معهما) هه هه هه هه هه هه

(هستيريا ضحك)

شرطي4: لم تضحكون؟

شرطي1: هروب ثور هز أركان الدولة، لو هرب جواد سليم من قبره لما افتعلوا له هذه الضجة

شرطي2: (مع شرطي 1) ذكي أنت كان الثور شرساً لا يطيع أوامر البلدية، ربما هرب، اشمأزت روحه من قناني الخمرة الفارغة التي يرميها المتسكعون تحت ظله

شرطي3: علينا التحرك بجميع الاتجاهات، وقوفنا هنا مسؤولية

شرطي1: يجوع ويعطش ويعود وحده إلينا نادماً

شرطي4: (يضحك)هه هه هه هه هه هه هذه نكتة أخرى منذ أكثر من ستين عاماً هو بلا ماء ولا طعام، اليوم يا سبحان الله يعطش ويجوع، منذ ستين عاماً هو واقف في شمس الصيف وبرد الشتاء استخسروا فيه مظلة تتقيه من المطر، هو تعود الأمر لديه الشمس مطهرًا وماء المطر يغسل جسده

صوت: إلى جميع مفارزنا الانتباه، يمنع التجمعات حول نصب الحرية، يمنع تصوير شكل من أشكاله، ويمنع إعطاء أي تصريح لصحفي، وستصادر كأمرات الصحفيين جميعاً

(الإنارة المتذبذبة وأصوات المنبهات المتنوعة، منبهات سيارات إطفاء، إسعاف، شرطة) 

شرطي2: يبدو أن هذا الثور سئم الناس، سئم كذبهم وخداعهم ومجونهم، تحمل الكثير لهذا هرب، هروبه اليوم للأسف سيشجع الآخرين على الهروب

شرطي4: احتمال

شرطي1: إذا كان فعلاً هو هارب

شرطي2: (مع شرطي 1) ماذا لو سلموك اليوم مسؤولية الثور

شرطي1: لتركته وشأنه وكأن شيئاً لم يكن

شرطي2: كيف وهو يمثل قوة الشعب

شرطي1: وحريته

شرطي3: لا تفرط في حريتك فتتوه

شرطي 1: أين كان من هذا الخور الذي أصاب الأمة، منذ ستين عاماً والناس تعاني، أين قوة الثور في تلك المحن التي مرت علينا، حروب وحصار وسجون ومديريات أمن وفتك وعصابات قتل وتجار حشيشة؟ الإنسان بحكمته، بإنسانيته، بالعفة يضمن القوة

شرطي4: أنا عرفت الآن لماذا هرب الثور؟

شرطي2-3: لم هرب؟

شرطي4:  لأنه أدرك ضعفكم الحقيقي، لأنكم مستسلمون لأقداركم، تأخذون من الماضي ما يعجبكم

شرطي1: أنت شرطي عليك تنفيذ الأوامر، وليس عليك تبرير هروب الثور أو تخمين اغتياله, ليبحثوا عنه في البتاوين، أو أحدى الأزقة القريبة وفي البساتين والمستشفيات

شرطي 2: يجوز تنكر بزي أمرأه

شرطي 4:  احتمال

(تطلق الإنارة الحلزونية حول النصب وترتفع ثانية أصوات المنبهات وكأنها حفلة زفاف)  

شرطي4: أ تعرف ما الذي سيجري؟

شرطي 1: لا ما الذي سيحدث؟

شرطي 4: ستشكل الوزارة ملفا أمنيا للبحث عن الثور

شرطي 2: وتتشكل على ضوئه العديد من المؤتمرات والاجتماعات

شرطي 4: ونتيجة لكل هذا يسلم الملف الأمني إلى شركة جنة العراق أو إلى شركة الحصن لتأمين سلامة عملية البحث عن الثور، ويتم تشكيل عدة فرق لتامين حماية النصب

شرطي 2: صار الأمر مقلقا وكبرت اللعبة على ما يبدو

شرطي 4: لا… ليس هناك داع للقلق 38 شركة أمنية قادرة على البحث باطمئنان عن ثور جواد سليم وإعادته والعمل على عدم تكرار مثل هذه الحالة

شرطي 2: (يجيب على النداء) نعم سيدي، صار سيدي، أمرك سيدي نعم سيدي، استلمت سيدي منتشرون في كل مكان، نعم سيدي، حاضر للتفتيش سيدي

شرطي3: ما الذي يجري؟

شرطي 2: إلى الآن هو لا يدري ما القضية

شرطي 4: مثل هذه الأمور تكمن خطورتها بأنها تكشف إمكانية جهدنا العملي، وتسيء فعلا إلى الأمور المعنوية للناس، لا بد أن يحاسب المقصر

شرطي 1: هههههههههههههه سيطلع بالأخير المقصر الوحيد هو أنت المفرزة المرابطة لنصب الحرية

شرطي 4: لا بد أن يحاكم الثور وأبوه فهذا عصيان للأوامر

شرطي 1: سيتدخل بشكل طبيعي مجلس النواب ويحيل الأمر معتمدا على إمكانياته كمجلس نواب

شرطي 4: ويشكل شركات أمنية خاصة، المال هنا ليس مهما بقدر سلامة الوطن، لذلك عليكم أن توقفوا البحث عن الثور لإنه سينهك ميزانية البلاد

شرطي 2: لماذا نفكر دائما بمنطق القوة

شرطي 3: منطق القانون

شرطي 2: وهل القوة وحدها تمثل سلطة القانون؟

شرطي 3: نعم لا بد من قوة رادعة

شرطي 2: ما حاجتنا برجل السياسة، نجعل البلاد كلها شرطة وانتهى الموضوع

شرطي 4: (معقبا) أين دور الأخلاق؟ أين دور الإنسانية؟  في بناء المجتمع، ليشكلوا وفدا من أبناء الرصيف، من الفقراء والمحرومين وهم يناشدوه عبر محطات الإعلام الإلكتروني، أكيد سيعرف مدى خطورة ما فعله، يندم ويعود

شرطي 2: سأنام في السيارة

شرطي 3: المسؤولون كلهم في الشارع، وأنت تنام؟

شرطي 4: هههههههههههههههههههه؟ هل تصدق أنهم يتركون بيوتهم وأسرهم وزوجاتهم ويطلعون ليبحثوا عن ثور، والله لا يطلعون من بيوتهم حتى لو هربت البلاد إلى خارج الحدود

شرطي 1: وهل يتركون الثور على راحته؟، وهذا الأمر سيغري الآخرين ويشجعهم على الهرب.

شرطي 2: ستتكفل الشركات الأمنية البحث عنه،

شرطي 4: هناك شركة أمنية فاعلة تعمل لتأمين رواتب مديرية الشرطة في أحدى البلدان تتقاضى ضعف راتب المديرية، أعتقد ستوجه لها الدعوة لحماية النصب

شرطي 3: أنا أعتقد أن الثور رحل، فك الارتباط بهذا الكوكب

شرطي 4: احتمال

شرطي 1: ويرى أتباع نظرية النشوء والتطور أنه تحول إلى ذئب

شرطي 4: احتمال

شرطي 2: صرح مسؤول أمريكي إن الشرطة العراقية تحتاج إلى إعادة تأهيل

شرطي 4: احتمال.. نحتاج إلى خبرات أجنبية لتدريبنا. هههههههههههههههههههه

شرطي 1: (يقلد) احتمال

شرطي 4: نحن لدينا الخبرات ولدينا الملاكات الكفوؤة، لكن ينقصنا الوجدان والحرص الثورة على الاستعمار وليس على بعضنا البعض اليوم خطفوا الثور ليظهروا للعالم ضعف الأداء العراقي في حماية تراثه، في غد سيسرقون الأم والشهيد، سيسرقون الطفل والحصان من النصب، ليسرقوا الإنسان (برهة صمت) (مع الجمهور) احتمال نعم هو احتمال والاحتمال يقود إلى احتمال

شرطي 2: أرجوكم دعوني أنام، أصابني الدوار أثر احتمالاتكم، كل واحد يريد أن يقود العالم باحتمالاته.

شرطي 4: وهل تملك غير الاحتمالات شيئا؟

شرطي 2: لا بد أن تتذكروا أننا سنبقى في الشارع إلى حين عودة الثور

شرطي1: والإجازات؟

شرطي 2: ستؤجل وكذلك الاستراحات ويمنع النزول إلى البيت، لأن السادة المسؤولين يباتون في الشوارع، ومن يعارض الأوامر يخالف القانون، سيطرد من الخدمة فورا، أتعرفون ماذا يعني يطرد من الخدمة، (يمسك عصا وطاسة وينزل إلى القاعة) من مال الله والسخي حبيب الله، اعطوني يعطيكم الله، عندي خمسة أطفال جياع وأمهم مريضة، ارحموني يرحمكم الله

شرطي 4: أعتقد أن الأمر فيه مبالغة، هم لا يطردون أحدا هكذا لوجه الله دون أن يحملوه تهمة وجريمة

شرطة 2: الله صارت حلوة الشغلة

شرطي 1+3+ 4: (يكتفون شرطي 2)

شرطي 1: (يجلده) قر واعترف من كان معك بالجريمة؟

شرطي 3: (يجلده) أين الثور؟

شرطي 4: لا أعتقد أن السكوت ينفعك علقوه في المروحة وشغلوها على أسرع درجة (يضحك) هههههههههههههههههه تتمنى لحظتها لو كنت أنت الثور

صوت الجهاز: الله يساعدكم ما زال البحث مستمرا من قبل وزارة الداخلية والخارجية والرياضة والشباب والتربية والصحة والنفط، السيد الوزير ينظر إلى الأمر باعتباره قصورا واضحا لجميع الملاكات العامة والخاصة

شرطي 1: لعبة ذكية

شرطي 2: اتقنوا اللعبة

شرطي 3: يلعبون على المكشوف ليس هناك ما يربك أو يخيف

شرطي 2: لعدم حاجتهم إلى نصب الحرية قرروا نفيه

شرطي 4: علينا أن نرابط جنب النصب ليلا نهارا كي لا يسرقوا بقية الأجزاء، وإلا في غد سيسرقون الحصان والبقية تباعا

شرطي 2: سينتهي الشوط ليبدأ شوط ثاني (يقلد لقاء ضابط كبير) أعزائي.. أبنائي.. لا بد أن يدرك الجميع أن اختطاف الثور ليس بالأمر الهين، فهذا يسيء لسمعتنا كجهاز أمني استطاع أن يقدم الكثير من المنجزات ليتخيل كل واحد منكم وإذا باللصوص يسرقون طفلا من أولاده، وأمر سرقة الثور هو طعن في السيادة وفي الوطنية، نفتدي أعمارنا لكل رمز من رموزنا (الشرطة يصفقون وهم يهتفون) عاش الثور (مع الشرطة) ها أصلح أكون مديرا ؟، مسؤولا، شخصيتي هندامي مواصفات الطول والعرض؟

شرطي 1: وهل انتهى الدور لهذا الحد وانغلق الملف وتقيد ضد مجهول، لأن هروب الثور صعب، من الذي أنزله من النصب، لا إنها جريمة اختطاف واضحة.

شرطي 2: (يعيد الدور تقليد مسؤول آخر) الأمر يا أبنائي خطير، أن يهرب منا ثور سنعثر عليه لكن هذا يعني أننا يمكن أن نفقد الوطن ـــ الإنسان، إنسانيتنا ممكن أن ننسى الوجدان في مكان ما، الواجب الإنساني يحتم علينا التضحية،

(الإنارة اللولبية السريعة والخاطفة الإنارة المركز على الشاشة نصب الحرية أصوات المنبهات)  

شرطي 1: عندي اقتراح

الشرطة 2ـ 3ـ 4: ما هو؟

شرطي 1: إذا عجزنا عن العثور على الثور ليصعد واحد منا يأخذ دور الثور

شرطي 4: وهل ترى نفسك كفوءا لهذا الدور؟

شرطي 2: ( يقلد دور أحد المسؤولين) لقد درست المسألة من كل جوانبها، وأقترح أن وقت تمثيل الثور لقوة الإنسان وحصانته انتهى، ولنرجع إلى الإنسان، إلى شجاعته ومأواه، ولهذا يمكن لنا أن نرفع إنسانا شجاعا بدل الثور

شرطي 4: (مع الجمهور) الذي أرعبني في هذه القضية كلها هو الإعلان الأخير الذي يقول أن الجائزة سارية المفعول، إن كان الثور حيا أو ميتا،

شرطي 1: ما القضية؟

شرطي 4: يمكن للقاتل أن ينال جائزتين في آن واحد

(يتقدم الجميع نحو الشاشة)

شرطي 1: (يدعو الجمهور إلى الشاشة،) مجاميع كبيرة من الناس تقدمت نحو النصب، البعض لا يستطيع أن يرى النصب بلا ثور، قوموا لتتأكدوا بأنفسكم

شرطي 2: (يقلد أحد المسؤولين)، البلد التي أنجبت الثور قادرة على أنجاب الكثير من الثيران، ولدينا نحاتون كبار ممكن أن عيدوا لنا نحت ثور بديل

شرطي 1: البحث عن ثور بديل

شرطي 4: افتقاد الثور من نصب جواد سليم فأل سيء، والناس إلى اليوم يعتقدون أن الأرض موضوعة على قرن ثور

شرطي 1: لهذا يعتقدون غياب ثور جواد سليم يعني أنا ضيعنا القوة والمنعة والنفوذ

شرطي 3: (ينظر إلى الشاشة) يا نصب الحرية هل فتنة آخرى تعصف بالبلاد، وكل فريق يتهم الآخر بالإهمال والخيانة والفساد

شرطي 2: متى أهتم الساسة بنصب الحرية؟ ليهتموا به اليوم، سيهتمون بمرحلة ما بعد الثورة

شرطي 4: احتمال

شرطي 1: اتعلم ان احتمالاتك مصدر شؤم

شرطي 4: احتمال يا أخي ملخص القضية إننا تعلمنا أن نتجاوز الوهن بالوهن والخطر بالخطر بأن ننغمس فيه، عسى هذا الثور يكون هو البرزخ الامين

شرطي 2: لم أفهم ما قلته ممكن توضيح

شرطي 4: كيف يكون التدبير لو فشل التفكير، أفرحتني قضية الثور كثيرا

شرطي 1: لماذا؟

شرطي 4: لم ينتبه الشعب يوما إلى تراثه بقدر ما عرف الناس اليوم أن قيمتهم في تراثهم، والأمة التي تؤمن أن نهضتها فيها وليس في الفكر المستورد تعيش

شرطي 2: اتصلت بي زوجتي واخبرتني أنهم عثروا على الثور، وتقول أنهم وجدوه مقتولا

(تنطفأ الإنارة الحلزونية، تسكت الأصوات، يعم المسرح إظلام، بعد برهة تسلط الانارة على الشرطة وهم يحملون جثة الثور، ويسيرون مسيرة جنائزية وموسيقى الجيش تعزف مشية جنائزية)  

شرطي 4: سنعيد ثور جواد سليم إلى نصب الحرية من جديد

شرطي 2: لكنه ميت

شرطي 4: تواريخنا لا تموت، والأرض ما تزال واقفة على قرن ثور

                  انتهت بحمد الله