تجارب من المسرح المغربي استلهمت الفرجات الشعبية… فرجة أحواش في مسرحية “تكنزا.. قصة تودة”/ إعداد : محمد بوشعر
1 ـ تمهيد:
يزخر المغرب بالعديد من الفرجات الشعبية المتعددة والمتنوعة عبر الحقب التاريخية التي مر بها وتختلف هذه الفرجات حسب المناطق والجهات، والتي شكلت لدى الانسان المغربي هويته وانتمائه وتشكل الفرجة لديه طقسا احتفاليا (الافراح الاعراس المهرجانات …) كم قد تشكل طقسا دينيا من اجل التقرب للخالق او مناجاة النفس تعبيرا عن الامل والالم (المواسم السادات …)
الفرجات الشعبية لها تجليات دلالية ورمزية، في الثقافة الشعبية المغربية ولها روابط تاريخية مندمجة معها، ونتج عن هذا الظهور عادات وتقاليد وأعراف متنوعة، من خلال الحكايات والروايات والفنون الغنائية الشفهية الشعبية.
الفرجات الشعبية تعتبر قاعدة استمد منها المسرح المغربي أصوله، وكانت كل المحاولات الأولى من طرف رواد المسرح أمثال الطيب الصديقي، عبدالكريم برشيد، عبدالمجيد فنيش ، الطيب لعلج، المسكيني الصغير، عبدالصمد الكنفاوي … وغيرهم ، باستلهام وتوظيف الفرجات الشعبية شكلا ومضمونا ، ايضا نرى تجارب من المسرح المغربي المعاصر كانت لها العودة في توظيف الفرجة الشعبية كنموذج نذكر تجربة أمين ناسور في “مسرحية تكنزا.. قصة تودة “،
ما هي مقومات الفرجة في المسرحية ؟
فما هي عناصر الفرجة في المسرحية ؟
2 ـ مفهوم الفرجة :
نقف في البداية عند مفهوم الفرجة التي شكلت إرهاصات لتأسيس المسرح المغربي ومنها استمد أصوله، ” إن الفرجة أشمل من الأداء ومن المسرح لأنها تستوعب الاثنين معا، بل وتتجاوزهما لتشمل الشعائر، والاحتفالات، والمراسيم، والسيرك والجوانب الفرجوية المتمظهرة في بعض الخطابات السياسية والدينية وبعض أشكال الاحتجاج الجماهيرية، وتيفوات الملاعب، والسلوكات الفرجوية الشعبية من قبيل : الحلقة، وإيمعشارن، ورقصات أحواش وأحيدوس، وبابا عيشور، وبوجلود (بيلماون)، وسونا …” [1]
ويؤكد الدكتور حسن المنيعي، أن فن المسرح المغربي والعربي عموما كان فنا مستوردا، ومع ذلك فبإمكاننا أن نشير الى وجود عدد من الأشكال المسرحية التي كانت تمتاز بحيوية دافقة، وتحمل المسرة الى قلوب الذين كانوا يشاهدون العروض في مناسبات خاصة، من هذه الأشكال: مسرح الحلقة ، والبساط وسلطان الطلبة ، وسيدي الكتفي [2]
هناك العديد من الفرجات الشعبية يتميز بها التراث الشعبي المغربي وسنسلط الضوء هنا على فرجة أحواش باعتبارها من المقومات الاساسية في مسرحية تكنزا.. قصة تودة
3 ـ مقومات الفرجة في مسرحية تكنزا.. قصة تودة
3.1 ـ أحواش :
فن امازيغي يؤدى ليلا بمشاركة الرجال والنساء ويمكن اعتباره استمرارا لرقصة قديمة انقرضت وتدعى “الدرست” وهو ليس رقصة واحدة بل مجموعة رقصات متواصلة بعضها ببعض، وكل منها لها ما يوحدها بالباقي وما يميزها عنه. وتشبه ما تتضمنه الموسيقى العالمية بالمتتابعات غير أن العنصر الأول فيها هو الكلمة المعتمدة على الشعر المرتجل ثم الآلات ثم الرقص، ويتميز أحواش بإيقاع خاص يعطي لكل رقصة طابعها ويحدد للمجموع العام قالبا معينا.
ومثل باقي الفنون تتنوع قصيدة أحواش من ناحية الأغراض الشعرية، فقد تتناول موضوعا واحدا متكاملا، وقد تحتوي على مقاطع شعرية لا يربط بينها أي رابط. وتتواجد النار مشتعلة قرب مكان الرقصة لتسخين الدفوف بين الحين والأخر.
ويجمع أحواش بين النقر والغناء والرقص، حيث يشكل الرجال دائرتين : إحداهما صغيرة وتكون نواة أولية والباقون يمسكون بالدفوف بينما تكون الدائرة الثانية الكبيرة وتشكل على بعد ثلاث أمتار من الطائر النواة وتضم رجالا يتراوح عددهم بين 26 و 40 فردا ويتنوع أداؤهم من الضرب على الدفوف تارة وأداء الرقصات وتأدية القصيدة تارة أخرى. وعلى مقربة من الرجال تشكل النساء صفا واحدا مستقيما، ويؤدون رقصات جميلة توافق الإيقاع العام الذي يصدر من الرجال قولا ولحنا ورقصا .[3]
إن فرجة أحواش في نظر باحث مغربي، [4]هي فن إبداعي متعدد الأنماط و الأشكال يعتمد على لفظ منسوج نسجا تعبيريا راقيا موزونا يؤديه ” أنظام من الشعر ” الموروث أحيانا أو نظم اللحظة (أي مرتجل) أحيانا أخرى. والشعر هنا ذو خاصية إيقاعية ” بالتشلحيت ” إحدى اشتقاقات اللغة الامازيغية بالمغرب، إضافة ل ” ترفيت ” و ” تمزيغت ” . أما الأولى فهي المعبرة لفرجة ” أحواش ” .
3.2 ـ قصة تودة
” تودة … فتاة من القرية… وللقرى وقع فريد في القلب والروح والذاكرة، فتمة الهدوء والسكينة، ونبضات حياة متموجة يلفها أحواش بنغمات تتراءى بادية ولا تكاد تسمع …
تودة ترعرعت في إحدى قرى ورزازات، توفيت أمّها (رقية) ونشأت في بيت بارد تحت وصاية أب نادم (بوجمعة)، علاقة طبعها الجفاف والركود، رتابة تكسرها غالبا نزعة ذكورية من أخ توقف به الزمان والمكان عند حدود البلدة…
تودة … قصة من هذه الحكايات، تخلص أحلام فتاة قروية، ثورة دفينة، ستحيلها أسوار الجامعة وعلاقات المدينة ثروة فكرية من النضال والامال والحب والالام، لتشكل نظرة أخرى للعالم، ظلت تحجبها لسنوات سلطة مقتنعة بجبال شامخة عصماء، لا صماء ولا جوفاء… لكنها لعنة الجغرافيا…
تودة صوت للذاكرة، ومرجعية لكل ذكرى في القرية، هذه العوالم من الثقافة والتاريخ والأحداث، وللسفر طعم خاص في هذه الوقائع، وسفر آ خر بالمسرح إلى معانقة هذا الجنوب معانقة بريئة مخلصة ، تبحث عن سبل فنية لإعادة تشكيل بعض المعاني الهاربة، وصياغة مفاهيم ممكنة لمداعبة هذا الزخم من التراث …
قصة سمعناها..
دخلنها دخول رزين..
بقات لعقول ليها مشدودة
أحواش ربطنا فيها ربطة حنينة
هكذا سمعناها..[5]
3.3 ـ عنوان المسرحية :
مسرحية تكنزا.. قصة تودة عنوان مركب من اسمين للتراث المحلي:
“تكنزا “تعني آلة البندير، أو الطارة التي تعزف بها إيقاعات أحواش
“قصة تودة “حكاية من الحكايات الامازيغية والتي تشكل رمز انتصار صوت النساء في الثقافة الأمازيغية
4ـ عناصر الفرجة في مسرحية تكنزا.. قصة تودة
4.1 ـ التعريف بالشخصيات :
وفي كتاب الميثولوجيا الاغريقية في المسرح العربي المعاصر للباحث لوليدي يونس “تشكل عنصرا مهما، إذ أنها تسمح لنا بتكوين فكرة مسبقة عن الشخصيات انطلاقا من أسماءها، خاصة تلك التي تنتمي إلى تراث شعبي أو عقائدي أو إلى تاريخ معين. [6]“.
في مسرحية تكنزا نجد أسماء الشخصيات الرئيسية والتي تنتمي الى الثرات الثقافي الامازيغي .
إذا عدنا للمسرحية نجد شخصية طيف الأم الرايسة رقية
نبذة عن الرايسة رقية :تعتبر الفنانة رقية الدمسرية من الفنانات المتميزة في الساحة الفنية الغنائية الأمازيغية كما تعتبر الفنانة المخضرمة التي عاشرت مجموعة من الفنانين و الفنانات القدماء أبدعت وغنات أكتر من أربعة مائة أغنية تناولت خلالها العديد من المواضيع الإجتماعية والعاطفية. كانت الهموم والمعاناة حافزاً مقوياً على العمل لإيجاد الذات الحرة الرافضة للذل والمهانة في مسار ولادة فنية للفنانة رقية الدمسيرية التي استطاعت ترجمة تجربتها إلى كلمات وأغان، حكت عن طفولتها وغنت بها للحب ونبذ الكراهية، للقاء وذم الفراق، لحب الوطن ومعاناة الغربة، للصدق ورفض الكذب، وكتبت سيرتها الذاتية من خلال قصائد جمعتها في ديوان سمته “كتاب الحياة”
نجد شخصية الشابة تودة وهي في الأصل حكاية من الحكايات الأمازيغية وتودة ترمز في الثقافة الأمازيغة “الانتصار للصوت النسائي ”
4.2 ـ الأكسسوارات :
يرى” لارتوماس بيير” أن الأكسسوارات – التي هي في الحقيقة الأجزاء المتحركة من الديكور- لها علاقة ضيقة بالنص.يجب ألا نعتقد أن دورها يقف فقط عند التزين ، أو عند تنظيم الفضاء الركحي وإظهار عمقه، ففي كثير من الأحيان تصبح الأكسسوارات نفسها دلالة، وتقول ما يقوله النص، بل يمكنها أن تلعب دورا أساسيا إذا ما قام الحوار عليها، أو وفقا لها. لذلك يمكن الحديث عن علاقات ضيقة يمكن أن تجمع وتوحد بين الأكسسوارات والنص، بين الأشياء والكائنات، والإنساني واللإنساني .[7]
وفي مسرحية تكنزا.. قصة تودة نجد أبرز إكسسوار هو البندير
البندير : آلة موسيقية عبارة عن طبل صغير يصنع من جلد الماعز
البندير يكتسي أهمية بالغة في حكاية المسرحية، لأنه العنصر الأساس في فرجة أحواش التي تقوم عليه المسرحية، تم توظيف البندير خلال العرض المسرحي توظيفا جماليا ودلاليا، له عدة دلالات داخل المسرحية, من بينها نجد في بداية المسرحية البندير في يد الممثلة التي تجسد شخصية طيف الرايسة رقية وتسلمه للابنة تودة والمشهد هنا يعبر على أن البندير هو إرث و وصية تركتها الأم لابنتها تودة، ونجده أيضا في حوارات الشخصيات.
خلال المشهد الاول مونولوغ تودة :
” رقية وبوجمعة ، قصة جمعها بندير وفرقها بندير “.[8]
يتم تسليم البندير من تودة للاب تاركة بذلك القرية في اتجاه المدينة لاتمام الدراسة، وتاركة له فرصة لمناجاة نفسه البندير يرمز لحالة نفسية من ماضي الاب لا زال يعاني منها ويظهر ذلك في مونولوغ الاب في المشهد السابع :
” ياك غ بندير … ياك غ جلدة
هرستك وهرست عشرة سنين”
“ياك غ بندير … جلدة مدورة
كنت نخليها تدور ، كيما كانت كدور رقية
ودور قبيلة… كيف الخاتم
وتغني …. كيف الحمامة “[9]
وفي المشهد الأخير تعود الفتاة تودة للقرية وتحمل البندير كما تحمل ذكرى والدتها الرايسة رقية، ولا شك أن حمل تودة للبندير خلفا لامها، سيشفي غليل الاب النادم على الخطأ المأساوي الذي قام به مع أمها .
4.3 ـ الملابس :
إذا كانت الأزياء قد قنعت بلعب مجرد دور مميز طوال حقب مسرحية عديدة، حيث كانت تسعى إلى أن تتماشى فقط مع المواقف، فإنها بدأت الآن تحتل مكانة طموحة جدا داخل الإخراج، من خلال تشابه أو تضارب الأشكال، والمواد، والتفصيل، والألوان مع الأزياء الأخرى. وما يهم هو تطور الزي خلال العرض، وكذا المعنى الناتج عن تناقض أو تكامل الأشكال والألوان[10].
و بالنسبة للملابس في مسرحية تكزا سنحاول ربطها بالملابس في فرجة أحواش ففي نظر الباحث ” … أما الملابس في فرجة أحواش فلا تحضر كجمالية مرئية فقط، بل كرمز ودلالة للفعل، فهي بالتالي صور مرئية تعتمد كفرجة على الحركة، الكلمة، الجسد، الموسيقة والاحساس، متعاملة مع أبعاد الانسان الكلية لجعلها أكثر سحرية، منبعها الدهشة .
وللتفصيل فإن المؤدين لفرجة “أحواش” يوظفون لباسا خاصا مناسبا لطقوسية الفرجة، فالنظام، يلبس جلبابا مغربيا صرفا، لونه أبيض مع حضور ” السلهام” كرمز للتمجيد/ مع انتعال “إدوكالن”/ الخف (نوع من الأحذية التقليدية المغربية، ترتبط عند العامة بالذهاب للصلاة، أو الأعياد… ) أما داخل الفرجة فهي تقنية رئيسية لا مجيد عنها، هذا بالإضافة لإرتداء الحزام الموسط بالخنجر، نفس اللباس تلاحظه عند باقي المؤدين للفرجة، ولا ننسى توسط العمامة للرأس ذات اللون الأبيض أو المزركش بالأصفر، مع غياب السلهام لدى الراقصين، أما النساء فيرتدن الزي النسائي التقليدي المعروف بالقفطان المزركش والمزين بالحلي من نوع الفضة التي لها وظيفة أخرى التزيين وهي إحداث إيقاع موسيقى متناغم مع حركة الجسد في إحدى محطات الرقص مع حضور ” أملحاف” وهو ثوب يحيط بالجسد بأسلوب خاص، وتنتعلن أخفافا تقليدية خاصة بهم مزركشة بالحرير الاحمر”[11].
وإذا عدنا لمسرحيتنا نجد ملابس فرجة أحواش حاضرة في المسرحية من خلال، بداية المسرحية نرى الشخصيات ترتدي الجلباب الأبيض وهو الزي الرسمي لفرجة أحواش، وفي مشاهد أخرى نرى:
ـ انتعال شخصيات المسرحية الحذاء التقليدي “إدووكالن” بالنسبة للرجال والنساء ينتعلن الخف المزركش بالحرير الأحمر
ـ العمامة في الرأس ذات اللون الأبيض
ـ بالإضافة إلى حضور السلهام المزركش والمزين عند الأب الذي يوحي بالوقار
ـ حضور “أملحاف” عند تودة
4.4 ـ الموسيقى :
توظف الموسيقى في إخراج عرض مسرحي ما، سواء وضعت خصيصا لهذا العرض، أم استمدت من ألحان ومقطوعات موجودة أصلا، وقد تكون الموسيقى كلاسيكية أو حديثة، معروفة أو غير معروفة، وقد تكون عزفا أو غناء يصاحب العرض كله أو يظهر في بعض أجزائه فقط. وعلى أية حال فوجود الموسيقى أو انعدامه في عرض مسرحي ما له دلالته الخاصة.
وتخلق الموسيقى جوا داخل العرض المسرحي، وتلون موقفا أو حالة نفسية، كما أنها تسعى إلى الربط بين مشاهد ومناظر المسرحية، وكذا الربط بين مشاهد أجزاء العمل المسرحي، أي الربط بين النص واللعب”[12].
ويحدد باتريس بافيس وظيفة الموسيقى الركحية في :
ـ تجسيد وخلق جو يلائم الموقف الدرامي، حيث إن الموسيقى تقوي هذا الجو.
ـ بناء الإخراج: فبما أن النص واللعب عادة ما يكونان مجزءين ، فإن الموسيقى تجمع هذه الأجزاء، وتحقق لها التتابع والتكامل المنشودين.
ويمكن تقسيم الموسيقى المصاحبة للعرض المسرحي إلى نوعين هما :
أ ـ موسيقى موضوعة داخل الحدث الدرامي المتخيل وتعد جزءا منه، حيث إن إحدى الشخصيات مثلا تغني أو تعزف على آلة.
ب ـ موسيقى موضوعة داخل الحدث الدرامي المتخيل وتعد جزءا منه، حيث توجد مثلا في بداية أو نهاية فصل أو مشهد[13].
الموسيقى تحتل مكانة بارزة في مسرحية تكنزا.. قصة تودة، لانها صاحبت العرض من البداية إلى النهاية، وخلال الوقفات وصاحبت ذلك حتى اثناء الحوارات، مما جعل الموسيقى تلغي الصمت والبياض، وغطت الفراغ الموجود في المسرحية، الموسيقى داخل مسرحية تكنزا.. قصة تودة بمثابة تعبير عن الحالات النفسية والمزاجية للشخصيات، وكانت تسعى لربط وتوليف اللعب في حوارات كل من الشخصية، الحركة والجسد
ويمكن تقسيم الموسيقى المصاحبة للمسرحية إلى نوعين هما :
(أ) موسيقى مصاحبة داخل الحدث الدرامي، حيث تم توظيف اغاني ونغمات امازيغية لفن احواش ومن بينها :
في المشهد الاول نجد هذه النغمة مصاحبة لمونولوغ تودة
“… أَيْلَالَال… أَيَا جْدّكْ نِمِينْ تْرْكَا… أللَّه يْعَاوْنْ … أَسِّيحْ أَتَوْنْزَا “[14]
ترجمتها :
“… يَا زَهْرَةَ السَّاقِيّةِ.. سَلاَمٌ عَلَيْكِ.. تَمَايَلِي وَانْطَلِقِي يَا نَاصِيّةَ الشَّعْر.. ِ”[15]
في المشهد التاسع نرى نغمة أحواش موزونة بالامازيغية والدراجة من طرف طيف الأم الرايسة رقية والخال
” وَمَنْزَاكْ أَبُو لْهَوى مَانْزَاك
وعْلَى رْبِّي
فْكَاغْدْ إِمِيك نْوَاوَالِي
إِغْسُولْنْ لْحْبَابْ غْدُونِتِي
وَعْلَى رْبِّي
هَانّ أُولْتْمَاكْ غْدّاوْ أَكَالِي”[16]
ترجمتها:
” أين أنت يا أخي بو لهوى ؟
باللّه عليك
ردّ علي كلامي
إن كان لك في الدنيا أحباب
باللّه عليك
اعلم أن لك أختا تحت التراب ”
وتنتهي المسرحية على إيقاع أغنية الرايس ارسموك مع دخول فرقة رسمية لفن احواش في نهاية المسرحية .
ماراد سكرغ إلهوا.. غلا غدامنينو..توالانسي..“
نيغ إميل سنتهنا..إفليي داغ وينو.. تمارانسي
ماراد سكرغ إلهوا.. إلا غدامنينو.. نوالانسي”[17]
(ب) موسيقى مصاحبة خارج الحدث الدرامي ،المتشكلة في أغاني “فن كناوة” و “الهجهوج” وأغنية معاصرة” حسرة عليك يا دنيا “.
5 ـ إضاءة في مسرحية تكنزا.. قصة تودة
كما تضيء الخشبة على قصبة من قصبات ورزازات، نقلها السينوغراف طارق الربح من الطين الى الخشب، وكانت تتحرك كما تتحرك تودة بحثا عن ذكرى تحملها، ويتشكل فيها عبر تقنية الفيديو مجموعة من الصور الرمزية والدلالية، منها الحمامة التي ترمز للرايسة رقية التي كانت حمامة وسط فرجة أحواش، ولوحة فان كوخ كدلالة على الالم والمعاناة التي تحملها تودة كما يحمل صاحب اللوحة المعاناة والمأساة أثناء رسمه للوحة .
يجب التأكيد أن مسرحية تكنزا.. قصة تودة هي عمل مسرحي للعرض وليس كنص مسرحي، لأن الاشتغال بالأساس هو دراماتورجيا ركيحة لفرجة أحواش، وهذا ما يجعل النص يفتقر لمجموعة من مقومات النص المسرحي كغياب الارشادات المسرحية ،
لابد من التأكيد أن مسرحية تكنزا.. قصة تودة تم امتداد الغناء والموسيقا طيلة العرض المسرحي، لانه احتفاء بفرجة أحواش التي تشكل الموسيقى فيها العمود الاساسي بتماه مع الحركة والجسد
إن العودة للاشتغال على التراث المحلي كان من أجل ترسيخ الثقافة المحلية وأخص بالذكر فرجة أحواش، كما كانت عودة تودة لحمل البندير، رسالة للمتلقي بالحفاظ والاستثمار في الموروث المحلي التي تزخر به بلادنا.
مسرحية تكنزا لفرقة فوانيس، اشتغلت على فرجة أحواش بالإضافة مجموعة من الفنون الشعبية، كالفن الكناوي، الروايس، و إضافة إلى أنها مزجت في فرجتها بين مختلف الآلات، كالهجهوج والبندير، وتضمنت أيضا أشعارا باللغة الأمازيغية والعامية المغربية، كما تتميز بجماليات متعددة، تم توظيف أيضا فن المابينغ، الذي سهل بذلك تجسيد التصور السينوغرافي، مسرحية تكنزا هي توليفة فنية تستلهم روحها، أشكالها، وفضاءها من التراث الشعبي المغربي
6 ـ خلاصة :
الثقافة المغربية تتميز بتراث شعبي زاخر ومتنوع، يشكل عمق الذاكرة، كما يتجلى في الحضارات التي تعاقبت عبر العصور على المغرب، التيلها ارتباط وطيد بالمجتمع وهذا ما نلاحظه في تفاعل الفرد مع كل هذه الفرجات، فالاشتغال على الفرجة المحلية التي تختلف عبر كل مناطق المغرب والاستتثمار فيها، هو إسهام في توثيق الموروث الشعبي العريق والمميز للهوية الثقافية المغربية، إلى جانب نشر الفرجة الراسخة في تاريخ ووجدان الشعب المغربي، فاستلهام الفرجة الشعبية كانت ضرورة حتمية لتأصيل المسرح المغربي، كما لها امتداد في التجارب المعاصرة للمسرح المغربي وتشكل مصدر إلهامه واستلهامه،مسرحية تكنزا.. قصة تودة (انموذجا) التي استلهمت فرجة أحواش شكلا (الموسيقى والملابس والرقصات … ) ومضمونا.
لائحة المصادر والمراجع
لائحة المصادر
الوعرابي اسماعيل ،الربح طارق، ناسور أمين، كتابة نصية و سينوغرافية و إخراجية ، “مسرحية تكنزا.. قصة تودة “،
لائحة المراجع
ـ المنيعي حسن ، أبحاث في المسرح المغربي، عن صوت مكناس 1974/ طبعة ثانية عن منشورات الزمن 2000،
ـ أمين خالد، المسرح الهويات الهاربة، منشورات المركز الدولي لدراسات الفرجة، طنجة المشهدية، الطبعة الاولى 2019
ـ أديب السلاوي محمد، جدلية التأسيس في المسرح المغربي، منشورات مرسم، مطبعة بورقراق، 2010
ـ البوزيدي محمد ، الفنون الغنائية بواحات وادي درعة،منشورات الثقافة الجنوبية، 2012 .
ـ باتريس بافيس، كتاب معجم المسرح، نقلا عن لوليدي يونس، الميثولوجيا الإغريقية في المسرح العربي المعاصر، الطبعة الاولى،1998
ـ لارثوماس بيير ، كتاب اللغة الدرامية نقلا عن لوليدي يونس، الميثالوجيا الإغريقية في المسرح العربي المعاصر، الطبعة الاولى ، 1998
ـ لوليدي يونس ، الميثولوجيا الإغريقية في المسرح العربي المعاصر، الطبعة الاولى ، 1998
الإحــالات:
[1]د.أمين خالد، المسرح الهويات الهاربة، منشورات المركز الدولي لدراسات الفرجة، طنجة المشهدية، الطبعة الاولى 2019 ص 15
[2]د. المنيعي حسن ، أبحاث في المسرح المغربي، عن صوت مكناس 1974/ طبعة ثانية عن منشورات الزمن 2000، ص 11
[3]البوزيدي محمد ، الفنون الغنائية بواحات وادي درعة، منشورات الثقافة الجنوبية، 2012، ص 30
[4]المنيعي حسن ،أبحاث في المسرح المغربي ، نقلا عن أديب محمد السلاوي ، جدلية التأسيس في المسرح المغربي، منشورات مرسم، مطبعة بورقراق الرباط، 2010 ص 40 .
[5]الوعرابي اسماعيل، كتابة نصية “مسرحية تكنزا.. قصة تودة ” ،
[6] د. لوليدي يونس، الميثالوجيا الإغريقية في المسرح العربي المعاصر، الطبعة الاولى، 1998، ص 201
[7]لارثوماس بيير ، كتاب اللغة الدرامية نقلا عن د. لوليدي يونس، الميثالوجيا الإغريقية في المسرح العربي المعاصر، الطبعة الاولى ، 1998، ص 126
[8]ناسور أمين، كتابة ركحية، مسرحية تكنزا قصة تودة
[9]ناسور أمين، نفسه ،
[10]د. لوليدي يونس، المرجع سابق ص 235
[11]المنيعي حسن، أبحاث في المسرح المغربي، نقلا عن أديب محمد السلاوي ، مرجع سابق، ص 41
[12]د. لوليدي يونس، المرجع سابق ، ص 242
[13]باتريس بافيس، كتاب معجم المسرح، نقلا عن د. لوليدي يونس، الميثولوجيا الإغريقية في المسرح العربي المعاصر، الطبعة الاولى، ص 242
[14]أنغامامازيغيةمرجعيةفيكلفرجاتأحواش،وتنسبهذهالأبياتللرايسةصفيةأولتلوات،لكنيذهبأغلبالباحثينإلىأنهاأنغاممجهولةالمصدر.
[15]الوعرابي اسماعيل، كتابة نصية ، ترجمة الانغام الأمازيغية، مسرحية تكنزا قصة تودة
[16]الوعرابي اسماعيل، نفسه
[17]الوعرابي اسماعيل، نفسه*
* محمد بوشعر / طالب بالإجازة المهنية لمهن المسرح وفنون العرض