نص مسرحي: ” ضباب” / تأليف: حسن الغبيني

الشخصيات:

1- رجل الضباب

2- مسافر

المكـــــــــــــان:

ضبابُ كثيف يُحيط بكلِ شيء متداخل فيه الحلم والواقع رجل لم تتضح ملامحه جالس يتأمل على ساحل ضبابي صوت مسافر من خارج المسرح  من يتجه إلى الزاوية التي يتأمل فيها رويدا تتكشف جغرافية المكان الذي يوحي بانه كهف داخل صخرة عملاق مكان شبه خرافي

مسافر :لاشي سوى الضباب انه يطاردني مثل ظلي الى متى يبقى هذا الضباب يطاردني شيء مرعب أين أنا الآن؟ (صمت يرافقه ذهول ضباب كثيف يسد الرؤيا) لم اعد اعرف أين أنا لقد ضللت الطريق وضللت نفسي

رجل الضباب: كلاكما ضلال، نفسك والطريق

مسافر: ياالهي لقد أفزعتني، هل ضللت الطريق ؟

رجل الضباب : كلانا ضللنا الطريق يا بني

(صمت قصير وهو يحدق في دخل الكيس  )

مسافر : من أنت؟

رجل الضباب: (يبحر في الضباب) كلما أريد ان امسك به يتبدد

مسافر : من؟

رجل الضباب : هو

مسافر : من هو ؟

رجل : السر

مسافر  : هل أنت تبحث السر  ؟

رجل الضباب : نعم

مسافر : وهل عرفته

رجل الضباب : لا

مسافر : اذن ما جدوى البحث ؟

رجل الضباب : سؤال صعب (صمت ) كلما اقتربت منه ازداد اتساعا

مسافر: من ؟

رجل الضباب : ذلك يسبح في غور عميق

مسافر: من هو ؟

رجل الضباب :( صمت ) المعنى

مسافر : لا افهم ؟ ماذا تقول ؟

رجل الضباب : كلما دنوت منه، يحجبه  هذا الضباب 00 انه يثقل روحي

مسافر: (صمت، يبحر في المكان) قل لي من أنت؟

رجل الضباب(صمت) هائم يلفه سراب، يريد ان يمسك به

مسافر : تمسك بمن ؟

رجل الضباب : قلت لك المعنى

مسافر : وكيف تستطع الإمساك به ؟

رجل الضباب: (يضحك ويسعل ثم يصمت قليلا ويعود الى الضحك) ادخله في هذا الكيس واغلقه إلى الأبد

مسافر : (مع نفسه) ربما هو مجنون فقد رشده

رجل الضباب : ليست مجنونا

مسافر : ان لم تكن مجنون من تكون؟

رجل الضباب: كما قلت لك عابر سبيل تبدد منه المعنى

مسافر : منذ متى وأنت تجلس هنا؟

رجل الضباب : لا ادري لقد فقدت الإحساس بالوقت

مسافر: هل رايتها؟

رجل الضباب : من؟

مسافر : دميتي؟

رجل الضباب : من هي دميتك ؟

مسافر : سلوة أيامي

رجل الضباب : افصح أيها الرجل لا افهم ؟

مسافر : نبع ايامي لعلها مرت من هنا

رجل الضباب : قلت لك كثيرون مروا من هنا

مسافر : وأين ذهبوا ؟

رجل الضباب : لقد ابتلاعهم الضباب (صمت ) ؟

مسافر : مدلوله

رجل الضباب : من هي مدلوله؟

مسافر : قلت لك ملهمتي

رجل : انت تبحث عن ملهمتك

مسافر : (صمت) نعم لقد هجرتني

رجل الضباب : لماذا ؟

مسافر : لقد اصابها السأم لم تعد تحب عالمي

رجل الضباب : لماذا؟

مسافر : لقد سأمت من حكايات الجوع وحكايات الموت وحكايات الحب وحكيات الحرب

رجل الضباب : وانت ؟

مسافر : انا  لاادري هذه هو العالم الذي كنت ارويه اليها

رجل الضباب: (صمت) أنت مجنون مدلوله، هائم في عشقها , مسكين يبحث عن ملاذ

مسافر : بحثت عنها في كل مكان، لقد حولت حياتي كابوس الكوابيس تطادرني تمنع عني النوم، لقد تحولت حياتي الى تكرار يلسع ايامي

رجل الضباب : (صمت) الحياة ندوب والم يتكرر كل يوم

مسافر : (صمت طويل) وأنت ما الذي تبحث عنه هنا ؟

رجل الضباب : كلما أيقنت إنني وصلت تجسد لي

مسافر : من ؟

رجل الضباب : الفراغ

مسافر : هل أنت تبحث عن الفراغ ؟

رجل الضباب : لا

مسافر : اذن عن ماذا تبحث ؟

رجل الضباب : ذلك الذي لا يورث لنا الألم

مسافر :( صمت) من هو؟

رجل الضباب :  لغز

مسافر  : لغز؟

رجل الضباب : نعم

مسافر  : وما هذا الغز؟

رجل الضباب : (يحدق بالكيس ) انه لغز الألغاز

مسافر : ما الذي تعني بلغز الألغاز ؟

رجل الضباب : ما وراء هذا الضباب

مسافر: ترى ماذا يوجد هناك؟

رجل الضباب : المجهول الذي نسعى اليه

مسافر: (صمت) مالذي تحمل في  هذا الكيس؟

رجل الضباب : شئ يخصني وحدي هو خلاصي

مسافر : خلاصك ؟

رجل الضباب : نعم (صمت طويل أصوات مخيفيه كأنها عواء) 

مسافر: (ينظر الى الكيس بشي من الريبه) هل انت متأكد انها لم تمر من هنا؟

رجل الضباب :لا ادري لقد مر من هنا الكثير، كلهم ينشدون السراب ولكنهم سقطوا فيه

مسافر: وهل رايتها ؟

رجل الضباب:  لا ؟

مسافر : (صمت يتأمل المكان) منذ متى وأنت هنا ؟

رجل الضباب:  لا أدري لقد ساقتني قدماي الى هنا، وحين أبصرت الضباب بقيت انتظر، لعله ينقشع لأعرف حقيقية المكان

مسافر : (يجلس على صخرة  يلتمسها ) اشعر بالتعب, لقد هدني البحث دون جدوى (صمت قصير) يبدو أننا في ارض صخرية

رجل الضباب : ربما

مسافر : أكيد انها ارض صخرية

رجل الضباب : قلت لك ربما

مسافر : والكننا نجلس على صخرة

رجل الضباب : نعم  نحن نجلس على صخرة،  والكن الارض ليست صخرية

مسافر : كيف؟

رجل الضباب : وهل لصخرة واحدة في الطريق دليل على ان الأرض صخرية

مسافر : اذن كيف تفسر ذلك ؟

رجل الضباب : حين ينقشع الضباب يبان كل شيء

مسافر : (صمت) هل تعتقد ان الضباب سوف ينقشع ؟

رجل الضباب: ربما ؟

مسافر : اذن انت غير متأكد ان الضباب سوف ينقشع

رجل الضباب  : قلت لك ربما

مسافر : (يتلمس الصخرة  ويبحر فيها ) انها  ليست صخرة ، ربما انا أتكأ على  جدار سميك يمتد الى ما لانهاية

رجل الضباب : لا ادري  ربما هو ليس جدار ؟

مسافر : اذن ماذا يكون ؟

رجل الضباب : ربما نحن في كهف

مسافر : كيف يمكن ان يكون كهف؟ وكيف عرفت ذلك؟

رجل الضباب : تلك الظلال التي تمضي تبعث أصوات مخيفة, ربما نحن دخلنا بيتها

مسافر: بيت من ؟

رجل الضباب : بيت الضلال

مسافر : هل دخلنا في المكان الخطأ؟

رجل الضباب : ربما نعم وربما لا

مسافر : وما هذه المتاهة ؟

رجل الضباب : ربما هي  بيته

مسافر: بيت من ؟

رجل الضباب : الضباب

مسافر: (يضحك) بيت الضباب؟

رجل الضباب : نعم

مسافر : وهل للضباب بيت ؟

رجل الضباب : نعم

مسافر : هل فقدت صوابك؟

رجل الضباب : (صمت، ثم تبدا الأصوات تزداد) هو الآن يستيقظ

مسافر : من

رجل الضباب : الضباب لقد كان يغط في سبات

مسافر : (يصيبه الرعب) وماهي هذه الأصوات التي اسمعها ؟

رجل الضباب : أنها عواء

مسافر  : عواء من ؟

رجل الضباب : عواء المقذفين فيه

مسافر : من هم؟

رجل الضباب : أصوات موشومة بالفزع تعوى في هذا الفارغ انظر تلك الأشباح التي يلفها الضباب الكثيف تنبثق منه ظلال عابره نحن مسورين بها

مسافر : من أنت ؟

رجل الضباب : قلت لك عابر سبيل

مسافر : أنت رجل مريب مره تقول لي هذا بيت الضلال , وبعدها تقول هو بيت الضباب أصدقني القول أين نحن الأن

رجل الضباب : لا أدري علينا انتظار الوقت لمعرفة حقيقة المكان

مسافر: الوقت

رجل الضباب : نعم

مسافر  : الوقت كابوس يأكل أيامي  ويمضغ الساعات لا احد يستطيع ان يفلت من قبضته.. وماذا تفعل هنا في هذا المكان المريب ،

رجل الضباب:  لا شيء

مسافر :  هل  انت تسخر مني ؟

رجل الضباب  :  لا

مسافر : ماذا تحمل في هذا الكيس ؟

رجل الضباب : شي يخصني

مسافر: شيء يخصك؟

رجل الضباب : نعم هذا ليس من شأنك

مسافر : اسمع عليك ان تصدقني القول أريد ان اعرف حقيقة هذا الكيس  ولا

رجل الضباب : والا ماذا ؟

مسافر : ولا  (صمت) يمكن ان تكون قاتل او سارق ربما انك خاطف كبير

رجل الضباب: انه يضئ لي الطريق هو دليلي هو الذي يضئ لي عتمة أيامي

مسافر : هل وجدته هنا

رجل الضباب: لا  أنا احمله أين ما اذهب

مسافر : ماذا  تفعل به ؟

رجل الضباب : هو كل ما تبقى لي

مسافر : من ؟

رجل الضباب : ذلك الذي كنت ابحث عنه ؟

مسافر: اذن ما هذه الألغاز التي تتحدث بها ؟

رجل الضباب : الضباب هو اللغز الكبير

مسافر  : اذن ما لذي تريد ان تقول لي ؟

رجل الضباب : انا انتظر الوقت ، وانقشاع الضباب لاتبع قدري

مسافر  : لا افهم

رجل الضباب: لكل منا قدره هو يدحرجنا مثل كرة صغيرة وحين يصل الهدف يقذفنا فيه

مسافر : مالذي تريد ان تصل اليه

رجل الضباب : هذا الزمن مسور به، ينمو ويكبر معه

مسافر: من

رجل الضباب : القدر

مسافر : لاافهم   ؟

رجل الضباب: كلنا نسعى نمسك بأقدارنا نحن نتسابق معها، وهي توغل فينا، تمضغ سنوات وأعمارنا ، انه يتحالف مع الوقت للإطاحة بنا، فهو مطية يركبها وتركبه، انهما يمتزجان ليصنعا المصائر، فمصائرنا مرهونان هناك

مسافر: ما الذي يوجد هناك

رجل الضباب : وراء هذا الضباب

مسافر : نعم  ؟

رجل الضباب : لغز

مسافر : لا احب الألغاز

رجل الضباب : لغز ينسج قدرك الذي تمضي اليه

مسافر : انا ابحث عن مدلوله وهي ليست لغز هي كل ما املك هل فهمت (صمت) الضباب يثقل روحي ، انه يخيفني بل هو يصبني بالفزع

رجل الضباب : الفزع آفة الأنسان حين يصيبك تتحول الى طريده، لاشي ينقذ روحك سوى النسيان هو بلسم لكل الجروح

مسافر : وهل نحن طرائده ؟

رجل الضباب : نعم نحن طرائده المقذفين في فمه، ليلتهم أحلامنا وأمالنا   هو السيد الذي يمسك بزمام الأمور

مسافر : منذ ان تملكني ذلك الداء اللعين وانا اهرب منه أريد ان انسى لكني غير قادر على النسيان

رجل الضباب : عليك ان تدرب نفسك عليه, فهو بلسم الجروح، فلا خيار لك، ما ان تدخل في لجة الضباب فسوف تبتلعك ضلاله

مسافر : لم اعد أطيقه فهو يحاصرني من كل الجهات انه يفتك بروحي لقد مللت من كل شئ

رجل الضباب: الملل سوسة تنخر الجميع، كل الذين دخلوا هنا كانوا موشومين به

مسافر:  ( صمت )  ولكن قل هل مرت من هنا؟

رجل الضباب : كما قلت لك سابقا كثيرون مروا من هنا كلهم مسكونون بالأسئلة

مسافر: ضباب الكثيف الذي يتقدم باتجاهنا ؟

رجل الضباب : ضباب تقوده ضلال عمياء

مسافر  :  (صمت، العواء يعود عود مرة أخرى والضباب يصبح قاتم ) ربما هي هناك مدلوله أين أنت يا زهرة روحي

رجل الضباب : منذ متى وأنت تبحث عنها؟

مسافر: منذ ان ادركت اني طريدة  (صمت ) لقد جف بئر روحي الذي كنت فيه اروي ظمئي

رجل الضباب: هل فقدت الهامك

مسافر: (صمت) بل فقدت يقني

رجل الضباب : ماذا يعني

مسافر  : انها خلاصي هي النبع الذي ارتشف منه وجودي

رجل الضباب: لقد سقطت في الايقين

مسافر : وها انا اريد ان امسك به

رجل الضباب :  انه في قبضة الضلال

مسافر : أرجوك أريد أن اعرف أين  يمضي بنا هذا الضباب الذي يحجب الرؤيا

رجل الضباب: لا ادري منذ ان دخلت في هذا المكان و وانا لا ابصر سواه

مسافر : ماذا يوجود هناك

رجل الضباب : لا ادري كل الذين ابتلعهم الضباب  تحول والى ظلال تعوي

مسافر : عواء مخيف ترى ما سر ذلك العواء

رجل الضباب : رسائل ؟

مسافر: لمن ؟

رجل الضباب : لنا  ؟

مسافر : ماذا فعلنا ؟

رجل الضباب : لا شيء  إنها إرادة الضباب

مسافر : من الذي سلطه علينا وكيف عمل على لفنا في دائرته

رجل الضباب : الخواء الذي نسبح في

مسافر: ربما وهم نتخيله وهو يسعى الينا من المحال الإمساك به، هو مثل الحلم يغلف وجودنا ربما نحن نلج دائرته، ندور في فلكه، هل تستطيع الإمساك به ؟

رجل الضباب :  من

مسافر: ذلك الذي يريد ان يلفنا بعوائه

رجل الضباب: لا ادري عمن تتكلم ؟

مسافر : (صمت يلف المكان) القلق غول يركب الجميع عندما يتمكن منك يستولي عليك ويخضعك الى مشيئته كيف ينمو القلق داخل روحك التي أصابها  الهجران, انه اليباس حين يحل عليها القحط ليحول الروح الى صحراء تتحكم فيه السراب

رجل الضباب :  ذلك الذي يبدو لك قريب لكنه بعيد جدا ، كلما تسعى الى الاقتراب منه  يختفى

مسافر : ما الذي تريد ان تصل اليه؟

رجل الضباب : هذا الذي نمكث فيه و يجعلنا ندور في فلكه هو مثل دوامة تكبر مع الايام والساعات لينخر الروح ويمسخها

مسافر  : لا افهم

رجل الضباب : ليس المهم ان تفهم المهم ان تؤمن

مسافر : أؤمن بماذا؟

رجل الضباب : اليقين؟

مسافر : اليقين ؟

رجل الضباب: نعم حين يفقد الإنسان يقنه يظل يسبح في الا يقين

مسافر : ما الذي تريد ان تصل اليه؟

رجل الضباب : اريد ان امسك به

مسافر  : تمسك بماذا؟

رجل الضباب : ذلك الذي يمسك بنا

مسافر : من ؟

رجل الضباب: الخواء نحن اللعوبة

مسافر: لا افهم ؟

رجل الضباب : لو اعرف كيف بدا يتسرب الينا

مسافر: من  هو ؟

رجل الضباب: قلت لك الخواء

مسافر: وهل انت تبحث عنه ؟

رجل الضباب : بل ابحث عن لغز هذا الضباب

مسافر : ماذا تقصد؟ مالذي تريد ان تصل اليه؟

رجل الضباب:  لقد اسقطنا في شراكه

مسافر: لعبة من ؟

رجل الضباب  : التكرار  والمملل

مسافر : لا افهم

رجل الضباب : التكرار  والملل مثل صخرة سيزف كلما حمل الصخرة ورفعها إلى إلى الأعلى تتدحرج وتعود الى الأسفل

مسافر : هل انت سيزيف

رجل الضباب  : لا

مسافر : نعم انت سيزيف حامل اقدار البشر

رجل الضباب : قلت لك لا

مسافر : اذ ماسر هذه الصخرة الجاثمة على الطريق

رجل الضباب : ربما هي صخرته لانه سرق سر النار ومنحها الى البشر

مسافر : ما شأن الضباب بذلك

رجل الضباب : هو الصخرة التي تحجب الرؤيا

مسافر : رؤية من ؟

رجل الضباب : ذك الذي يختفي وراء الضباب

مسافر : من هو ؟

رجل الضباب : صانع الألغاز

مسافر  : وهل أنت هنا من اجل معرفته

رجل الضباب  : نعم ( صمت ) اسمع لقد عاد العواء

مسافر: عواء من

رجل الضباب : عواء الذين سقطوا

مسافر : سقطوا أين؟

رجل الضباب : في فم الملل

مسافر : الملل ؟

رجل الضباب : نعم الملل مثل دود تنخر أيامك ثم تبصقك في العراء

مسافر: (صمت) عليه ان أقرر شيئا يجب ان أحدد الطريق

رجل الضباب : سيلفك الضباب ويرميك في دوامته أخرى

مسافر: والحل

رجل الضباب : ليس لدي حل، لعل الضباب ينقشع فتتوضح الرؤيا حينها يمكن ان تقرر

مسافر: أقرر ماذا ؟

رجل الضباب  : تقرر اذا كان الخواء هو الذي يمسك بها ؟

مسافر : ربما لا يوجد هناك خواء

رجل الضباب : انه هو نفسه الذي يمسك بالأشياء ويحشرها في مملكته ويبعث لنا عواء

مسافر : لم اعد افهم لقد اختلطت علي الأشياء فجاءة اجد نفسي محشور هنا بدون بدون معنى اقف هنا هذا المكان يجردني من إحساسي  يفقدني السيطرة على نفسي ماذا افعل هنا قل لي

رجل الضباب: ( صمت ) أتسمع الصوت

مسافر: لا

رجل الضباب : ركز جيدا

مسافر : انه صوت صرصور

رجل الضباب : نعم انها الصراصر

مسافر  : ماذا يعني ذلك

رجل الضباب : يعني ان ما يحط بنا هو مستنقع للصراصر وان هذه الصخرة الجاثمه هنا هي وهم

مسافر: كيف تحول العواء الى صرير

رجل الضباب : ربما هي الضلال

مسافر :ضلال من؟

رجل الضباب : ضلال تلك الأصوات التي تعمل على قضم المكان

مسافر: لماذا؟

رجل الضباب : انها تريد ان تحتله لذا فهي تصدر لنا صرير مخيف

مسافر: أنتظر ماذا؟

رجل الضباب : ان ينقشع الضباب كي تتوضح الأشياء حينها يمكن ان نعرف من كان وراء هذا الضباب

مسافر : عليه ان أغادر هذا المكان اللعين جئت الى الطريق الخطأ ربما هو حظي ان اعثر على هذا المجنون الذي فقد رشده انه مسكون بالأسئلة الخرقاء ما لي وهذه الأسئلة لقد جئت ابحث عن مدلوله قالوا لي انها سلكت هذا الطريق هو يعرف ويتجاهل انه لا يريد ان اصل اليها هذا الرجل عثرة في الطريق وهذا المجنون الجالس على حافة لطريق لايعلم أي شي يبدو انه فقد صوابه اريد ان استرجع مدلوله أنها هناك أرجوك دعني امضي اليها، أيتها العزيزة عودي لي دعينا نغادر المكان انه مكان تفوح منه رائحة الفزع

رجل الضباب: (يشتد صوت عواء) هل فقدت صوابك

مسافر : (يصرخ) انتم أيها الضلال انتم الذين ترهبونني أريد مدلوله سر وجودي عليكم أن ترجعوا مدلوله يصرخ مدلوله اين انت يا مدلوله

رجل الضباب: (العواء يتضاعف) اصمت أيها الأحمق

مسافر :لماذا  اصمت ؟

رجل الضباب  : العواء يشتد، انه عواء مخيف

مسافر: (صمت) ربما هذا ليس عواء ؟

رجل الضباب  : ماذا تقول؟

مسافر: ربما هو وهم تلبسنا  وربما وهم يريد منا…(فترة صمت يختفي الصوت)

رجل الضباب :  اسمع توقف العواء

مسافر  : (يصمت ) ربما هو يتربص بنا

رجل الضباب  : لا

مسافر : الضباب يتزايد هو يتجه نحونا

رجل الضباب : انه ليس ضباب

مسافر  : اذا لم يكن ضباب اذن ماذا يكون؟

رجل الضباب : خواء يتغلل بنا، أنها ظلال تتكاثف لتتحول الى وهم

مسافر : أي وهم تتحدث عنه؟

رجل الضباب : الوهم هذا الذي يسعى ان يغلف أروحنا ليسقطنا في فخه

مسافر : عن أي فخ تتكلم

رجل الضباب : فخ  ألا معنى

مسافر : وهل ألا معنى فخاخ

رجل الضباب : نعم فخاخ تسيل منها رائحة الكراهية أنها تكبر تتحول الى بالون ينفجر يريد ان يبتلع العالم، الكراهية تنمو هناك كما تنمو الزهور انها زهور الكراهية

مسافر : هل أصابك الجنون؟

رجل الضباب  :  أصابني  الملل

مسافر: اللعنة عليك انك تخفيني ما لذي تريده مني ما هذه الرائحة هل تشم شيأ

رجل الضباب : نعم

مسافر : ما هذا

رجل الضباب : ربما رائحته حين يتسرب اليه الملل

مسافر : أنت تكذب وهل تعتقد انه يبعث رائحة

رجل الضباب : نعم

مسافر : أنها رائحة شواء ربما هناك حرائق تشتعل

رجل الضباب :الضباب يحجب الرؤيا  علينا أن نتأكد

مسافر : تتأكد من ماذا؟

رجل الضباب : من تلك الرائحة ما لذي يحدث هناك انظر أنا أشم رائحة دخان

مسافر: عن أي خواء تتحدث أنت لص سارق يجب اعرف اين اختفت دميتي أنت من أخفتها في كيسك اللعين انت من سرقها نعم عليك ان تسترجع لي مدلوله لي وحدي، لقد قضي علي لأستطيع ان افعل شيء انا لاشي بدونها فهمت أنها الهمي

رجل الضباب : ربما هي في قبضة تلك الضلال ، وربما تبعث هي ذلك العواء المخيف انه ينذرنا بالرحيل

مسافر: (يمسك بالكيس يحاول ان يعرف ما بداخله يحدث صراع ينفتح كيس العظام ) ما هذا ؟

رجل الضباب :(صمت) كما ترى

مسافر : لا افهم ؟

رجل الضباب : من المحال الإمساك به، لذا عليك أن تهجر المعنى ما جدوى المعنى عندما لا تكون هناك جدوى

مسافر: من أنت  أنا لا افهم

رجل الضباب : كلنا يبحث عن معنى  يضيئ له الدرب

مسافر: ما هذا الهراء أنا ابحث عن مدلوله وليس معني في ترهلاتك أنت وكيس العظام قل لي ماذا يعني لك هذا الكيس

رجل الضباب : انه يفتح بصيرتي يبدد عني هذا الخواء

مسافر: أرجوك لقد اختلطت الأشياء عليه أنا لا ادري أين أنا لا أريد أن أكون معلق بين والوهم والوهم أنا اشعر بالوحشة اشعر الأنين، بالأنين، أين  أنت يا مدلوله هل تسمعني أريد أن اخترق هذا الوهم الذي يغلف روحي

رجل الضباب :  لم تعد كما أنت لقد فقد سريرتك نقاءك وبقت تدور في فلك الجنون

مسافر : من أنا

رجل الضباب : آنت لاشي في دورة الأفلاك والفجيعة

مسافر : أريد أن اعرف ما الذي يحدث ؟

رجل الضباب : لاشي شي سوى سورة الجنون الذي لا معنى له، عالم ملفوف بكذبه هذا هو كتاب الصمت هناك تاريخك المحنط انظر حضورك الزائل يشربه سرير الرغبات

مسافر: لا انه الوهم  والجنون أريد أن استعيد وجودي

رجل الضباب : محال أن تمسك بالوهم

مسافر : أنت تكذب كل شي كذب لا يوجد شي حقيقي اعرف ذلك ليس هناك صوت ولا حتى أنت وهم يتجسد لي ربما انت ساحر

رجل الضباب : أيها المعتوه أنا نافذة أحلامك، سهد لياليك، أريد ان انزع الزيف عن وجهك المقذوف في الرذيلة

مسافر :  كل شيء كذب يجب أن أتخلص منك لا أريد أن أرى ظلالك الباهتة أريد أن امسك بها انها سلوت أيامي سوف اهرب معها بعيدا معها ملوله أين انت يا دميتي الصبورة لقد هدني الفزع وهذا الخواء ينخر بي

رجل الضباب : انت تنفخ في الأجدوى

مسافر:  قاتل وحش قل لي من قتلت؟

رجل الضباب : (ياخذ الكيس ويضمه الى صدره ) لم اقتل احد؟

مسافر: اذن ماسر هذا الكيس

رجل الضباب : هذا كل ما تبقى

مسافر : لم افهم ماذا تحمل في هذا الكيس اللعين انت ايها الماكر انت شيطان تتصنع البراءة لتخفي جريمتك النكراء أنت مثل قابيل بل ربما انت قابيل تحمل تاريخ عارك يجب ان أغادرك ايها اللعين لأريد ان أرى ما في داخل هذا  الكيس هذا (صمت )

رجل الضباب:  (يسقط علي الأرض  رجل الضباب يجمع العظام يركبها كيف ويضل يبحر فيها ) يجب أن يكون الراس في هذه الجهة تلك هي عظام الصدر وهذا هو الراس تلك هي الأطراف اسمع عليك ان تعتذر  عليك

رجل الضباب: (صمت )… انظر بدا الضباب ينقشع

مسافر: هل تبصر شي

رجل الضباب  : نعم

مسافر : ماذا ترى

رجل الضباب: غيوم صفراء تلتهم الفراغ انها تطوق الضباب

مسافر  : هل تسمع شيء

رجل الضباب : اسمع صرير

مسافر  : صرير ماذا

رجل الضباب : انظر انه الضباب

مسافر : ضباب ينقشع

رجل الضباب : ربما ياتي ضباب اخر

مسافر: علية ان الحق بها (يصرخ ) مدلوله

رجل الضباب : سوف يبتلعك الضباب

مسافر : انها مدلوله يا رجل هي التي تنادي اني اسمع همس كلماتها وشم عبق انفاسها

رجل الضباب : من المحال الامساك بها

مسافر : من انت

رجل الضباب : كا قلت لك عابر سبيل

مسافر : اللعنة  (يدخل في لجة الضباب وهو يصرخ )  يجب ان الحق بها

رجل الضباب : (وحيدا ) لا تفرح بانقشاع الضباب ثمة ضاب كثيف قادم سوف يحجب الرؤيا

مسافر : أين أنا الأن يبدو ان فقدت الطريق

رجل الضباب : ضباب اسود يلف المكان ليس هناك ضوء في اخر النفق كل الدروب تؤدي الى الضباب

مسافر : من أنت

رجل الضباب :  عابر سبيل

مسافر : ما هذه الصخرة الجاثمة على الطريق

رجل الضباب : انها قدرك ايها المعتوه

مسافر : من انت

رجل الضباب : قلت سأمت من هذا الهراء لم اعد احمل قدري  لقد تخليت عنه

مسافر : الصخرة تتدرج نحوي

رجل الضباب : عليك ان تمسك بها انها قدرك

مسافر : انا لست سيزيف

(يمضي وقت طويل سكون  يخيم على المكان يشد الضباب يختفي صوت المسافر ينكشف الضباب لتظهر صخرة عملاقة تتربع على المكان رجل الضباب يبحر في شكل الصخرة  ثم يتكور الضباب من جديد)

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت