قراءة نقدية لمسرحية: ” المرآة” / كريم شنيار الفجر
تأليف: رؤى حازم رشگ
إخراج: احمد كريم شنيار
مكان العرض: قسم النشاط المدرسي / المديرية العامة للتربية في محافظة ذي قار بالاشتراك مع طالبات ثانوية آمنة للبنات.
المقدمة :
مسرحية “المرآة” هي مكاشفة للذات الانسانية التي تريد الوصول الى (البوح) بكافة أشكاله، الاجتماعية، والاقتصادية، وسواء كانت هذه المكاشفات، معلنة أو غير معلنة
مسرحية المرآة هي الذات، وهي الأنا المستترة، التي تخفي افعالها مما كانت. فهي المعنى، وهي الضوء المسلط، وهي المفاتحة، وهي المكاشفة الحقيقيه. مسرحيه المرآة أرادت أن تقول لنا :
انتم غير قادرين على البوح مهما كبرت اعماركم ومهما استطالت اجسامكم فانا صندوقهم الأسود، وانا المفتاح الذي يسطر الخفايا.
مسرحية المرآة هي النموذج الانساني المعبر عن المعرفية المستترة للفرد، سواء كان ذكرًا او انثى .
وتعتبر مسرحية المرآة، إنموذجا يتناول هم الانساني غير المعلن وخاصة عندما تطرح من قبل النساء، فنحتاج الى مواجهة مباشرة مع الافكار التي تقيدها في المجتمع .
حضور المرأة على المسرح من خلال مسرحية المرآة، تطرح افكارًا من زوايا عدة .
الاولى : مشاركتها في كتابة المسرحية بالإضافة الى التمثيل والاخراج.
الثانية : تجسيد أفكارها ومشاعرها على خشبه المسرح .
الثالثة : وهي المهمة، هي امكانية البوح الجسدي للمرأة، هل يمكن طرحه ؟ مدى تاثيره ؟ مدى تقبله ؟ فهي بمواجهة مباشرة مع الحدث ومع الجمهور، ونحن نعرف بأن المسرح، هو منصة الحياة ويعتبر من مراياه الناطقة والصامتة.
وللمرأة حضور لافت على خشبة المسرح فهي لا تختلف عن الرجل من امتلاكها أفكار وطاقات كثيرة وموازية للرجل في مجالات عدة، ومنها المجال المسرحي. ونحن كمسرحيين لا نستطيع التخلي عن الصوت الانثوي، رغم الاعتقاد السائد ان مشاركة المرأة في المسرح تقلل من ( عفتها ) وهذا راي غير صائب. لكن المرأة تشكل علامة بارزة في مواجهة تطور الحياة، ومسرحية “المرآة” قدمت لنا نموذجًا ايجابيًا للبوح الذاتي وخاصة اذا كان هذا البوح يخص فئة النساء، فهي مكاشفة ذاتيه للنفس الامارة بالخير والشر . وكل ما طرح من افكار في مسرحية “المرآة”، يعد انصافاً دقيقًا لقضايا المرأة، وهي من اصعب صنوف الابداع المرئي فنحن دائما نسعى ان تكون المرأة حاضرة على المسرح في كل المجالات الكتابة، التمثيل، الأخراج، العمل في التقنيات المسرحية.
أحمد شنيار وأختزال الشخصية المسرحية :
كما نعرف نحن المسرحيين ان تقسيم الشخصيات حسب الرؤى، سواء كانت هذه الرؤى، معنوية او مادية تتحرك على خشبة المسرح وتقود الاحداث، وتتنامى حسب مساحتها المتاحة لها، ومن هذه الشخصيات :
1- الشخصيات البسيطة:
والتي لها وجه واحد غير مكرر، وتعطي فعلًا واحدًا، مثل شخصية الساحرة المزيفة التي اضافها المخرج احمد شنيار للنص المسرحي من خلال معالجة الاخراجية لنص المسرح المدون المرآة.
2-الشخصيات الدائرية :
وهي الشخصيات التي لها أكثر من فعل على خشبة المسرح فنرى نسقها يختلف وغير متوقع ردود افعالها، ولها حركات غير نمطية، تفاجِئ المتلقي وتبهره بما تفعل. وشخصية المرآة، التي عالجها أحمد شنيار، على انها، حدث منطقي يجدد الأمل دائمًا.
3-الشخصيات المكررة:
وهي شخصيات تطرح ذاتها دائمًا، وعلى انها ذات تأثير كبير في المجتمع وعادة ما تكون متقلبة المزاج، ولها مظاهر نفسية واجتماعية، مثل شخصيات ( زبائن المرآة ). ولكن مثل هذه الشخصيات لا تحقق اهدافها بسبب الخطأ في التعامل. مثل بعض الشخصيات التي ظهرت في للمسرحية. وهناك شخصيات نسوية أخرى تبحث عن ذاتها في مسرحية المرآة وتسور نفسها بالخوف والتردد والياس والخنوع.
4-الشخصيات المحورية :
وهي الشخصيات التي تحيك الاحداث وتزج بنفسها بعنف بالحدث المسرحي دون مراعاة ما يلحق بها من اذى ، مثل شخصيه ( ثائرة ) الفتاة الثورية النسوية.
5-الشخصيات الضدية :
وتعرف بشخصيات الخصم, وهي الشخصيات التي توجد ( المعادلة ) في الحدث المسرحي , وتكون بين الشخصيات الرئيسية والشخصيات الضدية، مثل شخصية (الرسامة البائسة) وشخصية ثائرة الثورية، لكن المخرج أحمد شنيار إستفاد من الإرث المسرحي سواء كان عالميًا او عربيًا، و وظفه على شكل صور ذات مغزى معنوي تبرز طاقات الانسان المدفونه، دون التصريح لها خوفا من الفهم غير الصحيح من قبل الاخرين، لكنه فتح نوافذ البوح الانساني، وأعلن التصريح لكل الحقائق المعلقة والمغلفة بأكاذيب مجتمعية، هدفها هو ان تكون محطة وقف لا تحرك، الغاية منها وضع المصدات والعراقيين امام الفرد لكي لا ينفذ الى محطات الخير والسعادة والأمل.
المعالجة الاخراجية :
ان العمل في حقل المسرح يدعو الجميع للمعرفية، وحب الخير والجمال، ويرتقي المسرح دائمًا بالانسان، لانه يناقش حب الانسان للأنسانية، التي تسعى دائمًا الى سمو الانسان وارتقائهِ للوصول الى ثمرة الحياة، الحب، الخير، صنوان لا ينفصلان في الذات الانسانية، ونحن كبشر عاملين في حقل المسرح، نسعى دائمآ :
الى اسقاط الكراهية ونبذها وجعل محطة الخير والحب هم البديل الامثل. وهنا ياتي دور الحواس والادراك الحسي الانساني، في معالجه :
ـ فالعين لها متعة البصر.
ـ والاذن لها متعة السمع.
وهذه الحواس هي التي تستشعر الدلالات والاشارات على خشبة المسرح. وهنا تاتي المعالجات الاخراجية سواء كانت مدروسة او غير مدروسة من قبل المخرجين، وخاصة الشباب اللذين يسعون الى ايجاد وسائل تعبيرية جمالية تضخ في منظومة الانسانية، الافكار والطروحات بكافة اشكالها.
بحيث يسعى المخرج الشاب أحمد شنيار الى إيجاد الحب والمتعة، له وللمجموعة الممثلين الذين هم في معيتهه وقد يكون الحب والمتعة المسرحية، هي ثنائية مركزية تحقق الفائدة لكل عاملين في حقل المسرح. وأحمد شنيار واحد من المخرجين الشباب الذي يسعى دائما في معالجاتة الاخراجية الى امور عدة :
اولا : تثبيت لغة الممثل المؤهلة. وابراز النطق السليم من خلال تدريبات، يقوم بها اثناء اجراء التمارين المسرحية.
ثانيًا : تفعيل المضمون الخطابي. من خلال دعمه بتاكيدات ملزمة تسعى الى تثبيت الحكاية.
ثالثًا : يسعى أحمد شنيار الى فهم النص المسرحي واستنباط محتواه الفكري وتفعيله من أجل توضيح الفهم للممثلين والمتلقي .
رابعًا : يسعى أحمد شنيار ، الى تحويل المثال الى حياه طبيعيه معاشه.
خامسًا : يسعى أحمد شنيار ، الى ابراز عناصر العرض المسرحي من خلال حضورها الواضح وجعلها ركائز متينة تدعم العمل المسرحي .
سادسًا : يحرص أحمد شنيار على انتقاء منظومته النسوية في اعماله المسرحية دائمًا، المخرج شاب أحمد شنيار يحول الخطاب الى صورة حركية حوارية جمالية هدفها، ( خلق الرؤية الشاملة ) في عروضه المتميزة.
واخيًرا وليس آخرًا، اقول: شكرًا لك احمد شنيار لقد اسعدتنا كثيرًا.
** كريم شنيار الفجر / (العراق ـ ذي قار / سوق الشيوخ).