مسرح الشارع في الكويت / د. نورة العتال

يعتبر ماكس رانيهاردت المخرج النمساوى هو أول من قدم عروضاً مسرحية أمام الكنائس، وفي الميادين العامة فى بداية هذا القرن، وهو أول من جرب أنواعا كثيرة من العروض في الهواء الطلق، وأول من سعى إلى التوظيف المكاني في العرض المسرحي .

وقد خرجت له تجارب جديدة إلى تقديم عروضها في المراسم والصالات والمقاهي كما فعلت الحركة الدادية والسيريالية والهابنينج، ثم خرجت تجارب أخرى تقدم اعمالها في الميادين والكراجات مثل تجربة المسرح الحي، ووصلت بعض التجارب لتقديمها حتي بالمواصلات العامة ! (1)

فلماذا لا يكون لدينا فى الكويت مساحة فارغة نمارس فيها أعمالاً مسرحية للهواة، والمحترفين كباقي فرق مسرح الشارع في العالم العربي، أو مثلما نجحت في أوروبا ومناطق أخري من العالم .

لقد كان بروك يؤمن بأن إتخاذ أيه مساحة فارغة يدعوها خشبة مسرح عارية يسير عبرها الممثل، وهو مراقبٌ من إنسان آخر يستمتع هناك بأدائه كمتفرج، فليس من الضروري ان تكون خشبة مسرح رسمية وستائراً حمراء وإضاءة وشباك تذاكر، ليكون عرضاً اعتيادياً للجمهور، خاصة ان هناك عواملاً – مع وجهة نظرى الشخصية – تؤثر على توافر العروض المسرحية بسبب قلة دور المسارح الذي يسبب قلة العروض المتاحة للمشاهدة طوال السنة بالكويت، بالإضافة إلى طبيعة الجمهور الذي يفضل عروض الإجازات والنهايات الأسبوعية – وهذا يعد سبباً كافياً لعدم إستمرارية العروض المحلية لمواسم طويلة كباقي الدول المجاورة .

يمكن أن يرد البعض على هذا القول بأن هناك حركة مسرحية جيدة بالكويت بحسب معطيات الواقع الفني هنا، ولكن هناك من يتمني أن تنتعش الحياة المسرحية أكثر ، كما كانت في الثمانينيات مثلاً وما قبلها، إن بعض الجمهور يتوق لأن يكون لدينا مسرحياً حقيقياً مستمراً ، وليس فقط في مواسم المهرجانات الذى تتوفر فيه عروضاً ممتازة ذات محتوي نخبوي أو أكاديمي، ويتم لأجلها توفير قاعات عرض حقيقية لمواهب جيدة في الكتابة، والإخراج وهم كثر فى الساحة الشبابية و الذين كثيراً ما نتفاجئ بأدائهم التمثيلي البارع، أو أخراجهم الأعمال العالمية أو المحلية بخبرة كافية للمشاركة بها فى مهرجانات عالمية دون تردد !!

ورغم كل هذه الامكانيات الشبابية، إلا أننا أحيانا نجد القليل من المشاركات في التأليف ونجد الكثير من الإعداد من المسرح العالمي، أو تجارب الدراما تورج، هل أزمة وجود مؤلفاً مسرحياً متخصصاً وذو خبرة في ما يتوافق مع الجمهور العادي لكي يكفل استمرار عرضه المواسم عديدة، أم أن الأمر يتعلق بالإنتاج، وتوفر مسرحاً للعرض، بدل المسرحيات التجارية التي تحقق عروضها المرقعة والملفقة على عجل أرباحاً مادية غير متوقعة كل موسم ؟

لماذا تنجح مسرحيات المهرجانات جماهيرياً وبحضور كامل من المتفرجين هل لأنها مجانية بدعوة عامة، أم لجودة العروض واختلافها كمسرح نوعي متميز عن المسرحيات التجارية والتى تقدم عبر شباك التذاكر ؟

إن عدم توفر أماكن مثالية للعروض المسرحية يرجعني الي نقطة المقالة الأولى والسؤال الذي انطلقت منه، وهو : الالتفات للشارع باعتباره مكاناً جيداً يختاره المبدعون لعروضهم ويكون حلاً لمعضلة عدم وجود مسارح كافية ؟

 

الإحالـــة:

(1): أحمد سخسوخ ، المسرح المصري في مفترق الطرق ، القاهرة ، الدار المصرية اللبنانية ، 1995، ص 155

 

* د. نورة العتال ( استاذ مساعد بقسم النقد والادب المسرحي -المعهد العالي للفنون المسرحية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت