“مغامرات كنديفار” رحلة وأسفار / طارق العمراوي
كتبت “أمنية زريق” قصة “مغامرات كنديفار” ومن رسومات “رجاء السعدي” حملت نصها السردي الموجه للطفولة رسائل وأغراض معرفية وأخلاقية واجتماعية عبر مغامرات كائن غريب كان عددها سبعة: الصف وفي القسم وفي الساحة وحائرة ولابد أن أجدها وحيرة الأطفال أيضا وحان وقت الرحيل تنقل هذا الكائن بين الأطفال في مدرستهم وأقسامهم ومختبرهم والساحة والمكتبة وفي كل مرة تمرر نصائحها وتوجيهاتها ومنها “لا تتدافعوا رجاء” عند اللعب في ساحة المدرسة وقت الراحة والمحافظة على النظام وتجنب الفوضى، توجيه الأطفال للتمتع بالطبيعة السحب وتغذية الخيال عبر مشاهدة الغمام وتخيل أشكالها البديعة والتي “تبدو على شكل حيوانات غريبة ومرات أخرى كأنها كائنات فضائية” والحيوانات العديدة التي تغطي مساحات الفضاء الشاسع كاللقالق والحمام وطيور الحباري المهاجرة وكانت السماء لوحة بديعة ودفعهم الفضول بعد ذلك لمعرفة أسماء الطيور المهاجرة وأسباب هجرتها وقو ة ذاكراتها ثم كان الإبحار في عوالم العلم والمعرفة من خلال حواسبهم والتقليل من اللعب بالهواتف الجوالة.
ونبذ التباهي بالزينة والفساتين والأدوات المدرسة الباهضة الثمن مما يدخلهم في صراعات لأتفه الأسباب، ومن خلال بحثها عن أسباب نموها لجأت للمكتبة ولعالم الورق “حيث الكتب الشهية بأغلفتها وألوانها المختلفة وخشخشة الأوراق بداخلها” وهي دعوة للطفل القارئ للمطالعة التي سيستفيد منها ويتفاعل مع ما تقدمه له من معلومات إضافية عن كل شئ حتى وإن كانت الرحلة إلى الكتب متعبة ومنهكة لكنها “شهية فهي الوحيدة القادرة على أن تشقي غليلها وتروي ضمأها إلى المعرفة فقد أجابت الكتب والموسوعات التي فتحها عن أسئلتها التي أقلقتها مع معارف جديدة اكتسبتها في طريق البحث عن أجوبة لأسئلتها كشلالات نياقرا وكيف حمل خيال البطلة ورحلتها السحرية على متن قارب تصارع به الشلال العظيم. كما أشارت الكاتبة إلى قلة الزيارات لهذا المكان وفتح الكتب والقصص والموسوعات ” عثروا على قصة صغيرة مهملة بين الرفوف”.
وعن رحلة الأطفال في بحثهم عن البطلة زاروا المخبر وعالمه وأجهزته وآلاته فعاشوا متعة التجارب العلمية عبر دمج السوائل والنظر إلى الكائنات الصغيرة بالمنظار.
وواصلت رسائلها إذ قالت لهم إن العمل ممتع ومفيد وخلال تحركات البطلة يحدوها العزم والإصرار. فقد قاومت الريح مستبسلة في الدفاع عن هدفها للوصول إلى المدرسة والمكتبة وظلت تحاول عدة مرت في تسلقها أدراج مكتبة الفصل حتى وصلت إلى مبتغاها.
حتى في حلمها، رأت كنديفار أنها تركب قاربا سحريا وتصارع أمواج شلالات نياقرا، ظلت تصارع “هطول المياه في الأعالي بجسد ضئيل جدا و عزيمة عملاقة”
كما استطاعت الكاتبة تحويل هذه الخصال للأطفال في بحثهم عن البطلة بجد وعزم وشوق كبير وأصحاب أهداف صغيرة لكنها واثقة الخطى. ونظرا للخصائص النفسية والحس حركية ومنها شغف الطفل بالتعرف على الجديد بل وبمعرفة كل جديد إذ عبرت عنه البطلة عند ما قالت “أحب أن أعرف كل شيء عن كل شيء فحيرة الأسئلة والأجوبة تعرقله الهواتف المحمولة والألعاب التي تحتويها. فوجهت البطلة أصدقائها إلى الحواسيب والإبحار في عوالم المعارف والعلوم والانفتاح على العالم الورقي ككتب و كموسوعات أجابت عن أسئلة البطلة أو قصصا شدت الأطفال كما في مثال القصة المهملة بين الرفوف وقد شد مضمونها وطرافتها الأصدقاء. كما قالت الكاتبة “تحلق الأطفال حول ميرنا وأنصتوا بشغف كبير إلى الحكاية” إلى جانب الكتاب الورقي الأنيق بغلافه ورسوماته المعبرة إذ تداخلت مع الرسوم والجمل والتعابير في تصور ورؤية تشكيلية مميزة تجاوزت المعهود الذي غالبا ما يضع الصورة على يمين أو يسار الصفحة المرقونة بعض الجمل المفاتيح والتي تشق سردية الكاتبة. أما اختيار البطل الذي حرك الأحداث وتمفصلات النص السردي وأركانه فهو كائن غريب الذي جاء ليعلمنا ما يجب علينا فعله في الأماكن التي نتردد عليها، وهو مسار تحكم في العديد من القصص الموجهة للطفل كالحيوان الذي أخذنا على لسانه الحكمة والمعارف والتصرفات أو هذا الكائن الغريب نظرا لخصوصية الطفل الذي يتفاعل إيجابيا مع كل ما هو غريب غير مألوف كهذه الكائنات والحيونات الغريبة وعالم الفضاء وللنص العديد من المفاتيح الهامة التي ستحرك القارئ ليلتجأ إلى المعلم أو الحاسوب أو الوالدين للسؤال عن شلالات نياقرا أو الكائنات التي يمكن أن تكون موجودة في الكواكب المجاورة للأرض.
كانت الرسائل والمضامين الحياتية التي تقدم للطفل مفاتيح لتفاعله الايجابي في حياته المدرسية والعائلية كزيارة صديقتهم المتغيبة. كما يحتاج الطفل غالبا حكاية يستمع إليها ليقتدي بها وكانت هنا حكاية قرية الميرفانا الصغيرة وكل هذا سيقوم بتحضيره للمجتمع وأن يكون رجل الغد الذي حمل رسائل تخدمه في قادم الأيام.
