عرض مسرحيَّة (الجلَّاد)…توارث سلبيات العنف / د. عزة القصابي
تنوَّعت العروض المسرحيَّة المُقدَّمة في مهرجان الهيئة العربيَّة للمسرح في الدَّورة الرابعة عشرة ببغداد 2024م، وتنافست في طرح الموضوعات والقضايا على الجمهور الذي جاء متعطشًا لمشاهدة عروضٍ متنوعةٍ في الموضوعات والقالب المسرحيّ.
عُرِضت خلال المهرجان مسرحيَّة (الجلَّاد) لفرقة خورفكان، وهي من تأليف: أحمد الماجد، وإخراج إلهام محمد، وهي مخرجة إمارتيَّة…وناقشت حكاية (ابن الجلَّاد)، الذي كان والده (جَلَّادًا)، وكيف يمكن أنْ تؤثِّر هذه المهنة على أُسرته وأولاده، وكأنَّ لعنة مَنْ جَلَدَهُم امتدَّت آثارها عليهم، رغم أنَّه مجرَّد شخصٍ يقوم بعمله؛ فهو ينفِّذ ما يُطلب منه، ولا ذنب له!!
انطلاقًا من هذه الفكرة، بدأت فصول حكاية “ابن الجلَّاد” التي جاءت أقرب لفكرة (أدويب) عندما لاحقت الابن لعنة الآلهة، وبدأت تظهر عليه علامات تأنيب الضمير؛ نتيجة لما فعله والده في الماضي عندما كان يجلد الناس!
…وانعكاس الماضي على واقع الابن وعلى أُسرته وعلاقته بزوجته، ثم تحوَّل الإحساس بالذَّنب إلى هاجسٍ مؤلمٍ ومُقلق، يصعُب التخلُّص منه…وهو أقرب إلى “عُقدة الدَّم في مكبث”!
لذلك نجده يتخوَّف عندما تحمل زوجته بصغيرها من أنْ يخرج للوجود؛ ويتوارث لعنة الجلَّاد، وهنا تبدأ فصول الحكاية، والجدل بين المرأة والرَّجل (ابن الجلَّاد)، وتمكَّنت المخرجة من تحويل النَّص إلى رؤيةٍ بصريَّة؛ من خلال الأداء الاستعراضيّ والتَّناغُم الرَّاقص على المنصَّة، بالإضافة إلى إدخال بعض الأغاني المعاصرة والمشهورة.
ركَّزت المخرجة إلهام محمد على إظهار إشكاليات واجهت ابن الجلَّاد، وانتقال اللَّعنة إليه نتيجة أفعال ابيه في الماضي، وكأن آثار وسلبيات العنف متوارثة، فترجمت ذلك من خلال إضافات السينوغرافيا البصريَّة. وارتدتْ الممثِّلة فستانًا أحمر، وسادت الإضاءة الحمراء للدَّلالة على العُنف، فضلًا عن إضافة المجموعات المؤدِّية (الكورس) التي كانت تتفاعل مع ما يدور في المنصَّة.
بصورةٍ عامَّة، برزت في العرض الرُّؤية البصريَّة؛ للتعبير عن محاولة التكفير عن الذَّنب، بصورةٍ بصريَّةٍ جماليَّة، كما ساهمت المجموعات (الكورس الاستعراضي) في إيجاد رؤى بصريَّةٍ تمزج بين الحوار والاستعراض الرَّاقص.