قراءة في العرض المسرحي “عالمٌ سيء” للمخرج والمؤلف علي العبادي / وداد هاشم
لرداءة لها اسباب في العالم السيء… حين تفقد الشغف تجاه بصرك وتحمل تحديا رغم انطفائها تجوب الشوارع والمنعطفات تبحث عن المدهش في الأماكن التي سئمتها تتناوب بين الانطفاء والانارة. كشف لنا المخرج (على العبادي) لعبة متقنة تجعلك تشحذ شوقا لمعرفة الفصول… تابعت فور سماعي لموسيقى العرض والتفاتات الممثل البارع (عمار رميض) ودهشته وهو يلتفت يمينا وشمالا يفتش عن عينه التي هربت منه.. ثم سمعت صوته الذي خبأ ثم اتقد لينادي على عينه التي بدت جاحظة تلمع أمامه في العتمة تختبئ في زوايا المكان.. والظلام وحده هو من يسود… بصر الممثل بدأت اراقب حركته التي توقظ الارتعاشات القديمة والعميقة لطفولته الشقية علب الوانه التي سقطت من سمائه إلى قعر الظلام تدحرجت منه عينا حيث لايدري ذهبت إلى وهج الشمس وتركت ذاك العالم السيء يطل عليها… ناداها بغضب عودي إلى صندوق راسي اريد ان استعيد بصري.. لم ترضخ له وتركته يعزف بعصاه لحن التيه وندائه الخفي يخاطبها وهي تمارس الطيش والهروب من رداءة العالم.. فكر ملياً ان يناديها بود علها تعود إليه ليرى جمال وملامح امه وابيه… راح يتلمس وجوه الحاضرين يفتش عن عينه التي فصلته عن العالم المختبأ خلف الضباب فلم يجدها. بدا بالدوران يساير الشفافية الممانعة لبصره.. استسلم لعقله ربما لضعفه وهو يبحث عنها لكن إلى أين وإلى متى لقد مل البحث فعاد إلى ادراجه بعد أن تراجع عن غضبه يتوسل إليها لتعود إليه لم تطفىء روحه القلقة حيرته.. نام على عينه وهي فاردة جناحيها تنظر اليه تارة وإلى الافق تارة أخرى جعلت من نفسها رجلا ناقما ترفض مناداتها بالانثى ترفض عالمها الذي سقطت منه الصورة الماطرة بالزجاج…. بهذا الحس الأكاديمي كتب المؤلف والمخرج (علي العبادي) نصه “عالم سيء”..
بعيون هاربة.. عرض تجريبي سعى به الكاتب إلى تغيير السائد والمألوف للبحث عن نص جديد وعمل مغاير غير الذي تكلس وجف في كتابات المؤلفين بمحاولة منه خلق علاقة مختلفة مع المتلقي للخروج من العمارة المسرحية التقليدية.. وظف نصه فكريا وفنيا عمل بمقولة الناقد الانگليزي جيمس روس ان تكون تجريديا يعني أن تقوم بغزو المجهول… فكر فيما لايخطر على البال ووظف الرمز والاستعارة واللعب على أوتار الخيال فوسع الآفاق وتمرد على القواعد الثابتة شكل بنية متكاملة في الفضاء المسرحي حيث تفاعل مع العرض الكفيف اكثر من المبصر جرد الشيء من شكله الواقعي رسم لوحة بيضاء بلغة مشفرة عكست ماكان في داخله من طاقات ومشاعر نتج عنه عمل راقي ترك طابعاً لدى متلقيه لاتمحوه الذاكرة فالقضايا الإنسانية صعب تفسيرها وبهذا كنا في عرض متفرد فيه الاستغراب والاندهاش محبتي للمثل الشاب الموعود مقتدى الذي أدى دورا كبيرا في العمل شكرا معهد الفنون الجميلة للبنين على دعمهم هذا الإبداع شكرا لكادر العمل جميعا.
مسرحية (عالمٌ سيء)
تأليف وإخراج وسينوغرافيا: علي العبادي
تمثيل: عمار رميض ، مقتدى علي
مساعد مخرج: سامر فاضل
الإدارة المسرحية: مؤتمن رسول
تنفيذ الموسيقى: سامر فاضل
الاعلام والعلاقات: حسن كريم، أحمد رحيم
الإشراف العام: د. احسان طالب المسعودي