مرتكزات الاستفهام في نصّ مسرحية “الأرؤس” للكاتب (فيصل جابر ) / علي حسين الخباز
يعتمد النص المسرحي على الكثير من الأساليب التي تصوغ لنا الواقع التاريخي بطرق جمالية قادرة على الولوج الى عمق الحدث، ارتكزت مسرحية “الأرؤس” للكاتب المسرحي (فيصل جابر)، على أسلوبية الاستفهام الذي توزع جسد النص المسرحي؛ لإعطاء النص فسحة من التركيز على الأحداث، وتكون معاينة جمالية وذوقية للنص تحفز الرؤية؛ كون الاستفهام يحمل من المشاعر جملاً بلاغية عديدة.
الأسئلة من مسرحية (الأرؤس) وكأنها تستفز التلقي وتثير فيه الفضول، ماذا يجري؟ هل اقبل العيد علينا قبل اوانه؟ ما مناسبة الاحتفال هذا؟ فيجيب صاحب الدكان:
ـ حقاً.. ألا تعرفه؟ الكوفة تحتفل بنصر ابن زياد على جيش الحسين. وهل نقدر ألا نحتفل؟ أكوفيون أنتم؟ للاستفهام سمات جمالية، وتعمل لفهم التصور الذهني، السعي لاستفزاز الشحنة الانفعالية:
ـ هل نفرح بقتل الحسين بن علي؟
ـ من أين سيأتي العم؟ لو كنت محظوظاً لصار عمي ابن زياد.
الثاني:ـ لا تحزن سيكون ابن زياد عمّاً لنا جميعاً، فيحقق هنا سمة الكشف عن ازدواجية المجتمع، مجتمع التجار، وهذه سمة من سمات الاستفهام الدلالي مع وفرة الاقتصاد باللغة.
بن سعد:ـ أيها القادة، يا حصين، ويا شبث، ويا حجار، من يفسر لي هذا اللغز الذي نحن فيه؟ لِمَ في سوق الكوفة؟ ومن السمات الجمالية لأسلوب الاستفهام ما يتعلق بتنوع المعاني المقصودة، وهذا يعد من ارقى جماليات الاستفهام أن يدل على دلالة تتمحور حول معنى: (لماذا السوق؟ لماذا الفرجة العامة؟).
أشياء جعلت كل من الشخصيات أن يرى رأيه، واشتغل فيهم القلق أن يلغي تكريم الجناة عن الواقعة، فلو تأملنا في الهمزة وكيفية استخدامها، السيدة زينب (عليها السلام)، تسأل بن سعد:ـ أجئت بنا لتجعلنا فرجة؟ أم تعرضنا بضاعة؟ بالأمس قتلت ابن نبيك وأخاه وأبناء عمومته، ألم يكفك؟ ومهمتها حمل المخاطب على الإقرار والمتلقي الاستدلالي على جريمة فعله وشناعتها:ـ أبيع هو يا بن سعد؟
ابن زياد:ـ أتشتميني يا بنت علي؟ كلا، لقد أكثرت الشتائم، وهناك استفهام استنكاري (ما)، وهذه تمنح النص مفهوم القدرة المعرفية، علي السجاد (عليه السلام):ـ ما اسمك؟ وما اسم ابيك؟ ومن هو جدك؟ وهل لجدك اسم؟ يا بن أبيه، فيبقى النص برزخاً مليئاً بعلامات الاستفهام؛ سعياً لتقديم الاشكال وتوظيف الاستفهام، للولوج الى العالم النفسي للشخوص:
: أخائف انت؟
: أغراك المال؟
: انا لا شيء.
: الدم.. يداي ملطختان.. كيف لي أن أنزع عنهما الدم؟ نلاحظ ان الاستفهام يدرج العواطف ويشحن التلقي بمواقف جديدة، يقول يزيد:ـ لم يفزعني الدم أو لم ابصر يوماً دماً؟ انا المعتاد على رؤيته انهاراً، استوحى بهذا السؤال دلالات القتل كتركيب نفسي في وعي ولا وعي يزيد ، كشف العقل الباطني في صياغة واعية.
مسرحية تحفز التلقي للولوج الى عمق التاريخ وفهم معانيه.
الفنان القدير فيصل جابر