قراءة انطباعية في نصّ مسرحي “طقس الفراغ العظيم ” / علي حسين الخباز
في مسرحية “طقس الفراغ العظيم.. عقيدة الصدمة او صدمة الحقيقة”، للكاتب المسرحي المرحوم احمد كاطع جدوع العبيدي من مواليد سنة 1974م حصد الكثير من الجوائز الثقافية والمسرحية منها جائزة فلسطين للابداع الثقافي 2011م، والجائزة الأولى عن مسرحية “نحت بارز” في مهرجان الشارقة العربي للابداع عام 2013م، وجائزة المسرح الحسيني العالمي في العتبة العباسية المقدسة لأربع سنوات متتالية. كان المرحوم العبيدي يتنقل بصعوبة على عربته ويشارك في جميع مهرجانات المسرح بقوة.
وهذه المسرحية هي سيكو دراما من فصل واحد، وجاء في المقدمة التعريفية انها حالة من الاستشفاء الروحي من بعض مشاكل العصر وهموم الحياة، وجدل الوجود فيها تجربة إنسانية، أما في تعريف السيكو دراما يرى المرحوم احمد العبيدي انه نوع من الشفاء الجماعي والوصول السريع لحالة التطهير، والتي يمثلها مسرح عاشوراء، وحتى خلال العرض يحصل الجميع على الهبات الروحية، يندمج الممثل والمتفرج مع الحدث في بانوراما موحدة شاملة، في مسرحية (طقس الفراغ العظيم) عرفها كاتبها بأنها محاولة للدمج بين حس المونودراما يعني مسرحية البطل الواحد، والشخصيات الرئيسية التي هي شخصيات متخيلة في ذهنية البطل.
ويدور صراع بين الأشياء بين الوهم وملاك الروح، بين ملاك الروح وقرب السوء، بين الموت والحياة، الخوف والسكينة، بين كربلاء والعالم، فالخطاب المسرحي عند المرحوم احمد العبيدي كان خطابا شموليا تنوع بين مشاهد الظلال وبين المشاهد السينمائية وبين مشهد استهلالي تحتكم به الانارة المتذبذبة: رعد، برق، أصوات تختلط فيها الرعب مع الخوف، ملابس مختلفة لهجات مختلفة، أزمان مختلفة يفرقهم الزمان ويجمعهم المكان، ارتكز النص على الكد الاستفهام مثلاً: يسأل ما نفع الطقوس لكوكب يحتضر؟ وهل يطفئ الدمع حرارة الوجع؟ ماذا ستفعل لكم كربلاء ويبدأ الحكم (حتى في نهاية العالم نحن نختلف عن جميع البشر).
بينما لغة التراث المقدسة تجدها منثورة بين حنايا النص فالأم تقول:”ذهبوا بعارها وشنارها/ تعال يا ولدي لا تنفض غزلك/ لقد جاؤوا بها صلعاء عنقاء سوداء…الخ”. وفي حوار آخر تقول: “تعال فقد هدأت الأصوات وارتدت الانفاس وسكتت الاجراس”، نحاول ان نستعرض بعض مفاصل النص المسرحي، فهناك امتزجت الحكمة بالرؤية الفلسفية بعض الجمل تحمل روح الشعر.
في حوار الاب:”الشعر كائن مراوغ، انفخ في شعرك روح الحكمة، لولا العشق لما رأيت احدا في كربلاء فكر بقلبك، هنا تاهت العقول”، والبطل يقول: ” لا يمكن التأمل بعقل مزدحم، لا يمكن السفر بقارب مثقوب”، ولنقرأ (حياتي مجموعة شعرية تقرؤها الكارثة). الصراع الذي بين الأشياء يرسخ المفاهيم التي أراد الكاتب ان تكون ذات محور ارتكازي، ملاك الروح: “وحدها القلوب العارية يطهرها مطر الحقيقة”.
وفي حوار الخلود: لقد فك الحسين (عليه السلام) في كربلاء شفرة الخلود، هي معركة العشق، وتمر شخوص الصراع من قابيل كلكامش، السلطة، صراع بين الوجود والعدم، يمر المسيح ويحيي المعمدان، ويمر الشمر ليمثل جميع اتجاهات الشر عبر التأريخ، لتصل عبر هذا الصراع الى حكمة المشهد العظيم، حيث يرى البطل في جوهر صحوته: “انا افكر ما يفعل هؤلاء، يتركون بيوتهم، راحتهم، يصرفون نقودهم يسيرون معا وكأنهم شخص واحد، لاتعرف من يخدم من، لقد اندمجوا في كل كبير”، وفي حوار الاب: “تعال يا ولدي نحن نحتاج الى وعيك، ثقافتك، ألم اقل لك ان اشعارك ناضجة يا ولدي؟” فيرد البطل ليحيي المشاهد كلها:”سلام عليكم”.