معطيات الدرس التقييمي في نص ” الأمير الطباخ” للكاتب عمار سيف / علي حسين الخباز
لماذا مسرح الطفل؟
سؤال يذهب بنا إلى مذاهب شتى، تصلح أن تكون مرتكزا لإعادة هيبة الهوية الثقافية وتنمية التذوق والتلقي ومنحها الفرصة لاكتشاف الذات عبر جماليات الحكاية التي تثير الكثير من المشاعر بالقيم الإنسانية خاصة حين تقدم بأسلوب مبدع يصبح ركيزة لإثارة ذهنية الطفل المتوقدة عبر استجابته الفطنة.
مسرحية “الأمير الطباخ” تأليف عمار سيف، تبدا من العنوان حيث تنوع مديات التفسير لعلاقة الأمير بالطباخ، دمج مرتكزين في جملة واحدة مثل هذا العنوان يثير مكامن التخمين عند الطفل، وقد تعودت ذهنية الطفل على قصص (الكان ما كان) تحول الأمير إلى طباخ، تبدأ تأثيرات الجذب عبر الإيقاع (الطبل) يخلق الإبهار ويثير الكثير من الأحاسيس، تشكيلة من المهام التي ألقاها الحكيم على نفسه رجل عالم كبير مصلح مجبر، هذه المجموعة من المهام تخلق التفاعل في ذهنية ندية.
وعمار سيف صاحب خبرة في الولوج إلى نفسية الطفل، أمير وحرس وعرش واقتحام الحكيم للعرش
(الدرس الأول) عدم صلاحية الحكمة عند أهل العروش، وتغيير المسار يكون الرهان الرقبة، والجائزة إشباع البطن.
(الدرس الثاني) إن العروش تساوم على حياتنا من أجل الوصول إلى سعادتها.
أتحدث عن نص مسرحي وليس عرضا مسرحيا فيه مؤهلات الفرجة (ديكور، إكسسوار، الوان، حضور، ممثلين، بتلوين صوتي وإيماءات مبهرة)، عملية جذب انتباه الطفل نحو الكلمة، جذب تفكيره نحو الجملة تثير الانتباه والاهتمام والدهشة بأساليب لا تخلو من الغرابة (الرهان الرقبة) (والجائزة الطبيخ)، معادلة كل عرش هزيل
(الدرس الثالث) كيف تفهم العروش الكلام كيف تكون عندها المصداقية؟ ومن يكذب على عرش تقطع رأسه، ومن يستطيع أن ينطق الصدق ويصارح ملكا بما لا يعجبه تقطع راسه أيضا.
القرار لا مفر منه حسب تعبير الحكيم، هذا النص يشيد للطفل رؤية وثقافة موقف، وكل يقرأ النص بما يراه كلف الحكيم برعاية جواد في إسطبل الملك، كان قد غير طباعه وأصبح شرسا، الجواد عند العربي يمثل أصالته وتغيير الطباع تعني الإخلال بالأصالة، قد لا يفهم الطفل هذه المرتكزات لكنها ستغرز فيه روح الأصالة بمعناها الحقيقي، غير الجواد سلوكيته وصار يثير كثير من المشاكل والاستفزازات ويهاجم بوحشية، يتم تعيين هذا الحكيم كسائس للجواد ومعلم له، عندما تعيش الحكمة في أجواء الأصالة تكون لها عراقة جذرية، لكن بهروب الحكيم يكشف عن
(الدرس الرابع) إن القيمة الزائفة لا يمكن لها أن تستمر، لهذا هرب الحكيم حين اكتشف زيف الهوية، فالجواد لم يكن من الخيول العربية الأصيلة، اكتشاف هز كيان العرش ومنح النص الحيوية الهادفة ليكشف الوزير عن صدق الحدس عند الحكيم، ويبدأ السؤال:
ـ كيف عرفت عدم أصالة الجواد فكان
(الدرس الخامس) إن الأصيل العربي لا يخفض راسه عند الأكل فهو يأكل مرفوع الرأس دائما، وهنا مكمن الإبداع كل الإشكالات قابلة للإدراك، يكلف لرعاية الزوجة يكتشف أن الأميرة أيضا ليست من الأمراء وتنحدر من أصول غجرية، وسبب الحدس أنها تغمز بعينها والأميرات لا يغمزن، بساطة التكوين الفني تمتلك التوازن بين الوعي والشعور، بدأت الملامح الفكرية للنص تظهر من خلال التصورات الاستباقية للمتلقي، ماذا سيكتشف بعد، حين أصبح الحكيم يرعى مصالح الأمير نفسه، اكتشف لا أصالة للأمير أيضا، وهو ليس من أصل يحمل سمات الإمارة، بل يحمل سمات الطباخ، الملوك جوائزها المال والذهب وأميرنا لا يهب إلا الطبيخ.
علم الوراثة اكتشف انتقال الصفات الوراثية من الآباء للأبناء ونسب توزيعها بين أفراد الأجيال المختلفة، المهم اهتز العرش، وإذا بالحقيقة تظهر أن الأمير ليس ابن ملوك، بل هو ابن طباخ لتبدا مرحلة النشاط الذهني الخلاق الذي أظهر لنا أن مكنون الحكاية هو للوصول إلى المدركات بفطنة الحكيم حين قرر أن يهدي هديته إلى الأمير
(الدرس السادس) ليس مهما أن تكون… المهم أن تعلم ماذا تكون
(الدرس السابع) ليس مهما أن تأمر وإنما المهم… أن تكون عادلا
(الدرس الثامن) ليس المهم أن تخيف من حولك بالرعب والتهديد… المهم أن تعلمهم معنى المحبة والتعاون والطاعة فيحبونك.
الوقوف أمام نص كبير مخصص للأطفال يجعل هذه الأفكار والرؤى بطريقة سهلة وبسيطة وممتعة لا نمتلك إلا احترام مبدعها.
الكاتب المسرحي (عمار سيف)